الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - أبو محمد عبد المنعم بن محمد بن يوسف بن عتيق الغساني
…
بعد 680هـ
…
1281م
ــ
ومنهم الشيخ الفقيه، القاضي الفاضل، أبو محمد عبد المنعم بن محمد بن يوسف ابن عتيق الغساني، من أهل الجزائر لقي المشيخة التي لقيها الفقيه أبو محمد عبد الحق بن ربيع، وكانت قراءتهما معا، ولقي الفقيه أبا علي ابن عبد النور الجزائري بالجزائر، ولقي بها أبا عبد الله ابن منداس وكان له فقه وأدب وعلم بالفرائض وإحكام لصناعة الوثائق، كان فيها تلو الفقيه أبي محمد عبد الحق السابق، وهو المصلي، ولم يكن أحد بعدهما يلحق بهما في وقتهما.
وكانت له نزاهة ووجاهة ونباهة وديانة وصيانة، وله شعر رائق، وكتب أدبي فائق، وكان ينشئ البياعات والخطب والكتب السلطاني إنشاء وجوابا، تخطط بالعدالة وهي صفته، وتخطط بالقضاء ببجاية وطالت هدته فيه، وكان حاله فيه حال نزاهة وطهارة وعفاف، وقيام بحق الله على الواجب، وكان كثيرا ما يشاور أهل العلم والفضل، ويقف عند قولهم ويعمل على رأيهم وكان له رواء وسمت حسن، وكانت له فصاحة لسان، وتمام بيان، وكان معظما عند أهل بلده وعند ولاة الأمر، وبحضوره كان انعقاد المجلس، وكان مجلسه القاضوي معتدلا لا هو بالموسع ولا هو بالمضيق، ولقد جرت في مدته
خصومة لبعض الفقهاء، وكان يتحفظ فيها كثيرا فتارة قائم وتارة قاعد، فكان يقول إنما مثله كما قال الشاعر:-
لا تظن ابن أقلش
…
ضل في الحكم يرتشي
إنما الشيخ هلهل
…
فهو يصحو وينتشي
فترى الحكم غدوة
…
وترى النقض بالعشي
وكان كثير ما يجري على لسانه رحمه الله هذا البيت:
فياليت شعري أين أو كيف أو متى
…
يقدر ما لا بد أن سيكون
وكان يحب الجري على طريقة سحنون ويؤثره، ولا جرم أن سحنونا هو قاضي قضاة المغرب، وما كان العمل بالمغرب إلا على قوله، كما كان العمل بالديار المصرية إلا على قول ابن المواز.
صحبناه واستفدنا منه واهتدينا بهديه وتعرفنا بركة رأيه، رحمه الله وغفر له، توفي في عشر الثمانين وستمائة ومن شعره:
لكل نبي دعوة مستجابة
…
وسيدهم طرا خباها لأمته
إلى يوم لا يغنى عن المرء منطق
…
فصيح ولا يدلي البليغ بحجته
ويوم يفر المرء من ولد له
…
حبيب ولا يجزى أب بأبوته
ترى الناس فيه بين باك وصارخ
…
وذاكر ما قد فات من فرط زلته
فكل به حيران يندب شجوه
…
وسكران لا من خمرة بل بغمرته
وكل نبي يسأل الله نفسه
…
ويضرب صفحا عن سؤال لامته
خلا شافع فينا كريم مشفع
…
به يشمل الله العباد برحمته
إذا لم يطق شخص فعالا مخلصا
…
ولم يلف ما ينجيه من غمر حسرته
يعمهم المختار أحمد بالذي
…
خبا لهم للحشر من فضل دعوته
فمن ذا له فضل كفضل محمد
…
على امة أو من له مثل نعمته
فيا ربه بلغ عبيدك قبره
…
ليحظى بتقبيل لطاهر تربته
ويأنس في الدنيا به في جواره
…
ويدخل يوم العرض في أهل طيبته
وجازه عنا بالذي أنت أهله
…
أعز الورى أنت الكفيل بمنته
وصل عليه كلما لاح كوكب
…
وأجلى عمود الصبح ظلما لليلته