الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(47) بَاب ذِكْرِ الْخَوَارِجِ وَصِفَاتِهِمْ
142 -
(1063) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ. مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ. وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ. وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبِضُ مِنْهَا. يُعْطِي النَّاسَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! اعْدِلْ. قَالَ: "وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ؟ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ " فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: دَعْنِي. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ. فَقَالَ: "مَعَاذَ اللَّهِ! أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أقتل أصحابي. إن هذا وأصحابه يقرأون الْقُرْآنَ. لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ. يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يمرق السهم من الرمية".
(بالجعرانة) موضع قريب من مكة. وهو بتسكين العين والتخفيف. وقد تكسر العين وتشدد الراء. (منصرفه من حين) هو ظرف زماني لأتي. أي حين انصرفه، عليه الصلاة والسلام، من حنين. (لقد خبت وخسرت) روى بفتح التاء في خبت وخسرت. وبضمها فيهما. ومعنى الضم ظاهر. وتقدير الفتح: لقد خبت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل، لكونك تابعا ومقتديا بمن لا يعدل. والفتح أشهر. (معاذ الله) أي أعوذ به عوذا من أن يتحدث الناس الخ. (لا يجاوز حناجرهم) قال القاضي: فيه تأويلان. أحدهما معناه لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق، إذ بهما تقطيع الحروف. والثاني معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل. والحناجر جمع حنجرة، وهي رأس الغلصمة، حيث تراه ناتئا من خارج الحلق. (يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية) قال القاضي: معناه يخرجون منه خروج السهم، إذا نفذ الصيد، من جهة أخرى. ولم يتعلق به شيء منه. والرمية هي الصيد المرمى، وهي فعيلة بمعنى مفعولة.
(1063)
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ. قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقسم مغانم وساق الحديث.
(كان يقسم مغانم) جمع مغنم. وهو كالغنيمة، ما أصيب من أموال أهل الحرب من الكفار.
143 -
(1064) حدثنا هناد بن السري. حدثنا أبو الأحوص عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ قَالَ:
بَعَثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَهُوَ بِالْيَمَنِ، بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيُّ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الفزاري، وعلقمة بن علاثة العاشمري، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي كِلَابٍ، وَزَيْدُ الْخَيْرِ الطَّائِيُّ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَبْهَانَ. قَالَ: فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ. فَقَالُوا: أَتُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ وَتَدَعُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِأَتَأَلَّفَهُمْ" فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ. مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ. غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ. نَاتِئُ الْجَبِينِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ. فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ. يَا مُحَمَّدُ! قَالَ: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ! أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي؟ " قَالَ: ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ. فَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فِي قَتْلِهِ. (يُرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ ضئضئ هذا قوما يقرأون
⦗ص: 742⦘
الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ. يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ. وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ. يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قتل عاد".
(بذهبة) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: بذهبة، بفتح الذال. وكذا نقله القاضي عن جميع رواة مسلم عن الجلودى. (في تربتها) صفة لذهبة. يعني أنهاغير مسبوكة لم تخلص من ترابها. (وزيد الخير) كذا هو في جميع النسخ: الخير. وفي الرواية التي بعدها زيد الخيل. وكلاهما صحيح، يقال بالوجهين. كان يقال له في الجاهلية زيد الخيل، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، في الإسلام، زيد الخير. (صناديد نجد) أي ساداتها. واحدها صنديد. (كث اللحية) قال ابن الأثير: الكثاثة في اللحية أن تكون غير دقيقة ولا طويلة، وفيها كثافة. يقال: رجل كث اللحية، بالفتح. وقوم كث، بالضم. (مشرف الوجنتين) أي غليظهما. والوجنتان تثنية وجنة. والوجنة من الإنسان، ما ارتفع من لحم خده. (غائر العينين) أي أن عينيه داخلتان في محاجرهما، لاصقتان بقعر الحدقة. (ناتئ الجبين) أي بارز الجبين. من النتوء، وهو الإرتفاع. ولعل الجبين وقع هنا غلطا من الجبهة. والرواية الصحيحة هي ما يأتي بعد هذه من قوله: ناشز الجبهة أو ناتئ الجبهة. فإن الجبين جانب الجبهة. ولكل إنسان جبينان يكتنفان الجبهة، وهما لا يوصفان بالنتوء. (محلوق الرأس) وحلق الرأس، إذ ذاك، مخالف للعرب. فإنهم لا يحلقون رؤوسهم، وكانوا يفرقون شعورهم. (إن من ضئضئى هذا) هو أصل الشيء. وهكذا هو في جميع نسخ بلادنا. وحكاه القاضي عن الجمهور. وعن بعضهم أنه ضبطه بالمعجمتين والمهملتين جميعا وهذا صحيح في اللغة: قالوا: ولأصل الشيء أسماء كثيرة: منها الضئضئى بالمعجمتين والمهملتين، والنجار، والنحاس، والسنخ، والعنصر، والعيص، والأرومة. (قتل عاد) أي قتلا عاما مستأصلا. كما قال تعالى: فهل ترى لهم من باقية.
144 -
(1064) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أبي نعيم. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ:
بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ الْيَمَنِ، بِذَهَبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ. لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا. قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَلَا تَأْمَنُونِي؟ وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً" قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ. مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ. نَاشِزُ الْجَبْهَةِ. كَثُّ اللِّحْيَةِ. مَحْلُوقُ الرَّأْسِ. مُشَمَّرُ الْإِزَارِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ. فَقَالَ: "وَيْلَكَ! أو لست أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ" قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ. فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ "لَا. لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي". قَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ. وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ" قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ: "إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ. رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ. يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ". قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: "لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ".
(في أديم مقروظ) أي في جلد مدبوغ بالقرظ. والقرظ حب معروف يخرج في غلف كالعدس من شجر العضاه. (لم تحصل من ترابها) أي لم تميز ولم تصف من تراب معدنها. (وإما عامر بن الطفيل) قال العلماء: ذكر عامر، هنا، غلط ظاهر. لأنه توفي قبل هذا بسنين. والصواب الجزم بأنه علقمة بن علاثة. كما هو مجزوم به في باقي الروايات. (ناشز الجبهة) أي مرتفعها. (لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ) أي أفتش وأكشف. ومعناه إني أمرت بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر. (وهو مقف) أي مول، قد أعطانا قفاه.
145 -
(1064) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ: وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ عَامِرَ بْنَ الطفيل. وقال:
ناتيء الْجَبْهَةِ. وَلَمْ يَقُلْ: نَاشِزُ. وَزَادَ: فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ "لَا". قَالَ: ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدٌ، سَيْفُ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ "لَا"، فَقَالَ "إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ لَيِّنًا رَطْبًا". وَقَالَ: قَالَ عُمَارَةُ: حَسِبْتُهُ قَالَ "لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود".
(لينا رطبا) هكذا هو في أكثر النسخ: لينا، بالنون أي سهلا. وفي كثير من النسخ: ليّا. وأشار القاضي إلى أنه رواية أكثر شيوخهم. قال: ومعناه سهلا لكثرة حفظهم. قال: وقيل ليّا أي يلوون ألسنتّهم به، أي يحرفون معانيه وتأويله.
146 -
(1064) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ بَيْنَ أربعة نفر: زيد الخير، والأقرع ابن حَابِسٍ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ أَوْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ. وَقَالَ: نَاشِزُ الْجَبْهَةِ. كَرِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ:
إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ضئصئ هَذَا قَوْمٌ. وَلَمْ يَذْكُرْ "لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قتل ثمود".
147 -
(1064) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ أنهما أتيا أبا سعيد الخدري فسألاه عَنْ الْحَرُورِيَّةِ؟ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُهَا قَالَ: لَا أَدْرِي مَنْ الْحَرُورِيَّةُ. وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
"يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ (وَلَمْ يَقُلْ: مِنْهَا) قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صلاتكم مع صلاتهم.
⦗ص: 744⦘
فيقرأون الْقُرْآنَ. لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ (أَوْ حَنَاجِرَهُمْ) يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ. فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ. إِلَى نَصْلِهِ. إِلَى رِصَافِهِ. فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ. هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدم شيء".
(يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قال المازري: هذا من أدل الدلائل على سعة علم الصحابة رضي الله عنهم ودقيق نظرهم وتحريرهم الألفاظ وفرقهم بين مدلولاتها الخفية. لأن لفظة من تقتضي كونهم من الأمة، لا كفارا. بخلاف في. (إلى رصافه) الرصاف مدخل النصل من السهم. والنصل هو حديدة السهم. (فيتمارى) التماري، هنا، تفاعل من المرية وهي الشك، لا من المراء وهو الجدال. أي فيشك. (في الفوقة) الفوق والفوقة هو الحز الذي يجعل فيه الوتر.
148 -
(1064) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وهب. أخبرني يونس بن ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. ح وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفهري. قالا: أخبرني ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالضَّحَّاكُ الْهَمْدَانِيُّ؛ أن أبا سعيد الخدري قَالَ:
بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا. أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ. وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أعدل". فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُ. فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ. وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ. يقرأون القرآن. لا يجاوز تراقيهم. يمرقون من اإسلام كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ. ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ. ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ (وَهُوَ الْقِدْحُ). ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ. سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ. آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ. إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ. أو مثل البضعة تدردر.
⦗ص: 745⦘
يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه. فأمر ذلك الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ. فَوُجِدَ. فَأُتِيَ بِهِ. حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ، عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي نعت.
(نضيّه) النضي، كغني، السهم بلا نصل ولا ريش. (القدح) قال ابن الأثير: القدح هو السهم الذي كانوا يستقسمون به، أو الذي يرمى به عن القوس. يقال للسهم أول ما يقطع: قطع. ثم ينحت ويبرى فيسمى: تريا. ثم يقوم فيسمي: قدحا. ثم يراش ويركب نصله فيسمى: سهما. (إلى قذذه) القذذ ريش السهم، واحدتها قذّة. (سبق الفرث والدم) أي أن السهم قد جاوزهما ولم يعلق فيه منهما شيء. والفرث اسم ما في الكرش. (مثل البضعة تدردر) البضعة القطعة من اللحم. وتدردر أصله تتدردر، معناه تضطرب وتذهب وتجيء. (على حين فرقة) ضبطوه في الصحيحين بوجهين: أحدهما حين فرقة، أي وقت افتراق الناس، أي افتراق يقع بين المسلمين، وهو الإفتراق الذي كان بين علي ومعاوية رضي الله عنهما. والثاني خير فرقة، أي أفضل الفرقتين. والأول أكثر وأشهر. ويؤيده الرواية التي بعد هذه: يخرجون في فرقة من الناس، فإنه بضم الفاء بلا خلاف، ومعناه ظاهر. (عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ على الصفة التي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بها.
149 -
(1064) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ. يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ. سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ. قَالَ:
"هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ (أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ). يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ ". قَالَ: فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ مَثَلًا. أَوَ قَالَ قَوْلًا " الرَّجُلُ يَرْمِي الرَّمِيَّةَ (أَوَ قَالَ الْغَرَضَ) فَيَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً. وَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً. وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً ". قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَأَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ. يَا أَهْلَ العراق!
(سيماهم التحالق) السيما العلامة. وفيها ثلاث لغات: القصر، وهو الأفصح، وبه جاء القرآن. والمد. والثالثة السيمياء، بزيادة ياء مع المد، لا غير. والمراد بالتحالق حلق الرؤوس. وفي الرواية الأخرى: التحلق. (أو من أشر الخلق) هكذا هو في كل النسخ أو من أشر. بالألف. وهي لغة قليلة. والمشهور شر بغير ألف. (أدنى الطائفتين إلى الحق) أي أقرب الطائفتين من الحق. (فلا يرى بصيرة) أي حجة. يعني شيئا من الدم يستدل به على إصابة الرمية.
150 -
(1064) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ (وَهُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
" تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ".
(تمرق مارقة) أي طائفة مارقة.