الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 - أبو زكرياء المرجاني الموصلي
ــ
ومنهم، الشيخ الفقيه، الصالح العابد، الزاهد الورع، الناسك المكاشف، أبو زكرياء المرجاني الموصلي أحد الأتقياء الأبرار، ممن اختصه الله بخالصة ذكر الدار. كان مسجده الذي يجتمع فيه إليه، المسجد المشهور الآن به بحومة اللؤلؤة، وهو المعروف الآن بمسجد المرجاني، وكان يجتمع إليه فيه الأفاضل والصلحاء والمتعبدون، وكانوا يسمعون منه غرائب، ويطلعون من أحواله على عجائب. وكل ذلك مقيد بالكتاب والسنة على سنة السلف الصالح رضي الله عنهم.
واتصل حال المنفعة به إلى أن أراد الله سفره فرجع إلى بلاده، وكان سبب ذلك أن بعض السوداوات من غسالات الثياب، كانت على رأسها رزمة من الثياب فأخذت لها في الزحام في سوق باب البحر، فسارت إليه متلهفة ضارعة مستغيثة وأخبرته بقصتها، فقال: أنت ما تغسلين ثياب الفقراء، لو غسلت ثياب الفقراء ما ضاعت لك الرزمة، ثم أخذ عكازه في يده وسار معها إلى رواء هو للوزير أبي عبد الله ابن ياسين، فدخل الرواء وصعد إلى غرفة فيه
وأخرج الرزمة من وراء القصيل الذي هو علف الدواب وأعطاها الرزمة وانفصلت ورجع إلى موضعه، واشتهرت القصة ورفعت إلى السلطان ولبتت عنده، فوجه الوزير إليه وقال له بعد حديث كثير: السلطان يرغب منك أن تعرفه الوجه الذي توصلت به إلى هذا، ما هو؟ فقال له: أنت وزيره، ولو كان بينك وبينه سر تعرفني به؟ قال: لا، قال له: سلم على الملك وقل سر بين العبد ومولاه لا يطلع عليه سواه فانفصل عنه. ثم رجع إليه بعد وقت وقال له: سمع السلطان انك تسافر فأين تريد مغربا أو مشرقا؟ قال له مشرقا أن شاء الله. قال: فيعينك على سفرك بزاد، قال: لا، يكفيني ما عند الجواد، فانفصل إلى المشرق إلى بلده بالموصل.
وحكي أن في يوم وصوله إلى البلد وصل والناس منصرفون عن قبر أبيه وكان له مال جليل، فطلبه إخوته بالحضور معهم لقسم الميراث، فقال لهم: إني أحب أن لا أرث ولا أورث، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقةوسلم لهم الميراث وانفصل في سياحته واستمر على عبادته إلى أن مات رحمه الله ونفع به وبأمثاله آمين.