الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
42 - أبو محمد عبد الله الشريف
-القرن السابع الهجري-
ــ
ومنهم، الشيخ السمي السني، الشريف بنسبه ومنصبه، الفقيه المعتبر، المتعبد المتزهد المتكلم، أبو محمد عبد الله الشريف كان له بأصول الدين معرفة وكان يقوم على "الإرشاد" لأبي المعالي قياما حسنا، وله في علم العقائد باع وساع، وفكر مطاع. يميط شبه الملحدين، ويثبت صور الحق بواضح البراهين. وكان يحضر له خواص من الطلبة يلتمسون بركته، فيجدون منفعته، ويجتنون أحسن الجنى ثمرته. وكان يأكل من كد يده من الخياطة وبعض التجارة، وكان بسوق الصوافين من بجاية، فكان أهل السوق يحاشونه في وظيفتهم ولا يحملونه شيئا من تكاليفهم رعيا لما هو عليه من علمه ودينه ونسبه، فلما كان في مدة من المدد كلفوا من ناحية الآمر بتكليف جروا فيه على عادتهم في محاشاته، ومعاملته بالبر ومماشاته، فنظر رحمه الله إلى أكثر أهل السوق وظيفة، فجاءهم بمثل وظيفته ودفعه إليهم عن نفسه، فتمنعوا من ذلك ورغبوا إليه وسألوه واستعطفوه في أن لا يكون ذلك الحال، فأبى وامتنع إلا
الأداء معهم والانتظام في سلكهم، فقبلوا ذلك منه وهم على حال اعتذار واستغفار، وسئل رضي الله عنه عن السبب الموجب لفعله هذا الفعل فقال: رأيت القيامة قد قامت ورأيت الموازين قد وضعت وأعمال العباد توزن، ورأيت لطوائف من الناس حسنات توضع في موازينهم كأمثال الجبال منهم أهل السوق المذكور وغيرهم، فنظرت أن يكون في ميزان حسناتي مثل ذلك فما رأيته، فسألت عن ذلك فقيل لي ليس لك من هذا شيء، هذه هي أجور المغارم التي يغرمونها والتكاليف التي يكلفونها، وأنت مبرأ منها ومنزه عنها، وكان ذلك -قال- سببا لرجحان موازينهم، فعهدت إلى الله أن لا يفوتني معهم تكليف ما دمت حيا. وهذا من علمه وعمله رحمه الله، فسبحان من لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. نفعنا الله به وبأمثاله.