الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: عقد النكاح
الفصل الأول: تعريف النكاح وحكمه وأركانه
مدخل
…
الفصل الأول: تعريف النكاح وحكمه وأركانه
الأهداف الخاصة:
يتوقع منك بعد دراسة هذا الفصل أن تصبح محيطًا بما يلي:
1-
الأولويات التي أعطتها الشريعة شيئًا من الاهتمام بين يدي العقد، مثل أفضل الأماكن وأفضل الأوقات في عقد النكاح.
2-
معنى النكاح في اللغة وفي الشرع.
3-
حكم النكاح في حال القدرة على الوطء والنفقة وعدم خشية العنت.
4-
حكمه في حال خشية العنت "الزنا".
5-
حكمه في حال عدم القدرة على القيام بواجباته.
6-
حكمه في حال القدرة على مُؤَن النكاح غير الجماع.
7-
حكمه في حال القدرة على مؤن الزواج مع عدم الاحتياج إلى النكاح.
8-
حكمه في حق من لا يصح منه الزواج، وليس في حاجة إليه.
9-
أركان عقد النكاح وموقف الفقهاء من تحديدها.
الفصل الأول: تعريف النكاح، وحكمه، وأركانه
وقبل أن ندخل في دراسة محتويات هذا الفصل نشير بإيجازٍ إلى بعض الأفضليات التي أعطتها الشريعة شيئًا من الاهتمام بين يدي العقد، وذلك مثل اختيار أفضل الأماكن والأزمان لعقد النكاح، ثم ما ينبغي على العاقدين من تقديم خطبتين -بضم الخاء- متبادلتين بين يدي العقد.
الأفضل في وقت النكاح ومكانه:
1-
اتفق الفقهاء على استحباب عقد النكاح بالمسجد؛ لأنه أشرف البقاع، وهو المكان المختار من الشارع لتجمع المسلمين ليتفرغوا فيه لعبادة ربهم، فناسب أن يجعل مكانًا لبداية نشأة الأسرة المسلمة.
2-
واتفقوا أيضًا على استحبابة في يوم الجمعة، لأنه يوم شريف، وهو عيد المسلمين الأسبوعي، والبركة في النكاح مطلوبة، فاستحب له أشرف الأيام طلبًا للبركة1.
3-
واختلفوا في تحديد الساعة التي يستحب العقد فيها من يوم الجمعة، فذهب الأكثر إلى اختيار أن يكون العقد مساء الجمعة؛ لأن به ساعة الإجابة قبيل الغروب على ما يراه بعض العلماء، لذا يستحب أن يلتمس فضل هذا الوقت نظرًا لما يصاحب العقد من الدعاء بالبركة للزوجين، فيكون أرجى للقبول2، ولكن بعض الفقهاء استحب عقده في صباح يوم الجمعة لحديث "اللهم بارك لأمتي في بكورها" 3، 4، وترك فريق ثالث الاختيار لظروف الطرفين العملية والعائلية
1 كشاف القناع جـ5/ 20.
2 المقدمات جـ1/ 482، ومواهب الجليل جـ3/ 407، 408، وكشاف القناع جـ5/ 20.
3 مسند الإمام أحمد جـ3/ 416، وللحديث طرق أخرى، وهو مختلف في صحته.
4 شرح النووي على صحيح مسلم جـ9/ 209.
والاجتماعية في إيقاع العقد في أي ساعة من ساعات يوم الجمعة1، والموضوع يدور في مجال الاستحباب، فلا حرج في اختيار وقت دون آخر إن شاء الله تعالى.
4-
ذهب جمهور الفقهاء إلى اختيار شهر شوال لعقد النكاح فيه، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها حين قالت:"تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأيّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني"، قال الراوي: وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال. أخرجه مسلم2، كما أخرج هذا الحديث الإمام الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، وكذلك أخرجه الإمام النسائي3.
كما أخرج الإمام ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم سلمة رضي الله عنها وجمعها إليه في شوال4.
وفي المقابل ذهب بعض الفقهاء إلى اختيار شهر رمضان لاستحباب عقد النكاح والدخول فيه، استدلًا بما جاء في سنن سعيد بن منصور عن حبيب بن عبيد -وكان من التابعين، وقد أدرك سبعين من الصحابة- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب النكاح في رمضان رجاء البركة فيه5.
وموقف الجمهور أقوى لصحة ما استدلوا به، والله أعلم.
استحباب خطبتين بين يدي العقد:
استحب أكثر الفقهاء أن يخطب الولي بين يدي العقد، وأن يرد عليه الزوج أو وكيله بخطبة أخرى ويندب تقليلها، وأقلها أن يقول الولي: الحمد لله والصلاة
1 رد المحتار جـ3/ 8.
2 صحيح مسلم بشرح النووي جـ9/ 209.
3 الترمذي جـ4/ 215، والنسائي جـ6/ 70.
4 سنن ابن ماجه جـ1/ 641.
5 سنن سعيد بن منصور جـ1/ 112 وحديثه هذا مرسل.
والسلام على رسول الله، زوجتك على كذا، ويقول الزوج: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله، قبلت نكاحها.
وعلى هذا تكون جملة الخطب عند الخطبة وعند العقد أربعًا، اثنتين عند الخطبة، واثنتين عند العقد، وهما آكد استحباب من خطبتي الخطبة1.
وفي المقابل يذهب بعض الفقهاء إلى عدم الحاجة إلى تعدد الخطب عند الخطبة أو العقد، بل يستحب الاقتصار على خطبة واحدة بين يدي العقد فقط، ثم يكون العقد بعده؛ إذ المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن السلف خطبة واحدة، وهو أولى ما اتبع2، والأفضل أن تكون صيغة الخطبة هي الواردة في خطبة الحاجة التي رواها ابن مسعود رضي الله عنه.
1 مواهب الجليل جـ3/ 407، ومغني المحتاج جـ3/ 138.
2 المغني جـ6/ 536.