الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما غبت عنك لهجرةٍ تعتدها
…
ذنباً عليّ ولا لضعف وفائي
لكنني لمّا رأيت يد النوى
…
ترمي الجميع بفرقة وتنائي
أشفقت من نظر الحسود لوصلنا
…
فحجبته عن أعين الرقباء 133 (1)
الحسن بن وهب
الحسن بن وهب بن سعيد بن عمرو بن حصين الكاتب؛ كان يذكر أنه من ولد الحارث بن كعب، وهو معروف في الكتابة، فآباؤه وأجداده كلهم كتبة في الدولتين: الأموية والعباسية، وكان الحسن يكتب بين يدي محمد بن عبد الملك ابن الزيات، ثم إنه ولي ديوان الرسائل، وولي بعض الأعمال بدمشق، وبها مات وهو يتولى البريد آخر أيام المتوكل. ومولده سنة ست وثمانين ومائة.
قال المرزباني: بنو وهب كلهم كتاب، وأصلهم نصارى من جند سابور، تعلقوا بنسب في اليمن في بني الحارث بن كعب، وكان عبيد الله وابنه القاسم يدفعان ذلك. وكتب الحسن إلى أخيه سليمان وقد نكبه الواثق:
اصبر أبا أيوب صبراً يرتضى (2)
…
فإذا عجزت عن الخطوب فمن لها
الله يفرج بعد ضيقٍ كربها (3)
…
ولعلّها أن تنجلي ولعلّها وكان الحسن قد جعل على نفسه أنه لا يذوق طيباً ولا يشرب شراباً حتى
(1) الأغاني 22: 523 وسيط اللآلي: 506 وابن خلكان 2: 15 - 18 وتهذيب ابن عساكر 4: 252؛ والترجمة أجزاء كثيرة أخلت بها المطبوعة.
(2)
الأغاني: خطب أبا أيوب جل محله.
(3)
الأغاني: فأصبر لعل الصبر يفتق ما ترى.
يتخلص أخوه سليمان، ووفى بذلك. ومن شعر الحسن:
جرّاك (1) عفوي على الذنوب فما
…
تخاف عند الذنوب إعراضي
أشدّ يومٍ (2) أكونه غضباً
…
عليك فالقلب ضاحك راضي
أنت أميرٌ عليّ مقتدر
…
حكمك في قبض مهجتي ماضي
والخصم لا يرتجى الفلاح له
…
يوماً إذا كان خصمه القاضي وقال:
أبكي فمن أيسر ما في البكا
…
لأنّه للوجد تسهيل
وهو إذا أنت تأمّلته
…
حزنٌ على الخدين محلول وزارته يوماً بنات جارية ابن حماد، وكان يهواها، وشرطت عليه أن تنصرف وقت أذان العشاء، فلما أقبل الليل كتب إلى مؤذن محلته:
قل لداعي الصلاة أخّر قليلا
…
قد قضينا حقّ الصلاة طويلا
ليس في ساعةٍ تؤخّرها إث
…
مٌ تجازى به، وتحيي قتيلا
وتراعي حقّ المودّة فينا
…
وتعافى من أن تكون ثقيلا فحلف المؤذن أنه لا يؤذن العشاء شهراً.
قال الصولي في أخباره: كان أبو تمام يعشق غلاماً خزرياً للحسن بن وهب، وكان الحسن يعشق غلاماً رومياً لأبي تمام، فرآه يعبث بغلامه فقال: والله لئن سرت (3) إلى الرومي لأسيرن إلى الخزري، فقال له الحسن: لو شئت حكمتنا واحتكمت، فقال أبو تمام: أنا أشبهك بداود عليه السلام وأشبهني بخصمه، فقال له الحسن: لو كان منظوماً، فقال أبو تمام من أبيات (4) :
(1) ص: جزاك.
(2)
ص: يوماً.
(3)
ص: لا سرت.
(4)
ديوان أبي تمام 4: 463 - 464 وأخبار أبي تمام: 194 مع اختلاف في بعض الرواية.
أذكرتني أمر داود وكنت فتىً
…
مصرّف القلب في الأهواء والفكر
أعندك الشمس تزهى في مطالعها
…
وأنت مشتغل الأفكار بالقمر
إن أنت لم تترك السير الحثيث إلى
…
جآذر الروم أعنقنا إلى الخزر
وربّ أمنع منه جانباً وحمىً
…
أمسى وتكته مني على خطر
جردت فيه جيوش العزم فانكشفت
…
عنه غياهبها عن نيكة هدر
أنت المقيم فما تغدو رواحله
…
وأيره أبداً منه على سفر وقيل لأبي تمام (1) : غلامك أطوع للحسن ابن وهب من غلامه لك، قال: أجل؛ لأن يعطي غلامي مالاً، وأنا أعطي غلامه قيلاً وقالاً.
وكان (2) قد وقف ابن الزيات على ما يجري بينهما، فاتفق أن عزم غلام أبي تمام على الاحتجام، فكتب إلى الحسن بن وهب يعلمه بذلك ويستهديه مطبوخاً، فوجه إليه بمائة دن مطبوخ ومائة دينار، وكتب إليه:
ليت شعري يا أملح الناس عندي
…
هل تداويت بالحجامة بعدي
دفع الله عنك لي كلّ سوء
…
باكرٍ رائحٍ وأن خنت عهدي
قد كتمت الهوى بأبلغ جهدي
…
فبدا منه غير ما كنت أبدي
وخلعت العذار إذ علم النّا
…
س بأني إياك أصفي بودي
فليقولوا بما أحبوا إذا كن
…
ت وصولاً ولم ترعني بصد واتفق أنه وضع الرقعة تحت مصلاه، وبلغ محمد بن الزيات خبرها، فوجه إلى الحسن من شغله بالحديث، وأمر من جاءه بتلك الورقة ففكها وقرأها، وكتب فيها على لسان أبي تمام الطائي:
ليت شعري عن ليت شعرك هذا
…
أبهزلٍ تقوله أم بجدّ
(1) أخبار أبي تمام: 196.
(2)
المصدر نفسه.