الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - أبو زكرياء يحيى بن زكرياء بن محجوبة القرشي السطيفي
…
677هـ
…
1278م
ــ
ومنهم شيخنا، الشيخ الفقيه، الولي الصالح المبارك، أبو زكرياء يحيى بن زكرياء ابن محجوبة القرشي السطيفي باطنة شيخ شيوخنا، الشيخ أبي الحسن الحرالي رضي الله عنه. كان من المتعبدين لزهاد الأولياء، رحل إلى المشرق ولقي مشائخ، واقتصر على أبي الحسن الحرالي، واستفاد منه علم الظاهر والباطن، وحصل من هديه الجلي والكامن، لقيه بالديار المصرية وصحبه هناك مدة طويلة، وهناك ظهرت له حقائق، وانقطعت عنه عوارض العلائق، وكان للشيخ رضي الله عنه هنالك، أصحاب قد أدركوا المدراك، وجاوزوا سبيل السالك، وكانوا يريدون ترقي الشيخ أبي زكرياء إلى بعض مداركهم، والانتظام في سلكهم وما زالوا إلى أن ظهر له بعض التحقيق، واعتمد جادة الطريق، فأنهوا ذلك إلى الشيخ أبي الحسن رحمه الله، فأنشده في معنى ما ظهر له، وبين له الحال فيما لم يظهر له، هذه الأبيات.
جلت لك ليلى من مثنى نقابها
…
طريقا وأبدت لمعة من جمالها
فطبت بها عيشا وتهت لذاذة
…
وفيأك الالماع برد ظلالها
فكيف ترى ليلى إذا هي أسفرت
…
ضحاء وأبدت وارفا من دلالها
وكيف بها أن لم يغب عنا شخصها
…
ولم تخل وقتا من منال وصالها
وكيف يكون الأمر أن كنتها
…
وكانتك تحقيقا فحلت لحالها
وكان رحمه الله ممن تخلى عن الدنيا وتركها، وكان صاحب كرامات، وكان مستجاب الدعوة.
سمعت عن الشيخ أبي الحسن الحرالي رضي الله عنه، إنه عين أصحابه بعده، فقيل إنه قال: أصحابي ثمانية وعشرون، منهم أربعة تستجاب دعوتهم، وعين من الأربعة الشيخ أبا زكرياء رضي الله عنه، وربما زاد الناقلون في العدد أو نقصوا منه، وروح المسألة أن الشيخ أبا زكرياء أحد الأربعة الذين تستجاب دعوتهم وسمعت أن منهم السيخ أبا محمد ابن عبد المسير الاطرابلسي رحمه الله. وكان في علم التصوف مقدما، وكانت له أخلاق حسنة، ومن فضائل وزهده، إنه عرض عليه في مدة الأمير أبي يحيى برد الله ضريحه، أن يجعل له مرتب من أعشار الديوان في كل شهر فامتنع من ذلك وقال: أن اسمي في ديوان الوجود المطلق فلا أجعله في لديوان المقيد، لأن الإطلاق أوسع من التقييد وهو في ديوان الحق فلا اجعله في ديوان الخلق.
ورأيت له تأليفا حسنا في "شرح أسماء الله الحسنى" وله في التصوف "تقاييد" كثيرة، وله نظم حسن وقطع مستحسنة كلها في المعاني الصوفية. وكنت في زمان الشباب نظمت القصيدة الصوفية الهمزية التي مطلعها.
واحيرة العشاق بالرقباء
…
حرموا الوصول لطيبة الوسعاء
وهي نحو أربعين بيتا، فحملتها إليه، وأنشدتها بين يديه، ففرح بها غاية الفرح وجعل يدعو ويقول: بصرك الله لمعنيها وأطلعك على ما فيها، لأن الحال كان حال شبيبة، فاعتقد الشيخ رحمه الله أن ما أتيت به فيها إنما هو على
سبيل الصناعة لا على سبيل الاطلاع والشهود، والله يؤتي الفضل من يشاء. توفي رحمه الله ببجاية في غرة ذي القعدة عام سبعة وسبعين وستمائة. ومن شعره رحمه الله.
أتت والليل ممدود الجناح
…
تعود مسهدا رطب الجراح
فقالت كيف أنت ولا جناح
…
فقلت العود يذهب بالجناح
فوالهفي على الشكوى لسار
…
وواجزعي لا عجال الصباح