المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة - صحيح سنن أبي داود ط غراس - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌100 - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌101 - باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك

- ‌102 - باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء

- ‌103 - باب مواكلة الحائض ومجامعتها

- ‌104 - باب الحائض تُنَاوِلُ من المسجد

- ‌105 - باب في الحائض لا تقضي الصلاة

- ‌106 - باب في إتيان الحائض

- ‌107 - باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع

- ‌108 - باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

- ‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

- ‌110 - من باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

- ‌111 - من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غُسْلًا

- ‌112 - باب من قال: تغتسل من طُهْرٍ إلى طُهْرٍ

- ‌113 - باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

- ‌114 - باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر

- ‌115 - باب من قال: تغتسل بين الأيام

- ‌116 - باب من قال: توضأ لكل صلاة

- ‌117 - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

- ‌118 - باب في المرأة ترى الصُّفْرة والكُدْرة بعد الطُّهْر

- ‌119 - باب المستحاضة يغشاها زوجها

- ‌120 - باب ما جاء في وقت النفساء

- ‌121 - من باب الاغتسال من الحيض

- ‌122 - باب التيمم

- ‌123 - باب التيمُّمِ في الحضر

- ‌124 - باب الجنب يتيمم

- ‌125 - باب إذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ؛ أيتيمَّم

- ‌126 - باب المجروح يتيمم

- ‌127 - باب المتيمِّمُ يجد الماء بعدما يصلي في الوقت

- ‌128 - باب في الغسل للجمعة

- ‌129 - باب الرخصة في ترك الغُسْلِ يوم الجمعة

- ‌130 - باب الرجل يُسْلِمُ فيُؤْمَرُ بالغُسْل

- ‌131 - باب المرأة تَغْسِلُ ثوبَها الذي تَلْبَسُه في حَيْضِها

- ‌132 - باب الصلاة في الثوب الذي يُصيبُ أهلَهُ فيه

- ‌133 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌134 - بابُ الرُّخْصَةِ في ذلك

- ‌135 - باب المنيّ يُصيب الثوبَ

- ‌136 - باب بول الصبيِّ يصيبُ الثوبَ

- ‌137 - باب الأرض يُصِيبها البول

- ‌138 - باب في طُهُور الأرضِ إذا يَبِسَتْ

- ‌139 - باب الأذى يصيبُ الذَّيْلَ

- ‌140 - باب الأذى يصيبُ النَّعْلَ

- ‌141 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

- ‌142 - باب البُزَاق يصيبُ الثوبَ

- ‌1 - باب في المواقيت

- ‌2 - باب وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يصليها

- ‌3 - باب وقت صلاة الظهر

- ‌4 - باب وقت العصر

- ‌5 - باب وقتِ المغرب

- ‌6 - باب وقت العشاء الآخرة

- ‌7 - باب وقت الصبح

- ‌8 - باب المحافظة على الصلوات

- ‌9 - باب إذا أخَّر الإمام الصلاة عن الوقت

- ‌10 - باب من نام عن صلاة أو نَسِيَها

- ‌11 - باب في بناء المساجد

- ‌12 - باب اتخاذ المساجد في الدُّور

- ‌13 - باب في السُّرُج في المساجد

- ‌14 - من باب في حصى المسجد

- ‌15 - باب كنس المسجد

- ‌16 - من باب اعتزال النساء في المسجد عن الرجال

- ‌17 - باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد

- ‌18 - باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد

- ‌19 - باب فضل القعود في المسجد

- ‌20 - باب في كراهية إنشاد الضالّة في المسجد

- ‌21 - باب في كراهية البُزاق في المسجد

- ‌22 - باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد

- ‌23 - باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة

- ‌24 - باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل

- ‌25 - باب متى يُؤْمَرُ الغلام بالصلاة

- ‌26 - باب بَدْءِ الأذان

- ‌27 - باب كيف الأذان

- ‌28 - باب في الإقامة

- ‌29 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌30 - باب رفع الصوت بالأذان

الفصل: ‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث في "الموطأ"(1/ 79 - 80).

وأخرجه البخاري (1/ 324)، وأبو عوانة (1/ 313)، والنسائي (1/ 45 و 66)، والطحاوي (1/ 62) كلهم عن مالك

به.

وأخرجه هؤلاء وغيرهم من طرق أخرى عن هشام بن عروة، وقد سبق تخريجه في الذي قبله.

ورواه البيهقي أيضًا عن مالك (1/ 321 و 329)، وكذا الدارقطني (75).

‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

283 -

عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة عن عائشة قالت:

إن أم حبيبة بنت جحش -خَتَنَةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحت عبد الرحمن ابن عوف- استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عِرْقٌ؛ فاغتسلي وصلِّي".

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" بإسناد المؤلف، وأخرجه البخاري أيضًا وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وكذا الحاكم وقال: "صحيح على شرطهما"، ووافقه الذهبي).

إسناده: حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: أنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث.

ص: 54

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وابن أبي عقيل؛ لم أعرفه، ولم يورده الخزرجي في "الخلاصة"، ولا الحافظ في "التهذيب"، وفي "التقريب"؛ لم يوردوه في باب من نسب إلى أبيه أو جده

إلخ! ولعله يأتي في حديث آخر في الكتاب (1)، وقد أعاد المصنف الحديث بهذا الإسناد (رقم 294) لزيادة فيه.

والحديث أخرجه مسلم (1/ 181) فقال: حدثنا، والنسائي (1/ 44) قال: أخبرنا -ثم اتفقا-: محمد بن سلمة

به.

وأخرجه أبو عوانة (1/ 321 - 322)، والبيهقي (1/ 348) من طرق أخرى عن عبد الله بن وهب

به (2)؛ وكذلك أخرجه الحاكم (1/ 173)، وقال:

"صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.

وأخرجه البخاري (1/ 338)، والطحاوي (1/ 59)، والطيالسي (رقم 1439 و 1583)، وأحمد (16/ 41) من حديث ابن أبي ذئب عن ابن شهاب

به.

وأخرجه أبو عوانة أيضًا (1/ 321).

ثم أخرجه هو ومسلم، والطحاوي (1/ 60)، والبيهقي وأحمد (6/ 187)، والدارمي أيضًا (1/ 200) -من طريق إبراهيم بن سعد-، والنسائي (1/ 65)، والطحاوي -عن سفيان- كلاهما عن الزهري عن عمرة وحدها.

وأخرجه النسائي، والترمذي (1/ 229) -من طريق الليث-، والنسائي (1/ 65) -من طريق الأوزاعي-، وأحمد (6/ 237) -عن محمد بن إسحاق-؛ ثلاثتهم عن الزهري عن عروة وحده.

(1) انظر رقم (375).

(2)

وفي آخره عندهم زيادة من قول عائشة؛ سيذكره المصنف مرة أخرى معها رقم (294)؛ وهي عند البخاري أيضًا.

ص: 55

والحديث صحيح عنهما جميعًا، كما قال البيهقي. وقال الترمذي:

"وروى الأوزاعي عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة".

قلت: هو رواية عن الأوزاعي، وقد علقه المصنف أيضًا؛ وهو:

284 -

قال أبو داود: "زاد الأوزاعي في هذا الحديث عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة:

استحيضت أم حبيبة بنت جحش -وهي تحت عبد الرحمن بن عوف- سبع سنين، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة، فإذا أدبرت؛ فاغتسلي وصلِّي".

(قلت: وصله أبو عوانة في "صحيحه" وأحمد في "مسنده" وغيرهما، وهو صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم ووافقه الذهبي).

قال أبو داود: "ولم يذكر هذا الكلامَ أحدٌ من أصحاب الزهري غيرَ الأوزاعي، ورواه عن الزهري عمرو بن الحارث والليث ويونس وابن أبي ذئب ومعمر وإبراهيم بن سعد وسليمان بن كثير وابن إسحاق وسفيان بن عيينة، ولم يذكروا هذا الكلام".

(قلت: يعني: قوله: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"! وليس الأمر كما قال المصنف رحمه الله؛ فقد تابع الأوزاعيَّ على ذكر هذا الكلام النعمانُ ابن المنذر وأبو معبد حفص بن غيلان كلاهما عن الزهري: أخرجه من طريقهما أبو عوانة في "صحيحه" والنسائي وغيرهما. وتابعهم ابن عيينة كما سبق (رقم 275)، وسيشير إليه المؤلف قريبًا".

ص: 56

قال أبو داود (1): "وإنما هذا لفط حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة".

(قلت: يعني: في قصة فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ، وقد مضى الحديث (رقم 281).

وأقول: إن هذا اللفظ ثابت صحيح في قصة أم حبيبة هذه أيضًا؛ بدليل رواية الثقات له عن الزُّهري كما سبق. وتركُ الآخرين له من أصحاب الزُّهري ممن ذكرهم المؤلف لا يُعِلُّهُ؛ لأنهم نفاةٌ وهم مثبتون. وأيضًا فقد رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة مثل

(1) وكذا قال البيهقي، فقد ساق الحديث، ثم قال:

"وقوله: "إذا أقبلت الحيضة

وإذا أدبرت

" تفرد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري. والصحيح أن أم حبيبة كانت معتادة، وأن هذه اللفظة إنما ذكرها هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ. وقد رواه بشر بن بكر عن الأوزاعي كما رواه غيره من الثقات .. "، ثم ساق إسناده إليه بذلك! وقد تعقبه ابن التركماني بقوله:

"قلت: ذكر أبو عوانة في "صحيحه" حديث بشر هذا [1/ 320] على موافقة ما رواه الأوزاعي أولًا؛ بخلاف ما ذكره البيهقي، فأخرج -أعني: أبا عوانة- من جهة عمرو بن أبي سلمة وبشر بن بكر عن الأوزاعي عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة؛ وفيه: "إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي ثم صلي

" الحديث، ثم قال عقبه: ثنا إسحاق الطحان: أنا عبد الله بن يوسف: نا الهيثم بن حميد: ثنا النعمان بن المنذر والأوزاعي وأبو معبد عن الزهري

بنحوه. فظهر من هذا أن النعمان وأبا معبد وافقا الأوزاعي على روايته في الإقبال والإدبار. وقد وثق أبو زرعة النعمانَ. وأمّا أبو معبد حفص بن غيلان؛ فقد وثقه ابن معين ودُحَيْمٌ، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان: من ثقات أهل الشام وفقهائهم. وهذا مخالف لقول البيهقي: (قوله: "إذا أقبلت الحيضة

وإذا أدبرت .. " تفرد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري

) ".

ص: 57

رواية الأوزاعي. ومن تابعه عن الزهري عن عمرة وعروة عنها، أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" والنسائي وغيرهما بإسناد صحيح على شرط الشيخين، ولا علة له؛ وهو يثبت ما نفاه المؤلف).

ثم قال: "قال أبو داود: وزاد ابن عيينة فيه أيضًا: أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها. وهو وهم من ابن عيينة، وحديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء، ويقرب من الذي زاد الأوزاعي في حديثه".

(قلت: قد مضى حديث ابن عيينة (رقم 275)، وهو حديث صحيح، لم يهم فيه ابن عيينة؛ لما ذكرناه آنفًا).

إسناده معلق؛ وقد وصله الإمام أحمد (6/ 83) قال: ثنا أبو المغيرة قال: ثنا الأوزاعي قال: حدثني الزهري

به.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

ووصله أيضًا النسائي (1/ 43)، والبيهقي (1/ 327) من طرق أخرى عن الأوزاعي

به.

ووصله الدارمي (1/ 196)، وابن ماجة (1/ 215)، والحاكم (1/ 173)، بإسناد أحمد.

وقد زعم المؤلف رحمه الله أن الأوزاعي تفرد بقوله في هذا الحديث:

"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"! !

وليس كذلك؛ فقد تابعه النعمان بن المنذر وأبو معبد حفص بن غيلان:

أخرج حديثهما: أبو عوانة (1/ 321)، والنسائي (1/ 43)، والطحاوي

ص: 58

(1/ 59) من طريق الهيثم بن حُمَيْدٍ قال: أخبرني النعمان بن المنذر والأوزاعي وأبو معبد حفص بن غيلان عن الزهري

به.

وهذه متابعات قوية: النعمان بن المنذر وحفص بن غيلان ثقتان.

وكذا الراوي عنهما الهيثم بن حميد؛ ولم يتفرد به عن الأوزاعي، كما يأتي بعد قليل.

وتابعهم ابن عيينة -كما سبق-؛ وسيشير إليه المصنف قريبًا.

وقد تابع الزهريَّ على هذه الجملة في هذا الحديث: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة

به.

أخرجه أبو عوانة (1/ 323)، والنسائي (1/ 44 و 65)، والطحاوي، وأحمد (6/ 128 - 129) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد عنه.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

285 -

عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ قالت:

إنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:

"إذا كان دم الحيض؛ فإنه دَمٌ أسودُ يُعْرِفُ، فإذا كان ذلك؛ فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضَّئي وصلِّي؛ فإنما هو عِرْقٌ".

286 -

وفي رواية عن عروة عن عائشة قالت:

إن فاطمة كانت تستحاض، فذكر معناه.

(قلت: إسناده حسن، ورواية ابن أبي عدي له على الوجهين لا يُعِلُّهُ؛ بل

ص: 59

هو محمول على ثبوتهما عنده؛ وهو ثقة حجة، ولذلك قال الحاكم:"إسناده صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي وصححه ابن حزم والنووي؛ ومن قبلهم ابن حبان (1345)).

إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: نا محمد بن أبي عدي عن محمد -يعني: ابن عمرو- قال: ثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ.

قال أبو داود:

"قال ابن المثنى: ثنا به ابن أبي عدي من كتابه هكذا، ثم ثنا به بَعْدُ حفظًا قال: ثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: إن فاطمة كانت تستحاض

فذكر معناه".

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عمرو، وهو حسن الحديث كما تقدم مرارًا، وأخرج له البخاري مقرونًا، ومسلم متابعة.

ورواية محمد بن أبي عدي له مرة من كتابه عن عروة عن فاطمة، وأخرى من حفظه عن عروة عن عائشة

لا يعله؛ لأنه -أعني: ابن أبي عدي هذا- ثقة جليل، كما قال الذهبي في "الميزان"، وقد احتج به الشيخان.

فروايته على الوجهين محمول على ثبوتهما عنده.

وقد تابعه المنذر بن المغيرة؛ فرواه عن عروة أن فاطمة بنت أبا حُبَيْشٍ حدثته

به نحوه. وقد مضى (رقم 272)، فصرح في روايته بسماع عروة من فاطمة.

من أجل ذلك؛ صحح الحديث غيرُ ما واحد من العلماء المحققين، كما يأتي ذكره قريبًا إن شاء الله تعالى.

ص: 60

وأما المصنف رحمه الله؛ فقد أشار إلى ضعف هذا الحديث، فقال فيما مضى في الكتاب قريبًا:

"فيه شيء"!

وكذلك ضعفه أبو حاتم؛ فقال ابنه في "العلل"(1/ 49 / رقم 117):

"سألت أبي عن حديث رواه محمد بن أبي عدي عن محمد بن عمرو عن ابن شهاب عن الزهري عن عروة عن فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إذا رأيت الدم الأسود؛ فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الأحمر فتوضئي"؟ فقال أبي: لم يتابَعْ محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر"!

قلت: محمد بن عمرو ثقة؛ وفيه ضعف يسير في حفظه؛ وإنما ينظر فيه إذا خالف؛ وروايته هذه ليست بالمخالفة لرواية الأوزاعي ومن معه عن الزهري من حيث المعنى؛ بل هما موافقة ومبينة لها.

ثم إنه قد عُرِفَ أن الحديث المنكر إنما هو الحديث يتفرد به الراوي الضعيف دون سائر الثقات؛ وليس محمد بن عمرو ضعيفًا، فلا يكون حديثه منكرًا فتأمل!

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 325) من طريق المصنف.

وأخرجه النسائي (1/ 45 و 66) بإسناد المصنف هذا على الوجهين.

وأخرج الطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 306) من طريقه الوجه الثاني منهما.

ومن طريق صالح بن أبان البصري عن محمد بن المثنى؛ الوجه الأول.

وأخرجهما الدارقطني (ص 76) من طرق أخرى عن محمد بن المثنى.

ص: 61

وأخرج الحاكم (1/ 174) -الوجه الثاني فقط- من طريق محمد بن زياد عن ابن المثنى.

وأخرج الوجه الأولى البيهقي، وابن حزم (2/ 163 - 164) من طريق أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن أبي عدي

به. وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم".

كذا قال! ووافقه الذهبي! وصححه ابن حبان أيضًا (1345)، وابن حزم في "المحلى"(2/ 199)، والنووي في "المجموع"(2/ 403).

وأعله الطحاوي وغيره؛ فقالوا: إن ابن أبي عدي اضطرب فيه؛ فرواه مرة عن عائشة، ومرة عن فاطمة كما سبق! قال ابن حزم (2/ 168):

"هذا كله قوة للخبر، وليس هذا اضطرابًا؛ لأن عروة رواه عن فاطمة وعائشة معًا، وأدركهما معًا؛ فعائشة خالته أخت أمه، وفاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ بن المطلب ابن أسد: ابنة عمه، وهو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد. ومحمد بن أبي عدي الثقة الحافظ المأمون. ولا يعترض بهذا إلا المعتزلة الذين لا يقولون بخبر الواحد؛ تعللًا على إبطال السنن".

وقد أجاب بنحو هذا ابن القيم رحمه الله في "التهذيب"؛ ونقلنا كلامه في ذلك مختصرًا عند حديث المنذر بن المغيرة، الذي سبقت الإشارة إليه آنفًا.

وللحديث شاهد: أخرجه الدارقطني (ص 80 - 81)، والبيهقي (1/ 326) من طريق عبد الملك: سمعت العلاء قال: سمعت مكحولًا يحدث عن أبي أمامة مرفوعًا بلفظ:

"ودم الحيض لا يكون إلا دمًا أسود عبيطًا، تعلوه حمرة، ودم المستحاضة رقيق تعلوه صفرة

" الحديث. وقال الدارقطني:

ص: 62

"عبد الملك هذا رجل مجهول. والعلاء: هو ابن كثير، وهو ضعيف الحديث.

ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئًا".

وله شاهد آخر من حديث ابن عباس: أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ وضعفه الهيثمي في "المجمع"(1/ 280).

287 -

قال أبو داود: "وروى أنس بن سيرين عن ابن عباس: في المستحاضة قال:

إذا رأت الدم البَحْرَانيَّ؛ فلا تصلِّي، وإذا رأت الطهر -ولو ساعة-؛ فلتغتسل وتصلِّي".

(قلت: وصله الدارمي بإسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن حزم: "إنه أصح إسناد يكون").

وصله الدارمي (1/ 203) قال: أخبرنا محمد بن عيسى: ثنا ابن عُلَيَّةَ؛ أنا خالد عن أنس بن سيرين قال:

استحيضت امرأة من آل أنس؛ فأمروني فسألت ابن عباس؟ فقال: أما ما رأت الدم البحراني .... إلخ.

وهذا سند صحيح.

وقد ذكره ابن حزم (2/ 166) من طريق أحمد بن حنبل: ثنا إسماعيل ابن علية

به. ثم قال (2/ 198):

"إنه أصح إسناد يكون". وقال البيهقي (1/ 340) -بعد أن ذكره من طريق المؤلف معلقًا-:

ص: 63

"وقرأته في "كتاب ابن خزيمة" عن زياد بن أيوب عن إسماعيل ابن علية

" بلفظ الدارمي.

ثم أخرجه -أعني- الدارمي من طريق يزيد بن زريع: ثنا خالد

به نحوه.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

288 -

قال أبو داود: "وروى حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القعقاع بن حكيم عن سعيد بن المسيب: في المستحاضة:

إذا أقبلت الحيضة تركت الصلاة، وإذا أدبرت اغتسلت وصلَّت".

(قلت: وصله الدارمي والبيهقي من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا يحيى

به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد وصله المصنف من طريق آخر يأتي (رقم 319)).

وصله الدارمي (1/ 201) قال: أخبرنا يزيد بن هارون

به.

ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (1/ 230).

وهو على شرط مسلم.

289 -

وروى سُمَيٌّ وغيره عن سعيد بن المسيب: تجلس أيام أقرائها.

(قلت: وصله الدارمي بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن سمي قال: سألت سعيد بن المسيب عن المستحاضة؟ فقال: تجلس أيام أقرائها وتغتسل من الظهر إلى الظهر، وتستذفر بثوب، ويأتيها زوجها وتصوم. فقلت: عمن هذا؟ فأخذ الحصا).

ص: 64

وصله الدارمي (1/ 205) قال: أخبرنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان عن سُمَيٍّ.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وانظر رقم (319).

290 -

وكذلك رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب.

(قلت: لم أره موصولًا من هذا الوجه بهذا اللفظ).

لم أره موصولًا من هذا الوجه بهذا اللفط! وإنما أخرجه الدارمي (1/ 205) بلفظ آخر فقال: أخبرنا أبو المغيرة: ثنا الأوزاعي: ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيب قال:

تغتسل من ظهر إلى ظهر، وتتوضأ لكل صلاة، فإن غلبها الدم استثفرت.

وكان الحسن يقول ذلك.

وهذا إسناد صحيح على شرطهما.

291 -

قال أبو داود: "وروى يونس عن الحسن:

الحائض إذا مَدَّ بها الدم؛ تمسك بعد حيضتها يومًا أو يومين؛ فهي مستحاضة".

(قلت: وصله الدارمي. وإسناده صحيح على شرط مسلم).

وصله الدارمي (1/ 210) قال: أخبرنا حجاج: ثنا حماد عن يونس

به.

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

ص: 65

292 -

وقال التيمي عن قتادة:

إذا زاد على أيام حيضها خمسة أيام فلتصلِّ.

قال التيمي: فجعلت أنقص حتى بلغت يومين. فقال:

إذا كان يومين فهو من حيضها.

وسئل ابن سيرين عنه فقال: النساء أعلم بذلك.

(قلت: وصله الدارمي بإسناد صحيح نحوه).

وصله الدارمي (1/ 202) قال: أخبرنا محمد بن عيسى: ثنا معتمر عن أبيه:

به نحوه.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.

293 -

عن حَمْنَةَ بنت جحش قالت:

كنت أُستحاض حيضةً كثيرةً شديدةً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله! إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة؛ فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصوم! فقال:

"أنعتُ لك الكُرْسُفَ؛ فإنه يُذْهِبُ الدَّمَ".

قالت: هو أكثر من ذلك! قال:

"فاتخذي ثوبًا".

ص: 66

فقالت: هو أكثر من ذلك؛ إنما أثج ثجًّا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"سآمرك بأمرين؛ أيُّهما فعلت أجزأ عنك من الآخر؛ فإن قَوِيتِ عليهما فأنت أعلم". فقال لها:

"إنما هذه رَكْضَةٌ من رَكَضَاتِ الشيطان، فتحيَّضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله تعالى ذِكْرُهُ، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طَهُرْتِ واستنقأت؛ فصلِّي ثلاثًا وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامَها، وصومي؛ فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كُلَّ شهر؛ كما يحضن النساء وكما يطهرن، مِيقاتَ حيضهن وطهرن، فإن قويت على أن تؤخِّري الظهر وتعجِّلي العصر، وتغتسلي وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخِّرين المغرب وتعجِّلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"وهذا أعجب الأمرين إليَّ".

(قلت: إسناده حسن. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". قال: "وسألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن صحيح. وهكذا قال أحمد". وقال ابن العربي والنووي: "حديث صحيح"، وقوّاه ابن القيم).

إسناده: حدثنا زهير بن حرب وغيره قالا: نا عبد الملك بن عمرو: نا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش.

ص: 67

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي ابن عقيل كلام من قِبَلِ حفظه لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، كما سبق بيانه عند الحديث (رقم 55)؛ وقد صحح حديثه هذا وحسنه جماعة يأتي ذكرهم.

والحديث أخرجه أحمد (6/ 439): ثنا عبد اللك بن عمرو

به.

وأخرجه الترمذي (1/ 221 - 225)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 299)، والدارقطني (ص 29)، والحاكم (1/ 172)، وعنه البيهقي (1/ 338) كلهم من طرق عن عبد الملك بن عمرو أبي عامر العقدي

به.

وقد تابعه شريك بن عبد الله عن ابن عقيل.

أخرجه أحمد (6/ 381 و 439 - 440)، وابن ماجة (1/ 216)، والطحاوي (3/ 300)، والدارقطني.

وتابعه أيضًا عبيد الله بن عمروٍ الرقي: عند الدارقطني والحاكم، وعنه البيهقي أيضًا.

وإبراهيم بن أبي يحيى: عند الدارقطني.

وابن جريج: عند ابن ماجة (1/ 214 - 215)؛ وكلهم قالوا: عن ابن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمران بن طلحة؛ إلا ابن جريج فإنه قال: عمر بن طلحة!

وهو وهم منه أو ممن دلَّسه؛ فقد رواه عن ابن عقيل بالعنعنة، وقد قيل: إن بينهما النعمان بن راشد، كما في "المحلى"(2/ 194)؛ عن الإمام أحمد، قال:

"والنعمان يعرف فيه الضعف". ولذلك قال الترمذي:

"والصحيح: عمران بن طلحة".

ص: 68

وقد غفل ابن حزم عن هذه الرواية الصحيحة؛ فأعل الحديث بالرواية الرجوحة؛ قال:

"فعمر بن طلحة غير مخلوق، لا يعرف لطلحة ابن اسمه عمر"!

وأعله أيضًا بأن الذين رووه عن ابن عقيل؛ كلهم ضعيف؛ حاشا عبيد الله بن عمرو الرقي؛ فإن الذي رواه عنه ضعيف؛ وهو الحارث بن أبي أسامة! !

وهذا نقد خاطئ؛ فإن هؤلاء الذين رووه عن ابن عقيل؛ أكثرهم ثقات غير متهمين؛ وإنما ضُعِّفوا من قبل حفظهم، فمثل هولاء إذا اجتمعوا على رواية حديث؛ دلَّ ذلك على صحته؛ لأنه يبعد جدًّا أن يكون كل منهم أخطأه حفظه موافقًا زميله في ذلك؛ لا سيما وإن فيهم زهير بن محمد؛ وقد احتج به الشيخان، وصرح البخاري أنه صحيح الحديث فيما رواه أهل البصرة عنه.

وهذا الحديث من هذا القبيل؛ فإنه من رواية عبد الملك بن عمرو أبي عامر العقدي، وهو بصري؛ فيكون -على قول البخاري- صحيحًا كما قال ابن القيم في "التهذيب"، وقد صرح بصحة الحديث في رواية الترمذي عنه كما ذكرت آنفًا (ص 510). فتضعيف رواية زهير مطلقًا؛ خطأ واضح لا يجوز أن يُغْتَرُّ به!

وقد أطال ابن القيم رحمه الله في الرد على ابن حزم وغيره ممن ضعفوا الحديث، وأجاب عن كل ما أعلوه به؛ فراجعه (1/ 183 - 187).

وممن صحح الحديث من المتأخرين: النووي رحمه الله؛ فقال في "المجموع"(2/ 377 و 397):

"حديث صحيح".

وكذا قال ابن العربي -كما في "نيل الأوطار"(1/ 238) -، ثم نقل النووي كلامَ الترمذي المذكور (ص 510)، ثم قال:

ص: 69