الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
103 - أبو علي حسن بن الفكون
-أول القرن السابع الهجري-
ــ
ومنهم، الشيخ الفقيه، الكاتب الأديب البارع، علي حسن بن الفكون من الأدباء الذين تستظرف أخبارهم، وتروق أشعارهم. غزير النظم والنثر، وكأنهما أنوار الزهر. رحل إلى مراكش وامتدح خليفة بني عبد المؤمن وكانت جائزته عنده من أحسن الجوائز.
وله "رحلة" نظمها في سفرته من قسنطينية إلى مراكش، ووافق في مقامه بمراكش طلوع الخليفة لزيارة قبر الإمام المهدي رضي الله عنه فنظم في ذلك.
وله ديوان شعر، وهو موجود بين أيدي الناس ومحبوب عندهم.
وهو من الفضلاء النبهاء، وكان مرفع المقدار، ومن له الحضوة والاعتبار. وكان الأدب له من باب الزينة والكمال، ولم يكن يحترف به لإقامة أود أو إصلاح حال. واصله من قسنطينة من ذوي بيوتاتها، ومن كريم اروماتها. وتواشيحه مستحسنة ومن مليح شعره:-
دع العراق وبغداد وشامها
…
فالناصرية ما أن مثلها بلد
بر وبحر وموج للعيون به
…
مسارح بان عنها الهم والنكد
حيث الهوى والهواء الطلق مجتمع
…
حيث الغنى والمنى والعيشة الرغد
والنهر كالصل والجنات مشرفة
…
والنهر والبحر كالمرآة وهو يد
فحيثما نظرت راقت وكل نوا
…
حي الدار للفكر للأبصار تتقد
أن تنظر البر فالأزهار يانعة
…
أو تنظر البحر فالأمواج تطرد
يا طالبا وصفها أن كنت ذا نصف
…
قل جنة الخلد فيها الأهل والولد
ومن نظمه رحمه الله، هذه القصيدة القافية، والقطعة الميمية التي تذكر بعدها، نظمها في بعض سادات بني عبد المؤمن رحمهم الله تعالى. قال في سياق ذكره وقد ذكروا جمال قصر الربيع:-
عشونا إلى نار الربيع وإنما
…
عشونا إلى نار الندى والمحلق
ركبنا بواديه جياد زوارق
…
نزلنا إليها عن ضوامر سبق
وخضنا حشاه والأصيل كأنه
…
بصفحته تبدى مروق زنبق
وسيدنا قد سار فيه لأنه
…
بزورقه إنسان مقلة أزرق
فقلت وطرفي يجتلي كل عبرة
…
وزورقه يهوى به ثم يرتقي
أيا عجبا للبحر عب عبابه
…
تجمع حتى صار في بطن زورق
ولما نزلنا ساحة القصر راعنا
…
بكل جمال مبهج الطرف مرتق
فما شئت من ظل وريف وجدول
…
وروض متى تلمم به الريح يعبق
وشادي مغاني الحسن في نغماته
…
يطارحه هدر الحمام المطوق
فيا حسن ذاك القصر لا زال آهلا
…
ويا طيب ريا نشره المتنشق
رتعنا به في روضة الأنس بعدما
…
هصر نابه غصن المسرة مورق
ويضحكنا طول الوصا وربما
…
يمر على الاوهام ذكر التفرق
فتضحى موصونات الدموع هدالة
…
ونحن على طرف من الدهر أبلق
لمثلهما من منزه ونزاهة
…
يجرر ذيل الذيل كل موفق
فله ساعات مضين صوالح
…
عليهن من زي الصبا أي رونق
خلعنا عليها النسك إلا أقله
…
وان عاودت، نخلع عليها الذي بقي
ولما نضب ماء الأصيل، ورق نسيمه العليل، وهم العشي بانصرام، وودع النهار بسلام، وأرخى الليل فوقنا سدوله، وجرر على الأفق ذيوله، عدنا إلى زورقنا ذلك، ومحيا الجو غير محتجب، ووجه الأفق غير متلفع بثوب الغمام ولا منتقب، وقد تشكلت الكواكب في الماء، فكأنما يجري بنا زورقنا في السماء، فأمروا أعزهم الله بوصف تلك الحالة، فبادرتهم بهذه العجالة:
وليل مسرة ما زلت منها
…
أمر على صراط مستقيم
لبست ثيابه عزا إلى أن
…
تحدرت الرجوم من النجوم
فنهر كالسجلجل قد تراءت
…
على شطيه جنات النعيم
يسر النفس في نظر وشيم
…
من المرأى الوسيم أو النسيم
تشكلت الكواكب فيه حتى
…
جرت في قعره شهب الرجوم
وأشكل منظرا علوا وسفلا
…
من الفلك الأثير إلى التخوم
فما تمتاز أرض من سماء
…
وحوت الماء من حوت النجوم
رضي الله عنه آمين.