المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌106 - باب في إتيان الحائض - صحيح سنن أبي داود ط غراس - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌100 - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌101 - باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك

- ‌102 - باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء

- ‌103 - باب مواكلة الحائض ومجامعتها

- ‌104 - باب الحائض تُنَاوِلُ من المسجد

- ‌105 - باب في الحائض لا تقضي الصلاة

- ‌106 - باب في إتيان الحائض

- ‌107 - باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع

- ‌108 - باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

- ‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

- ‌110 - من باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

- ‌111 - من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غُسْلًا

- ‌112 - باب من قال: تغتسل من طُهْرٍ إلى طُهْرٍ

- ‌113 - باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

- ‌114 - باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر

- ‌115 - باب من قال: تغتسل بين الأيام

- ‌116 - باب من قال: توضأ لكل صلاة

- ‌117 - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

- ‌118 - باب في المرأة ترى الصُّفْرة والكُدْرة بعد الطُّهْر

- ‌119 - باب المستحاضة يغشاها زوجها

- ‌120 - باب ما جاء في وقت النفساء

- ‌121 - من باب الاغتسال من الحيض

- ‌122 - باب التيمم

- ‌123 - باب التيمُّمِ في الحضر

- ‌124 - باب الجنب يتيمم

- ‌125 - باب إذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ؛ أيتيمَّم

- ‌126 - باب المجروح يتيمم

- ‌127 - باب المتيمِّمُ يجد الماء بعدما يصلي في الوقت

- ‌128 - باب في الغسل للجمعة

- ‌129 - باب الرخصة في ترك الغُسْلِ يوم الجمعة

- ‌130 - باب الرجل يُسْلِمُ فيُؤْمَرُ بالغُسْل

- ‌131 - باب المرأة تَغْسِلُ ثوبَها الذي تَلْبَسُه في حَيْضِها

- ‌132 - باب الصلاة في الثوب الذي يُصيبُ أهلَهُ فيه

- ‌133 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌134 - بابُ الرُّخْصَةِ في ذلك

- ‌135 - باب المنيّ يُصيب الثوبَ

- ‌136 - باب بول الصبيِّ يصيبُ الثوبَ

- ‌137 - باب الأرض يُصِيبها البول

- ‌138 - باب في طُهُور الأرضِ إذا يَبِسَتْ

- ‌139 - باب الأذى يصيبُ الذَّيْلَ

- ‌140 - باب الأذى يصيبُ النَّعْلَ

- ‌141 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

- ‌142 - باب البُزَاق يصيبُ الثوبَ

- ‌1 - باب في المواقيت

- ‌2 - باب وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يصليها

- ‌3 - باب وقت صلاة الظهر

- ‌4 - باب وقت العصر

- ‌5 - باب وقتِ المغرب

- ‌6 - باب وقت العشاء الآخرة

- ‌7 - باب وقت الصبح

- ‌8 - باب المحافظة على الصلوات

- ‌9 - باب إذا أخَّر الإمام الصلاة عن الوقت

- ‌10 - باب من نام عن صلاة أو نَسِيَها

- ‌11 - باب في بناء المساجد

- ‌12 - باب اتخاذ المساجد في الدُّور

- ‌13 - باب في السُّرُج في المساجد

- ‌14 - من باب في حصى المسجد

- ‌15 - باب كنس المسجد

- ‌16 - من باب اعتزال النساء في المسجد عن الرجال

- ‌17 - باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد

- ‌18 - باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد

- ‌19 - باب فضل القعود في المسجد

- ‌20 - باب في كراهية إنشاد الضالّة في المسجد

- ‌21 - باب في كراهية البُزاق في المسجد

- ‌22 - باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد

- ‌23 - باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة

- ‌24 - باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل

- ‌25 - باب متى يُؤْمَرُ الغلام بالصلاة

- ‌26 - باب بَدْءِ الأذان

- ‌27 - باب كيف الأذان

- ‌28 - باب في الإقامة

- ‌29 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌30 - باب رفع الصوت بالأذان

الفصل: ‌106 - باب في إتيان الحائض

‌106 - باب في إتيان الحائض

257 -

عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال:

"يتصدق بدينار أو نصف دينار".

قال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة قال: "دينار أو نصف دينار".

(قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري. وصححه أيضًا الحاكم، ووافقه الذهبي وابن القطان وابن دقيق العيد وابن التركماني وابن حجر العسقلاني. وذكر الحلال عن أحمد قال: ما أحسن حديث عبد الحميد -يعني: هذ االحديث-. قيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم؛ إنما هو كفارة. وقوّاه ابن القيم).

إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن شعبة قال: حدثني الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مِقْسم عن ابن عباس

وربما لم يرفعه شعبة.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ والحكم: هو ابن عتيبة.

والحديث أخرجه أحمد (1/ 229 - 230): ثنا يحيى عن شعبة. ومحمد بن جعفر: ثنا شعبة

به.

ثم أخرجه (1/ 286) من طريق محمد بن جعفر أيضًا.

وأخرجه ابن ماجة (1/ 220): حدثنا محمد بن يشار: ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدي عن شعبة

به.

وأخرجه النسائي (1/ 55 و 66 - 67): أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا

ص: 15

يحيى عن شعبة

به.

وأخرجه الدارمي (1/ 254)، والبيهقي (1/ 314) من طريق أخرى عن شعبة

به. وقال الدارمي -في بيان نسب عبد الحميد هذا-:

"عبد الحميد بن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب؛ وكان واليَ عمر ابن عبد العزيز على الكوفة".

قلت: كذا في نسختنا: "عبد الحميد بن زيد

"! وأرى أن (ابن زيد) زيادة من بعض النساخ أو الطابع! فإنه (عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب)، كما في كتب القوم؛ وكنيته أبو عمر المدني.

ثم أخرجه الحاكم (1/ 171 - 172) من طريق مسدد

به، وقال:"حديث صحيح؛ فقد احتجا جميعًا بـ (مقسم بن نجدة). فأما عبد الحميد بن عبد الرحمن؛ فإنه أبو الحسن عبد الحميد بن عبد الرحمن الجزري، ثقة مأمون"!

وقد أخطأ الحاكم في موضعين:

الأول: قوله: إن مقسم بن نجدة احتج به الشيخان! وليس كذلك فإن مسلمًا لم يرو له البتة.

والآخر: قوله أن عبد الحميد بن عبد الرحمن هذا هو أبو الحسن الجزري! بل هو أبو عمر المدني؛ كما سبق عن الدارمي.

وأما أبو الحسن الجزري؛ فهو شامي مجهول. وقد أشار الحافط في "التهذيب" إلى خطأ الحاكم في قوله: إنه عبد الحميد بن عبد الرحمن! وصرح بذلك في "التقريب".

والسبب في وقوع الحاكم في هذا الخطأ: أن أبا الحسن الجزري هذا ممن روى

ص: 16

هذا الحديث عن مقسم، كما يأتي بعد هذا؛ فظن الحاكم أنه عبد الحميد بن عبد الرحمن.

ثم إن البيهقي أخرج الحديث من طرق عن شعبة

به موقوفًا على ابن عباس؛ وقد أشار إليه المؤلف كما سبق. ولا يخدج هذا في روايته المرفوعة؛ لأن الرفع زيادة منه قد حفظها.

وأيضًا؛ فقد بين السبب في وقفه له، فيما أخرجه الدارمي: أخبرنا سعيد بن عامر عن شعبة

بإسناده عن ابن عباس: في الذي يغشى امرأته وهي حائض: يتصدق بدينار أو نصف دينار.

قال شعبة: أما حفظي فهو مرفوع، وأما فلان وفلان فقالا: غير مرفوع. فقال بعض القوم: حدِّثنا بحفظك ودَعْ ما قال فلان وفلان! فقال: والله ما أحب أني عُمِّرْتُ في الدنيا عُمُرَ نوح؛ وإني حدثت بهذا أو سكتُّ عن هذا.

وسعيد بن عامر: هو الضُّبَعِيُّ، وهو ثقة حجة؛ وقد أبان في روايته عن شعبة سبب إيقافه للحديث أحيانًا، وأن ذلك ليس منه مباشرة؛ بل بسبب الذين أوقفوه!

وذلك مما لا يضره إن شاء الله تعالى.

على أن شعبة لم يتفرد برفعه؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق قتادة: حدثني الحكم بن عُتَيْبَة. .. به ولفظه:

أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فزعم أنه أتى -يعني- امرأته وهي حائض؟ فأمره نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بدينار؛ فإن لم يجد فنصف دينار.

وقد رواه قتادة أيضًا عن مقسم

به.

أخرجه أحمد (1/ 237 و 312)، والبيهقي، وقال: "لم يسمعه قتادة من

ص: 17

مقسم"!

ثم أخرجه البيهقي من طريق مَطَرٍ الورَّاق عن الحكم بن عتيبة عن مقسم

به. وقال:

"هكذا رواه جماعة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم. وفي رواية شعبة عن الحكم دلالة على أن الحكم لم يسمعه من مقسم؛ إنما سمعه من عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن مقسم"!

قلت: ولا دلالة على ما ذكره البيهقي؛ لأن الحَكَمَ كان معاصرًا لمقسم؛ فجائز أن يكون قد سمعه منه مباشرة. وقد جزم أحمد ويحيى القطان بأنه لم يسمع منه إلا خمسة أحاديث؛ ذكرها الحافظ في "التهذيب"، وفيها هذا الحديث في إتيان الحائض. وهذا أولى بالقبول لأمرين:

الأول: أنه مثبت، والبيهقي نَافٍ؛ والمثبت مقدم على النافي.

والآخر: أنهما أجلُّ من البيهقي وأعلم بالحديث ورجاله.

وقد تابع عبدَ الحميد بن عبد الرحمن على أصل الحديث غيرُ واحد عن مقسم؛ لكن خالفوه في لفظه؛ وفي حفظهم ضعف، ولذلك أوردنا حديثهم في الكتاب الآخر (رقم 41)؛ ولكنها على كل حال تشهد على أن أصل الحديث مرفوع ليس بموقوف.

ورواه يعقوب بن عطاء عن مقسم

به مثل رواية عبد الحميد.

أخرجه الدارقطني (ص 410)، والبيهقي (1/ 318) من طريق أبي بكر بن عياش عن يعقوب. وقال البيهقي:

"ويعقوب بن عطاء لا يحتج بحديثه". وتعقبه ابن التركماني بقوله:

ص: 18

"قلت: أخرج له ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك"، وذكر ابن عدي أنه ممن يكتب حديثه؛ فأقل أحواله أن يتابع بروايته ما تقدم".

وبعد؛ فإن الكلام على طرق هذا الحديث وأسانيده وألفاظه طويل جدًّا، وفي القدر الذي ذكرنا كفاية في إثبات صحة إسناده.

وأما من حيثُ متنه؛ فالصواب فيه رواية عبد الحميد هذه؛ وهي التي رجَّحها المصنف على غيرها وصححها كما رأيت، والألفاظ الأخرى المخالفة لها؛ في أسانيدها مقال؛ فلا تصلح للمعارضة، ولا يجوز التمسك بها في دعوى الاضطراب في متنه، كما سنبيِّن ذلك إن شاء الله تعالى في الكتاب الآخر.

وقد قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 426):

"والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير جدًّا". قال:

"وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه. وأقر ابنُ دقيق العيد تصحيحَ ابن القطان، وقوّاه في "الإمام"، وهو الصواب؛ فكم من حديث قد احتجوا به؛ فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا، كحديث بئر بضاعة [رقم 59 و 60]، وحديث القلتين [رقم 56 - 58] ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في "شرح المهذب" و "التنقيح" و"الخلاصة": أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم. وتبع النوويُّ في بعض ذلك ابنَ الصلاح".

قلت: وقوّاه ابن التركماني؛ ومنه نقلنا ما ذكرنا في الأعلى عن أحمد. وكذا قوّاه ابن القيم في "التهذيب".

وتجد تفصيل الكلام على هذا الحديث وطرقه وألفاظه في تعليق الشيخ أحمد

ص: 19

محمد شاكر على "الترمذي"(1/ 246 - 254). وفيه تحقيق دقيق، لا تجده في كتاب؛ إلا أنه وهم في بعض الشيء، لكنه لا يخدج في تحقيقه لصحة الحديث، فانظر كلامنا على الحديث الآتي.

258 -

عن ابن عباس قال:

إذا أصابها في الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار.

(قلت: هو بهذا التفصيل موقوف صحيح).

إسناده: حدثنا عبد السلام بن مُطَهِّر: نا جعفر -يعني ابن سليمان- عن علي ابن الحكم البُنَاني عن أبي الحسن الجَزَرِيِّ عن مقسم عن ابن عباس.

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح"؛ غير أبي الحسن الجزري؛ وهو مجهول، وزعم الحاكم أنه عبد الحميد بن عبد الرحمن راوي الحديث السابق! وهو وهم منه، كما سبق بيانه هناك.

لكنه لم يتفرد به كما يأتي؛ فكان الحديث صحيحًا موقوفًا.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 318) من طريق المؤلف.

وأخرجه الحاكم (1/ 172) من طريق أخرى عن عبد السلام

به. وقال:

"قد أُرسل هذا الحديث وأُوقف أيضًا. ونحن على أصلنا الذي أصَّلناه: أن القول قول الذي يسنده ويصل؛ إذا كان ثقة".

قلت: وهو كما قال الحاكم رحمه الله. ويشير بذلك إلى حديث عبد الحميد السابق؛ فإنه أورد عقيبه هذا الحديث الموقوف.

وله طريق أخرى عن مقسم؛ وهو:

ص: 20

259 -

قال أبو داود: "وكذلك قال ابن جريج عن عبد الكريم عن مقسم".

(قلت: وصله الدارمي؛ لكنه قال: عن عبد الكريم عن رجل

لم يسمِّ مقسمًا).

إسناده: هو معلق كما ترى، ولم أجده موصولًا عن ابن جريج هكذا.

نعم؛ أخرجه الدارمي (1/ 254) من طريق سفيان عن ابن جريج عن عبد الكريم عن رجل عن ابن عباس

به موقوقًا.

فلعل هذا الرجل الذي لم يُسَمَّ وقع مسمَّى عند المصنف.

وقد رواه ابن جريج أيضًا عن عطاء عن ابن عباس. قال البيهقي:

"وقد قيل: عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس موقوفًا. وإن كان محفوظًا؛ فهو من قول ابن عباس يصح

"، ثم ساق إسناده إلى سفيان الثوري عن ابن جريج

به. قال:

"والمشهور: عن ابن جريج عن عبد الكريم أبي أمية عن مقسم عن ابن عباس، كما تقدم". وتعقبه ابن التركماني في موضعين: الأول؛ قوله: "إن كان محفوظًا"؛ فقال:

"رجال إسناده ثقات؛ فلا وجه لتمريضه بقوله: فإن كان محفوظًا".

والموضع الآخر؛ قوله: "والمشهور عن ابن جريج

" إلخ، فقال ابن التركماني:

"وكأنه يقصد بذلك أيضًا الاستضعاف لرواية ابن جريج عن عطاء؛ وليست

ص: 21

تلك الرواية معارضة لهذه، فيحمل على أن ابن جريج روى عنهما: أعني عبد الكريم وعطاء"!

قلت: ولعل وجه تمريض البيهقي لرواية ابن جريج عن عطاء: أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه.

على أن ابن جريج قد رواه عند عبد الكريم مرفوعًا؛ وهما التي أشار إليها البيهقي بقوله: "كما تقدم".

وقد أخرجها أحمد (1/ 367) قال: ثنا عبد الرزاق: أنا ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم وغيره عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث أن ابن عباس أخبره:

أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في الحائض نِصَابَ دينار، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل؛ فنصف دينار. كلُّ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والبيهقي أخرجه (1/ 316) من طريق نافع بن يزيد عن ابن جريج عن أبي أمية عبد الكريم البصري

به نحوه مرفوعًا.

وأخرجه الدارقطني (ص 411) من طريق ابن لهيعة عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن عبد الكريم البصري أنه أخبره

به.

وأخرجه البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن عبد الكريم أبي أمية عن عكرمة عن ابن عباس

مرفوعًا نحو الرواية الأولى في الباب؛ وزاد:

وفسَّره مقسم فقال. إذا كان في إقبال الدم فدينار

الحديث فجعله من تفسير مقسم.

ثم رواه من طريق أبي جعفر الرازي عن عبد الكريم عن مقسم

به مرفوعًا

ص: 22

مفسرًا.

ثم رواه من طريق هشام الدَّسْتُوائي: ثنا عبد الكريم أبو أمية عن مقسم

به موقوفًا مثل الرواية الأولى. ثم قال البيهقي:

"هذا أشبه بالصواب. وعبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية غير محتج به".

وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 424):

"وهو مجمع على ضعفه".

واعلم أن في الرواة من طبقة واحدة رجلين؛ اسم كل منهما عبد الكريم:

أحدهما ضعيف؛ وهو عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية البصري.

والآخر ثقة من رجال الشيخين؛ وهو عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد الحَرَّاني.

فاختلفوا في راوي هذا الحديث؛ هل هو الأول أم الآخر؟ !

فجزم البيهقي أنه الأول -كما رأيت-، وتبعه الحافظ ابن حجر، وسبقهما الإمام أحمد فقال في "المسند" (1/ 237) -عقب رواية قتادة عن مقسم المتقدمة في الحديث الأول-:

"ورواه عبد الكريم أبو أمية

مثله بإسناده".

وخالفهم ابن التركماني -تبعًا للمزي-؛ فذهبا إلى أنه ابن مالك الجزري الثقة! وتبعهما الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على "الترمذي"(1/ 247)؛ وصحح إسناده من أجل ذلك!

والحق: أنه الأول؛ لأن ابن جريج صرح بأنه أبو أمية البصري في رواية نافع

ص: 23