الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدرسة. قال النفيس أحمد القطرسي (1) يمدحه بقصيدة منها:
أحرقت يا ثغر الحبيب حشاي لما ذقت بردك
…
أتظنّ غصن البان يعجبني وقد عاينت قدك
…
أو خلت آس عذارك المخضرّ يحمي منك وردك
…
يا قلب من لانت معاطفه علينا ما أشدّك
…
أتظنني جلد القوى أو أن لي عزمات جلدك
…
وتوفي في شعبان سنة ثمان وعشرين وستمائة، رحمه الله تعالى.
109 -
(2)
جنكزخان
جنكزخان طاغية التتار وملكهم الأول الذي خرب البلاد، وقتل العباد، ولم يكن للتتار قبله ذكر، إنما كانوا ببادية الصين، فملكوه عليهم، وأطاعوه طاعة أصحاب نبي لنبيهم، وكان مبدأ ملكه سنة تسع وتسعين وخمسمائة، واستولى على بخارى وسمرقند سنة ست عشرة (3) ، واستولى على مدن خراسان سنة ثمان عشرة (4) ، ولما رجع من حرب السلطان جلال الدين خوارزم شاه على نهر السند
(1) ص: القرطسي؛ وهو أبو العباس أحمد بن عبد النبي القرطسي المعروف بالنفيس (انظر ابن خلكان 1: 164 وعقود الجمان 1: 149 وبغية الطلب 1: 234 والوافي 7: 72) وقد ضبط ابن خلكان القرطسي، وقال إنها نسبة إلى جده قطرس.
(2)
الوافي والنجوم الزاهرة 6: 268 والخطط 2: 221 والبداية والنهاية 13: 117 ولعلاء الدين الجويني كتاب في سيرته.
(3)
ص: ست عشر.
(4)
ص: عشر.
وصل إلى مدينة تنكث من بلاد الخيطا، فمرض بها ومات في رابع شهر رمضان سنة أربع وعشرين وستمائة، فكانت أيام مملكته خمساً وعشرين سنة، وكان اسمه قبل أن يلي الملك تمرحين، ومات على دينهم وكفرم، وخلف من الأولاد ستة، وفوض الأمير إلى أركتاي أحدهم بعدما استشار الخمسة الباقين، فلما هلك امتنع أركتاي من الملك وقال: في إخوتي وأعمامي من هو أكبر مني، فلم يزالوا به بعد أربعين يوماً (1) حتى تملك عليهم، ولقبوه القان الأعظم، ومعناه الخليفة فيما قيل، وبعث جنوده وفتح الفتوحات وطالت أيامه، وولي بعده موتكوكا وهو القان الذي هولاكو من بعض مقدميه، وولي بعده أخوه قبلاي، وطالت أيام قبلاي، وبقي في الأمر إلى سنة أربع وسبعمائة، ومات بمدينة خان بالق.
يقال إنه لما كان السلطان خوارزم شاه يغزو هؤلاء التتار ويقتلهم ويسبي ذراريهم وأولادهم ويمنعهم من الخروج عن حدود بلادهم اجتمعوا التتار وشكوا ما يلاقوا من خوارزم شاه وما هم فيه من الضيق والبلاء، فقال لهم جنكزخان: إن ملكتموني عليكم والتزمتم لي بالطاعة واتباع اليسق (2) الذي أضع لكم شرعه رددت خوارزم شاه عنكم، فالتزموا له بذلك.
وكان مما وضعه لهم أنه قال: كل من أحب امرأة، بنتاً كانت أو غيرها، لا يمنع من التزوج بها ولو كان زبالاً والامرأة بنت ملك، وكان غرضه أن يتناكحوا بشهوة شديدة، ويتضاعف نسلهم ويكثر عددهم، فلما تقرر ذلك دخلوا على خوارزم شاه، وعقدوا مهادنته عشرين سنة، فما جاءت العشرون سنة إلا وهم أمم لا يحصون ولا يحصرون.
وكان من جملة ما قرره أنه إذا حرم القان على أحد شيئاً فلا يحل له أن يأتيه
(1) ص: يوم.
(2)
النسق؛ وقال ابن تغري بردي (النجوم 6: 268) هو صاحب ((التورا)) و ((اليسق)) والتورا: باللغة التركية هو المذهب، واليسق: الترتيب، وأصل كلمة اليسق:((سي يسا)) ومعناه التراتيب الثلاث.