الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني: ما لا يصح معه الشرط
وهو قسمان:
أحدهما: ما يبطل معه الشرط ويصح معه العقد
وهو أن يشترط أحد الزوجين الخيار في عقد النكاح، أو في المهر، أو شرط أحدهما أو كلاهما عدم الوطء، أو عدم النفقة، أو أن يعزل عنها، أو شرطت ألّا تسلم نفسها إليه إلّا مدة معينة، أو شرطت عليه أن يسكن بها حيث شاءت أو حيث شاء أبوها أو غيره، أو أن تستدعيه إلى الجماع حيث شاءت هي، أو شرطت لها النهار وضرتها الليل أو العكس، ونحو ذلك مما لا يقتضيه العقد أو فيه مضرة للطرف الآخر، فإن العقد يصح ويبطل الشرط عند الحنابلة، وعند المالكية يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بمهر المثل ويلغى الشرط1.
الثاني: ما يبطل معه العقد والشرط جميعًا
ويمكن حصر ذلك في اشتمال العقد على شرط يتضمن أمرًا منهيًّا عنه من الشارع أو منافيًا لما يقتضيه العقد، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
1-
أن يجعل بضع ابنته أو أخته مثلًا مهرًا لامرأة أخرى يتزوجها، وقد اشتهر هذا العقد باسم نكاح الشغار، سُمِّيَ بذلك لقبحه تشبيهًا له برفع الكلب رجله ليبول، وذلك بأن يتعاقدا على أن يزوج أحدهما الآخر وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما، سواء سكتا عنه أم شرطا نفيه، وهذا متفق على بطلانه2.
وقد ورد النهي عنه صريحًا، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار" متفق عليه. والشغار: أن يزوج الرجل ابنته أو وليته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق.
1 كشاف القناع جـ5/ 97، 98، والشرح الكبير جـ2/ 238.
2 الشرح الكبير جـ2/ 307، وكشاف القناع جـ5/ 93.
فإن سَمَّيَا مهرًا معلومًا مع البضع، مثل أن يقول: زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ومهر كل واحدة مائة، أو قال أحدهما: ومهر ابنتي مائة ومهر ابنتك خمسون، أو أقل منها أو أكثر، صح العقد عند الحنابلة1.
أما المالكية فيمنعونه ويسمونه وجه الشغار، ويسمون الصورة الأولى صريح الشغار، ويوجبون في الصورة الأولى فسخ النكاح أبدًا، سواء عثر عليه قبل البناء أم بعده، وفي الصورة الثانية يفسخونه قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل2، وإن سمى لواحدة دون الأخرى أعطيت من سمى حكم وجه الشغار، وأعطيت الآخر حكم صريح الشغار3.
2-
أن يشترطا في العقد أن الزوج متى أحل الزوجة المطلقة ثلاثًا لزوجها طلقها، أو فلا نكاح بينهما، أو نوى ذلك الزوج قبل العقد ولم يرجع عن نيته عند العقد، وقد اشتهر ذلك بنكاح التحليل أو المحلل وهو حرام غير صحيح4 لما روى ابن مسعود "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلِّلَ والمحلَّل له"5.
وعند الشافعية قول وهو أن شرط التطليق لا يبطل النكاح ولكن يبطل الشرط والمسمى، ويجب مهر المثل، فإذا نكح من غير شرط وفي عزمه أن يطلق إذا وطئ كره ذلك وصح العقد، وحلت لزوجها الأول بوطئه6.
3-
اشتراط التوقيت في العقد: وقد اشتهر ذلك بنكاح المتعة وسمي بذلك لأنه يتزوجها ليتمتع بها إلى أمد معلوم أو مجهول مثل أن يقول: زوجتك ابنتي مثلًا إلى نهاية السنة، أو إلى انقضاء الموسم، أو شهرًا، أو يومًا، وقد روى سبرة قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج حتى نهانا عنه،
1 كشاف القناع جـ5/ 93.
2 الشرح الكبير جـ2/ 309.
3 الشرح الكبير جـ2/ 309.
4 الشرح الكبير للدردير جـ2/ 258، والمحلى على المنهاج جـ3/ 247، وكشاف القناع جـ5/ 94.
5 الترمذي 1134، النسائي 3198، وأحمد 1/ 448، والبيهقي، وقال الترمذي: حسن صحيح.
6 المحلى في المنهاج جـ3/ 247.
رواه مسلم. ويفسخ العقد إن وقع ويعاقب الزوجان.
وإن نوى الزوج بقلبه من غير لفظ فقد قال بجوازه بعض العلماء ومنعه آخرون1، وقد فصَّلنا القول فيه في ركن الصيغة في حكم النكاح المؤقت.
4-
إذا اشترط في العقد ألّا يطأها، أو علَّق العقد على غير مشيئة الله تعالى في المستقبل؛ كقوله: زوجتك ابنتي إذا جاء رأس الشهر، أو إذا رضيت أمها، أو إذا رضي فلان
…
وذلك لأنه عقد معاوضة فلا يصح تعليقه على شرط مستقبل كالبيع، وقد تقدَّم الكلام في تعليق العقد عند الكلام في صيغة العقد.
1 كشاف الفناع جـ5/ 97، والشرح الكبير جـ2/ 238، 239.