الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - أبو عبد الله محمد بن صالح بن أحمد الكناني
614 -
699هـ
1217 -
1297م
ــ
ومنهم شيخنا الشيخ الفقيه الخطيب، النحوي الأستاذ المقرئ الصالح، أبو عبد الله محمد بن صالح بن أحمد الكناني من أهل شاطبة، رحل إلى العدوة واستوطن ببجاية ولقي المشائخ بالعدوتين، وروى ودرى واستجار وأجار، وروى وأقرأ، واستمتع واستنفع به خلق كثير، كان رضي الله عنه عالم بعلم القراءات متقن فيها مجيد لها، وله معرفة بعلم العربية النحو واللغة والأدب، وله رواية متسعة في الحديث وفي غيره، وروايته عالية من جهات كثيرة، وله شعر حسن ومن شعره:
جعلت كتاب ربي لي بضاعه
…
فكيف أخاف فقرا أو إضاعه
وأعددت القناعة رأس مالي
…
وهل شيء أعز من القناعه
وأنشدني لبعض أصحابه:
ما ميلق العالم إلا الذي
…
يخبره العالم في الميلق
ذك الذي يكشف أسرارهم
…
فيفضح الفاجر المتقي
وقال رحمه الله لقيت أبا بكر ابن محرز بن طاهر بر محرز ببجاية وكانت بيني وبينه قراءة وصحبة فقال لي على سبيل النصيحة والوصية:
سلكت أبا عبد الإله ابن صالح
…
سبيلا فكم يفضي قويما لصالح
يرجح عند الله ميزانكم غدا
…
إذا لم يكن ميزان قوم براجح
فإياه فاسلك طول عمرك واستمع
…
وصاة محب مخلص لك ناصح
قال: وكان ذلك في أول سنة أربع وخمسين وستمائة. وأنشدنا أيضا عن الخطيب أبي بكر ابن سيد الناس عن أبي الحسن ابن جبير يفضل المشرق من الأندلس على المغرب:
لا يستوي شرق البلاد وغربها
…
الشرق حاز الفضل باستحقاق
فانظر لحسن الشمس عند طلوعها
…
بيضاء تسحب بردة الإشراق
وانظر لها عند الغروب كئيبة
…
صفراء تعقب ظلمة الآفاق
وكفى بيوم طلوعها من غربها
…
أن تؤذن الدنيا بوشك فراق
قال الفقيه الخطيب أبو عبد الله ابن صالح: ونقلت من خط شيخنا أبي عبد الله
القضائي قال قرأت بخط الأستاذ أبي عبد الله بن أبي البقاء من شعر الوزير أبي بكر محمد بن أبي مروان أبي العلاء ابن زهر الأيادي:
يا من يذكرني بذكر أحبتي
…
طاب الحديث بذكرهم ويطيب
أعد الحديث علي من جنباته
…
أن الحديث عن الحبيب حبيب
ملأ الضلوع وفاض من أحنائها
…
قلب إذا ذكر الحبيب يذوب
ما زال يخفق ضاربا بجناحه
…
يا ليت شعري هل تطير قلوب
وأنشد إلي أبي بكر الالبيري:
من ليس يسعى في الخلاص لنفسه
…
كانت سعايته عليها لا لها
أن الذنوب بتوبة تمحى كما
…
يمحو سجود السهو غفلة زلها
وأنشد لبعض أشياخه:
دنياك مهما اعتبرت جيفة
…
قد عرضت فرصة انتهاب
أن شئتها فاحتمل أذاها
…
واصبر على خلطة الكلاب
قلت: والخطيب أبو عبد الله ابن صالح أحد من كثرت القراءة عليه والرواية عنه ببجاية، تخطط فيها بالعدالة وهي صفته، وولي النظر في الانكحة نائبا عن قضاتها مدة، وولى إقامة الفريضة والخطبة بجامعها الأعظم ما ينيف على ثلاثين عاما، وهو إلى هذا الوقت وهو عام التسعة والتسعين وستمائة إمام مبارك أبقاه الله ووقاه. ومن الغريب في ذلك إنه لم يعرض له، مع طول هذه المدة، أن ناب عنه أحد في خطبة الجمعة. يقرأ كتب العربية فيجيد وأجود ذلك "مفصل" الزمخشري قرأه وأحكمه، وهو كذلك يقرئه ويجيد فيه، وتقرأ عليه دواوين الأشعار تفقها كشعر حبيب والمتنبي والمعري والأشعار الستة وغير ذلك، وكل ذلك على إتقان وإحكام وجودة إيراد.
له خلق حسن، ونية صالحة، وطوية سالمة، ودعوة مباركة، من تعرض له بالاذاية يجزى.
ذكر لي مرارا إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فدعا له وقال له "الله يسترك بستره" فنفعه الله بهذه الدعوة، وهي دعوة لمن يكرم عليه.
جلس للوثيقة والشهادة، فكان سمحا سهلا ولم يقع له قط وقوع في ذلك لحسن نيته وسلامة طويته.
ولد بشاطبة في الليلة التاسعة والعشرين لذي القعدة، من عام أربعة عشر وستمائة، ولقي مشائخ جملة، منهم أبو بكر ابن محرز وأبو المطرف ابن عميرة
وأبو بكر ابن سيد الناس وابن قطرال وأبو القاسم الولي وأبو عثمان ابن زاهر وأبو محمد ابن برطلة وأبو عبد الله الابار وأبو الحسن ابن السراج وأبو الحسين ابن فتوح ومشيخة غير هؤلاء حسبما تضمنه برنامجه، وسيأتي من ذكر هؤلاء الأشياخ ما يوافق شرط هذا الكتاب أن شاء الله تعالى.