الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: مدى صلاحية الزوجين للعلاقة الزوجية
المطلب الأول: أهلية الزوجين
1-
يذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا توجد موانع من الزواج لكلٍّ من الذكر والأنثى من جهة السن أو العقل أو العقد أو الرشد، إلا في حالات خاصة سنشير إليها بعد قليل، وذهب بعض الفقهاء إلى عدم صحة التزويج، منهم ابن شبرمة، حيث نقل عنه عدم جواز العقد على الصغيرة من أبيها ولا من سواه من أوليائها.
ولكن جمهور الفقهاء استدلوا على الجواز من كتاب الله تعالى بقوله تعالى في آية العدة: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ
…
} الآية1، فالصغيرة تشملها هذه الآية إذ أنها من النسوة اللاتي لم يحضن، ومع ذلك نزل القرآن ببيان عدتها إذا تزوجت وطلقت قبل أن تحيض، وإلّا فكيف يوجب عليها العدة إذا لم يكن الزواج صحيحًا.
وكما استدل الجمهور من السنة أيضًا2 بما حدث في زواج السيدة عائشة رضي الله عنها؛ إذ تم العقد عليها وعندها ست سنوات، ودخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها تسع سنوات3.
2-
المجنون الكبير المطلق إن خيف عليه الزنا أو الهلاك أو شدة الضرر، أو كان الزواج فيه علاج لحالته، أجبر على الزواج عند بعض الفقهاء كالمالكية، وأشار بعضهم إلى جواز الزواج من غير ذكر الوجوب. وهل يزوجه الأب فقط، أو يكون ذلك للوصي أو السلطان؟ ثمة خلاف ليس هذا مجال تفصيل القول فيه.
1 سورة الطلاق الآية: 4.
2 وهو حديث متفق عليه.
3 الشروط الصغير للإمام الطحاوي جـ2/ 673، 674.
أما من يفيق أحيانًا فتنتظر إفاقته حتى يؤخذ إذنه في تزويجه1.
أما الغلام الصغير سليمًا أو مجنونًا فأجاز الجمهور تزويجه إن كان في ذلك مصلحة، وقد قال بذلك ابن المنذر والحسن والزهري وقتادة ومالك والنووي والأوزاعي، مستدلين بأن ابن عمر رضي الله عنهما زوج ابنه وهو صغير، فاختصما إلى زيد فأجازاه جميعًا، رواه الأثرم بإسناده2، بل قال المالكية بجواز جبر الصغير السليم العقل على التزويج إن كان فيه مصلحة له كتزويجه من غنية أو شريفة3
وفرق الشافعي بين الغلام الصغير السليم العقل وبين المجنون، فأجاز تزويج الأول إن كان فيه مصلحة، ولم يجز تزويج المجنون الصغير لما يترتب على التزويج من حقوق؛ كالمهر والنفقة مع حاجته إليه ولو كان ذلك من أبيه4.
3-
يلزم الأب بتزويج ابنته البالغة المجنون، سواء أكانت بكرًا أم ثيبًا إن خيف عليها الزنا5 مع اختلافهم فيمن يملك ذلك، أما المجنونة الصغيرة فأجاز الجمهور تزويجها لمصلحة، ومنع ذلك الشافعي لعدم الحاجة6.
4-
السفيه المحجور عليه إذا كانت هناك حاجة لتزويجه، لزم وليه أن يزوجه لأنه نصب وليًّا عليه لمصالحه، وهذا الزواج من مصالحه؛ لأنه يصون به دينه وعرضه ونفسه، فإنما ربما تعرَّضَ بترك التزوج للإثم بالزنا والحد وهتك العرض، وإن لم تكن له حاجة إليه لا يزوجه؛ لأنه يلزمه بالنكاح حقوق من المهر والنفقة والمبيت والسكنى، فيكون تضييعًا لماله ونفسه من غير فائدة، فإن كان الولي رأى حاجته فأذن له بالتزوج فتزوج صح زواجه7.
1 الشرح الكبير للدردير جـ2/ 246، والمغني جـ6/ 499، 500، والمحلى على المنهاج جـ3/ 237.
2 المغني جـ6/ 499 والشرح الكبير جـ2/ 244.
3 الشرح الكبير جـ23/ 244.
4 المحلى على المنهاج جـ3/ 237، والمغني جـ6/ 496.
5 الشرح الكبير جـ2/ 244، والمحلى على المنهاج جـ2/ 230، والمغني جـ6/ 496، 497.
6 المحلى على المنهاج جـ3/ 230، والشرح الكبير جـ2/ 244، 245.
7 المغني جـ6/ 499، والشرح الكبير جـ2/ 244.