الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيارته، وبقي صحراء، وكان معروفاً بالنصب، فتألم المسلمون (1) لذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان، وهجاه الشعراء (2) دعبل وغيره، وفي ذلك يقول يعقوب بن السكيت، وقيل هي للبسامي:
تالله إن كانت أُمية قد أتت
…
قتل ابن بنت نبيها مظلوما
فلقد أتاه بنو أبيه بمثله
…
هذا لعمرك قبره مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا
…
في قتله فتتبّعوه رميما 104 (3)
ابن حنزابة
جعفر ابن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحصن ابن الفرات، الوزير المحدث أبو الفضل بن حنزابة بكسر الحاء المهملة وسكون النون وبعدها زاي وبعد الألف باء، وهي المرأة القصيرة الغليظة البغدادي نزيل مصر.
وزر أبوه للمقتدر في السنة التي قتل فيها المقتدر، وتقلد أبو الفضل وزارة كافور الإخشيدي بمصر، قال الخطيب: كان يذكر أنه سمع من أبي القاسم البغوي، وكان يملي الحديث بمصر، وبسببه خرج الدارقطني إلى هناك، وكان ابن حنزابة يريد يصنف مسنداً، فأقام عنده مدة وحصل بسببه له مال كثير، وروى عنه الدارقطني أحاديث. وولد ابن حنزابة سنة ثمان وثلثمائة، وتوفي
(1) ص: المسلمين.
(2)
ص: الشرعاء.
(3)
الوافي والزركشي: 85 ومعجم الأدباء 7: 163 وتاريخ بغداد 5: 275 والنجوم الزاهرة 4: 203 وحسن المحاضرة 1: 352 والمغرب (قسم مصر) : 251 وابن خلكان 1: 346 وعلى هذا فهو ليس من المستدرك على الوفيات.
سنة إحدى وتسعين وثلثمائة.
ومن شعره رحمه الله تعالى:
من أخمل النفس أحياها وروّحها
…
ولم يبت طاوياً منها على ضجر
إن الرياح إذا اشتدت عواصفها
…
فليس تقصف إلاّ عالي الشجر قال السلفي: كان ابن حنزابة من الثقات مع جلالة ورياسة.
ولما مات كافور وزر لأبي الفوارس أحمد بن الإخشيد، فقبض على جماعة من أرباب الدولة، وصادر يعقوب بن كلس، فهرب إلى الغرب ووزر لبني (1) عبيد، وكان قد أخذ منه أربعة آلاف دينار، ثم إن ابن حنزابة لم يقدر على رضى الإخشيد، فاختفى مرتين ونهبت داره، ثم قدم أمير الرملة الحسن بن عبيد الله ابن طغج وغلب على الأمور، فصادر الوزير ابن حنزابة وعذبه، فنزح إلى الشام، سنة ثمان وخمسين ثم إنه بعد ذلك رجع إلى مصر. وممن روى عنه الحافظ عبد الغني ابن سعيد. وكان الوزير في أيامه ينفق على أهل الحرمين من الأشراف وغيرهم، واشترى داراً إلى جانب المسجد من أقرب الدور إلى القبر الشريف (2) ليس بينها وبينه إلا حائط، وأوصى أن يدفن فيها، وقرر عند الأشراف ذلك، فأجابوه، فلما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين، وخرج الأشراف من مكة وحملوه وسعوا به وطافوا ووقفوا به بعرفة، ثم ردوه (3) إلى المدينة، ودفنوه في الدار التي اشتراها، وحضر جنازته القاضي الحسين ابن علي بن النعمان وقائد القواد وسائر الأكابر.
وقال المسبحي: لما غسل جعل في فيه ثلاث شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم كان ابتاعها بمال عظيم، وكانت عنده في درج مختوم الأطراف
(1) ص: أبي.
(2)
لم ترد في ص.
(3)
ص: رده.
بالمسك، وأوصى أن تجعل في فيه إذا مات، ففعل ذلك.
وقال الشريف محمد بن أسعد بن الجواني المعروف بالنحوي (1) : كان الوزير يهوى النظر إلى الحشرات من الأفاعي والحيات والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري في هذا المجرى، وكان في داره التي تقابل دار الشكالي (2) قاعة لطيفة موجهة (3) فيها تلك الحيات، ولها قيم وفراش وحاوي مستخدمون برسم نقل سلل الحيات وحطها، وكان كل حاوي في مصر يصيد ما يقدر عليه من الحيات، ويتناهون في ذوات العجب من أجناسها، وفي الكبار وفي الغريب منها، وكان يثيبهم على ذلك أجل ثواب ويبذل لهم الجزيل حتى يجتهدوا في تحصيلها، وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة، ويدخل المستخدمون والحواة فيخرجون ما في تلك السلل، ويطرحونه على ذلك الرخام، ويحرشون بين الهوام، وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه، فلما كان ذات يوم أنفذ خلف ابن المدبر الكاتب، وكان من كتاب أيامه ودولته، وهو عزيز عنده ويسكن جواره، فأنفذ يقول فيه في رقعة: إنه لما كان البارحة وعرض علينا الحواة الحشرات الجاري بها العادات، انساب منها الحية البتراء وذات القرنين الكبرى والعقربان الكبير وأبو صوفة وما حصلوا لنا بعد عناء طويل ومشقة وجملة بذلناها للحواة، ونحن نأمر الشيخ وفقه الله تعالى بالتوقيع إلى حاشيته بصونه ما وجد منها إلى أن ينفذ الحواة بردها إلى سللها. فلما وقف ابن المدبر عليها قلب الرقعة وكتب: أتاني أمر سيدنا الوزير أدام الله تعالى نعمته وحرس مدته بما أشار إليه من أمر الحشرات، والذي أعتمد عليه في ذلك أن الطلاق يلزمه ثلاثاً (4) إن بات هو أو أحد من أولاده في الدار، والسلام.
(1) ياقوت: بابن النحوي.
(2)
ياقوت: الشنتكاني، وفي المطبوعة السكاكي.
(3)
ياقوت: مرخمة.
(4)
ص: ثلاثة.