الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: حكم النكاح الواقع بعد التصريح أو التعريض المحرمين أو بعد العدة منهما
…
المبحث الثاني: حكم النكاح الواقع بعد التصريع أو التعريض المحرمين، أو بعد العدة منهما
بعد أن علمنا موقف الفقهاء من التصريح أو التعريض في الخطبة بما يقبح ذكره للمعتدة، أو المواعدة منهما، أو من أحدهما، نبين الآن الحكم فيما إذا اقتحما هذه الحرمة وعقدا النكاح بناءً على هذه الخطبة المحرمة، ويقع ذلك في الصور التالية:
الصورة الأولى: أن يقع العقد والدخول بعد انتهاء العدة.
الصورة الثانية: أن يقع العقد أثناء العدة والدخول بعدها.
الصورة الثالثة: أن يقع العقد والدخول معًا في العدة.
الحكم إذا وقع العقد والدخول بعد انتهاء العدة:
بعد أن اتفق العلماء على عدم المشروعية اختلفوا في درجة الحكم الذي يجب إيقاعه على هذا الزواج؛ فوصفه بعضهم بالكراهة من غير حاجة لِأَنْ يفرَّقَ بين الزوجين؛ إذ العقد المنهي عنه لسببه لا يبطل1، ووصفه آخرون بالحرمة، وأوجبوا التفريق بين الزوجين؛ لأن النهي يقتضي الفساد، والقول الأول ينسجم مع قول ابن عباس "خير لك أن تفارقها"2.
ما الحكم إذ وقع العقد في العدة ووقع الدخول فيها أو بعدها؟
يذهب الجميع إلى حرمة هذا العقد ووجوب التفريق بين الزوجين، لكن بعضهم يذهب إلى تأبيد حرمتها عليه إذا تمَّ الدخول في العدة لما رواه مالك أن طليحة
1 المجموع جـ15/ 147، والأم للشافعي جـ5/ 32، الشرح الصغير جـ1/ 380، وفتح الباري جـ11/ 84.
2 صحيح الإمام البخاري مع شرحه فتح الباري جـ11/ 84.
الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها فنكحت في عدتها، فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات وفرَّقَ بينهما، ثم قال: أيما امرأة نكحت في عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فُرِّقَ بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم كان الآخر خاطبًا من الخطاب، وإن كان دخل بها فُرِّقَ بينهما، ثم اعتدت عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبدًا1.
ويذهب الآخرون وهم الأكثر إلى عدم تأبيد الحرمة، سواء أدخل بها في العدة أم لا، بل يصير بعد اعتدادها من الاثنين خاطبًا من الخطاب، لما حكم به علي بن أبي طالب في مثل هذه الواقعة، وقالوا: إن عمر رضي الله عنه رجع إلى قول علي هذا، وأضاف بعض هذا الفريق إيجاب الحد عليهما إن كانا يعلمان بالحرمة حين أتبعا العقد بالوطء في العدة، ذهب الآخرون إلى تعزير العالم منهما بدلًا من الحد لوجود الشبهة2.
1 الموطأ مع شرح الزرقاني عليه جـ3/ 145.
2 حاشية ابن عابدين جـ3/ 516، 527، والمهذَّب للشيرازي جـ2/ 25، والمجموع للنووي جـ17/ 40، 41، وشرح منتهى الإرادات جـ3/ 225، وكشاف القناع جـ5/ 426.