الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الموقوف؛ فقد وصله الدارمي من طريق أخرى عن أبي جعفر، فقال (1/ 203): أخبرنا محمد بن يوسف: أنا إسرائيل: ثنا أبو إسحاق عن محمد أبي جعفر (وفي الأصل: محمد بن أبي جعفر، وهو خطأ مطبعي): أنه قال في المستحاضة:
تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتحتشي كُرْسُفًا، وتوضأ لكل صلاة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين (1).
117 - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث
324 -
عن عكرمة قال:
إن أم حبيبة بنت جحش استحيضت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتظر أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلِّي، فإن رأت شيئًا من ذلك توضأت وصلت.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه عبد الحق في "أحكامه" (522)).
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: نا هشيم: نا أبو بشر عن عكرمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أعل بالانقطاع، ويأتي الجواب عنه.
والحديث أخرجه البيهقي (1/ 351) من طريق يحيى بن يحيى: أنا هشيم
…
به؛ إلا أنه قال:
(1) تنبيه: أورد المصنف في الباب حديث: "دم الحيض أسود يعرف"؛ وقد اختصرناه؛ لأنه تقدم بإسناده ولفظه (رقم 285).
توضأت واستثفرت واحتشت وصلَّت". وأعله بقوله:
"وهذا منقطع"!
وتبعه المنذري والخطابي؛ وزاد:
"وعكرمة لم يسمع من أم حبيبة بنت جحش"! قال ابن التركماني:
"وفي تسميته هذا منقطعًا نظر".
قلت: ولعل وجهه أن عكرمة -وهو أبو عبد الله المدني البربري؛ مولى ابن عباس- تابعي مات سنة (107)؛ وهو غير معروف بالتدليس، فروايته محمولة على السماع إلا إذا وجد ما يدل على الانقطاع؛ وليس لدينا شيء من ذلك.
وقول الخطابي: "إن عكرمة لم يسمع من أم حبيبة"!
لا ندري ما مستنده في ذلك؟ ! ولم يذكره أحد ممن ترجم لأم حبيبة وعكرمة!
نعم؛ هناك مجال للشك في سماع عكرمة منها، كما فعل الحافظ في "الفتح"(1/ 340)، وسيأتي نص كلامه في ذلك (رقم 328).
فلو كان صحيحًا ما ذكره الخطابي من نفي السماع؛ لجزم الحافظ بذلك ولم يشك!
على أن الشك المذكور خلاف الأصل؛ لما ذكرنا. والله تعالى أعلم.
(فائدة): هذا الحديث كالمخصص أو المقيد لحديث عائشة المشار إليه في الباب قبله:
أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة.
فإنه -بإطلاقه- يدل على أنها تتوضأ لكل صلاة؛ سواءً رأت الدم أو لم تره! وأما هذا الحديث؛ فإنه يدل على أن ذلك إنما يجب إذا رأت الدم.
فدل على أن المستحاضة إذا لم تر الدم؛ تصلي بالوضوء الواحد ما شاءت من الصلوات، حتى ينتقض وضوؤها؛ سواءً بخروج الدم أو غيره من النواقض.
هذا هو المراد من الحديث، ولا يحتمل غيره من المعنى؛ لا سيما على رواية البيهقي المذكورة عند تخريج الحديث.
وقد ذكر صاحب "العون" وجهًا آخر من المعنى، وهذا -وإن كان قد ذكره احتمالًا، ورجح المعنى الأول-؛ فإن المعنى المشار إليه باطل إذا ما قوبل برواية البيهقي، والله أعلم.
325 -
عن ربيعة:
أنه كان لا يرى على المستحاضة وضوءًا عند كل صلاة؛ إلا أن يصيبها حدث غير الدم؛ فتوضأ (1).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
قال أبو داود: "وهذا قول مالك -يعني: ابن أنس-"(2).
(1) قال الخطابي: "وقول ربيعة شاذ، ليس عليه العمل".
قلت: وهو قول باطل؛ لمخالفته لحديث الباب، ولحديث عائشة المشار إليه في الباب قبله.
(2)
قال في "عون المعبود":
"هذه العبارة في النسختين، وليست في أكثر النسخ. قال ابن عبد البر: ليس في حديث مالك في "الموطأ" ذكر الوضوء لكل صلاة على المستحاضة، وذكر في حديث غيره، فلذلك كان مالك يستحبه لها ولا يوجبه؛ كما لا يوجبه على صاحب التسلسل. ذكره الزرقاني".
قلت: لكن الحديث بوجوب الوضوء لكل صلاة؛ قد صح عند البخاري وغيره كما سبق؛ فوجب الأخذ به، ولا عذر بعد ذلك لمن يصر على تقليد غير المعصوم! !