الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما إن قضى الله شيئاً في خليقته
…
أشدّ من زفرات الحبّ حين قضى
فلا قضى كلفٌ نحباً فأوجعني
…
إن قيل إن المحب المستهام قضى 115 (1)
ناصر الدين ابن النقيب
الحسن ابن شاور بن طرخان بن الحسن. هو ناصر الدين بن النقيب الكناني المعروف بالفقيسي (2) .
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان: جالسته بالقاهرة مراراً وكتبت عنه، وكان نظمه حسناً؛ وتوفي سنة سبع وثمانين وستمائة.
روى عنه الدمياطي والشيخ فتح الدين وغيره، وله كتاب سماه منازل الأحباب ومنازه الألباب ذكر فيه المجاراة التي دارت بين أدباء عصره وبينه، وهو في مجلدين، وله ديوان مقاطيع في مجلدين، وشعره جيد عذب منسجم فيه التورية الرائقة اللائقة المتمكنة، وهو أحد فرسان تلك الحلبة الذين كانوا من شعراء مصر في ذلك العصر، ومقاطيعه جيدة إلى الغاية، رحمه الله.
فمن شعره:
يا من أدار بريقه مشمولةً (3)
…
وحبابها الثغر النقيّ الأشنب
تفاح خدّك بالعذار ممسّك
…
لكنه بدم القلوب مخضّب وقال:
(1) الوافي والزركشي: 92 والشذرات 5: 400 وذكره السيوطي في حسن المحاضرة 1: 569 باسم ((محمد بن الحسن بن شاور)) ؛ وانظر النجوم الزاهرة 7: 376.
(2)
النجوم: بابن الفقيسي.
(3)
النجوم: سلافة من ريقه
يا مالكي ولديك ذلي شافعي
…
ما لي سألت فما أُجيب سؤالي
فوخدّك النعمان إن بليّتي
…
وشكيتي من طرفك الغزّالي وقال:
وما بين كفّي والدراهم عامرٌ
…
ولست بها دون الورى ببخيل
وما استوطنتها قطّ يوماً وإنّما
…
تمرّ عليها عابرات سبيل وقال:
ما كان عيباً لو تفقّدتني
…
وقلت هل أتهم أو أنجدا
فعادة السادات من قبل أن (1)
…
يفتقدوا الأتباع والاعبدا
هذا سليمان على ملكه
…
وهو بأخبارٍ له يقتدى
تفقّد الطّير وأجناسها
…
فقال مالي لا أرى الهدهدا وقال:
أراد الظبي أن يحكي التفاتك
…
وجيدك قلت لا يا ظبي فاتك
وفدّى الغصن قدّك إذ تثنّى
…
وقال: الله يبقي لي حياتك
ويا آس العذار فدتك نفسي
…
وإن لم أقتطف بفمي نباتك
ويا ورد الخدود حمتك عني
…
عقارب صدغه فأمن جناتك
ويا قلبي ثبتّ على التّجنّي
…
ولم يثبت له أحد ثباتك وقال:
أقول لنوبة الحمى اتركيني
…
ولا يك منك لي ما عشت أوبه
فقالت كيف يمكن ترك هذا
…
وهل يبقى الأمير بغير نوبه وقال:
حدّثت عن ثغره المحلّى
…
فمل إلى خده المورّد
(1) ما بين معقفين سقط من ص.
خدٌّ وثغر فجلّ ربّ
…
بمبدع الخلق قد تفرّد
هذا عن الواقديّ يروي
…
وذاك يروي عن المبرّد وقال:
أنا العذريّ فاعذرني وسامح
…
وجرّ عليّ بالإحسان ذيلا
ولمّا صرت كالمجنون عشقاً
…
كتمت زيارتي وأتيت ليلا وقال:
وجردت مع فقري وشيخوختي التي
…
تراها فنومي عن جفوني مشرّد
فلا يدّعي غيري مقامي فإنني
…
أنا ذلك الشيخ الفقير المجرّد وقال:
أعملت نفسي في السماء وقد بدا
…
فيها هلالٌ جسمه منهوك
فكأنما هي شقّةٌ ممدودةٌ
…
وكأنه من فوقها مكّوك وقال:
قالوا فلانٌ ناظرٌ فأجبت ما
…
هو ناظرٌ إلاّ إلى أعطافه
لم يدر مسح الأرض قلت أزيدكم
…
أُخرى: ولا مسحٌ على أطرافه وقال:
الصبّ من بعدكم مفردٌ
…
ودمعه النيل وتغليقه
وخدّه ممّا بكاكم دماً
…
مقياسه والدمع تخليقه وقال:
وما بي سوى عين نظرت لحسنها
…
وذاك لجهلي بالعيون وغرّتي
وقالوا به في الحبّ عين ونظرة
…
لقد صدقوا عين الحبيب ونظرتي وقال:
قالوا قد احترقت بالنار راحته
…
وهي الغمام ومنها الوابل الغدق
وقال قومٌ وما ضلّوا وما وهموا
…
بأنها النيل قلت النيل يحترق وقال:
أبلمٌ قلّدوه أمر الرعايا
…
وهو في حلية الوزارة عطل
فهو بالبوق في الوزارة طبلٌ
…
وهو في الدّست حين يجلس سطل وقال:
يا غائباً لو قضيت من أسفٍ
…
من بعده ما قضيت ما يجب
ما ترك السقم بعد بعدك لي
…
والله جنباً عليه أنقلب وقال:
يقول جسمي لنحولي وقد
…
أفرط بي فرط ضنىً واكتئاب
فعلت بي يا سقم ما لم يكن
…
تلبس والله عليه الثياب وقال:
لا تأسفنّ على الشّباب وفقده
…
فعلى المشيب وفقده يتأسّف
هذاك يخلفه سواه إذا انقضى
…
ومضى وهذا إن مضى لا يخلف وقال:
عجبت للشيب كنت أكرهه
…
فأصبح القلب وهو عاشقه
وكنت لا أشتهي أراه فقد
…
أصبحت لا أشتهي أفارقه وكتب إلى السراج الوراق تصحيف (1) :
ما زلت مذ غبت عنك في بلدي
…
حتى إذا ما أزحت علّتها
أقمت أجرانها على عجلٍ
…
وبعد هذا خزنت غلّتها وكتب إليه ابن سعيد المغربي:
(1) كذا في ص.
أيا ساكني مصرٍ غدا النيل جاركم
…
فأكسبكم تلك الحلاوة في الشعر
وكان بتلك الأرض سحرٌ، وما بقي
…
سوى أثرٍ يبدو على النظم والنثر فأجابه ابن النقيب:
ولمّا حللت الثغر زاد حلاوةً
…
وخليته أغلى من الشذر والدر
فرحت وبي شوق (1) وما كنت شيّقاً
…
لملثم ذاك الثغر لولاك في الثغر
فلا تطلبن سحر البيان بأرضنا
…
فكم فيه موسى مبطلاً آية السحر
ولا رقّة الشعر الذي كان أولاً
…
وكيف رقيق الشعر مع قسوة الدهر وكتب ابن النقيب إلى السراج الوراق:
يا ساكن الروضة أنت المشتهى
…
من هذه الدنيا وأنت المقتضى
ويا سرور النفس بين الشعرا
…
أنت الرضيّ فيهم والمرتضى
ويا سراجاً لم تزل أنواره
…
تعيد مسودّ الليالي أبيضا
ما لي أراك قاطعاً لواصلٍ
…
ومعرضاً عن مقبلٍ ما أعرضا فأجابه السراج:
يا سهم عتبٍ جاء من كنانةٍ
…
أصبت من سواد قلبي الغرضا
لكن أسوت ما جرحته بما
…
أعقبته من العتاب بالرضا
يا ابن النقيب ما أرى منقبةً
…
إلاّ وأولتك الثناء الأبيضا
إنّ ولائي حسنٌ في حسن
…
إذ ما أرى لعمرٍ أن يرفضا وقال:
قلّدت يوم البين جيد مودّعي
…
درراً نظمت عقودها من أدمعي
وحدا بهم حادي المطيّ فلم أرى
…
قلبي ولا جلدي ولا صبري معي
ودّعتهم ثمّ انثنيت بحسرةٍ
…
تركت معالم معهدي كالبلقع
(1) ص: شوقاً.
ورجعت لا أدري الطريق ولا تسل
…
رجعت عداك المبغضون (1) كمرجعي
وأشدّ ما بي في القضيّة شامتٌ
…
قد جاءني في صورة المتوجّع
يا صاحبي أنصت لأخبار الهوى
…
حاشا لمثلك أن أقول ولا يعي
إني أحدث في الهوى بعجائب
…
وغرائب حتى كأني الأصمعي
يا نفس قد فارقت يوم فراقهم
…
طيب الحياة ففي البقا لا تطمعي
هيهات يرجع شملنا بالأجرع
…
وتعود أحبابي الذي كانوا معي
ما كان أحسننا وهم جيراننا
…
والشمل ملتئمٌ بتلك الأربع
بحياتكم جودوا عليّ تكرّماً
…
فعسى خيالكم يلمّ بمضجعي
فلقد عدمت الصبر يوم فراقكم
…
وتضرمت نار الأسى في أضلعي
يا نازحين فهل لكم من عودةٍ
…
نزح التفرق ما بقي من مدمعي
إن لم تعودوا للديار وترجعوا
…
لهلكت من شوقي وفرط توجّعي
أترى يعود الدهر يجمع بيننا
…
ويلذّ طيب حديثكم في مسمعي
ويقرّ قلبٌ (2) قد أطيل خفوقه
…
وتنام عينٌ بعدكم لم تهجع وقال:
نحن إلاّ قطاعة الأجناد
…
وبراوات غزّ هذا النادي (3)
نحن إلاّ حكايةٌ وخيالٌ
…
وحديثٌ لحاضرٍ ولبادي
نحن إلاّ غسالة لمرقدا
…
ر (4) قدورٍ تفرغت وزبادي
نحن إلاّ زبالةً ضمها الزب
…
ال من فوق الكوم للوقاد
جرّدونا فما قطعنا فردو
…
نا وقد أحسنوا إلى الأغماد
(1) ص: المبغضين.
(2)
ص: قلباً.... عيناً.
(3)
القطاعة: الرغوة؛ والبرادة: ما تبقى من قطعة الصابون بعد الاستعمال.
(4)
المرقدار: هو الذي يتصدى لخدمة ما يحوز المطبخ وحفظه، سمي بذلك لكثرة معاطاته لمرق الطعام عند رفع الخوان ونحو ذلك (صبح الأعشى 5: 470) .
وعرضنا على براذين جيش
…
ما استعدّت لحملةٍ وطراد
وأتينا من القماش إليهم
…
بخليعٍ مرقّعٍ وكداد (1)
وسروجٍ تطاير الجلد عما
…
كان من تحتها من الأعواد
قد تبرّت منها مياثرها اللب
…
د وخان البداد عهد الوكاد (2)
كشف الله ذلك الستر عنها
…
فرأينا عوراتهنّ بوادي
ورماحٍ لم تعتقل لطعانٍ
…
وسيوفٍ ما جردت لجلاد
صدئت في الجفون من كثرة اللب
…
ث وملت بها لطول الرقاد
فهي لا فرق في يد الفارس ال
…
كشحان (3) منّا أو في يد (4) الحداد
أترى من يكون في هذه الحا
…
ل مطيقاً بيكار (5) تلك البلاد
ويخوض الفرات في شهر كانو
…
ن وكانون مصعب في القياد
ودعوني بمفردي وماذا
…
لك إلاّ لوحدتي وانفرادي (6)
الرختي (7) على قطارات بختٍ
…
أم وشاقيتي (8) لجرّ الجياد
كيف أقوى على الجهاد وخبزي
…
ما أراه يكفي لسفرة زادي وقال رحمه الله:
إذا صرصر البازي فلا ديك صادحٌ
…
ولا فاختٌ في أيكةٍ يترنم
وما الموت إلاّ طيبٌ طعمه إذا
…
تدايك فروجٌ وزبزب حصرم
(1) كذا في ص، ولعلها: وكراد: وهو القطعة من البساط.
(2)
البداد: لبد يشد على الدابة الدبرة، والوكاد: سير يشد به القربوس.
(3)
الكشحان: القرنان أو الديوث.
(4)
ص: يدي.
(5)
البيكار: ميدان القتال.
(6)
ص: وكانون صعب القياد.
(7)
الرخت: لفظة فارسية تعني المتاع.
(8)
الوشاقية: جمع وشاقي وهو الوصيف (ملحق دوزي) .
وقال:
قالوا رأينا العلق ينفق مسرفاً
…
والعلق لا شيءٌ لديه ولا معه
فأجبتهم إنفاقه من سرمه
…
قالوا صدقت لذاك ينفق من سعه وقال:
يا ناظري ما خلت أنك هكذا
…
عوناً عليّ وأنت من أعدائي
أرميتني وفعلت بي والله ما
…
لا تفعل الأعداء بالأعداء
فإذا ابتلاك الله يوماً بالبكا
…
والسهد فاعلم أنّه بدعائي وقال:
كم تجنّيت أمرداً وتألي
…
ت وكم تهت بالملاحة زائد
ثم زال الجميع إذ صرت ألحى
…
وبقي وجنا ووجهك واحد وقال:
يا قفل باب الرزق يا ذا الذي
…
ما زال عند الفتح قفلاً عسر
أفرطت في العسر ولا بدّ أن
…
تنفشّ أو تندقّ أو تنكسر وقال:
ألا يا أمير الملاح اتئد
…
فقد ذلّ من بالجمال انتصر
ولا بدّ تعزل عمّا قليلٍ
…
إذا قام عارضك المنتظر وقال:
قالت بماذا قصّرت شعراً
…
من أسود الرأس والعذار
فقلت: إن تسألي فهذي
…
قصارة اللّيل والنّهار