الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى شجرة تين ليتخلى، والملك المنصور يشاهده ولم يعلم ما يريد، فأرسل إليه شخصاً ليرى ما يصنع، فلما صار تحت الشجرة قال له: يا من في هذه الشجرة أطعمني من هذه التينة، فقال له: خذ، وسلح في وجهه، قال: ما هذا؟ قال: أطعمتك من التينة، فلما اطلع المنصور على القضية وقع مغشياً عليه من الضحك.
ومن شعره:
قالوا: ذؤابته مقصوصة حسداً
…
فقلت: قاطعها للحسن صواغ
صدغان كان فؤادي هائماً بهما
…
فكيف أسلو وكلّ الشعر أصداغ 51 (1)
ابن المدبر
أحمد بن محمد بن عبيد الله المدبر الكاتب أبو الحسن؛ كان أسن من أخيه إبراهيم - وقد تقدم ذكره (2) -؛ تقلد أحمد ديوان الخراج والضياع للمتوكل ثم تمالأ عليه الكتاب فأخرجوه إلى الشام والياً فكسب بها مالاً عظيماً، ثم قتله أحمد ابن طولون في سنة سبعين ومائتين (3) . وكان فاضلاً يصلح للقضاء، وللبحتري فيه مدائح. مات تحت العذاب، رحمه الله تعالى؛ وهو القائل:
أتصبر للدهر أم تجزع
…
وماذا عسى جزعٌ ينفع
فأمّا تصابيك بالغانيات
…
فولّى به الفاحم الأفرغ
(1) الوافي 8: 38 وتهذيب ابن عساكر 2: 59 والمغرب (قسم مصر) 1: 123 وخطط المقريزي 1: 314 وابن خلكان 7: 56 ولم ترد هذه الترجمة في المطبوعة.
(2)
انظر الترجمة رقم: 15.
(3)
الوافي: فيما قبل سبعين ومائتين تقريباً، ثم ذكر ثلاثة تواريخ لمقتله.
غداة ابتدلت به حلةً
…
من الشيب ناصعها يلمع
وقد كنت أزمان شرخ الشباب
…
تصول مدلاًّ ولا تخشع
تطاع ويعصى لديك العذول
…
ويصفو لك العيش والمربع (1) وكتب إليه أخوه إبراهيم يشكو حاله وهو محبوس (2) فكتب إليه:
أبا إسحاق إن تكن اللّيالي
…
عطفن عليك بالخطب الجسيم
فلم أر صرف هذا الدهر يجني
…
بمكروهٍ على غير الكريم وقال أيضاً:
صباح الحبّ ليس له مساء
…
وداء الحبّ ليس له دواء
ولي نفس تنفّسها اشتياق
…
وعينٌ فيض عبرتها الدماء
وليلي والنّهار عليّ ممّا
…
أقاسي فيهما أبداً سواء وقال المعتصم يوماً للفضل بن مروان، وقد أراد الخروج إلى القاطول: غلماني تحت السماء ما لهم شيء يكنهم، فابن لهم غداً أربعة آلاف بيت؛ فخرج مفكراً، فلقيه أحمد بن المدبر فسأله عن غمه فأخبره بقول المعتصم فقال: إنما أمرك أن تشتري لهم أربعة آلاف لباد (3) ليستكنوا فيها، فاشترى لهم ما وجد وتقدم في عمل الباقي لمن بقي، فلما أصبح المعتصم ورآها على غلمانه قال للفضل: أحسنت، بهذا أمرتك.
وقيل إن أحمد بن المدبر قال: حبست في حبس لابن طولون ضيق، وفيه خلق وبعضنا على بعض، فحبس معنا أعرابي فلم يجد مكاناً يقعد فيه، فقال: يا قوم، لقد خفتت من كل شيء إلا أني ما خفت قط ألا يكون لي موضع في الأرض في الحبس أقعد فيه، ولا خطر ذلك ببال، فاستعيذوا بالله من حالنا.
(1) الوافي: والمرتع.
(2)
ص: محبوساً.
(3)
الوافي: لبادة.