الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: انعقاد النكاح بالوكالة والرسالة والإشارة والكتابة
المطلب الأول: في انعقاد النكاح بالوكالة والرسالة والإشارة والكتابة وغير ذلك
وسنتناول الحديث عن متعلقات هذا المطلب في الفروع الآتية:
الفرع الأول: الأصل في صحة العقد بالوكالة والرسالة
لقد وردت عدة نصوص شرعية تجعل عبارة الوكيل في النكاح مثل عبارة الموكل في انعقاد النكاح، ومن ذلك ما سبقت الإشارة إليه من قول أم سلمة رضي الله عنها لابنها عمر بن أبي سلمة:"قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه"1، فظاهر اللفظ يقتضي أنه كان وكيلًا عن أمه؛ لأنها هي القائلة له: قم يا عمر فزوج، ولم يزوجها بحكم الولايةح لأن الصبي لا ولاية له، فيكون تزويجه بحكم الوكالة، وفي المغني:"إن رجلًا من العرب ترك ابنته عند عمر وقال: إذا وجدت كفئًا فزوجه ولو بشراك نعله، فزوجها عثمان بن عفان"2.
وأما الرسالة: فيشهد لها ما جاء في جامع الترمذي عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما" قال أبو عيسى -ويعني الترمذي نفسه: هذا الحديث حسن3.
1 سنن النسائي جـ6/ 82، والحاكم 3/ 16، والبيهقي 7/ 131 وفي إسناده ضعف. والله أعلم.
2 المغني لابن قدامة 6/ 463.
3 جـ3/ 580، وأحمد 6/ 392، وفي إسناده مطر الوراق، وهو ممن يخطئ كثيرًا وقد وصله، والصواب ما في "الموطأ" مرسلًا.
الفرع الثاني: موقف الفقهاء من الوكالة والرسالة
لا خلاف بين الفقهاء في صحة توكيل الولي من يتولى العقد عنه، كما أنه لا خلاف بينهم من صحة توكيل الزوج من يتولى عقد النكاح عنه، ولكنّ الخلاف بينهم في المرأة، هل يصح أن توكل من يتولى العقد عنها أو عن غيرها؟
فذهب فريق من الفقهاء إلى عدم جواز تولي المرأة التوكيل بنفسها من يتولى العقد عليها، أو على من تحت يدها، بل هذا الحق للولي المجبر ولو بغير إذنها1.
وذهب فريق آخر إلى صحة توكيل المرأة مَنْ يتولى العقد عنها لنفسها أو لمن تحت يدها؛ لأنها لما كانت تملك مباشرة العقد بنفسها فتوكيلها مَنْ يتولى ذلك عنها أولى2.
الفرع الثالث: انعقاد النكاح بالإشارة والكتابة
الأصل في انعقاد النكاح بالإشارة والكتابة، أن الإشارة من الأخرس والكتابة منه أو الغائب تقوم مقام العبارة من الناطق أو الحاضر إذا كانت دالةً على الرضا من الطرفين بالعقد، وبناءً عليه لا تصح الإشارة من القادر على النطق ولم يمنعه منه مانع شرعيّ، كما لا تصح الكتابة من الحاضر إذا لم يمنعه من النطق مانع شرعي، هذا هو الظاهر عند الجمهور3 خلافًا لمن صحح ذلك من القادر على النطق مع بعض القيود4.
1 مغني المحتاج جـ3/ 141، كشاف القناع جـ5/ 40.
2 فتح القدير جـ3/ 196.
3 كشاف القناع جـ5 39، مغني المحتاج جـ/ 141، الفتاوى الهندية جـ1/ 270، دار إحياء التراث العربي بيروت.
4 شرح الزرقاني جـ3/ 169.