الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(23) بَاب مَثَلِ الْمُنْفِقِ وَالْبَخِيلِ
75 -
(1021) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"مَثَلُ الْمُنْفِقِ وَالْمُتَصَدِّقِ. كَمَثَلِ رَجُلٍ عَلَيْهِ جُبَّتَانِ أَوْ جُنَّتَانِ. مِنْ لَدُنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا. فَإِذَا أَرَادَ الْمُنْفِقُ (وَقَالَ الْآخَرُ: فَإِذَا أَرَادَ الْمُتَصَدِّقُ) أَنْ يَتَصَدَّقَ سَبَغَتْ عَلَيْهِ أَوْ مَرَّتْ. وَإِذَا أَرَادَ الْبَخِيلُ أَنْ يُنْفِقَ. قَلَصَتْ عَلَيْهِ وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا. حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ" قَالَ فَقَالَ أَبُو هريرة: فقال: يوسعها فلا تتسع.
(مثل المنفق والمتصدق) قال القاضي عياض: وقع في هذا الحديث أوهام كثيرة من الرواة. وتصحيف وتحريف وتقديم وتأخير. ويعرف صوابه من الأحاديث التي بعده. فمنها: مثل المنفق والمتصدق. وصوابه مثل المنفق والبخيل. ومنها: كمثل رجل. وصوابه كمثل رجلين عليهما جنتان. ومنها: قوله جبتان أو جنتان. وصوابه جنتان بالنون، بلا شك. والجنة الدرع، ويدل عليه الحديث نفسه أي قوله فأخذت كل حلقة موضعها، وقوله في الحديث الآخر: جنتان من حديد. (سبغت عليه) أي كملت واتسعت. (أو مرت) قيل: إن صوابه مدت، بالدال، بمعنى سبغت. كما قال في الحديث الآخر انبسطت. لكنه قد يصح مرت على نحو هذا المعنى. والسابغ الكامل. (حتى تجن بنانه وتعفو أثره) في هذا الكلام اختلال كثير. لأن قوله: تجن بنانه وتعفو أثره إنما جاء في المتصدق لا في البخيل. وهو على ضد ما هو وصف البخيل من قوله: قلصت كل حلقة موضعها، وقوله: يوسعها فلا تتسع، وهذا من وصف البخيل فأدخله في وصف المتصدق فاختل الكلام وتناقض. ومعنى يعفو أثره أي يمحي أثر مشيه بسبوغها وكمالها. وهو تمثيل لنماء المال بالصدقة والإنفاق، والبخل بضد ذلك.
(1021)
- حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو أَيُّوبَ الغيلاني. حدثنا أبو عامر (يعنى العقدي). حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"مثل الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ. كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُنَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ. قَدِ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا. فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ. حَتَّى تُغَشِّيَ أَنَامِلَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ.
⦗ص: 709⦘
وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ. وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا". قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ فِي جَيْبِهِ. فلو رأيته يوسعها ولا توسع.
(قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما) أي ألجئت إليها ولصقت بها كأنها مغلولة إلى أعناقهما. (حتى تغشي أنامله) أي تغطيها أو تسترها. من غشيت الشيء إذا غطيته. (وتعفو أثره) أي تمحو أثر مشيته وتطمسه لفضلها عن قامته. يعني أن الصدقة تستر خطايا المتصدق كما يستر الثوب الذي يجر على الأرض أثر مشى لابسه بمرور الذيل عليه. (يقول بأصبعه في جيبه) أي يدخلها فيه مشيرا إلى إرادة التوسيع بالاجتهاد. فالقول فيه ليس على حقيقته بل هو مجاز عن الفعل.