الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: حقوق الزوج
حقوق الزوج المتولدة عن العقد كثيرة، لكننا نقتصر على ما هو الأهم من هذه الحقوق مراعاةً لظروف منهج هذه المادة.
ومن أهم هذه الحقوق:
1-
الدخول في طاعته والانتقال إلى بيته وتمكينه من نفسها، إلا لشرط أن تقيم في بيتها ويأتيها إذا أرادها فيسن له الوفاء بهذا الشرط.
لكن هذا الواجب مقيد بإمكان الاستمتاع بالزوجة، وقد حدَّد بعض العلماء إمكان الاستمتاع بتسع سنوات، فإذا بلغت الزوجة تسعًا وطلبها زوجها وجب تسليمها إليه وليس لأهلها حبسها عنه وذلك:"أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة وهي بنت تسع سنين"1.
وذهب بعضٌ آخر من الفقهاء إلى أن ذلك مقيد بكونها تطيق الوطء، وإلا فلا يجب تسليمها إليه.
فإن كان بالمرأة مانع مؤقت يمنع جماعه لها؛ كإحرام أو مرض أو سفر وحيض، فلا يلزم الأب تسليمها إلا بعد زوال هذا المانع.
لكن كما أشرنا من قبل إذا طلب أهلها إمهالهم مدة قصيرة لتجهيزها، فإنه يمهلهم هذه المدة كما سبق أن أشرنا إلى أنه إذا طلبوه لتسلم زوجته فإنه يمهل مدة تتناسب مع ظروفه حتى يجهز نفسه2.
1 سبق تخريجه.
2 كشاف القناع جـ5/ 185، 186.
2-
يجب أن تصحبه في السفر إذا طلبها للسفر معه أو اللحوق به في بلد غير بلدها؛ لأن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون بنسائهم في الغزوات وغيرها، لكن ذلك مقيد بالأمن في السفر، فإن كان الطريق أو البلد الذي يريدان السفر إليه مخوفًا وتخشى على نفسها منه فليس له أن يسافر بها كرهًا عنها لحديث "لا ضرر ولا ضرار"، ويتبين ذلك بالعرف، لكن إن وافقت مع هذه المخاطر على السفر مع زوجها أو اللحاق به فلها ذلك1.
3-
ليس لها الخروج من داره بغير إذنه ولو لزيارة والديها أو ولدها من غيره، وإن كان لا يجوز أن يمنعها من زيارتهما أو زيارة ابنها من غيره، لكن لا بُدَّ من إذنه، فإن لم يأذن رفعت أمرها للقضاء ليقضي لها بزيارة أبويها، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك بشيء من التفصيل في أثناء الحديث عما يجب على الزوج لزوجته.
وأولى من ذلك خروجها لزيارة غيرهما، فإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزًا وتقدَّم ذلك.
4-
طاعة زوجها إذا طلبها للاستمتاع في أيِّ وقتٍ وعلى أيٍّ صفة كانت، ما دام الجماع في القبل؛ لأنه من المعاشرة بالمعروف ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، فليس له ذلك ولا يجب عليها إجابته لذلك.
ولا يجوز للمرأة تطوع بصيام وزوجها حاضر إلّا بإذنه، لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلّا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلّا بإذنه، وما أنفقت من نفقة بغير إذنه فإنه يرد إليه بشطر"2.
لكن يحرم جماعها في الحيض أو النفاس إلّا بعد أن تطهر منهما، قال تعالى:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} 3.
1 كشاف القناع جـ5/ 187.
2 متفق عليه.
3 سورة البقرة الآية: 222.
وكذلك يحرم الوطء في الدبر لحديث: "إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن" 1، وكذلك حديث:"لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها"2.
وروى جابر رضي الله عنه قال: كان اليهود يقولون: إذا جامع الرجل امرأته في فرجها من ورائها جاء الولد أحول، فأنزل الله تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} من بين يديها ومن خلفها، غير أنه لا يأتيها إلّا في المأتى. متفق عليه.
وفي روايةٍ: إيتها مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج، فإن فعل في الدبر عوقب على ذلك، وإن تطاوعا عليه عوقبا، بل ذهب بعض العلماء إلى التفريق بينهما إن نهيا فلم ينتهيا، كما يفرق بين الفاجر وما يفجر به3.
5-
الاغتسال من الجنابة إذا كانت بالغةً مسلمة دون الذمية، لكن يجب على الذمية الاغتسال من الحيض والنفاس وله جبرها عليهما إذا امتنعت منهما.
6-
إزالة النجاسة أو أيَّ شيء يعافه الزوج كشعر نبت في غير موضعه، ووساخة على بدنها أو ثوبها، ويجب عليها الأخذ من ظفرها إذا طال وتأذّى منه الزوج.
7-
عدم تناول كل ما له رائحة كريهة؛ كبصل وثوم وكرات إذا كان الزوج يتأذّى من رائحته؛ لأن ذلك يمنع الاستمتاع.
8-
خدمة زوجها على ما جرت به العادة من أمثالها بالمعروف في كل ما يحتاجه الزوج من الطبخ وغسل الثياب وما إلى ذلك، وكذلك خدمة نفسها إلّا أن يكون مثلها لا تخدم نفسها فعليه خادم لها، وتقدَّم ذلك.
1 رواه الشافعي 1619، والنسائي في "عشرة النساء"، والبيهقي 7/ 196، وقال ابن الملقن: رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح، وصححه الشافعي.
2 النسائي في "عشرة النساء"، والترمذي 1165 وابن حبان في صحيحه، وحسنه الترمذي.
3 كشاف القناع جـ5/ 189.
9-
لا يجوز أن تؤجر نفسها لعمل أو رضاع بغير إذن زوجها؛ لأنه عقد يفوت به حق من ثبت له الحق بعقد سابق فلم يصح كإجارة الشيء المؤجر، فأما مع إذن الزوج فإن الإجارة تصح ويلزم العقد لأن الحق لا يخرج عنها.
فإن أجرت نفسها أو أجرها وليها قبل الزواج، ثم تزوجت، فلا يملك زوجها أن يفسخ العقد إلّا بعد أن تنتهي المدة المتعاقد عليها؛ لأن منافعها ملكت بعقد سابق على الزواج.
10-
تقديم طاعة الزوج على طاعة الوالدين، فإذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة والديها قدمت طاعة زوجها، ولو أمرها والداها بفراق زوجها، فلا يلزمها إجابتهما.