الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: تعليق النكاح وتأقيته وانعقاده بلفظ واحد
المطلب الأول: تعليق النكاح وتأقيته
الفرع الأول: بيان حكم التعليق في عقد النكاح
اتفق الفقهاء على أن تعليق عقد النكاح بالمستقبل إذا كان بغير المشيئة مبطل للعقد، أما إذا كان التعليق على أمر واقع في المحال، أو كان قد وقع في الماضي، فإن أكثر الفقهاء لا يجعلون له تأثيرًا على صحة العقد؛ وذلك كمن بُشِّرَ بمولود ثم قال لمن بشره أو لغيره: إن كانت أنثى فقد زوجتكها، أو إن كانت بنتي طلقت أو زوجها مات زوجتكها، وكانت البنت قد أذنت لأبيها في تزويجها، وذلك لأن مثل هذه الصور وإن كانت تعليقًا في الظاهر لكنها حقائق في الواقع، وإن كان بعضهم قد أبطل هذا العقد لوجود صورة التعليق1.
أما التعليق بالمشيئة: فهو كقوله: زوجتك ابنتي إن شاء الله تعالى، أو قبلت زواجها إن شاء الله تعالى، فإن بعض الفقهاء يرى صحة هذا العقد، أما الآخرون فلا يصححون مثل هذا العقد إلّا إذا كان القصد من المشيئة هو التبرك، أو أن كل شيء بمشيئة الله تعالى، وأما إذا كان القصد هو حقيقة التعليق فلا يصح العقد2.
الفرع الثاني: بيان حكم التأقيت في العقد:
جمهور العلماء على أن التأقيت في عقد النكاح مبطل له، سواء كان الأجل قصيرًا كشهر، أو بعيدًا لا تبلغه أعمارهما غالبًا كمائة سنة، سواء كان معلومًا كما
1 المحرر جـ2/ 14، كشاف القناع جـ5/ 40، الخرشي جـ3/ 166، ومغني المحتاج جـ3/ 141 وفتح القدير جـ3/ 110.
2 مغني المحتاج جـ3/ 140.
تَقَدَّمَ، أو مجهولًَا؛ كتزوجتك إلى حين قدوم زيد1.
والأصل في إبطال هذا العقد ما ورد من النهي عن نكاح المتعة الذي أبيح مؤقتًا لمدة قصيرة في صدر الإسلام، ثم نهي عنه إلى الأبد.
وإلى تحريم نكاح المتعة أو الزواج المؤقت يشير حديث الربيع بن سبرة الجهني، أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يأيها الناس، إني كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا" رواه مسلم.
وحديث علي رضي الله عنه أنه قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر. متفق عليه.
الفرع الثالث: إذا أضمر الزوج التأقيت ولم يذكر في العقد
محل التأقيت الذي منعه جمهور الفقهاء هو إذا ذكر الأجل في العقد أو اشترطه الزوج حين عقد النكاح، أما إذا لم يذكر في العقد ولم يشترط خلاله، ولكن في نية الزوج ذلك فليس من التأقيت المؤثر في صحة العقد عند عامة أهل العلم، كما نقله عنهم صاحب المغني2.
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم الصحة لقربه من النكاح المحرَّم وهو نكاح المتعة3.
ووجهة الجمهور ظاهرة، وهي الحاجة إلى الإعفاف، ولاسيما في سفر الشباب إلى البلاد الأوربية والأمريكية ونحوها، والتي لا يستطيع تحمل نفقة سفر أهله معه إليها، ولا يستطيع أن يكبت غريزته، ولا سيما إذا طالت الإقامة مع شدة الإغراء في تلك البلاد التي يسودها الانحلال الخلقي.
1 الخرشي جـ3/ 196، كشاف القناع جـ5/ 96، وفتح القدير جـ3/ 150، ومغني المحتاج جـ3/ 142.
2 شرح الزرقاني على المختصر جـ3/ 90، والمغني لابن قدامة جـ6/ 469.
3 كشاف القناع جـ5/ 97.