الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم.
16 - كتاب النكاح
(النكاح) هو في اللغة الضم. ويطلق على العقد وعلى الوطء. قال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد النيسابوري: قال الأزهري: أصل النكاح في كلام العرب الوطء. وقيل للتزوج نكاح، لأنه سبب الوطء. يقال: نكح المطر الأرض، ونكح النعاس عينه، أصابها. قال الواحدي: وقال أبو القاسم الزجاجي: النكاح في كلام العرب الوطء والعقد، جميعا. قال: وموضع ن ك ح على هذا الترتيب في كلام العرب للزوم الشيء الشيء راكبا عليه هذا كلام العرب الصحيح. فإذا قالوا: نكح فلان فلانة ينكحها نكحا ونكاحا أرادوا تزوجها. وقال أبو علي الفارسي: فرقت العرب بينهما فرقا لطيفا. فإذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان أو أخته أرادوا عقد
عليها. وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الوطء لأنه بذكر امرأته وزوجته يستغني عن ذكر العقد. قال الفراء: العرب تقول نكح المرأة، بضم النون، بضعها. وهو كناية عن الفرج فإذا قالوا: نكحها، أرادوا أصاب نكحها وهو فرجها. وقلما يقال ناكحها كما يقال: باضعها. هذا آخر ما نقله الواحدي. وقال ابن فارس والجوهري، وغيرهما من أهل اللغة: النكاح الوطء. وقد يكون العقد. ويقال: نكحها أو نكحت هي أي تزوجت. وأنكحته زوجته. وهي ناكح أي ذات زوج. واستنكحها أي تزوجها. هذا كلام أهل اللغة.
(1) بَاب اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ لِمَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ وَوَجَدَ مُؤَنَهُ، وَاشْتِغَالِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْمُؤَنِ بالصوم
1 -
(1400) حدثنا يحيى بن يحيى التيمي وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ. جميعا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى). أَخْبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى. فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ. فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ. فقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرحمن! ألا نزوجك جارية شابة. لععلها تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ. قَالَ فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
"يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ. فَإِنَّهُ
⦗ص: 1019⦘
أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ. فَإِنَّهُ لَهُ وجاء".
(يا معشر الشباب) قال أهل اللغة: المعشر هم الطائفة الذين يشملهم وصف. فالشباب معشر والشيوخ معشر والأنبياء معشر والنساء معشر، وكذا ما أشبهه. والشباب جمع شاب ويجمع على شبان وشببة. والشاب من بلغ ولم يجاوز الثلاثين. (الباءة) فيها أربع لغات حكاها القاضي عياض الفصيحة المشهورة الباءة، بالمد والهاء، والثانية الباة بلا مد. والثالثة الاء بالمد بلا هاء والرابعة الباهة بهائين بلا مد. وأصلها في اللغة الجماع. مشتقة من المباءة وهي المنزل. ومنه مباءة الإبل، وهي مواطنها. ثم قيل لعقد النكاح: باءة لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا. واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا، على قولين يرجان إلى معنى واحد. أصحهما أن المراد معناه اللغوي وهو الجماع. فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنة، وهي مؤن النكاح، فليتزوج. ومن لم يستطع الجماع، لعجزه عن مؤنة، فعليه بالصوم ليقطع شهوته ويقطع شر منيه. كما يقطعه الوجاء. (وجاء) هو رض الخصيتين. والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني، كما يفعله الوجاء.
2 -
(1400) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى. إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فقَالَ:
هَلُمَّ! يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! قَالَ: فَاسْتَخْلَاهُ. فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حاجة قال: قال لي: تعالى يَا عَلْقَمَةُ. قَالَ: فَجِئْتُ. فقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَلَا نُزَوِّجُكَ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! جَارِيَةً بِكْرًا. لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
3 -
(1400) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
"يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ. فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ. فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ".
4 -
(1400) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَعَمِّي عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ، عَلَى عبد الله بن مسعود. قَالَ: وَأَنَا شَابٌّ يَوْمَئِذٍ. فَذَكَرَ حَدِيثًا رُئِيتُ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ مِنْ أَجْلِي. قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَزَادَ: قَالَ: فَلَمْ ألبث حتى تزوجت.
(رئيت) هكذا هو في كثير من النسخ. وفي بعضها: رأيت وهما صحيحان: الأول من الظن، والثاني من العلم.
(1400)
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَأَنَا أَحْدَثُ الْقَوْمِ. بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ: فَلَمْ أَلْبَثْ حَتَّى تزوجت.
5 -
(1401) وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فقَالَ بَعْضُهُمْ:
لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أنام على فراش. فحمد الله وأئنى عَلَيْهِ فقَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ. وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ. وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي".
(فمن رغب عن سنتي فليس مني) معناه من تركها إعراضا عنها، غير معتقد لها على ما هي عليه.
6 -
(1402) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ. ولو أذن له، لاختصينا.
(التبتل) قال العلماء: التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله. وأصل البتل القطع. ومنه مريم البتول، وفاطمة البتول، لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة في الآخرة. ومنه: صدقة بتلة، أي منقطعة عن تصرف مالكها. قال الطبرى: التبتل هو ترك لذات الدنيا وشهواتها والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ لعبادته. وقوله: رد عليه التبتل، معناه نهاه عنه.
(لاختصينا) معناه لو أذن في الانقطاع عن النساء وغيرهن من ملاذ الدنيا لاختصينا، لدفع شهوة النساء، ليمكننا التبتل.
7 -
(1402) وحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ. حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: رُدَّ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلُ. وَلَوْ أُذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا.