المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌100 - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌101 - باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك

- ‌102 - باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء

- ‌103 - باب مواكلة الحائض ومجامعتها

- ‌104 - باب الحائض تُنَاوِلُ من المسجد

- ‌105 - باب في الحائض لا تقضي الصلاة

- ‌106 - باب في إتيان الحائض

- ‌107 - باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع

- ‌108 - باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

- ‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

- ‌110 - من باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

- ‌111 - من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غُسْلًا

- ‌112 - باب من قال: تغتسل من طُهْرٍ إلى طُهْرٍ

- ‌113 - باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

- ‌114 - باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر

- ‌115 - باب من قال: تغتسل بين الأيام

- ‌116 - باب من قال: توضأ لكل صلاة

- ‌117 - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

- ‌118 - باب في المرأة ترى الصُّفْرة والكُدْرة بعد الطُّهْر

- ‌119 - باب المستحاضة يغشاها زوجها

- ‌120 - باب ما جاء في وقت النفساء

- ‌121 - من باب الاغتسال من الحيض

- ‌122 - باب التيمم

- ‌123 - باب التيمُّمِ في الحضر

- ‌124 - باب الجنب يتيمم

- ‌125 - باب إذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ؛ أيتيمَّم

- ‌126 - باب المجروح يتيمم

- ‌127 - باب المتيمِّمُ يجد الماء بعدما يصلي في الوقت

- ‌128 - باب في الغسل للجمعة

- ‌129 - باب الرخصة في ترك الغُسْلِ يوم الجمعة

- ‌130 - باب الرجل يُسْلِمُ فيُؤْمَرُ بالغُسْل

- ‌131 - باب المرأة تَغْسِلُ ثوبَها الذي تَلْبَسُه في حَيْضِها

- ‌132 - باب الصلاة في الثوب الذي يُصيبُ أهلَهُ فيه

- ‌133 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌134 - بابُ الرُّخْصَةِ في ذلك

- ‌135 - باب المنيّ يُصيب الثوبَ

- ‌136 - باب بول الصبيِّ يصيبُ الثوبَ

- ‌137 - باب الأرض يُصِيبها البول

- ‌138 - باب في طُهُور الأرضِ إذا يَبِسَتْ

- ‌139 - باب الأذى يصيبُ الذَّيْلَ

- ‌140 - باب الأذى يصيبُ النَّعْلَ

- ‌141 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

- ‌142 - باب البُزَاق يصيبُ الثوبَ

- ‌1 - باب في المواقيت

- ‌2 - باب وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يصليها

- ‌3 - باب وقت صلاة الظهر

- ‌4 - باب وقت العصر

- ‌5 - باب وقتِ المغرب

- ‌6 - باب وقت العشاء الآخرة

- ‌7 - باب وقت الصبح

- ‌8 - باب المحافظة على الصلوات

- ‌9 - باب إذا أخَّر الإمام الصلاة عن الوقت

- ‌10 - باب من نام عن صلاة أو نَسِيَها

- ‌11 - باب في بناء المساجد

- ‌12 - باب اتخاذ المساجد في الدُّور

- ‌13 - باب في السُّرُج في المساجد

- ‌14 - من باب في حصى المسجد

- ‌15 - باب كنس المسجد

- ‌16 - من باب اعتزال النساء في المسجد عن الرجال

- ‌17 - باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد

- ‌18 - باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد

- ‌19 - باب فضل القعود في المسجد

- ‌20 - باب في كراهية إنشاد الضالّة في المسجد

- ‌21 - باب في كراهية البُزاق في المسجد

- ‌22 - باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد

- ‌23 - باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة

- ‌24 - باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل

- ‌25 - باب متى يُؤْمَرُ الغلام بالصلاة

- ‌26 - باب بَدْءِ الأذان

- ‌27 - باب كيف الأذان

- ‌28 - باب في الإقامة

- ‌29 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌30 - باب رفع الصوت بالأذان

الفصل: ‌122 - باب التيمم

‌122 - باب التيمم

335 -

عن عائشة قالت:

بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم! أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ وأُناسًا معه في طَلَبِ قِلادةٍ أضَلَّتها عائشةُ، وحضرتِ الصلاةُ، فصلَّوْا بغير وضوءٍ، فأتَوُا النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فأُنزِلت آية التيمم (زاد في رواية: فقال لها أُسيد: يرحمُكِ اللهُ! ما نزل بكِ أَمْرٌ تكرهينه؛ إلا جعلَهُ الله للمسلمين ولكِ فَرَجًا).

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريق المصنف، وأخرجه البخاري ومسلم وابن حبان (1297)).

إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: نا أبو معاوية. (ح) وحدثنا عثمان ابن أبي شيبة: نا عَبْدَةُ -المعنى واحد- عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

زاد ابن نفيل: فقال لها أُسَيْد

إلخ.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبدة: هو ابن سليمان الكِلابِيُّ.

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 303) عن المصنف

بالإسنادين.

وأخرجه النسائي (1/ 61) من طريق إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا أبو معاوية

به.

والبخاري (8/ 203 و 10/ 282) من طريقين آخرين عن عبدة

به.

ص: 124

وهو (1/ 349)، وأحمد (6/ 57) -عن عبد الله بن نُمَيْر-، وهو أيضًا (7/ 85 و 9/ 186 - 187)، ومسلم (1/ 192)، والدارمي (1/ 190)، وابن ماجة (1/ 200)، والبيهقي (1/ 214) -من طرق عن أبي أسامة- كلاهما عن هشام

به.

وللحديث طريقان آخران:

أخرج الأول منهما مالك: في "موطّئه"(1/ 74) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت:

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره؛ حتى إذا كنا بالبَيْدَاء أو بذات الجيش؛ انقطع عِقْدٌ لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه

الحديث نحوه أتم منه، وفي آخره: قالت:

فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته.

وهكذا أخرجه الشيخان، وأبو عوانة في "صحاحهم"، والنسائي (1/ 59)، ومحمد في "موطّئه"(ص 76)، والبيهقي (1/ 204 و 223)، وأحمد (6/ 179)؛ كلهم عن مالك

به.

وأخرجه البخاري (12/ 146)، والبيهقي من طريق عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم

حدثه به مختصرًا نحوه.

والطريق الآخر: أخرجه أحمد (6/ 272) عن ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت:

أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره؛ حتى إذا كنا بِتُرْبَانَ -بلد بينه وبين المدينة بريد وأميال؛ وهو بلد لا ماء به-، وذلك من السحر؛ انسَلَّتْ قلادة لي من عنقي، فوقعتْ، فحُبِسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لالتماسها حتى طلع الفجر

الحديث نحوه.

ص: 125

وإسناده حسن.

وقد فات هذا الحافظ؛ فعزاه في "الفتح"(1/ 345) للطبراني من طريق عَبُّاد ابن عبد الله بن الزبير عن عائشة

نحوه! ثم قال:

"وفي إسناده محمد بن حميد الرازي، وفيه مقال"!

قلت: وليس هو في سند أحمد!

336 -

عن عمار بن ياسر: أنه كان يحدِّث:

أنهم تمسَّحُوا وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر، وضربوا بأكُفِّهِمُ الصعيدَ، ثم مسحوا وجوهَهم مَسْحَةً واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكُفِّهِمُ الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيدِيهم كلِّها إلى المناكبِ والآباطِ من بُطون أيديهم.

(قلت: حديث صحيح).

إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا عبد الله بن وهب: حدثني يونس عن ابن شهاب قال: إن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حدثه عن عمار بن ياسر.

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ لكن قال المنذري:

"وهو منقطع: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لم يدرك عمار بن ياسر".

قلت: لكن وصله المصنف وغيره بذكر ابن عباس بينهما، وهو الآتي بعد الرواية الأخرى، وجاء موصولًا على وجه آخر، سنذكره قريبًا إن شاء الله تعالى.

والحديث أخرجه ابن ماجة (1/ 201) -عن ابن وهب-، وأحمد (4/ 321): ثنا عثمان بن عمر قال: ثنا يونس

به.

ص: 126

وأخرجه الطحاوي (1/ 66)، والطيالسي (رقم 637)، وأحمد (4/ 320) -عن ابن أبي ذئب-، وابن ماجة (1/ 199) -عن الليث بن سعد-، وأحمد -عن معمر- كلهم عن ابن شهاب

به منقطعًا.

وقد وصله النسائي (1/ 60)، والطحاوي، والبيهقي (1/ 208) -عن مالك- وابن ماجة (1/ 200)، والطحاوي -عن عمرو بن دينار- كلاهما عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه أخبره عن أبيه عن عمار بن ياسر

مختصرًا.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقول البيهقي:

"وأما سفيان بن عيينة؛ فإنه شك في ذكر أبيه في إسناده"!

فلا يضره بعد متابعة مالك له على ذكره.

337 -

وفي رواية عنه

نحو هذا الحديث؛ قال:

قام المسلمون فضربوا بأكُفِّهم الترابَ، ولم يقبضوا من التراب شيئًا

فذكر نحوه؛ ولم يذكر: المناكب والآباط (وفي رواية: إلى ما فوق المرفقين).

(قلت: حديث صحيح).

إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ وعبد الملك بن شعيب عن ابن وهب

نحو هذا الحديث. قال ابن الليث: إلى ما فوق المرفقين.

قلت: يعني: بإسناده السابق.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لولا ما فيه من الانقطاع الذي

ص: 127

ذكرناه فيما قبل؛ إلا أننا قد ذكرنا أيضًا أنه صَحَّ موصولًا من وجهين، ذكرنا أحدهما. وأما الآخر فهو:

338 -

عن عمار بن ياسر:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرَّس بأُولاتِ الجيشِ، ومَعَهُ عائشةُ، فانقطع عِقدٌ لها من جَزْعِ ظِفَارٍ، فحُبِس الناس ابتغاءَ عِقْدِها ذلك، حتى أضاء الفجر وليسر مع الناس ماءٌ، فتغَيَّظ عليها أبو بكر؛ وقال: حَبَسْتِ الناس وليس معهم ماء؟ ! فأنزل الله تعالى ذكره على رسوله رُخْصَةَ التطهُّرِ بالصعيد. الطيِّب، فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضربوا بأيديهم إلى الأرض، ثم رفعوا أيديَهُمْ ولم يقبضوا من التراب شيئًا، فمسحوا بها وجُوهَهُم وأيديَهُمْ إلى المناكب، ومن بُطُون أيديهم إلى الأباط. (زاد في رواية: قال ابن شهاب في حديثه: ولا يعتبرُ بهذا الناسُ).

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).

حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ومحمد بن يحيى النيسابوري -في آخرين- قالوا: نا يعقوب: نا أبي عن صالح عن ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر. زاد ابن يحيى في حديثه: قال ابن شهاب

إلخ.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ فإن رجاله كلهم من رجال "صحيحيهما"؛ غير محمد بن يحيى النيسابوري؛ فهو من رجال البخاري وحده؛ لكن قرن به محمد بن أبي خلف، وهو من رجال مسلم.

والحديث أخرجه النسائي (1/ 60): أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله

به.

ص: 128

وأخرجه أحمد (4/ 263 - 264): ثنا يعقوب

به؛ إلا أنه قال -عقب قوله: إلى الآباط-:

ولا يغتر بهذا الناس، وبلغنا أن أبا بكر قال لعائشة رضي الله تعالى عنهما: والله؛ ما علمت إنَّكِ لَمُباركة!

وأخرجه البيهقي (1/ 208) من طريق أحمد.

339 -

قال أبو داود: "وكذلك رواه ابن إسحاق قال فيه: عن ابن عباس

وذكر ضربتين كما ذكر يونس".

(قلت: وصله الطحاوي بإسناد صحيح إلى ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله عن عبد الله بن عباس عن عمار؛ لكن ابن إسحاق مدلس).

قال الطحاوي (1/ 66): حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا الوَهْبِيُّ قال، ثنا ابن إسحاق.

وابن إسحاق مدلس.

340 -

ورواه معمر عن الزهري: ضربتين.

(قلت: وصله أحمد عنه؛ وليس فيه: عن ابن عباس).

قال أحمد (4/ 320): حدثنا عبد الرزاق: ثنا معمر

به.

341 -

وقال مالك: "عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار".

(قلت: وصله النسائي وغيره عن مالك

به مختصرًا؛ بلفظ: تَيمَّمْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتراب، فمسحنا بوجُوهِنا وأيدِينا إلى المناكب. وإسناده

ص: 129

صحيح على شرط الشيخين).

وصله النسائي (1/ 60)، والطحاوي (1/ 66)، وابن حبان (1307)، والبيهقي (1/ 208) عن مالك

به.

وقد تابعه عن الزهري: عمرو بن دينار؛ كما مضى، ويأتي.

وتابعه أبو أويس؛ كما علقه المصنف بعد هذا؛ ولكني لم أجده موصولًا!

342 -

وكذلك قال أبو أويس عن الزهري.

(قلت: لم أجد من وصله).

343 -

وشك فيه ابن عيينة، قال مرة: عن عبيد الله عن أبيه، أو عن عبيد الله عن ابن عباس. ومرة قال: عن أبيه. ومرة قال: عن ابن عباس. اضطرب ابن عيينة فيه، وفي سماعه عن الزهري.

(قلت: الصحيح من ذلك الروايتان الأخيرتان: عن أبيه. وعن ابن عباس. وقد وصله ابن ماجة وغيره عن سفيان بن عيينة قال: ثنا عمرو بن دينار عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبيه. وتابعه على هذه الرواية مالك، كما سبق (رقم 341). وأبو أويس كما في التي بعدها. وأما الرواية الأخرى: عن ابن عباس؛ فلم أجد من وصلها عن ابن عيينة! لكن تابعه عليها ابن إسحاق كما مضى (رقم 339). وصالح بن كيسان -وهي الرواية المتقدمة (رقم 338) -. فهذا الاضطراب لا يضر في الحديث؛ بل يزيده قوة لموافقة ابن عيينة في الروايتين الراجحتين رواية من ذكرنا من الثقات، لكن اختلفوا فيه على الزهري في متن الحديث؛ كما بينه المصنف بقوله: )

ص: 130

"ولم يذكر أحد منهم في هذا الحديث الضربتين إلا من سَمّيْتُ"!

(قلت: وهم يونس في الرواية الأولى (رقم 336) والتي بعدها، وابن إسحاق (رقم 339)، ومعمر (رقم 340)؛ والحكم لهؤلاء؛ لأنهم ثقات حفظوا في الحديث ما لم يحفظ غيرهم. لكن العمل ليس عليه؛ لأن الصحابة لم يفعلوا ذلك بتعليم من النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإنما العمل على حديثه الآخر الآتي بعده.

قلت: واضطراب ابن عيينة في إسناد هذا الحديث ليس من الاضطراب الذي يعل الحديث به؛ لأنه رواه على ثلاثة وجوه، وافق -في الوجهين الأخيرين منها- غيره من الثقات كما بيناه في الأعلى، وهما وجهان صحيحان ثابتان كما سبق بيانه، فهو صحيح عن عبيد الله عن أبيه وعن ابن عباس؛ كلاهما عن عمار.

ولعل ابن عيينة كان يظن أن الحديث إنما هو من طريق أحدهما؛ مع أنه قد حدث به عن كليهما؛ فكان يقع في هذا التردد والشك. ولكن متابعة غيره له قد رفع هذا الشك، ورجح الروايتين الأخيرتين كما ذكرنا. والله أعلم.

344 -

عن شقيق قال:

كنت جالسًا بين عبد الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن! أرأيت لو أن رجلًا أجْنَبَ فلم يجد الماء شهرًا؛ أما كان يتيمم؟ قال: لا، وإن لم يَجِدِ الماء شهرًا. فقال أبو موسى: كيف تصنعون بهذه الآية التي في سورة المائدة: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ؟ فقال عبد الله: لو رُخِّصَ لهم في هذا؛ لأوْشَكُوا إذا بَرَدَ عليهم الماءُ أن يتيمموا بالصعيد. فقال له أبو موسى: وإنما كرهتم هذا لهذا؟ قال: نعم. فقال له أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لِعُمَرَ: بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في

ص: 131

حاجة، فأجْنَبْتُ، فلم أجد الماء، فتمَرَّغْتُ في الصعيد كما تَتَمَرَّغُ الدابَّةُ، ثم أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له؟ فقال:

"إنما كان يكفيكَ أنْ تصنع هكذا"؛ وضرب بيده على الأرض، فنفضها، ثم ضرب بشماله على يمينه، ويمينه على شماله على الكفين، ثم مسح وجهه؟ فقال له عبد الله: أفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لم يَقْنَعْ بقولِ عمار؟ !

(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم، وابن حبان (1301 و 1302)، وأبو عوانة في "صحاحهم").

إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: نا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن شقيق.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير محمد بن سليمان الأنباري، وهو ثقة.

والحديث أخرجه أحمد (4/ 264): ثنا أبو معاوية

به.

وأخرجه البخاري (1/ 362)، ومسلم (1/ 192)، والنسائي (1/ 61)، والدارقطني (ص 66) من طرق أخرى عن أبي معاوية

به؛ وزاد أحمد:

لم يُجِزِ الأعمش الكفين. وزاد مسلم:

ضربة واحدة.

ثم أخرجه هو، وأحمد (4/ 265)، وأبو عوانة في "صحيحه"(1/ 303 - 304 و 304 - 305)، والبيهقي (1/ 211 - 226) من طرق أخرى عن الأعمش

به.

وقال البيهقي:

ص: 132

"لا يشك حديثيٌّ في صحة إسناده". وزاد أحمد إثر الآية: قال:

فما درى عبد الله ما يقول! وقال: لو رخصنا

إلخ.

وإسناده صحيح على شرطهما.

345 -

عن عبد الرحمن بن أبْزَى قال:

كنتُ عند عمر، فجاءه رجل فقال: إنا نكون بالمكان الشهرَ أو الشهرين؟ فقال عمر: أمَّا أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء. قال: فقال عمار: يا أمير المؤمنين! أما تذكر إذ كنتُ أنا وأنت في الإبل، فأصابتنا جنابة؛ فأما أنا فتمعّكتُ، فأتينا النبيّ صلى الله عليه وسلم وذكرت ذلك له؟ فقال:"إنما كان يكفيك أن تقول هكذا"؛ وضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخهما، ثم مَسَّ بهما وجهَهُ ويديه إلى نصف الذراع؟ ! فقال عمر: يا عمار! اتقِ الله! فقال: يا أمير المؤمنين! إن شئت -والله- لم أذكره أبدًا، فقال عمر: كلا؛ والله لنوَلِّيَنَّكَ من ذلك ما تولَّيْتَ.

(قلت: إسناده صحيح، لكن قوله: إلى نصف الذراع

شاذ؛ ولذلك لم يخرجه الشيخان في "صحيحيهما").

إسناده: حدثنا محمد بن كثير العَبْدِي: نا سفيان عن سَلَمَةَ بن كُهَيْلٍ عن أبي مالك عن عبد الرحمن بن أبزى.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي مالك -واسمه غزوان الغفاري-، وهو ثقة.

وقد تابعه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، كما يأتي.

ص: 133

لكن قوله في الحديث: إلى نصف الذراع

شاذ؛ تفرد به سلمة بن كهيل، وكان يشك في هذه الزيادة، فمرة يثبتها كما في هذه الرواية والرواية الآتية، ومرة يشك فيها كما في الرواية الآتية (رقم 347) من طريق أخرى، وبإسناد آخر له عن عبد الرحمن بن أبزى، ومرة ينفيها فلا يذكرها، كما سنذكره (رقم 348).

وقد تابعه على ذلك: الحكم بن عتيبة وغيره، كما يأتي، فانظر (رقم 351).

فهذا هو الصحيح في هذا الحديث: الاقتصار على ذكر الكفين فقط، وهو الذي ثبت من طريق شقيق المتقدمة (رقم 344)، وهو الذي رجحه البيهقي؛ فقال في "عون المعبود":

"قال البيهقي في "المعرفة": واختلفوا فيه على أبي مالك حبيب بن صهبان؛ فقيل: عنه عن عبد الرحمن بن أبزى: إلى نصف الذراع. وقيل: عنه عن عمار نفسه: وجهه وكفيه. والاعتماد على رواية الحكم بن عتيبة؛ فهو فقيه حافظ لم يشك في الحديث. وسياقه أحسن"!

قلت: كذا قال البيهقي: "أبي مالك حبيب بن صهبان"! وهو من طبقة أبي مالك غزوان الغفاري، كلاهما من التابعين، وهما -وإن كانا اشتركا في الرواية عن عمار بن ياسر- فإني أرى أن الراوي لهذا الحديث إنما هو غزوان الغفاري كما ذكرت آنفًا؛ وذلك لأمور:

أولًا: أنهم ذكروا في ترجمته في الرواة عنه: سلمة بن كهيل وحصين بن عبد الرحمن، وهما من رواة هذا الحديث عنه؛ بخلاف حبيب بن صهبان؛ فلم يذكروا ذلك في ترجمته.

ص: 134

ثانيًا: أنهم ذكروا أنه من رجال "السنن الثلاثة". وأما حبيب؛ فمن رجال البخاري في "الأدب المفرد" وحده (1).

ثم إن الحديث أخرجه الطحاوي (1/ 67)، والبيهقي (1/ 210) من طرق أخرى عن محمد بن كثير

به.

وأخرجه النسائي (1/ 60)، وأحمد (4/ 319) عن عبد الرحمن بن مهدي: ثنا سفيان عن سلمة عن أبي مالك وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن عبد الرحمن بن أبزى

به. وزادا:

ولا تجد الماء.

وهذه متابعة قوية؛ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى؛ ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال أحمد عنه وعن أخيه سعيد -الآتي حديثه (رقم 348) -:

"كلاهما حسن الحديث".

346 -

عن ابن أبزى عن عمار بن ياسر

في هذا الحديث؛ فقال:

"يا عمار! إنما كان يكفيك هكذا"، ثم ضرب بيديه الأرض، ثم ضرب إحداهما على الأخرى، ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعد -ولم يبلغ المرفقين- ضربةً واحدةً.

(قلت: حديث صحيح دون قوله: والذراعين

إلى قوله: ولم يبلغ المرفقَيْنِ؛ فإنه شاذ، والصواب: والكفين، وبه حكم البيهقي، وهو الذي لم يَرْوِ

(1) ثم رأيت ابن أبي حاتم أورد الحديث في "العلل"(1/ 11)، ثم قال:

"قلت لأبي زرعة: ما اسم أبي مالك؟ قال: لا يسمى، وهو الغفاري".

فهذا يؤيد ما ذهبنا إليه؛ فإن حبيب بن صهبان ليس غفاريًّا؛ بل هو أسدي كاهلي!

ص: 135

صاحبا "الصحيحين" غيره).

إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: نا حفص: نا الأعمش عن سلمة بن كُهَيْلٍ عن ابن أبزى.

قلت: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ ولكنه منقطع بين سلمة وابن أبزى، والصواب أن بينهما سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، كما يأتي بعد رواية.

347 -

قال أبو داود: "ورواه وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن أبزى".

(قلت: هذا منقطع بين سلمة وعبد الرحمن؛ بينهما ابنه سعيدُ بن عبد الرحمن؛ وهو التالي).

هو معلق كما ترى، ولم أجد من وصله من هذا الوجه! وهو منقطع أيضًا كسابقه؛ والصواب رواية جرير وغيره، وهي:

348 -

ورواه جرير عن الأعمش عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزى -يعني- عن أبيه).

(قلت: وصله أبو عوانة بإسناد صحيح إلى جرير، وسائر رجاله على شرط الشيخين، وليس في حديثه: الذراعين).

هو معلق أيضًا؛ وقد وصله أبو عوانة في "صحيحه" قال (1/ 305): حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا الحسن بن عمر بن شقيق قال: ثنا جرير

به؛ ولفظه: قال:

ص: 136

جاء رجل إلى عمر

فذكر الحديث:

"إنما كان يكفيك كذا وكذا"؛ ووضع يده بالصعيد، ثم مسح يديه ووجهه

وذكر الحديث.

هكذا ساقه أبو عوانة إثر حديث شقيق المتقدم (رقم 344)! فالظاهر أنه أحال عليه بقوله: "فذكر الحديث".

وعليه؛ فليس في حديث جرير ذكر الذراعين.

وقد تابعه على ذلك عيسى بن يونس: عند الطحاوي (1/ 67)؛ ولفظه: ثم مسح وجهه وكفيه.

وإسناد أبي عوانة صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن سنان -وهو ابن يزيد بن الذَّيَّال الأموي، مولى عثمان، أبو خالد القزاز البصري-؛ وهو ثقة بلا خلاف.

349 -

عن عمار. .. بهذه القصة؛ فقال:

"إنما كان يكفيك"، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى الأرض، ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه وكَفَّيْهِ

شكَّ سلمة، قال: لا أدري؛ فيه إلى المرفقين -يعني- أو: إلى الكفين؟ ! .

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ والصحيح أنه ليس فيه: إلى المرفقين .. كما سبق ويأتي).

إسناده: حدثنا محمد بن بشار: نا محمد -يعني: ابن جعفر-: نا شعبة عن سلمة عن ذَرّ عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار.

ص: 137

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 639) قال: ثنا شعبة

به؛ إلا أنه قال:

ثم شكَّ سلمة، فلم يدر: إلى الكوعين، أو: إلى المرفقين.

ومن طريقه: أخرجه البيهقي (1/ 209 - 210)، والطحاوي (1/ 67).

وأخرجه أحمد (4/ 265): ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة

به مثل رواية المصنف.

وقد بين السببَ في شك سلمة الروايةُ الآتية:

350 -

وفي رواية

بهذا الحديث؛ قال:

ثم نَفَخَ فيها، ومسح بها وجهه وكَفَّيْهِ إلى المرفقين والذراعين.

قال شعبة: كان سلمة يقول: الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور ذات يوم: انظر ما تقول؛ فإنه لا يذكر الذراعين غيرك!

(قلت: إسناده صحيح، ومن أجل قول منصور هذا؛ كان سلمة ربما لا يذكر فيه: الذراعين؛ كما في رواية عيسى بن يونس: عند الطحاوي، ويعلى بن عبيد: عند الدارقطني؛ كلاهما عن الأعمش عنه. وهذا هو الصحيح؛ فقد تابعه على ذلك ذرّ، في حديثه التالي).

إسناده: حدثنا علي بن سهل الرملي: نا حجاج -يعني: الأعور-: حدثني شعبة

بإسناده بهذا الحديث.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير علي بن سهل الرملي، وهو ثقة.

ص: 138

والحديث أخرجه النسائي (1/ 61): أخبرنا عبد الله بن محمد بن تميم قال: ثنا حجاج

به؛ وزاد في آخره:

فشك سلمة فقال: لا أدري؛ ذكر الذراعين أم لا!

قلت: وهذا هو السبب في اضظراب سلمة في هذه الزيادة؛ حيث كان مرة يثبتها، ومرة ينفيها، كما سبق بيانه (رقم 345)، وتارة يشك، كما في هذه الرواية وغيرها.

وقد مضت رواية جرير عن الأعمش بدون ذكر الذراعين (رقم 348).

وكذلك رواه عيسى بن يونس ويعلى بن عبيد عن الأعمش:

أما الأولى: فأخرجها الطحاوي (1/ 67): حدثنا محمد بن الحجاج قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن

به؛ بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:

"إنما يكفيك أن تقول هكذا"؛ وضرب الأعمش بيديه الأرض، ثم نفخهما ومسح بهما وجهه وكفيه.

ورجاله ثقات، غير محمد بن الحَجَّاج؛ فلم أجد من وثقه أو جرحه!

وأما الرواية الأخرى: فأخرجها الدارقطني (ص 67) قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، نا يوسف بن موسى: نا جرير. (ح) وحدثنا الحسين: نا ابن كرامة: نا ابن نمير. (ح) وحدثنا الحسين: نا أحمد بن منصور: ثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش

به.

وهذه أسانيد صحيحة إلى الأعمش؛ غير أني لم أعرف ابن كَرَامَةَ هذا!

وقد تابعه الحسن بن عفان -وهو الن علي بن عفان-: عند أبي عوانة

ص: 139

(1/ 305).

كما تابعه الحسن بن عمر بن شقيق عن جرير: عنده.

351 -

عن عمار

في هذا الحديث؛ قال: فقال -يعني: النبي صلى الله عليه وسلم:

"إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك إلى الأرض، وتمسح بهما وجهك وكفيك

" وساق الحديث.

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم").

إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن شعبة: حدثني الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.

والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 638): حدثنا شعبة

به.

وأخرجه مسلم (1/ 193): حدثني عبد الله بن هاشم العبدي: حدثنا يحيى -يعني: ابن سعيد القطان-

به؛ وزاد في آخره: فال الحكم: وحدثنيه ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه

مثل حديث ذر، قال: وحدثني سلمة عن ذر.

ثم أخرجه هو، والبخاري (1/ 351 و 353 و 354)، وأبو عوانة (1/ 305 - 306)، والنسائي (1/ 61)، وابن ماجة (1/ 200 - 201)، والطحاوي (1/ 67)، والبيهقي (1/ 209)، وأحمد (4/ 265) من طرق عن شعبة

به.

وابن عبد الرحمن بن أبزى: هو سعيد؛ كما صرح به في "الصحيحين"

ص: 140

وغيرهما. ثم قال البيهقي:

"هذا الاختلاف في متن حديث ابن أبزى عن عمار؛ إنما وقع أكثره من سلمة بن كهيل؛ لشك وقع له. والحكم بن عتيبة فقيه حافظ، قد رواه عن ذر بن عبد الله عن سعيد بن عبد الرحمن، ثم سمعه من سعيد بن عبد الرحمن، فساق الحديث على الإثبات من غير شك فيه، وحديث قتادة عن عَزْرَة يوافقه [يعني: حديثه الآتي (رقم 354)]، وكذلك حديث حصين عن أبي مالك"؛ يعني: الحديث الآتي:

352 -

ورواه شعبة عن حصين عن أبي مالك قال:

سمعت عمارًا يخطب

بمثله؛ إلا أنه قال: لم ينفخ.

(قلت: وصله الدارقطني من طريق شبابة عن شعبة

به؛ إلا أنه لم يقل: لم ينفخ، وإسناده صحيح. ثم رواه من طريق زائدة: نا حصين بن عبد الرحمن

به نحوه؛ إلا أنه قال: ثم نفخ فيها. وهو المحفوط).

قال الدارقطني (ص 67): حدثنا أبو عمر: نا الحسن بن محمد: ثنا شبابة: نا شعبة

به.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي عمر -وهو محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي الأزدي، مولى آل جرير بن حازم -وهو ثقة فاضل-، كما قال الخطيب، وله في "تاريخه"(3/ 401 - 405) ترجمة حافلة بالفضائل والكمالات رحمه الله تعالى.

ثم قال الدارقطني: حدثنا الحسين بن إسماعيل: ثنا جعفر بن محمد: ثنا معاوية: نا زائدة: نا حصين بن عبد الرحمن

به؛ بلفظ: عن عمار:

ص: 141

أنه غمس باطن كفيه في التراب، ثم نفخ فيها، ثم مسح وجهه ويديه إلى المفصل، وقال عمار: هكذا التيمم.

وهذا إسناد صحيح أيضًا؛ الحسين بن إسماعيل: هو المحاملي.

وجعفر بن محمد: هو ابن شاكر الصاء؛ من شيوخ المصنف، وهما ثقتان.

ومعاوية: هو ابن عمرو الأزدي، وهو ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه الطحاوي (1/ 67) من طريق الطيالسي عن زائدة وشعبة معًا عن حصين

به.

وإسناده صحيح أيضًا.

ثم أخرجه الدارقطني من طريق إبراهيم بن طهمان عن حصين

به مرفوعًا نحوه، وقال:

"لم يروه عن حصين مرفوعًا غير إبراهيم بن طهمان. ووقفه شعبة وزائدة وغيرهما. وأبو مالك في سماعه من عمار نظر؛ فإن سلمة بن كهيل قال فيه: عن أبي مالك عن ابن أبزى عن عمار. قاله الثوري عنه"!

قلت: حديث الثوري مضى في الكتاب (رقم 345)؛ ولا يلزم منه أن لا يكون أبو مالك سمعه من عمار؛ لا سيما وقد صرح بسماعه منه في رواية شعبة المتقدمة (رقم 352)؛ لاحتمال أن يكون رواه عن عمار على الوجهين: بالواسطة وبدونها.

ومثله حديث الحكم المتقدم (رقم 351)؛ فإنه رواه عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن، ثم رواه عن ابن عبد الرحمن مباشرة، فكذلك الشأن هنا.

ثم إن إبراهيم بن طهمان ثقة حجة، وقد زاد الرفع؛ فهو منه مقبول؛ لا سيما وأصل الحديث مرفوع، كما سبق.

ص: 142

353 -

وذكر حسين بن محمد عن شعبة عن الحكم

في هذا الحديث؛ قال: فضرب بكفيه الأرض ونفخ.

(قلت: هو في "الصحيحين" وغيرهما من طرق شتى عن شعبة

به).

قلت: لم أجد من وصله من طريق حسين! ولكن هذه الزيادة وردت من طرق شتى عن شعبة عند جميع الذين أخرجوا الحديث، وقد سبق ذكرهم قريبًا (رقم 351).

354 -

عن عمار بن ياسر قال:

سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التيمم؟ فأمرني ضربةً واحدةً للوجه والكفين.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الدارمي: "صح إسناده"، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، ونقل مثله عن ابن راهويه).

إسناده: حدثنا محمد بن المنهال: نا يزيد بن زُرَيْع عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمَّار بن ياسر.

قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه الترمذي (1/ 268)، والدارقطني (ص 67) من طرق أخرى عن يزيد بن زريع

به.

ثم أخرجه الطحاوي (1/ 67)، والبيهقي (1/ 210) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد

به.

وأخرجه أحمد (4/ 263): ثنا عفان ويونس قالا: ثنا أبان: ثنا قتادة

به.

وأخرجه الدارمي (1/ 190)، والدارقطني من طريق عفان وحده؛ لكن الدارمي

ص: 143