الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: أركان عقد النكاح
الأركان: جمع ركن، وهو في اللغة: الجانب الأقوى للشيء، وركن الإنسان قوته وشدته، وركن الرجل قومه وعدده ومادته، وفي التنزيل العزيز:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} 1 أي: إلى عزٍّ ومنعة، أراد عز العشيرة الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط2.
أما في الاصطلاح: فهو ما تتوقف عليه حقيقة الشيء، أو كان جزءًا من ماهيته3.
وأما العقد في اللغة: فهو ما عُقِدَ من البناء، بأن أُلْصِقَ بعض حجارته ببعض بما يمسكها فأحكم إلصاقها.. أو هو ارتباطٌ بين طرفين يلتزم بمقتضاه كلٌّ منهما تنفيذ ما اتفقا عليه4.
وهو في الاصطلاح: تعلق كلام أحد العاقدين بالآخر شرعًا على وجهٍ يظهر أثره في المحل5.
موقف الفقهاء من أركان العقد:
1-
يختلف الفقهاء رحمهم الله في نظرتهم إلى ما يجب أن يكون ركنًا وما لا يجب أن يكون كذلك.
2-
فبعضهم يعتبر الأركان خمسة، وبعضٌ آخر يعتبرها اثنين، وثالث يعتبرها ثلاثة.
1 سورة هود الآية رقم 80.
2، 4 المعجم الوجيز، من إعداد مجمع اللغة العربية بالقاهرة ص426، لسان العرب جـ7/ 45، وكشاف القناع جـ5/ 37.
3 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير جـ2/ 220.
5 العناية مع فتح القدير كلاهما على الهداية جـ5/ 74.
3-
كذلك نجد أن من قصروا الأركان على اثنين يختلفون في تعيينها؛ فالخطَّاب المالكيّ اختار جعل الزوج والزوجة ركني العقد فقط، أما الحنفية والفتوحي من الحنابلة فجعلوا ركني العقد الإيجاب والقبول فقط.
4-
كذلك نجد أن من يقول إنها خمسة يختلفون في تعيينها؛ فالشافعية يجعلون الشاهدين ركنًا مع الولي والصيغة والزوج والزوجة، والمالكية يجعلون الصداق ركنًا خامسًا مع الولي والصيغة والزوج والزوجة.
بعد هذه العجالة من النظر إلى مواقف الفقهاء من أركان العقد أرى أن الأقرب إلى الواقع هو ما قاله العلامة البناني المالكيّ إذ قال: "والحق -والله أعلم، أن المراد بالركن ما لا توجد الحقيقة الشرعية بدونه، فتدخل الخمسة: الولي والصداق والمحل والصيغة؛ لأن العقد لا يتصور إلّا من عاقدين، وهما شرعًا الولي والزوج، ومن معقود عليه هو الزوجة، والعوض فلا بُدَّ من وجوده وإن لم يجب ذكره، ولا يتصور العقد إلّا بصيغة
…
1.
وعلى ذلك فسنتناول دراسة هذه الأركان الخمسة في الفصول التالية.
1 حاشية البناني على الزرقاني جـ3/ 168.