الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: أهم الآثار المترتبة على انتهاء عقد النكاح
المبحث الأول: العدد
الأهداف الخاصة:
يتوقع منك بعد دراسة هذا المبحث أن تحيط علمًا بما يلي:
1-
معنى العدة وأدلة مشروعيتها.
2-
أقسام المعتدات وعدة كل منهن.
3-
القاعدة التي تبين عدد الفرق من غير الطلاق.
4-
الوقت المعتبر في نهاية العدة.
5-
أقل سن الحيض وأكثره.
6-
كيف تكون عدة الصغيرة إذا بلغت أثناء عدتها.
7-
كيف تكون عدة الرجعية إذا مات زوجها.
8-
أقل مدة الحمل وأقصاه.
9-
الحكم إذا تزوجت المرأة في عدتها.
10-
حكم من طُلِّقَتْ في عدتها.
العدد واحدها عدة: وهي أَجَلٌ حدَّده الشارع لانقضاء ما بقي من آثار الزواج بعد الفرقة.
أدلة مشروعيتها:
1-
من الكتاب: قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 1.
وقوله جل شأنه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} 3.
2-
من السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدَّ على ميت فوق ثلاث إلّا على زوجٍ أربعة أشهر وعشرًا"4.
وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: "اعتدِّي في بيت ابن أم مكتوم"5.
3-
الإجماع: أجمعت الأمة على مشروعية العدة.
وأجمعوا على أن المطلقة قبل الدخول لا عِدَّةَ عليها لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} 6.
1 سورة البقرة الآية 228.
2 سورة الطلاق الآية 4.
3 سورة البقرة الآية 234.
4 متفق عليه.
5 صحيح مسلم في الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها.
6 سورة الأحزاب الآية: 49.
حكمة تشريعها:
وحكمة إيجاب العدة تعرف براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب، وإعطاء الزوج فرصةً يتمكن فيها من إعادة زوجيتها، كما أشار الله سبحانه إلى ذلك بقوله:{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ، وبقوله:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} ، والحداد والأسف على الزوج المتوفى، فكل عدة أوجبت فهي لتحقيق حكمة أو أكثر من هذه.
وتجب العدة على الذمَّيَّة، سواء كانت زوجة لذميٍّ أو مسلم عند جمهور العلماء، خلافًا لأبي حنيفة الذي لم يوجب عليها العدة لعدم مخاطبتهم بفروع الشريعة.
أقسام المعتدات:
القسم الأول: معتدة بالحمل
وهي كل امرأة حامل من زوج إذا فارقت زوجها بطلاق أو فسخ أو موته عنها، فعدتها وضع حملها؛ قال تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} .
القسم الثاني: معتدة بالقروء
وهي كل امرأة من ذوات الحيض حصلت الفرقة بينها وبين زوجها بعد الدخول بها حقيقةً أو حكمًا بسبب غير الوفاة، سواء أكان طلاقًا أو فسخًا ولم تكن حاملًا وقت الفرقة، فعدتها القروء لقول الله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} .
القسم الثالث: معتدة بالشهور
1-
وهي كل من تعتدُّ بالقرء، أي: بالحيض إذا لم تكن ذات قرء لصغر أو إياس؛ لقول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} .
2-
وكل من توفي عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشرًا لقول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} سواء كانت مدخولًا بها أم لا، ما لم تكن حاملًا.
قاعدة عامة في عدد الفرق من غير الطلاق:
كل فرقة بين زوجين من غير الطلاق فعدتها عدة الطلاق، سواء كانت بخلعٍ أو لعانٍ أو رضاعٍ أو فسخٍ لعيب أو إعسار أو إعتاق أو اختلاف دين أو شبهة، أو غير ذلك في قول أكثر أهل العلم.
عدة المطلقة المدخول بها:
إذا طَلَّقَ الرجل زوجته المدخول بها بعد مَسِّهِ إياها، فعدتها ثلاثة قروء على اختلافٍ بين العلماء في بيان المراد من القروء؛ فقال فريق من العلماء: هي الطهر، وقال فريق آخر: هي الحيض.
أما إذا لم يمسّ، فذهب الجمهور إلى وجوب العدة عليها كاملة، ووجهة الجمهور: ما رواه زرارة بن أوفى "قضى الخلفاء الراشدون أن من أرخى سترًا أو أغلق بابًا فقد وجب المهر ووجبت العدة"1 رواه الإمام أحمد.
وذهب البعض إلى عدم وجوب العدة عليها لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} وهو نصٌّ في الموضوع.
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، والبيهقي "7/ 255"، وقال: هذا مرسل، زرارة لم يدركهم، وقد رويناه عن عمر وعلي موصولًا".
ثم روى البيهقي من طرق عن عمر وعلي نحوه، وأسانيدها صحيحة، وأخرج الدارقطني في "سننه" عن عمر نحوه بإسنادٍ صحيح، وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر وعلي رضي الله عنهما. والانقطاع في رواية زرارة مثله -هنا- يحتمل والله أعلم.
أقل سن الحيض وأكثره:
أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين، فإذا رأت الدم من كانت أقل من ذلك فليس بحيض.
وأما أكثره: فذهب البعض إلى تحديده بخمسين سنة، وبعضهم وصل به إلى ستين سنة، وقال فريق ثالث: اثنين وستين سنة.
ومعلوم أن الصغيرة والآيسة عدتها ثلاثة أشهر.
فإذا بلغت سنًّا تحيض فيه النساء عادةً ولم تحض هي؛ كخمس عشرة سنة، فعدتها ثلاثة أشهر عند أكثر أهل العلم، وذهب البعض إلى أن عدتها سنة.
عدة المستحاضة:
- إذا كانت تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة، وكانت أيام حيضها، فعليها أن تراعي عادتها في الحيض والطهر، فإذا مضت ثلاث حِيَضٍ انتهت العدة.
- وإن لم تكن تميز: قيل: تعتد بثلاثة أشهر، وعند أكثر أهل العلم أنها تعتد بسنة؛ كمن ارتفع حيضها ولا تدري سبب رفعه.
عدة الصغيرة إذا بلغت أثناء عدتها:
الصغيرة إذا اعتدت بالأشهر ثم بلغت ونزل عليها الحيض قبل انتهاء عدتها ولو بساعة، فإنها تستقبل عدتها بالأقراء كاملةً عند عامة العلماء.
عدة الرجعية إذا مات زوجها:
إذا مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا بلا خلاف.
أقل مدة الحمل:
أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ لقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ، وبما
أن الفصال بمضيِّ عامين، فيكون الحمل ستة أشهر.
إذا تزوجت المرأة في عدتها:
إذا تزوجت المرأة قبل أن تكمل عدتها فزواجها الثاني باطل، وبنت على عدة الأول، ثم استقبلت العدة من الثاني، وهل تحرم على الثاني تأبيدًا؟:
بهذا قال فريق من الفقهاء، وقال فريق آخر: إنه يكون خاطبًا من الخطاب.
- ثم إن كانا عالمين بالعدة وتحريم النكاح فيها ووطئها، فهما زانيان عليهما حَدُّ الزنا، ولا مهر لها ولا يلحقه النسب.
- وإن كانا جاهلين بالعدة أو بالتحريم ثبت النسب وانتفى الحدُّ ووجب المهر.
- وإن علم هو دونها فعليه الحدُّ والمهر ولا نسب له.
- وإن علمت هي دونه فعليها الحدُّ ولا مهر لها والنسب لاحقٌ به.
- وإنما كان كذلك لأن هذا نكاح متفق على بطلانه، فأشبه نكاح ذوات محارمه1.
1 ينظر بتوسع المغني جـ7 من ص448 إلى ص448، ومجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر جـ1 من ص464 إلى ص470، وقوانين الأحكام الشرعية من ص247 إلى ص249، ومغني المحتاج جـ3 من ص384 إلى ص398.
الخلاصة:
1-
العدة: أجلٌ حدَّده الشارع لانقضاء ما بقي من آثار الزواج بعد الفرقة.
2-
ثبتت أدلة مشروعية العدة بالكتاب والسنة والإجماع.
3-
كل فُرْقَةٍ بين زوجين من غير الطلاق فعدتها عدة الطلاق، سواء كانت بخلعٍ أو لعانٍ أو رضاعٍ، أو فسخٍ لعيب أو إعسار أو إعتاق أو اختلاف دين أو شبهة أو غير ذلك، في قول أكثر أهل العلم.
4-
الصغيرة إذا اعتدت بالأشهر ثم بلغت ونزل عليها الحيض قبل انتهاء عدتها ولو بساعة، فإنها تستقبل عدتها بالأقراء كاملةً عند عامة العلماء.
5-
إذا مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا بلا خلاف.
6-
إذا تزوجت المرأة قبل أن تكمل عدتها، فزواجها الثاني باطلٌ، وبنت على عدة الأول ثم استقبلت العدة من الثاني، واختلف العلماء هل تحرم على الثاني تأبيدًا أم لا؟
أسئلة التقويم الذاتي:
1-
ما المقصود بالعدة؟ وما أدلة مشروعيتها؟
2-
ما هي العدة الواجة على كل من:
أ- المطلقة قبل الدخول.
ب- المرأة الحامل إن فارقها زوجها بطلاقٍ أو فسخٍ أو موته عنها.
جـ- المطلقة المدخول بها.
د- الصغيرة والآيسة.
هـ- كل من توفي عنها زوجها، سواء كانت مدخولًا بها أم لا، ما لم تكن حاملًا.
و إذا بلغت سنًّا تحيض فيه النساء عادةً ولم تحض هي؛ كخمس عشرة سنة.
ز- المستحاضة.
3-
أكمل:
كل فُرْقَةٍ بين زوجين من غير الطلاق فعدتها
…
في قول
…
4-
ما هو أقل سن الحيض؟ وما أكثره؟
5-
ما هي أقل مدة الحمل؟
6-
متى تتحول العدة من الحيض إلى العدة بالأشهر؟
7-
متى تتحول العدة من الأشهر إلى الحيض؟
8-
أكمل موضحًا حكم الحدِّ والمهر والنسب فيما يلي:
إذا تزوجت المرأة قبل أن تكمل عدتها، فزواجها الثاني
…
، وبنت على
…
، ثم استقبلت
…
ثم:
إن كانا عالمين بالعدة وتحريم النكاح فيها ووطئها فهما
…
وإن كانا جاهلين بالعدة أو بالتحريم
…
وإن علم هو دونها
…
وإن علمت هي دونه
…
إجابة بعض الأسئلة:
6 إذا طلق الرجل زوجته - وهي من ذوات الحيض طلاقًَا رجعيًّا ثم مات عنها وهي في العدة، فإن عليها أن تعتد عدة الوفاة، وهي أربعة أشهر وعشرًا.
7 الصغيرة إذا اعتَّدت بالأشهر ثم بلغت ونزل عليها الحيض قبل انتهاء عدتها ولو بساعة، فإنها تستقبل عدتها بالأقراء كاملة عند عامة العلماء.