الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - تقي الدين الموصلي
-القرن السابع الهجري-
ــ
ومنهم، الشيخ الجليل الفاضل، الحكيم الأمي، تقي الدين الموصلي وصل إلى بجاية في مدة الشيخ أبي الحسن الحرالي رضي الله عنه، وكان الشيخ يقول عنه إنه من أساطين الحكمة وإنه كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل. هداه الله إلى الحق بموجدة نفسه من غير اكتساب، وتوصل إلى ما يتوصل إليه أهل البراهين من خالص الصواب وقد قال السهروردي صاحب "حكمة الإشراق" إنه قال: كشفت له تلك المعاني التي أثبتت في الكتاب وإنه طلب البرهان عليها فوجدتها. وكذلك كان هذا الرجل كشف له عن الحق وسخرت له أقاليم الدنيا، لم يبق عليه من الأقاليم إقليم إلا سلكه، وكان يحدث عن غرائب وعجائب.
ومن جملة الأقاليم التي دخلها إقليم صقلية في مدة "الانبرور" فعرف الانبرور به وعرف عنه، وسأل حضوره بمجلسه فحضر، فقال له الاقساء تقع المناظرة بيننا وبينك في أمر محمد وعيسى عليهما السلام، فقال للملك: هذا يكون بشرط، أن قبلتموه ناظرتكم وإلا فلا، قالوا: وما هو الشرط؟ قال: أن لا تتعصبوا انتم لعيسى ولا أتعصب أنا لمحمد، وإنما نسق التعصب من بيننا ونبحث طالبين للحق، فعلم الانبرور والحاضرون معه إنه ما قصد بهذا الكلام إلا إفحامهم، لأنهم ليس عندهم إلا مجرد التعصب، فامتنعوا من مناظرته وحملوه على الإكرام والبر إلى أن انفصل عنهم، وكذلك كان في كل إقليم يدخله من أقاليم المجوس من الترك والطرر والسودان وغيرهم لا يعارض فيه أصلا.
وكان يواصل أربعين يوما، ومن جملة ما عرض له في بلاد النصارى أنهم قالوا له: أن عيسى عليه السلام كان يواصل أربعين يوما، فقال لهم أواصل لكم أربعين يوما، فجعلوه في بيت مع من يخدمه ويساق له الماء لوضوئه للصلاة وأقام أربعين يوما، ولقد سمعت في هذه الحكاية إنه قال لهم وأزيدكم أربعين يوما أخري، وإن الاقساء سألوا من الملك أن يصرفه لئلا يفسد عليهم ملتهم واعتقادهم في عيسى عليه السلام، فصرفه بالحسنى.
وأقام ببجاية مدة من الزمان ثم انصرف إلى المغرب، وكان يقول إنه جال بلاد المشرق أجمعها وإنه لم يبق عليه إلا إقليم المغرب، وان قصده إنما هو التطلع على ملكوت الله، ولم يعلم له بعد خبر، ولا ظهر من حديثه أثر. والغالب إنه مات رحمه الله ورضي عنه.