الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(43) بَاب بَيَانِ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ
259 -
(1277) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة. قال قلت لها: إني لأظن رجلا لولم يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، مَا ضَرَّهُ. قَالَتْ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [2 /البقرة/ الْآيَةَ 178]. إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَقَالَتْ: مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلَا عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا. وَهَلْ تَدْرِي فِيمَا كَانَ ذَاكَ؟ إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا يُهِلُّونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ. يُقَالُ لَهُمَا إِسَافٌ ونائلة. ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والروة. ثُمَّ يَحْلِقُونَ. فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَهُمَا. لِلَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: إِنَّ الصَّفَا والمروة من شعائر الله. إلى آخرها. قالت: فطافوا.
(إساف ونائلة) قال القاضي عياض: هكذاو قع في هذه الراية. قال: وهو غلط. والصواب ما جاء في الروايات الأخر في الباب يهلون لمناة. في الرواية الأخرى: لمناة الطاغية التي بالمشلل. قال: و هذا هو المعروف. مناة صنم كان نصبه عمرو بن لحي في جهة البحر بالمشلل مما يلي قديدا. وكذا جاء مفسرا في الحديث في الموطأ. وكانت الأزد وغسان تهل له بالحج. وقال ابن الكلبي: مناة صخرة لهذيل بقديد. نائلة فلم يكونا قط في ناحية البحر.
360 -
(1277) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. أَخْبَرَنِي أَبِي. قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ:
مَا أَرَى عَلَيَّ جُنَاحًا أَنْ لَا أَتَطَوَّفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. قَالَتْ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ الْآيَةَ. فَقَالَتْ: لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ، لَكَانَ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا. إِنَّمَا أُنْزِلَ هَذَا فِي أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. كَانُوا إِذَا أَهَلُّوا، أَهَلُّوا لِمَنَاةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَلَمَّا قَدِمُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَجِّ، ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. فَلَعَمْرِي! مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا والمروة.
(إن الصفا والمروة من شعائر الله) هما علمان للجبلين بمكة. والصفا، كالصفوان، الحجارة الصافية من التراب، وهو مقصور، الواحدة صفاة، مثل حصى وحصاة. والمرو الحجارة البيض، الواحدة مروة. وسمي، بالواحد، الجبل المعروف بمكة. والشعائر جمع شعيرة، وهي العلامة. أي من أعلام مناسكه ومتعبداته.
261 -
(1277) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ:
قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ، لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، شَيْئًا. وَمَا أُبَالِي أَنْ لَا أَطُوفَ بَيْنَهُمَا. قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، يَا ابْنَ أُخْتِي! طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَطَافَ الْمُسْلِمُونَ. فَكَانَتْ سُنَّةً. وَإِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ، لَا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ سَأَلْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}. وَلَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمُ. وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إِنَّمَا كَانَ مَنْ لَا يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنَ الْعَرَبِ، يَقُولُونَ: إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا والمروة من شعائر الله} .
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَأُرَاهَا قد نزلت في هؤلاء وهؤلاء.
(لمناة الطاغية) هي صفة لمناة. وصفت بها باعتبار طغيان عبدتها. والطغيان مجاوزة الحد في العصيان. فهي صفة إسلامية لها. (بالمشلل) جبل يهبط منه إلى قديد. وقديد واد وموضع. (إن هذا العلم) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا. قال القاضي: وروى: إن هذا لعلم بالتنوين. وكلاهما صحيح. ومعنى الأول أن هذا هو العلم المتقن. معناه استحسان قول عائشة رضي الله عنها بلاغتها في تفسير الآية الكريمة. (فأراها) ضبطوه بضم الهمزة من أراها، و فتحها. الضم أحسن وأشهر.
262 -
(1277) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ:
سالت عائشة. ساق الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ. وَقَالَ
⦗ص: 930⦘
فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا سَأَلُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذَلِكَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جناح عليه أن يطوّف بهما} . قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا. فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أن يترك الطواف بهما.
(نتحرج) قال في المصباح: حرج الرجل أثم. ورجل حرج آثم. وتحرج الإنسان تحرجا، هذا مما ورد لفظه مخالفا لمعناه. والمراد فعل فعلا جانب به الحرج. كما يقال: تحنث، إذا فعل ما يخرج به عن الحنث. قال ابن الأعرابي: للعرب أفعال تخالف معانيها ألفاظها. قالوا تحرج وتحنث وتأثم، وتهجد إذا ترك الهجود.