الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستحاضة تغتسل، ثم تجمع بين الظهر والعصر، فإن رأت شيئًا؛ اغتسلت وجمعت بين المغرب والعشاء.
وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وأبو زُبيد: اسمه عَبْثَرُ بن القاسم.
112 - باب من قال: تغتسل من طُهْرٍ إلى طُهْرٍ
312 -
عن عَدِيِّ بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة:
"تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلِّي، والوضوء عند كل صلاة (زاد في رواية: وتصوم وتصلي) ".
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن جعفر بن زياد، وأنا عثمان بن أبي شيبة قال: نا شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت.
قال أبو داود: "وزاد عثمان: "وتصوم وتصلي"".
وهذا إسناد ضعيف: شريك سيئ الحفظ. وأبو اليقظان اسمه عثمان بن عُمَيْر، وهو ضعيف.
وثابت -والد عدي- مجهول الحال، كما في "الميزان"، و "التقريب".
وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" على قاعدته.
وأما جد عدي؛ فلم يعرف! وقد ذكر في "التهذيب" خمسة أقوال عن العلماء في اسمه، ولم يستقر الخلاف على شيء يطمئن القلب إليه؛ فلا نطيل الكلام
بذكر أقوالهم! ويأتيك قريبًا كلام البخاري وابن معين في ذلك.
والحديث أخرجه الترمذي (1/ 220)، والدارمي (1/ 202)، وابن ماجة (1/ 215)، والطحاوي (1/ 61)، والبيهقي (1/ 347) من طرق عن شريك
…
به. وقال الترمذي:
"تفرد به شريك عن أبي اليقظان". قال:
"وسألت محمدًا عن هذا الحديث؛ فقلت: عدي بن ثابت عن أبيه عن جده. جد عدي ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه. وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين: إن اسمه دينار؟ فلم يعبأ به".
وأما نقل مجد الدين ابن تيمية في "المنتقى"(1/ 239) عن الترمذي أنه قال: "حسن"!
فخطأ؛ بل كلامه السابق يشير إلى تضعيفه له. وقال ابن سيد الناس في شرحه:
"وسكت الترمذي عن هذا الحديث، فلم يحكم بشيء، وليس من باب الصحيح، ولا ينبغي أن يكون من باب الحسن؛ لضعف راويه عن عدي بن ثابت".
قلت: لكنه من باب الصحيح لغيره؛ لأن له شاهدًا من حديث عائشة رضي الله عنها؛ وهو:
313 -
عن عائشة قالت:
جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر خبرها [قلت: انظره (رقم 281)]؛ قال:
"ثم اغتسلي، ثم توضَّئي لكل صلاة وصلِّي".
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه البخاري وابن حبان في "صحيحيهما". وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح").
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة.
قلت: قد سبق هذا الإسناد بحديث آخر (رقم 172)، وقد تكلمنا عليه هناك بما فيه كفاية.
وخلاصة ذلك: أن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعنه؛ وقد اتفق علماء الحديث على أنه لم يسمع من عروة -وهو ابن الزبير- شيئًا؛ فعلة الحديث الانقطاع ليس إلا.
والحديث أخرجه ابن ماجة (1/ 215)، والطحاوي (1/ 61)، والدارقطني (1/ 78)، والبيهقي (1/ 344)، وأحمد (6/ 42 و 204 و 262) من طرق عن الأعمش
…
به، وزادوا:
"وإن قطر الدم على الحصير".
وقد بين ابن ماجة في روايته -من طريق وكيع- والدارقطني -من طريقه ومن طريق عبد الله بن داود- جميعًا عن الأعمش أن عروة: هو ابن الزبير.
وتابعهما محمد بن ربيعة عن الأعمش: عند الدارقطني؛ كلهم قالوا: عنه عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير.
فهذا يدفع (القيل) الذي ذكره المنذري، وهو أن عروة هذا إنما هو المزني؛ وهو مجهول! وقد قيل هذا في الحديث المشار إليه آنفًا؛ والصواب أنه عروة بن الزبير في
هذا الحديث وفي ذلك؛ كما تقدم بيانه هنا وهناك.
ومما يؤيد ذلك في هذا الحديث: ما أخرجه الدارقطني بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال:
جئنا من عند عبد الله بن داود الخُرَيْبِيِّ إلى يحيى بن سعيد القطان. فقال: من أين جئتم؟ قلنا: من عند عبد الله بن داود. فقال: ما حدثكم؟ قلنا: حدثنا عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة
…
الحديث. فقال يحيي: أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا: زعم أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا.
قلت: فهذه الرواية تدل على أن يحيى القطان كان يرى أن عروة في الحديث: هو ابن الزبير؛ ولكنه أعله بالانقطاع، وكذلك ابن حزم أعله في "المحلى"(1/ 253) بالانقطاع.
وهو علة هذا الإسناد، كما ذكرنا فيما سلف.
وأما المصنف رحمه الله؛ فقد أعله بعلة أخرى، وهي الوقف، فقال عقب رواية عائشة الآتية -وقد ساقها موقوفًا ومرفوعًا، والمرفوع ليس على شرطنا، فأوردناه في الكتاب الآخر (رقم 52) - قال المصنف:
"قال أبو داود: وحديث عدي بن ثابت، والأعمش عن حبيب، وأيوب أبي العلاء: كلها ضعيفة لا تصح. ودل على ضعف حديث الأعمش عن حبيب؛ هذا الحديث؛ أوقفه حفص بن غياث عن الأعمش، وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعًا، وأوقفه أيضًا أسباط عن الأعمش
…
موقوف عن عائشة".
قال أبو داود:
"ورواه ابن داود عن الأعمش
…
مرفوعًا أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء
عند كل صلاة. ودل على ضعف حديث حبيب هذا: أن رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فكانت تغتسل لكل صلاة في حديث المستحاضة. وروى أبو اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن علي، وعمار مولى بني هاشم عن ابن عباس. وروى عبد الملك بن ميسرة وبيان ومغيرة وفراس ومجالد عن الشعبي عن حديث قمير عن عائشة:"توضأ لكل صلاة". ورواية داود وعاصم عن الشعبي عن قمير عن عائشة: "تغتسل كل يوم مرة". وروى هشام بن عروة عن أبيه: المستحاضة تتوضأ لكل صلاة. وهذه الأحاديث كلها ضعيفة؛ إلا حديث قمير، وحديث عمار مولى بني هاشم، وحديث هشام بن عروة عن أبيه. والمعروف عن ابن عباس الغسل".
وهو كما قال المصنف رحمه الله؛ لكننا لا نوافقه على ضعف حديث عائشة المرفوع هذا، ولا على ضعف حديثها الآتي بعده موقوفًا.
أما المرفوع؛ فلأن إعلاله بالوقف غير مسلَّم؛ لأنه قد رواه جماعة من الثقات مرفوعًا عن الأعمش؛ منهم وكيع: عند المصنف وابن ماجة والدارقطني والبيهقي وأحمد. وقال البيهقي.
"وهكذا رواه علي بن هاشم وقرة بن عيسى ومحمد بن ربيعة وجماعة عن الأعمش. واختلف فيه على عبد الله بن داود الخريبي. ورواه حفص بن غياث وأبو أسامة وأسباط بن محمد عن الأعمش؛ فوقفوه على عائشة واختصروه".
قلت: ورواية الآخرين المرفوعة؛ أخرجها كلَّها الدارقطنيُّ. ورواية علي بن هاشم عند أحمد أيضًا.
وممَّن رفعه أيضًا عن الأعمش: يحيى بن عيسى: عند الطحاوي، وسعيد بن محمد الوراق: عند الدارقطني.
فهؤلاء ستة -أكثرهم أئمة كبار- زادوا عن الأعمش الرفع؛ فوجب على
مذاهب الفقهاء وأهل الأصول ترجيح روايتهم، لأنها زيادة ثقة، وكذا على مذاهب أهل الحديث؛ لأنهم أكثر عددًا، وتحمل رواية من وقفه على عائشة أنها سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم فروته مرة، وأفتت به مرة أخرى، كما قال ابن التركماني.
ثم استدل المصنف على ضعف الحديث بأن في رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فكانت تغتسل لكل صلاة في حديث المستحاضة!
قلت: يعني: الحديث المتقدم (رقم 295)! وهذا ليس بشيء؛ لأن المستحاضة المشار إليها هي أم حبيبة، ولا يلزم من عدم ذكر الوضوء في قصتها أن لا يكون صحيحًا في غيرها، كقصة فاطمة في هذا الحديث؛ فإن ذكر الوضوء فيه ثابت صحيح لم يتفرد بذكره حبيب عن عروة؛ بل قد تابعه ابنه هشام؛ فرواه عن أبيه مثل رواية حبيب هذه.
أخرجه البخاري وغيره، وقد ذكرنا لفظه فيما مضى عند الكلام على حديث هشام هذا؛ المذكور في الكتاب (رقم 281). وسنذكره بنصه قريبًا (رقم 318).
وفي هذا رد واضح على المؤلف؛ حيث ضعَّف الحديث؛ وقد صححه من ذكرنا (ص 95).
وأما قوله: "وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعًا"!
فقد وصله الدارقطني (ص 78) من طريق أحمد بن أبي خيثمة: نا عمر بن حفص: ثنا أبي: ثنا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة: في المستحاضة تصلي وإن قطر الدم على حصيرها.
وقال ابن أبي خيثمة: لم يرفعه حفص. وتابعه أبو أسامة.
قلت: فليس فيه إنكار حفص رفع الحديث؛ وغاية ما فيه أنه رواه موقوفًا؛ وتابعه على ذلك أبو أسامة، وقد خالفهم من سبق ذكرهم؛ فروايتهم هي المقدمة.
وأما قوله: "وأنكر ابن داود أن يكون فيه الوضوء لكل صلاة"!
فهو من تساهل المصنف أيضًا؛ وسيأتي الجواب عنه عند رواية ابن داود هذه (رقم 315).
314 -
عن عائشة في المستحاضة:
تغتسل مرة واحدة، ثم تَوَضَّأُ إلى أيام أقرائها.
(قلت: حديث صحيح موقوف).
إسناده: حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي: نا يزيد عن أيوب بن أبي مسكين عن الحجاج عن أم كلثوم عن عائشة.
قلت: هذا إسناد ضعيف؛ أم كلثوم لا يدرى من هي؟
والحجاج: هو ابن أرطاة، وهو ثقة، لكنه مدلس.
وأيوب بن أبي مسكين ثقة؛ لكن في حفظه ضعف. وفي "التقريب" أنه "صدوق له أوهام".
قلت: وقد اضطرب في هذا الحديث؛ فمرة أوقفه، ومرة رفعه بإسناد آخر عن عائشة.
والصواب الموقوف؛ ولذلك أوردنا المرفوع في الكتاب الآخر، كما سبقت الإشارة إليه.
والمصنف رحمه الله ضعفه مرفوعًا وموقوفًا! ولكن لمّا رأينا الموقوف قد جاء من وجه آخر صحيح، صححناه كما هو شرطنا في الكتاب، فانظر ما يأتي (رقم
316).
315 -
قال أبو داود: "ورواه [قلت: يعني: حديث عائشة المرفوع (رقم 313)]: ابن داود عن الأعمش مرفوعًا أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كل صلاة".
(قلت: وصله الدارقطني من طريق الفضل بن سهل: ثنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت:
جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسول الله! إني امرأة أُستحاض فلا أطهر؛ أفأدع الصلاة؟ فقال:
"دعي الصلاة أيام أقرائك، ثم اغتسلي وصلِّي، وإن قطر الدم على الحصير".
قلت: وليس فيه -كما ترى- إنكار ابن داود كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى! ومجرد السكوت عن هذه الريادة وترك روايتها؛ لا ينبغي أن يستنتج منه أن التارك لها استنكرها؛ فإنه إنما روى ما ذُكِرَ له، أو ما حفظ! كيف وقد رواه جماعة من الثقات عن الأعمش؛ فأثبتوها؟ ! كما في الرواية الأولى! كيف وقد ثبتت من رواية هشام بن عروة عن أبيه؟ ! ).
إسناده: وصله الدارقطني (ص 78): حدثنا الحسين بن إسماعيل: نا الفضل ابن سهل: ثنا عبد الله بن داود
…
به.
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى حبيب؛ والحسين هذا: هو أبو عبد الله الضَّبِّيُّ المحاملي؛ وهو ثقة فاضل، له ترجمة في "تاريخ بغداد"(8/ 19 - 23).
وبقية الرجال ثقات معروفون.
وليس في سياقه ما يدل على الإنكار الذي ادعاه المصنف رحمه الله؛ كما بيناه أعلاه.
ويجوز أن يكون الأعمش كان يختصره أحيانًا؛ مراعاةً لحال السؤال أو البيان للمسألة.
ويؤيد ذلك: أن وكيعًا روى الحديث -كما سبق في الكتاب- دون قوله في آخره:
"وإن قطر الدم على الحصير"، ورواه غير المصنف عنه بإثبات هذه الزيادة، كما ذكرنا فيما تقدم.
ثم أخرجه أحمد (6/ 137) عنه أيضًا مختصرًا جدًّا؛ بلفظ:
"تصلي المستحاضة، وإن قطر الدم على الحصير".
فهذا الاختلاف في إتمام الحديث واختصاره؛ ليس له وجه إلا ما ذكرنا من المراعاة؛ فلا يكون رواية من اختصره حجة على من أتمه؛ لا سيما إذا كانوا جماعة، كما في هذا الحديث! وهذا بين لا يخفى. والحمد لله.
316 -
وروى عبد الملك بن ميسرة وبيان ومغيرة وفراس ومجالد عن الشعبي عن حديث قمير عن عائشة:
توضأ لكل صلاة.
(قلت: وصل أحاديثهم -دون حديث مغيرة-: الدارمي والطحاوي والبيهقي، وهو حديث صحيح موقوفًا، وصححه المؤلف. وقد روي من حديث
قمير مرفوعًا، ولكن إسناده ضعيف لا يصح، وقد أوردناه في الكتاب الآخر (رقم 52)، إلا أنه صحيح من وجه آخر عن عائشة، كما سبق (رقم 313)، ويأتي بعد حديث).
وصل أحاديثهم -إلا حديث المغيرة-: الطحاوي والدارمي والبيهقي:
فأخرجه الطحاوي (1/ 63)، والبيهقي (1/ 335) من طريق شعبة قال: ثنا عبد الملك بن ميسرة والمجالد بن سعيد وبيان قالوا: سمعنا عامرًا الشعبي يحدث عن قمير امرأة مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في المستحاضة:
تدع الصلاة أيام حيضها، ثم تغتسل غسلًا واحدًا، وتتوضأ عند كل صلاة.
وأخرجه البيهقي (1/ 329) من طريق أخرى عن شعبة عن عبد الملك وحده.
وأخرجه الدارمي (1/ 201) -عن مجالد-، و (1/ 202) -عن إسماعيل؛ وهو ابن أبي خالد-، وهو (1/ 203)، والطحاوي -عن فراس- كلهم عن عامر
…
به.
وهذا إسناد صحيح.
وقد رواه المصنف وغيره من طريق أخرى عن قمير
…
مرفوعًا.
ولكنه لا يصح، ولذلك أوردناه في الكتاب الآخر؛ واستغنينا عنه بحديث حبيب السابق، وحديث هشام عن أبيه الآتي.
هذا؛ ولفظ حديث فراس: المستحاضة تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل غسلًا واحدًا، وتتوضأ لكل صلاة.
وروى البيهقي (1/ 351) من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة:
أنها لم تكن ترى على المستحاضة إلا غسلًا واحدًا.
وهذا سند صحيح في الشواهد والمتابعات.
317 -
ورواية داود وعاصم: عن الشعبي عن قمير عن عائشة:
تغتسل كل يوم مرة.
(قلت: وصله الدارمي من طريق داود -وهو ابن أبي هند-. وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صححه المؤلف).
قلت: وصله الدارمي (1/ 206) من طريق داود؛ فقال: أخبرنا حجاج: ثنا حماد عن داود عن الشعبي عن قمير امرأة مسروق أن عائشة قالت في المستحاضة: وتغتسل كل يوم مرة.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
318 -
وروى هشام بن عروة عن أبيه:
المستحاضة تتوضأ لكل صلاة.
(قلت: وصله أحمد عقب حديث هشام المتقدم (رقم 281) فقال: قال يحيى -هو ابن سعيد القطان-: قلت لهشام: أغسلٌ واحد تغتسل، وتوضأ عند كل صلاة؟ قال: نعم. وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه المؤلف. وقد صح مرفوعًا من طريق أبي معاوية: عند البخاري والترمذي وغيرهما، ومن طريق أبي حمزة وأبي عوانة: عند ابن حبان في "صحيحه"(1351)، ومن طريق حماد بن زيد: عند مسلم والنسائي والبيهقي، ومن طريق حماد بن سلمة: عند الدارمي والطحاوي، ومن طريق أبي حنيفة: عنده؛ كلهم قالوا:
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
…
مرفوعًا به. وقواه الحافظ. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح").
أخرجه أحمد (6/ 194) من طريق يحيى ووكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة:
أن فاطمة بنت أبي حبيش جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم
…
الحديث. وقال عقيبه: قال يحيى
…
إلى آخره.
وأخرجه البخاري والترمذي والدارقطني، والبيهقي (1/ 344) من طريق أبي معاوية عن هشام
…
به. وقال في آخره: قال: وقال أبي: "ثم توضئي لكل صلاة؛ حتى يجيء ذلك الوقت". ثم قال البيهقي:
"وقول عروة فيه صحيح".
قلت: وهو -أعني: عروة- قد رفع الحديث؛ حيث قال:
"ثم توضئي". وهذا من قوله صلى الله عليه وسلم حتمًا؛ لأنه هو الذي كان يخاطب المستحاضة لا عروة، كما هو واضح بيِّن. وحينئذ فقول البيهقي:
"والصحيح: أن هذه الكلمة من قول عروة بن الزبير"!
ليس بصحيح. وقد رد عليه الحافظ في "الفتح"(1/ 265)؛ حيث قال:
"وادعى بعضهم أن قوله: "ثم توضئي" من كلام عروة موقوفًا عليه! وفيه نظر؛ لأنه لو كان كلامه لقال: ثم تتوضأ، بصيغة الإخبار. فلما أتى به بصيغة الأمر؛ شاكله الأمر الذي في المرفوع، وهو قوله: "فاغسلي"
…
".
قلت: ويؤيد ذلك: أن هذه الزيادة من تمام الحديث -عند غير أبي معاوية- وصلوه بالحديث.