الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخرج به جماعة، وانتهت إليه رياسة المذهب بعد الشيخ تاج الدين، وكان متواضعاً كيساً حسن الأخلاق طويل الروح على التعليم، متين الديانة حسن الاعتقاد. فمن شعره:
احجج إلى الزهر لتحظى (1) به
…
وارم جمار الهمّ مستهترا (2)
من لم يطف بالزهر في وقته
…
من قبل أن يحلق قد قصّرا وقال في الدولاب:
وما أنثى وليست ذات فرجٍ
…
وتحمل دائماً من غير فحل
وتلقي كل آونة جنيناً
…
فيجري في الرياض بغير رجل
وتبكي حين تلقيه عليه
…
بصوت حزينةٍ ثكلى بطفل 24 (3)
القادر بالله
أحمد بن إسحاق أمير المؤمنين القادر بالله؛ بويع له بالخلافة عند القبض على الطائع، في حادي عشر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، ومولده سنة ست وثلاثين وثلثمائة، وكان أبيض كث اللحية طويلها، يخضب شيبته، وكان من أهل الستر والصيانة وإدامة التهجد، وبقي خليفة إحدى وأربعين سنة وثلاثة أشهر. توفي ليلة الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة،
(1) ص: واسعى، والتصويب عن المنهل الصافي والوافي.
(2)
المنهل والوافي: مستنفراً، وهو أصوب.
(3)
لم ترد هذه الترجمة في المطبوعة؛ وراجع كتب التاريخ العامة، وانظر بخاصة: والوافي 6: 239 وتاريخ الخلفاء: 442 والفخري: 258 والروحي: 64 والمنتظم 8: 57 وتاريخ بغداد 4: 37.
ودفن بدار الخلافة، وصلى عليه ولده القائم بأمر الله. عاش سبعاً وثمانين سنة، ثم نقل تابوته إلى الرصافة، ولم يبلغ أحد من الخلفاء قبله هذا العمر، ولا أقام في الخلافة هذه المدة. ومن شعره:
ما الزهد أن تمنع الدنيا فترفضها
…
ولا تزال أخا صومٍ حليف دعا
وإنما الزهد أن تحوي البلاد وأر
…
قاب العباد فتلفى عادلاً ورعا وبينما القادر يمشي ذات ليلة في أسواق بغداد إذ سمع شخصاً يقول لآخر: قد طالت دولة هذا المشوم، وليس لأحد عنده نصيب، فأمر خادماً كان معه بالتوكل عليه، وأن يحضره بين يديه، فما شك أنه يبطش به، فسأله عن صنعته فقال: إني كنت من السعاة الذين يستعين بهم أرباب هذا الأمر على معرفة أحوال الناس، فمذ ولي أمير المؤمنين أقصانا، وأظهر الاستغناء عنا، فتعطلت معيشتنا وانكسر جاهنا، فقال له: أتعرف من في بغداد من السعاة مثلك؟ قال: نعم، فأحضر كاتباً، وكتب أسماءهم، وأمر بإحضارهم، ثم أجرى لكل واحد منهم معلوماً، ونفاهم إلى الثغور القاصية، ورتبهم هناك عيوناً على أعداء الدين، ثم التفت إلى من حوله وقال: اعلموا أن هؤلاء ركب الله فيهم شراً وملأ صدورهم حقداً على العالم، ولا بد لهم من إفراغ ذلك الشر، فالأولى أن يكون ذلك في أعداء الدين، ولا ننغص بهم المسلمين. رحمه الله تعالى.