الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: تسمية الصداق وما يتعلق بها
عدم تسمية المهر:
اتفق العلماء على صحة عقد النكاح وإن لم يسم فيه الصداق1 لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} الآية2، فأثبت صحة الطلاق مع عدم الفرض، والطلاق لا يكون إلّا عن نكاح صحيح، وقد ورد في السنة المطهرة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: "إني أزوجك فلانة؟ " قال نعم، قال للمرأة:"أترضين أن أزوجك فلانًا؟ " قالت: نعم، فزوج أحدهما من صاحبه فدخل عليها، ولم يفرض لها به صداق، فلما حضرته الوفاة، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة ولم أفرض لها صداقًا ولم أعطها شيئًا، وإني قد أعطيتها عن صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمه فباعته بمائة ألف"3.
ما يترتب على عدم التسمية:
من لم يُسَمَّ لها مهر إن طلقت قبل الدخول فإنه لا مهر لها ولها المتعة، وإن مات عنها قبل الدخول، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن لها مهر مثلها ولها الميراث، وذهب آخرون إلى أنه لا مهر لها ولكن لها المتعة والميراث، والأول أولى لحديث معقل ابن سنان الأشجعي4 في بروع بنت واشق الأشجعية حين حكم لها صلى الله عليه وسلم بذلك.
1 المهذب جـ2/ 55، الهداية جـ3/ 204، والمغني جـ10/ 98 طبعة الأمير تركي.
2 سورة البقرة الآية 236.
3 سنن أبي داود جـ1/ 88 "2117"، صحيح ابن حبان 4072، الحاكم 2/ 181، البيهقي 7/ 232، وإسناده صحيح.
4 أخرجه أحمد رقم 4099، 4100، وأبو داود 2114، والترمذي 1145، والنسائي 6/ 121 وهو صحيح.
أما إن حصل الطلاق أو الموت بعد الدخول فلها مهر مثلها عند الجميع1.
ولكنه يُسْتَحَبُّ تسمية الصداق في العقد قطعًا للنزاع وحسمًا لأي خلاف يحصل في المستقبل، وقد وردت السنة المطهرة في كثير من الأحاديث بتسمية الصداق، ومنها حديث الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم حين قال للرجل الذي طلبها للزواج:"هل من شيء تصدقها به؟ " فالتمس فلم يجد شيئًا، قال:"فالتمس خاتمًا من حديد"، فلم يجد شيئًا، فزوجه إياها بما معه من القرآن2.
فإن اتفقا على إسقاطه جملة فقد ذهب بعضهم إلى عدم صحة العقد على أن يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بمهر المثل، وذهب آخرون إلى أنه يصح العقد ويجب لها مهر المثل، سواء أكان ذلك قبل الدخول أم بعده3.
تقدير الصداق:
ذهب فريق من الفقهاء إلى صحة الصداق بأي شيء يصدق عليه أنه مال مهما كان قليلًا، ما دامت له قيمة، وقد تقدَّم حديث الواهبة نفسها، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:"التمس ولو خاتمًا من حديد"، وكذلك زوَّج سعيد بن المسيب ابنته -التي أبى أن يزوجها للخليفة الذي طلبها منه، وزوَّجَها لطالب فقير- بدرهمين، وقال: لو أصدقها سوطًَا لحلت4.
وذهب فريق آخر إلى ضرورة أن يكون الصداق مقدرًا لا يقل عن حد معين، وقد جعل له بعضهم حدًّا أدنى لا يقل عن ثلاثة دراهم5 وقال آخرون: لا يقل
1 المغني جـ10/ 99 طبعة الأمير تركي، والمهذب جـ2/ 55، والمسند.
2 البخاري جـ3/ 132، جـ6/ 236، جـ7/ 8، 17، 19، ومسلم 1425 في النكاح.
3 الهداية جـ3/ 209، ومسلم جـ2/ 104.
4 المغني جـ10/ 99 طبعة الأمير تركي، والمهذب جـ2/ 55.
5 حاشية العدوي على الكفاية جـ2/ 36.
عن عشرة دراهم1، وكلا الرأيين مبنيٌّ على القياس على القدر الذي يقطع به السارق.
ورأي الفريق الأول أقرب للنصوص الشرعية.
أما أكثره فلا حدَّ له باتفاق الفقهاء، قال جل شأنه:{وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} 2 وقد أصدق عمر رضي الله عنه أم كلثوم بنت الزهراء أربعين ألفًا"3.
ما يشترط في الصداق بإيجاز:
يشترط في الصداق ما يشترط في الثمن في عقد البيع من الطهارة وكونه منتفعًا به، وكونه مقدورًا على تسليمه، وكونه معلومًا4.
وقال الحنفية: يصح أن يكون الصداق خمرًا أو خنزيرًا، ولكن يلغى ما اتفق عليه، ويجب مهر المثل سواء أكان ذلك قبل الدخول أم بعده5.
1 الهداية جـ3/ 204.
2 سورة النساء الآية 20.
3 السنن الكبرى للبيهقي جـ7/ 233.
4 الخرشي جـ3/ 253، حاشية العدوي على الكفاية جـ20/ 37، المغني جـ10/ 101 طبعة الأمير تركي.
5 الهداية جـ3/ 209.