المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌86 - أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن دحية الكلبي - عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية

[الغبريني]

فهرس الكتاب

- ‌كلمتنا

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌عنوان الدرايةفيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية

- ‌ذكر الأشياخ الثلاثةومن يستطرده ذكرهم معهم رضي الله عنهم

- ‌1 - أبو مدين شعيب بن الحسين الأندلسي

- ‌2 - أبو علي حسن بن علي بن محمد المسيلي

- ‌3 - أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين بن سعيد بن إبراهيم الازدي الاشبيلي

- ‌4 - أبو طاهر عمارة بن يحيى بن عمارة الشريف الحسني

- ‌5 - أبو عبد الله العربي رضي الله عنه

- ‌6 - أبو الفضل ابن محمد بن علي بن طاهر بن تميم القيسي

- ‌7 - أبو محمد عبد الحق بن ربيع بن أحمد بن عمر الأنصاري

- ‌8 - أبو محمد ويكنى أبا فارس عبد العزيز بن عمر بن مخلوف

- ‌9 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمر بن عبادة القلعي

- ‌10 - أبو عبد الله محمد بن الحسن بن ميمون التميمي القلعي

- ‌11 - أبو العباس أحمد بن خالد من أهل مالقة

- ‌12 - أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد الأموي

- ‌13 - أبو الحجاج يوسف بن سعيد بن يخلف الجزائري

- ‌14 - أبو عبد الله محمد بن صالح بن أحمد الكناني

- ‌15 - أبو العباس أحمد بن محمد بن حسن بن محمد بن خضر الصدفي الشاطبي

- ‌16 - أبو العباس أحمد بن عيسى بن عبد الرحمن الغماري

- ‌17 - أبو القاسم بن أبي بكر اليمني

- ‌18 - أبو العباس أحمد بن عثمان بن عجلان القيسي

- ‌19 - أبو زكرياء يحيى بن زكرياء بن محجوبة القرشي السطيفي

- ‌20 - أبو الحسن عبيد الله بن عبد المجيد بن عمر بن يحيى الازدي

- ‌21 - أبو محمد عبد المجيد بن أبي البركات بن أبي الدنيا الصدفي الطرابلسي

- ‌22 - أبو محمد عبد المنعم بن محمد بن يوسف بن عتيق الغساني

- ‌23 - أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الخزرجي الشاطي

- ‌24 - أبو العباس أحمد بن محمد بن حسن ابن الغماز الأنصاري

- ‌25 - أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم السجلماسي

- ‌26 - أبو الحسن علي بن محمد الزواوي

- ‌27 - أبو زكرياء يحيى بن أبي علي المشتهر بالزواوي

- ‌28 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد المعافري القلعي

- ‌29 - أبو محمد عطية الله بن منصور الزواوي اليراتني

- ‌30 - علي بن أبي نصر فتح بن عبد الله

- ‌31 - أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم الحرالي التجيبي

- ‌32 - أبو عبد الله محمد بن علي الطائي الحاتمي الشهير بسيدي محي الدين بن عربي

- ‌33 - أبو الفضل قاسم بن محمد القرشي القرطبي

- ‌34 - أبو زكرياء المرجاني الموصلي

- ‌35 - تقي الدين الموصلي

- ‌36 - أبو العباس الجدلي الشريف

- ‌37 - أبو النجم هلال بن يونس بن علي الغبريني

- ‌38 - أبو عبد الله محمد بن علي القصري

- ‌39 - أبو العباس أحمد بن عثمان بن عبد الجبار المتوسي الملياني

- ‌40 - أبو عبد الله ابن شعيب

- ‌41 - أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن فتوح النفزي

- ‌42 - أبو محمد عبد الله الشريف

- ‌43 - أبو الحسن علي الشهير بابن الزيات

- ‌44 - أبو تمام الواعظ الوهراني

- ‌45 - أبو علي عمر بن عبد المحسن الوجهاني الصواف

- ‌46 - أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن قاسم الأنصاري عرف بابن السراج

- ‌47 - أبو إسحاق إبراهيم بن ميمون بن بهلول الزواوي

- ‌48 - أبو تميم ميمون بن جبارة بن خلفون البردوي

- ‌49 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الفهري المشتهر بالأصولي

- ‌50 - أبو العباس محسن بن أبي بكر بن شعبان

- ‌51 - أبو بكر عبد الكريم بن عبد الملك بن عبد الله بن طيب الازدي عرف بابن يبكي

- ‌52 - أبو عبد الله محمد بن عمر بن صمغان

- ‌53 - أبو عبد الله ابن أمة الله

- ‌54 - أبو جعفر ابن أمية

- ‌55 - أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد بن عيسى بن أبي بكر الصنهاجي

- ‌56 - أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عبد السلامعرف بابن الطير

- ‌57 - أبو زيد عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي الصقلي المعروف بابن الحجري

- ‌58 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن يحيى الاغماني

- ‌59 - أبو عثمان سعيد بن عبد الله المعروف بالجمل

- ‌60 - أبو علي عمر بن مالك المرساوي

- ‌61 - أبو الحسن علي بن عمران بن موسى الملياني عرف بابن أساطير

- ‌62 - أبو علي منصور بن أحمد بن عبد الحق المشدالي

- ‌63 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الخطيب

- ‌64 - أبو محمد عبد الوهاب بن يوسف بن عبد القادر

- ‌65 - أبو زيد عبد الرحمن بن علي بن أبي دلال

- ‌66 - أبو محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن سبعين المرسي

- ‌67 - أبو الحسن علي بن عبد الله النميري الششتري

- ‌68 - أبو العباس أحمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن عثمان التميمي الخطيب

- ‌69 - أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن عثمان التميمي

- ‌70 - أبو محمد عبد الله بن حجاج بن يوسف

- ‌71 - أبو محمد عبد الكريم بن عبد الواحد الحسني

- ‌72 - أبو محمد عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الاريسي

- ‌73 - أبو علي بن عزون السلمي

- ‌74 - أبو الحسن علي بن عبد الله الأنصاري

- ‌75 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحسين الخشني

- ‌76 - أبو زكرياء يحيى بن علي بن حسن بن حبوس الهمداني

- ‌77 - أبو إسحاق بن العرافة

- ‌78 - أبو سعيد ابن تونارت الدكالي

- ‌79 - أبو زيد عبد الرحيم اليزناتني

- ‌80 - أبو زكرياء يحيى بن أبي الحسن اللفتني

- ‌81 - أبو سليمان داود بن مطهر الوجهانى

- ‌82 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد ين أبي بكر ابن السطاح

- ‌83 - أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنجلاتي

- ‌84 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي بكر المنصور القلعي

- ‌85 - أبو علي عمر بن أحمد العمري

- ‌86 - أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن دحية الكلبي

- ‌87 - أبو الربيع سليمان الأندلسي المعروف بكثير

- ‌88 - أبو عبد الله محمد بن اراهيم الوغليسى

- ‌89 - أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سليمان بن محمد الزهري ويعرف بابن محرز

- ‌90 - أبو عثمان سعيد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن زاهر الانصاري البلنسي

- ‌91 - أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى بن محمد بن محمد ابن سيد الناس اليعمري الاشبيلي

- ‌92 - أبو المطرف أحمد بن عبد الله بن محمد بن حسين بن عميرة المخزومي

- ‌93 - أبو عثمان سعيد بن حكم بن عمر بن حكم بن عبد الغني القرشي

- ‌94 - أبو علي الحسن بن موسى بن معمر

- ‌95 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي بكر القضاعي الشهير بابن الابار

- ‌96 - أبو محمد بن علوان

- ‌97 - أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري

- ‌98 - أبو الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن علي الحضرمي عرف بابن عصفور

- ‌99 - أبو محمد عبد الحق بن يوسف بن حمامة الغبريني

- ‌100 - أبو الحكم مروان بن عمار يحيى

- ‌101 - أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله [بن موسى] بن سليمان بن علي بن عبد الملك بن يحيى بن عبد الملك بن الحسن بن عميرة بن طريف بن اشكورنة الازدي

- ‌102 - أبو محمد عبد الله بن نعيم الحضرمي القرطبي

- ‌103 - أبو علي حسن بن الفكون

- ‌104 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الاريسي المعروف بالجزائري

- ‌105 - أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد السلام

- ‌106 - أبو جعفر أحمد بن يوسف القهري اللبلي

- ‌107 - أبو العباس أحمد بن محمد القرشي الغرناطي

- ‌108 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المعروف بابن الجنان

- ‌برنامجمشيخة المؤلف

الفصل: ‌86 - أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن دحية الكلبي

‌86 - أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن دحية الكلبي

544 -

633هـ

1150 -

1235م

ــ

ومنهم، الشيخ الفقيه، المحدث الحافظ المتقن، النحوي اللغوي التاريخي، أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن دحية الكلبي من كبار المحدثين، ومن

ص: 269

الحفاظ الثقات الإثبات المحصلين. استوطن بجاية مدة أبي عبد الله ابن يرمور وكان ولده أبو علي يقرأ عليه، وروى بها واسمع، وكان معتنى به، وكان من أحفظ أهل زمانه باللغة، حتى صار حوشي اللغة عنده مستعملا غالبا عليه، ولا يحفظ الإنسان من اللغة حوشيها إلا وذلك أضعاف محفوظه من مستعملها، وكان قصده والله أعلم، أن ينفرد بنوع يشتهر به دون غيره من الناس، كما فعل كثير من الأدباء حيث تركوا طريق المعرب وانفردوا بالطريق الآخر، لأنهم انفردوا به واشتهروا فيه، ولو سلكوا طريق المعرب لكانوا فيه كآحاد الناس، وكذا الشيخ أبو الخطاب ابن دحية الكلبي.

رأيت من كلامه كثيرا في رسائل ومخاطبات، كلها مغلقات مقفلات، ومن جملتها، ما ذكر إنه كان له خديم يخدمه، واحتاج الوالي إلى تجهيز قطع في البحر يبعث فيها للمغرب، فأخذ خديمه في جملة الغزاة، فكتب لأبي علي ابن يرمور هذه الرسالة ينبهه على خديمه ليسرحه وهي: الشيخ الفقيه الأديب

ص: 270

الجحجاح الهرماس أبو فلان جحمظ الله قعثبان شفترته هذا الغطريس في اليم أخذ رجلا لا يملك حذر فوتا فيري الزبرقان فيخاله حوارى ويرى الجعل فيحسبه زعبجا وله قرحة أمحشت من الحر وتعطل كبرها فأبعث إلى هذا العثري من يخضد شوكته والسلام.

ولما وصلت هذه الرسالة لأبي علي ابن يرمور لم يفهم لغتها، فاستحضر كتب اللغة الصحاح وغيرها ليفك معماها، ويظهر له معناها. فلم تتضح له إلا بعد أيام، حتى سافرت الأجفان، فكتب كتابا في حق الرجل واشخص به رقاصا، فوصل قطع بوهران فصرف الرجل وزود، ولولا إبطاء الريح ما وصلت الشفعة إلا بعد خلاص مسألته، وهذا أقل عوارض الخروج عن العادة، وعدم سلوك السبيل الجادة. وكان رحمه الله إذا كتب اسمه فيما يجيزه أو غير

ص: 271

ذلك، يكتب ابن دحية ودحية معا المشبه بجبريل وجبريل ويذكر ما ينيف على ثلاث عشرة لغة المذكورة في جبريل ويقول عبد فاطر السموات والأرض، وهذا نوع أنفرد به عمن سواه من أهل العلم.

قد رأيت له تصنيفا في رجال الحديث لا بأس به.

وارتحل إلى المشرق في مدة بني أيوب فرفعوا شأنه، وقربوا مكانه، وجمعوا له علماء الحديث وحضروا مجلسا اقروا فيه بالتقدم، واعترفوا له إنه من أولي الحفظ والإتقان والتفهم. وسمعت أنهم ذكروا أحاديث بأسانيد حولوا متونها، وإنه أعاد المتون المحولة وعرف عن تعبيرها ثم ذكر الأحاديث على ما هي عليه من متونها الأصلية.

وأخبرني شيخنا أبو عبد الله الخطيب أن مثل هذه الحكاية اتفقت لأبي عمر ابن عات بمراكش في كتاب مسلم ببيت الطلبة منها.

ومن شعر أبي الخطاب ما وقعت عليه في ورقة بخط بعض المشارقة ونصه، قال الحسن بن أحمد بن عبد الرحيم البيساني، كتب إلي الفقيه الحافظ أبو الخطاب عمر ابن دحية، وأجازني الرواية عنه وشافهني بالإجازة، قال: كتب إلي السلطان الأجل الملك الكامل أبي المعالي محمد بن أبي بكر بن أيوب هذه القصيدة:

مالي أسائل برق بارق عنكم

من بعد ما بعدت دياري منكم

وبمنحنى الأضلاع بل وادي الغضا

من مهجتي يا راحلين نزلتم

فمحلكم قلبي وأنتم بالحشا

لا بالعقيق ولا برامة أنتم

وأنا المقيم على الوفاء بعهدكم

يا مالكين، وفيتم أو خنتم

ص: 272

أظننتم إني سلوت وأنني

خنت العهود فخنتم وغدرتم

هيهات هل يسلو بذكر مالك

من حبكم من للغرام متيم

أمنازل الأحباب أين أحبتي

فهم إذا جن الظلام الأنجم

ولقد وقفت بربع عزة منشدا

يا ربع أين ترى الأحبة يمموا

نزلوا الحطيم وماء زمزم أوردوا

نعم الحطيم بهم ورقت زمزم

وسروا وقد أسروا الفؤاد وحرموا

طيب الهجوع علي لما أحرم

ناديتهم وهم المنى بمنى وقد

ضربوا بها حمر القباب وخيموا

لم تسكنوا البلد الحرام وإنما

حرم الفؤاد المستهام سكنتم

هم في السواد وفي السويدا خيموا

ما أعرفوا ما أيمنوا ما اشأموا

وهم الذين إذا سئلت من الذي

تهواهم قلت الذين هم هم

أنا باخع نفسي على آثارهم

أسفا فلا خلت المنازل منهم

أحبابنا طال المطال بوعدكم

لي بالوصال وطال ليلى فيكم

عودوا يعود الليل صبحا مسفرا

والصبح بعدكم سناء مظلم

والذنب ذنبي في الهوى وخطيئتي

من دونكم وأنا المسيء المجرم

حكمتكم في مهجتي فحكمتم

فيها بما شاء الغرام وشئتم

ورحلتم بالقلب يوم رحلتم

وظعنتم بالصبر يوم ظعنتم

ولقد كتمت هواكم حتى وشى

سقمي بذاك ودمع عيني الملزم

والسقم يفصح بالصبابة والأسى

والدمع يكتب ما المعنى يكتم

حاشاكم من أن تجوروا في الهوى

ونعم ظلمتم بالعباد وجرتم

والعدل بالملك الهمام محمد

بادي المنار لكل من يتظلم

عز الملوك الكامل الشرف الذي

لعلائه السبع الكواكب تخدم

فالمشتري كالمشتري لسعوده

يمسي ويصبح حيث أم يؤمم

ص: 273

والقوس يرمي عن إرادة عزمه

غرض المقاصد والمقادير أسهم

فدع التحرش يا منجم واتئد

فالحكم عندي غير ما قد تحكم

ما كوكب المصباح ذو الترب الذي

في القرب من بعد الغروب يعتم

علم لما رحمت بل علم له

رفيع لا يرام معظم

وقعت له الأملاك منه سجية

ملك السماك الرمح وهو محرم

اوتاسل وافى ليخدم رامحا

فينال منه مكانة ويقدم

لما اعتدى في الجند يخدم سابعا

بهرام سياف النجوم الضيغم

ونسيت بل ملك أشار بأصبع

يوي إليه بل عليه يسلم

هذا الصحيح من المقالات التي

فيها بمكنون الغيوب يرجم

لذوي النهى والفهم سر حكومة

قد حار فيها كاهن ومنجم

واقصد مرادك حيث سرت مظفرا

فالله يكلأ والكواكب نوم

وليهنك الشهر السعيد تصومه

وتفوز فيه بالثواب وتغنم

فلأنت في الدنيا كليلة قدره

قدرا فقدرك في الملوك معظم

أثني عليك لأن شكرك واجب

إذ أنت في الخلق المغيث المنعم

وكذا الأيادي البيض سحب نوالها

تسري كما يسري السحاب المسجم

ولقد أسى مينا تقل لمثلها

مدحي الذي تقدم فيه أنظم

ولي السواري في علاك مدائحا

كالشهب تنجد في البلاد وتتهم

فبقيت ما بقيت حمامة أيكة

من فوق غصن يابس تترنم

تحمى فلا متهضم يسطو ولا

متحرم يشكو ولا متظلم

ص: 274

وكتب السلطان جوابا في ورقة عن القصيدة: الحمد لولي الحمد، وقف ولده على الأبيات التي حسن شعرها، وصفا درها. وليس من البديع أن يقذف البحر درا، وينظم الجليل شعرا. وقد اتخذت الورقة لا تنزه في معنيها واستفيد بما أودعه فيها. فالله لا يخلينا من فوائد فكرته. وصالح ادعيته.

قال الراوي، وأجازنا أيضا قصيدة يمدح السلطان بها أيضا:

شجتني شواج في الغصون سواجع

ففاضت هوام للجفون هوامع

وهيجن شوقا للأراجع باللوى

وأين اللوى مني وأين الاراجع

مرابع لو أن المرابع أنجم

لكان نجوم الأرض تلك المرابع

رعى الله أياما لها ليت أنها

إلي وقد ولى الشباب رواجع

ليالي لا ليلى إذا رمت وصلها

يلوح لها من صبح شيبي مواقع

وما محنتي في الحب غير عزيزة

هي البدر في ليل النوائب طالع

ص: 275

يقد فؤادي قدها وهو ذابل

على إنه غصن من البان يانع

وتجرح أحشائي بعين مريضة

كما لأن متن السيف والحد قاطع

خضمت لها في الحب من بعد عزة

وكل محب للأحبة خاضع

وماذا أجنت من أزاهر جنة

كمائم من ريط تسمى البدائع

وفوق شبيه الورد يلحظ عكسه

لواذع في قلبي لها ولواذع

وقالوا بدور والنجوم حنادس

وهن شمرس في الغصون طوالع

ودعت وديعة لدى حاكم الهوى

ولي للهوى قلب مطيع وسامع

ولا حاكم أرضاه بيني وبينها

سوى ملك دهري له اليوم طائع

يدافع عني الضيم قائم سيفه

إذا عز من للضيم عني يدافع

هو الكامل الأوصاف والملك الذي

تشير إليه بالكمال الأصابع

وبيض أياديه الكريمة في الورى

قلائد في الأعناق هن الصنائع

ويوماه يوماه اللذان هما هما

إذا جمعت غلب الملوك المجامع

فيوم بدا فوق السرير مرفع

ويوم ربا تحت اللواء براقع

بأسيافه في الأرض هدت كنائس

وشيد للإسلام فيها جوامع

كتائبه منصورة بكتائب

من الملأ الأعلى وجبريل وازع

يهيم بمقراه جلال وهمة

وتغني بمغناه نفوس نوازع

فلا تطمعن فيه العدى فل حدهم

ففي غير أمر الله يطمع طامع

ليهنك يا عز الملوك بشائر

توالى بها في المشركين وقائع

تدال بها أرض العدى بالعمى هدى

يكسر ناقوس وتبنى صوامع

ص: 276

وتفتح قسطنطينة وقلاعها

يتاح لها أمر من الله قالع

فيا ملك رقى المكارم ملكه

وما تبع إلا له اليوم تابع

وأمحى ملوك الأرض في أجمة الغضا

وأعداهم بالسيف حين يماسع

ومن نحوه يوم الجدال عوامل

خوافض للهامات منها روافع

به كل ثغر باسم برشاشه

عيون أعاديه دوام دوامع

شكرت أياديك الجسام اصطناعها

كما شكرت فعل السيوف المسامع

فما روضة غناء مر بها الصبا

بنشر شذاها الطيب النشر ذائع

له من شكير الدهر برد مفوف

أتيح له من ارض صنعاء صانع

فراقك منها أخضر الثوب ناضر

وشاقك منها أصفر اللون فاقع

وأحمر قان كالخدود مورد

وابيض كالثغر المفلج ناصع

بأحسن من توشيح مدحي الذي به

بدائع من وشى البديع رصائع

وما صائغ من نشر شكري الذي به

تأرجت الأرجاء عندك ضائع

ولو لم يقيدني نداك لكان لي

مجال فسيح في البسيطة واسع

فأنت الذي لي والأعادي كثيرة

فويق مكان النجم في الأفق دافع

ومن عجب يا من سما مجده

له في كدى العليا الرماح الشوافع

ص: 277

فإني وقد أعلنت بالجاه موضعي

بدار تحاكيها الديار البلاقع

وما لي إلا حسن رأيك وحده

لديك إذا ما كان للناس شافع

بقيت لعبد جده دحية الذي

يشابه جبريل له ويضارع

وجدته الزهراء بنت محمد

عليه السلام الدائم المتتابع

ولا عدمت منك الممالك مالكا

يقرب للآمال ما هو شاسع

فمنك عيون للمهمات يقظ

وعنك عيون الحادثات هواجع

ص: 278