الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا اصطبارك للحجاب مذلّة
…
عارٌ عليك مدى الزمان وعابٌ
فأجبتهم ولكلّ قولٍ صادقٍ
…
أو كاذبٍ عند المقال جواب
إنّي لأغتفر الحجاب لماجدٍ
…
أمست له مننٌ عليّ رغاب
قد يرفع المرء اللئيم حجابه
…
ضعةً ودونه العرف منه حجاب وله من الكتب: كتاب البلدان الصغير. كتاب البلدان الكبير ولم يتم. كتاب جمل أنساب الأشراف وهو كتابه المعروف بالمشهور. كتاب الفتوح. كتاب عهد أزدشير. وكان أحد النقلة من الفارسي إلى العربي، رحمه الله تعالى (1) .
60 -
(2)
شهاب الدين ابن فضل الله
أحمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلي بن دعجان بن خلف بن أبي الفضل نصر ابن منصور بن عبيد الله بن علي بن محمد بن أبي بكر عبد الله بن عبيد الله بن أبي بكر بن عبيد الله الصالح بن أبي سلمة عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، القاضي شهاب الدين أبو العباس، ابن القاضي أبي المعالي محيي الدين، القرشي العدوي العمري.
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في حقه: هو الإمام الفاضل البليغ المفوه الحافظ، حجة الكتاب، إمام أهل الآداب، أحد رجالات الزمان كتابةً وترسلاً،
(1) وله من الكتب
…
تعالى: سقط من المطبوعة.
(2)
الزركشي: 64 والوفي 8: 252 وأعيان العصر 1: 147 والدرر الكامنة 1: 331 والنجوم الزاهرة 10: 334 والرد الوافر: 81 والشذرات 6: 160 وذيل عبر الذهبي: 275.
وتوصلاً إلى غايات المعاني (1) ، وتوسلاً، وإقداماً على الأسود في غابها، وإرغاماً لأعاديه بمنع رغابها، يتوقد ذكاء وفطنة ويتلهب، ويتحدر سيله ذاكرةً وحفظاً ويتصبب، ويتدفق بحره بالجواهر كلاماً، ويتألق إنشاؤه بالبوارق المسرعة (2) نظاماً، ويقطر كلامه فصاحةً وبلاغةً، وتندى عبارته انسجاماً وصياغة، وينظر إلى غيب المعاني من ستر رقيق، ويغوص في لجة البيان فيظفر بكبار اللؤلؤ من البحر العميق؛ استوت بديهته وارتجاله، وتأخر عن فروسيته من هذا الفن رجاله، يكتب من رأس قلمه بديهاً، ما يعجز تروّي القاضي الفاضل أن يدانيه تشبيهاً، وينظم من المقطوع والقصيدة جوهراً، ما يخجل الروض الذي باكره الحيا مزهراً، صرف الزمان أمراً ونهيا، ودبر الممالك تنفيذاً ورأيا، ووصل الأرزاق بقلمه، ورويت تواقيعه وهي إسجالات حكمه وحكمه، لا أرى أن اسم الكاتب يصدق على غيره ولا يطلق على سواه:
لا يعمل القول المكرّ
…
ر منه والرأي المردّد
ظنٌّ يصيب به الغيو
…
ب إذا توخّى أو تعمد
مثل الحسام إذا تأل
…
ق والشهاب إذا توقّد
كالسيف يقطع وهو مس
…
لولٌ ويرهب حين يغمد ولا أعتقد أن بينه وبين القاضي الفاضل من جاء مثله؛ على أنه قد جاء مثل تاج الدين ابن الأثير ومحيي الدين ابن عبد الظاهر وشهاب الدين محمود وكمال الدين بن العطار وغيرهم، هذا إلى ما فيه من لطف أخلاق وسعة صدر وبشر محيا؛ رزقه الله أربعة أشياء لم أرها اجتمعت في غيره. وهي: الحافظة، قلما طالع شيئاً إلا كان مستحضراً لأكثره، والذاكرة التي إذا أراد ذكر شيء من زمن متقدم كان ذلك حاضراً كأنه إنما مر به بالأمس، والذكاء الذي تسلط
(1) الوافي: المعالي.
(2)
الوافي: المتسرعة.
به على ما أراد، وحسن القريحة في النظم والنثر، أما نثره فلعله في ذروة كان أوج الفاضل لها حضيضاً، ولا أرى أحداً (1) يلحقه فيه جودة وسرعة، وأما نظمه فلعله لا يلحقه فيه إلا الأفراد، وأضاف الله تعالى له إلى ذلك كله حسن الذوق الذي هو العمدة في كل فن. وهو أحد الأدباء الكملة الذين رأيتهم. وأعني بالكملة الذين يقومون بالأدب علماً وعملاً في النظم والنثر ومعرفة بتراجم أهل عصره ومن تقدمهم على اختلاف طبقاتهم وبخطوط الأفاضل وأشياخ الكتابة، ثم إنه مشارك من رأيته من الكملة في أشياء، وينفرد عنهم بأشياء بلغ فيها الغاية لأنه جود فن الإنشاء والنثر، وهو فيه آية، والنظم وسائر فنونه، والترسل البارع عن الملوك، ولم أر (2) من يعرف تواريخ الملوك المغل من لدن جنكيزخان وهلم جراً معرفته، وكذلك ملوك الهند والأتراك. وأما معرفة الممالك والمسالك وخطوط الأقاليم والبلدان وخواصها، فإنه فيها إمام وقته، وكذلك معرفة الاصطرلاب وحل التقويم وصور الكواكب. وقد أذن له العلامة شمس الدين الأصفهاني في الإفتاء على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، فهو حينئذ أكمل الكملة الذين رأيتهم. ولقد استطرد الكلام يوماً في ذكر القضاة فسرد ذكر القضاة الأربعة (3) الذين عاصرهم شاماً ومصراً، وألقابهم وأسماءهم وعلامة كل قاض منهم، حتى إني ما كدت أقضي العجب مما رأيت.
ولد بدمشق ثالث شوال سنة سبعمائة. قرأ العربية أولاً على الشيخ كمال الدين ابن قاضي شهبة، ثم على قاضي القضاة شمس الدين ابن مسلم، وتفقه على قاضي القضاة شهاب الدين ابن المجد عبد الله، وعلى الشيخ برهان الدين، وقرأ الأحكام الصغرى على الشيخ تقي الدين بن تيمية، والعروض على الشيخ شمس الدين الصائغ وعلاء الدين الوداعي وقرأ جملة من المعاني والبيان على العلامة
(1) ص: أحد.
(2)
ص: أرى.
(3)
ص: الأربع.
شهاب الدين محمود (1) وقرأ عليه جملة من دواوين العرب، والأصول على الشيخ شمس الدين الأصفهاني، وأخذ اللغة عن الشيخ أثير الدين، وصنف فواضل السمر في فضائل آل عمر أربع مجلدات، وكتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار في عشرين مجلد كبار، وهو كتاب حافل ما أعلم أن لاحد مثله، والدعوة المستجابة، مجلد وصبابة المشتاق في المدائح النبوية مجلد، وسفرة السفرة ودمعة الباكي ويقظة الساهر ونفحة الروض ونظم كثيراً من القصائد والأراجيز والمقطعات والذوبيت والموشح والبليق، وأنشأ كثيراً من التقاليد والمناشير والتواقيع ومكاتبات الملوك وغير ذلك.
ومن شعره:
شربت مع غادة عجوز طلا
…
فاستصحبت بعد منعها العاده
ليّنها السكر لي فحينئذٍ
…
سلّمت أن العجوز قوّادة وقال:
شادنٌ جدّد وجدي بعدما
…
صرت شيخاً ليس ترضاني العجوز
قلت جاوز لي متاعي قال قل
…
غير هذا ذاك شيء لا يجوز وقال:
سل شجيّاً عن فؤادٍ نزحا
…
وخليّاً فيهم كيف صحا
ومحبّاً لم يذق بعدهم
…
غير تبريحٍ بهم ما برحا
مزج الدمع بذكراه لهم
…
مثل خدي من سقاه القدحا
زاره الطيف وهذا عجب
…
شبحٌ كيف يلاقي شبحا وقال:
أأحبابنا والعذر منّا إليكم
…
إذا ما شغلنا بالنّوى أن نودّعا
(1) سقط من ص، وزدته في الوافي.