الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: أحكام زوجة المفقود
الأهداف الخاصة:
يتوقع منك بعد دراسة هذا المبحث أن تعرف حكم الحالات الآتية:
1-
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةً غير منقطعة؛ بحيث يُعْرَفُ خبره ويأتي كتابه.
2-
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةً منطقعة؛ بحيث لا يُعْرَفُ خبره ولا يُعْلَمُ موضعه.
أ- إن كان الشأن في غيبته السلامة.
ب- إن كان الشأن في غيبته الهلاك.
أحكام زوجة المفقود:
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةً غير منقطعةٍ؛ بحيث يُعْرَفُ خبره ويأتي كتابه فليس لامرأته أن تتزوج من غيره بإجماع العلماء إلّا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله، فلها أن تطلب فسخ النكاح، وكذلك زوجة الأسير لا تتزوج حتى يقين وفاته.
أما إذا غاب الزوج غيبةً منقطعةً بحيث لا يُعْلَمَ خبرُه ولا يُعْلَمُ موضعه:
- فإن كان الشأن في غيبته السلامة كسفر التجارة في غير مهلكة، وكذلك في طلب العلم والسياحة:
رأى فريق من الفقهاء أنه لا تزول الزوجية إلّا بعد مضيِّ تسعين سنة من ولادته، ما لم يثبت موته قبل ذلك.
- بينما ذهب فريق آخر إلى أنها ترفع أمرها للحاكم الذي يحاول الاستعلام عنه، فإن لم يعلم خبره تربصت أربع سنين، وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا، وتحلُّ للأزواج؛ لأنه إن جاز الفسخ لتعذر النفقة بالإعسار فهذا من باب أولى.
- وإن كان الشأن في غيبته الهلاك: كالذي يُفْقَدُ من بين أهله ليلًا أو نهارًا، أو يخرج إلى الصلاة فلا يرجع، أو يُفْقَدُ بين فريقين في معرَّة، أو ينكسر بهم مركب فيغرق بعض رفقته، أو يفقد في برية كبرى كبرية الحجاز ونحو ذلك:
- فذهب أكثر العلماء إلى أنها تتربص أربع سنين، أكثر مدة الحمل، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا، وتحلُّ للأزواج، وقد نُقِلَ هذا عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير1.
1 وعند المالكية فيمن فُقِدَ بين الصفين وشهد الشهود بأنه حضر المعركة بين المسلمين، فإن زوجته تعتد بعد ذلك مباشرة، وقيل: بعد مدةٍ ليُسْتَعَلَمَ عنه، وإلا يعلم خبره اعتدت زوجته ووُرِثَ مالُه مثل من سافر إلى بلد فيها وباء، ثم انقطع خبره. الشرح الكبير جـ2 ص482، 483.
والأصل في هذا ما قضى به عمر رضي الله عنه، فيما رواه الأشرم والجوزجاني بإسنادهما1، عن عبيد بن عمير قال: "فُقِدَ رجل في عهد عمر، فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له، فقال: انطلقي فتربصي أربع سنين، ففعلت ثم أتته، فقال: انطلقي فاعتدي أربعة أشهر وعشرًا، ففعلت ثم أتته، فقال: أين وليّ هذا الرجل؟ فقال: طلقها، ففعل، فقال لها عمر: انطلقي فتزوجي من شئت، فتزوجت2 وقد قضى به بعد ذلك عثمان وعلي وابن الزبير رضي الله عنهم.
- وذهب بعض أهل العلم إلى أن امرأة المفقود لا تتزوج حتى يتبين موته أو فراقه؛ لأنه شك في زوال عصمة الزوجية، فلم تثبت به الفرقة.
وفي كلا القولين تثبت لها النفقة في ماله، وإن لم يكن له مالٌ أو كان ولم يمكن الإنفاق، فإنها تطلب التطليق للإعسار عند الجمهور.
وإن اختارت زوجة المفقود المقام والصبر حتى يتبين أمره فلها النفقة ما دام حيًّا، وينفق عليها من ماله حتى يتبين حاله؛ لأنها محكوم لها بالزوجية فتجب لها النفقة.
فإذا تبيَّنَ أنه مات أو فارقها فلها النفقة إلى يوم موته أو بينونتها منه، ويرجع عليها بالباقي، وقيل: لا يرجع إلّا من يوم علمها.
ولا يُقسَّمُ مال المفقود إلّا في الوقت الذي تُعْلَمُ فيه وفاته، أو بعد أجلٍ يظهر فيه وفاته؛ لأن البقاء هو الأصل فلا يزول منه بالشك، وإنما أعطيت الزوجة فرصة التزويج بعد مدة قصيرة نسبيًّا حتى لا يطول عليها الضرر.
وإن شهد ثقات بوفاة المفقود فاعتدت زوجته للوفاة، أبيح لها أن تتزوج، فإن عاد الزوج الأول بعد ذلك فحكمه حكم المفقود3.
1 عزاه إليهما في المعنى.
2 رواه عبد الرزاق في "المصنف"، وابن أبي شيبة والبيهقي في "سننه" بأسانيد صحيحة.
3 يرجع إلى هذه الأحكام بتوسع في: المغني جـ7 من ص488 إلى ص497، والشرح الكبير جـ2 ص479، وما بعدها.
الخلاصة:
1-
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةً غير منقطعة؛ حيث يُعْرَفُ خبره ويأتي كتابه، فليس لامرأته أن تتزوج من غيره بإجماع العلماء إلّا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله، فلها أن تطلب فسخ النكاح.
2-
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةًَ منقطعة؛ بحيث لا يُعْرَفُ خبره ولا يعلم موضعه:
أ- فإن كان الشأن في غيبته السلامة:
رأى فريق من الفقهاء أنه لا تزول الزوجية إلّا بعد مضيِّ تسعين سنة من ولادته، ما لم يثبت موته قبل ذلك.
بينما ذهب فريق آخر إلى أنها ترفع أمرها للحاكم الذي يحاول الاستعلام عنه، فإن لم يعلم خبره تربصت أربع سنين، وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا، وتحلُّ للأزواج.
ب- وإن كان الشأن في غيبته الهلاك:
ذهب أكثر العلماء إلى أنها تتربص أربع سنين، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا، وتحلُّ للأزواج.
بينما ذهب بعض أهل العلم إلى أن امرأة المفقود لا تتزوج حتى يتبين موته أو فراقه.
وفي كلا القولين تثبت لها النفقة في ماله.
وإن لم يكن له مال أو كان ولم يمكن الإنفاق، فإنها تطلب التطليق للإعسار عند الجمهور.
أسئلة التقويم الذاتي:
1 وضِّحْ الحكم في الحالات الآتية:
1-
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةً غير منطقعة؛ بحيث يُعْرَفُ خبره ويأتي كتابه.
2-
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةً منقطعة، وكان الشأن في غيبته السلامة.
3-
إذا غاب الرجل عن زوجته غيبةً منقطعة، وكان الشأن في غيبته الهلاك.
4-
إذا تزوجت زوجته المفقود ثم عاد زوجها الأول.
2 ما حكم النفقة لزوجة المفقود؟
3 متى يقسَّمُ مال المفقود؟