الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: أحكام الرضاع
الأهداف الخاصة:
يتوقع منك بعد دراسة هذا المبحث أن تحيط علمًا بما يلي:
1-
معنى الرضاع وأدلة التحريم بالرضاع.
2-
القدر المحرم من الرضاع.
3-
كيف ينشر الرضاع الحرمة؟
4-
قصر الحرمة على المرتضع دون أقاربه.
5-
ما هو السن المحرم في الرضاع.
6-
بم تكفي الشهادة على الرضاع.
7-
حكم الإقرار بالرضاع.
الرضاع لغة:
اسمٌ لمصِّ الثدي وشرب لبنه.
وشرعًا: اسمٌ لحصول لبن امرأة أو ما حصل منه في معدة طفل أو دماغه1.
الأصل في التحريم بالرضاع الكتاب والسنة والإجماع:
1-
من الكتاب قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} 2 حيث ذكرهما الله تعالى في جملة المحرمات.
2-
من السنة: روت السيدة عائشة رضي الله عنها: "إن الرضاعة تحرِّم ما تحرِّم الولادة" متفق عليه.
3-
الإجماع: أجمع علماء الأمة على التحريم بالرضاع.
القدر المحرم من الرضاع:
- ذهب فريق من العلماء إلى أن القدر المحرم هو خمس رضعات فصاعدًا، وهو قول الشافعي ومذهب أحمد في أشهر الروايات عنه، لحديث عائشة قالت:"كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلوماتٍ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ من القرآن" رواه مسلم3.
- وذهب فريق آخر إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم، وهو قول الحنفية والمالكية ومذهب جمهور الصحابة والتابعين ورواية عن أحمد رحمه الله؛ لعموم قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم في النسب".
1 مغني المحتاج جـ3 ص414.
2 سورة النساء الآية 23.
3 صحيح الإمام مسلم كتاب الرضاع، باب: القدر الذي يثبت به حكم الرضاع، وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في "الموطأ".
- بينما ذهب فريق ثالث إلى أن المحرم ثلاث رضعات، وذلك أخذًا من حديث:"لا تحرم المصة والمصتان"1.
وإذا حلب اللبن من نسوة ثم سُقِيَه الصبي فهو كمن رضع منهن، حتى ولو شيب بماء أو بسائل آخر فإنه يحرم كاللبن الخالص.
الرضاع ينشر الحرمة:
إن المرأة إذا حملت من رجل وثاب لها لبن فأرضعت به طفلًا رضاعًا محرمًا، صار الطفل المرتضع ابنًا للمرضعة بغير خلاف، وصار أيضًا ابنًا لمن ينسب إليه هذا الحمل، فيصير الابن في إباحة الخلوة والتحريم ابنًا لهما.
كما يصير أولاده من البنين والبنات أولاد أولادهما وإن نزلت درجتهم.
كما يصير جميع أولاد المرضعة من زوجها ومن غيره إخوة للمرتضع وأخواته، وجميع أولاد الزوج صاحب اللبن إخوة للرضيع من الأب.
وأولاد أولادها أولاد إخوته وأخواته وإن نزلت درجتهم.
وأم المرضعة جدته وأبوها جده، وإخوتها أخواله، وأخواتها خالاته.
وأبو الرجل جده، وأمه جدته، وإخوته أعمامه، وأخواته عماته.
وجميع أقاربهما ينتسبون إلى المرتضع كما ينتسبون إلى ولدهما من النسب.
وذلك لأن اللبن الذي ثاب للمرأة مخلوق من ماء الرجل والمرأة، فنشر التحريم إليهما، ونشر الحرمة إلى الرجل وإلى أقاربه، وهو ما يسمى بماء الفحل.
ودليل ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها: أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليَّ بعد ما أنزل الحجاب فقلت: والله لا آذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أخا
1 مسلم -الموضع السالف- وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه وقال الترمذي: حسن صحيح.
أبي القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته، قال:"ائذني له فإنه عمك تربت يمينك" قال عروة: فبذلك كانت عائشة تأخذ بقول: "حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه1.
الحرمة قاصرة على المرتضع دون أقاربه:
الحرمة التي أصابت المرتضع تنشر الحرمة إلى ذريته فقط دون أقاربه، فلا تنتشر إلى من في درجته من إخوته وأخواته، ولا إلى أعلى منه كأبيه وأمه وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته وأجداده وجداته.
فلا يحرم على المرضعة نكاح أبي الطفل المرتضع ولا أخيه ولا عمه ولا خاله.
ولا يحرم على زوجها نكاح أم الطفل المرتضع ولا أخته ولا عمته ولا خالته.
ولا بأس أن يتزوج أولاد المرضعة وأولاد زوجها إخوة الطفل المرتضع وأخواته.
ولا بأس أن يتزوج الرجل أخت أخته من الرضاع؛ لأنه ليس بينهما رضاع ولا نسب.
السن المحرم في الرضاع:
جمهور أهل العلم على الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين.
- حجة الجمهور: قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} ، وقوله سبحانه:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ، وقوله عز وجل:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} .
فقد جعلت الآية الأولى فطام الطفل في العامين لا بعدهما، وقدَّرت الآية
1 البخاري في "النكاح"، باب: ما يحل من الدخول، وفي "الرضاعة"، ومسلم في الرضاع، باب: تحريم الرضاعة من ماء الفحل.
الثانية مدة حمل الجنين وفطام الرضيع بثلاثين شهرًا، ومعلوم أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فتكون مدة الرضاعة سنتين، أما الآية الثالثة فقد جعلت تمام الرضاع بكمال حولين، ولا زيادة بعد التمام.
أما من السُّنَّة: فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا رضاع إلّا ما كان من حولين"، وحديث "لا يحرم من الرضاع إلّا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام" أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح1.
- ونُقِلَ عن أبي حنيفة: أنه ما كان في الثلاثين شهرًا الأولى، وعن زفر ثلاث سنين.
ولا تنتشر الحرمة إلّا من لبن امرأة.
الشهادة على الرضاع:
- ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن شهادة المرأة الواحدة كافية في التحريم، وحجة هذا الفريق: ما روى عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"وكيف وقد زعمت ذلك؟ " متفق عليه.
- وذهب فريق آخر إلى ضرورة شهادة امرأتين.
- وقال الحنفية: لا بُدَّ من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه، ولعموم الآية {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} 2 الآية.
كما تقبل شهادة المرضعة على فعل نفسها.
1 رقم 1152، وإسناده صحيح، رجاله رجال الصحيحين، ومن حجتهم -أيضًا- قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه من حديث عائشة.
2 سورة البقرة الآية 282.
لكن لا تقبل شهادة الرضاع إلّا مفسرة بأن تقول: هذا رضع عن ثدي هذه كذا رضعة في الحولين.
الإقرار بالرضاع: إذا تزوج امرأة ثم قال قبل الدخول: هي أختي من الرضاع انفسخ النكاح، فإن صدقته المرأة فلا مهر لها، وإن كذَّبته فلها نصف المهر.
وإن كانت المرأة هي التي قالت: هو أخي من الرضاعة فأكذبها، ولم تأت بالبينة على ما وصفت فهي زوجته في الحكم1.
1 يراجع في هذه الأحكام بتوسع: المغني جـ7 من ص535 إلى ص563، والشرح الكبير جـ2 من ص502 إلى ص508، ومغني المحتاج جـ3 من ص414 إلى ص 423.
الخلاصة:
1-
الرضاع شرعًا: اسمٌ لحصول لبن امرأة، أو ما حصل منه في معدة طفل.
2-
ثبتت أدلة التحريم بالرضاع بالكتاب والسنة والإجماع.
3-
اختلف العلماء في القدر المحرم من الرضاع:
أ- ذهب فريق من العلماء إلى أن القدر المحرم هو خمس رضعات فصاعدًا.
ب- وذهب فريق آخر إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم.
جـ- بينما ذهب فريق ثالث إلى أن المحرم ثلاث رضعات.
4-
الرضاع ينشر الحرمة.
5-
الحرمة التي أصابت المرتضع تنشر الحرمة إلى ذريته فقط دون أقاربه.
6-
اختلف العلماء في السن المحرم في الرضاع:
أ- جمهور أهل العلم على أن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين، وهذا هو الصحيح.
ب- ونُقِلَ عن أبي حنيفة: أنه ما كان في الثلاثين شهرًا الأولى، وعن زُفَر: ثلاث سنين.
7-
اختلف العلماء في الشهادة في الرضاع:
أ- ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن شهادة المرأة الواحدة كافية في التحريم.
ب- وذهب فريق آخر إلى ضرورة شهادة امرأتين.
جـ- وقال الحنفية: لا بُدَّ من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين.
8-
إذا تزوج رجل امرأة ثم قال قبل الدخول: هي أختي من الرضاع، انفسخ النكاح، فإن صدَّقته المرأة فلا مهرَ لها، وإن كذَّبته فلها نصف المهر.
وإن كانت المرأة هي التي قالت: هو أخي من الرضاعة فأكذبها، ولم تأت بالبينة على ما وصفت، فهي زوجته في الحكم.
أسئلة التقوم الذاتي:
1-
ما معنى الرضاع لغة وشرعًا؟
2-
ما أدلة التحريم بالرضاع؟
3-
اذكر آراء العلماء وأدلتهم في أحكام الأمور الآتية:
أ- القدر المحرم من الرضاع.
ب- السن المحرم في الرضاع.
جـ- الشهادة على الرضاع.
4-
وضِّح كيف ينشر الرضاع الحرمة مبينًا الدليل على ذلك.
5-
اختر الإجابة الصحيحة:
الحرمة التي أصابت المرتضع:
أ- تنشر الحرمة إلى أقاربه فقط.
ب- تنشر الحرمة إلى ذريته فقط.
جـ- تنشر الحرمة إلى أقاربه وذريته جميعًا.
6-
أكمل العبارات الآتية:
إذا تزوَّج رجل امرأة ثم قال قبل الدخول: هي أختي من الرضاع
…
فإن صدَّقته المرأة
…
، وإن كذَّبته
…
وإن كانت المرأة هي التي قالت: هو أخي من الرضاعة فأكذبها، ولم تأت بالبينة على ما وصفت، فهي
…
في الحكم.
إجابة بعض الأسئلة:
5 ب.
6 انفسخ النكاح - فلا مهر لها - فلها نصف المهر - زوجته.