الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحصلت له الشهادة على عكا.
ومن شعره رحمه الله تعالى:
يا قلب دع عنك الهوى قسرا
…
ما أنت منه حامداً أمرا
أضعت دنياي بهجرانه
…
إن نلت وصلاً ضاعت الأخرى ومنه:
لاموا عليك وما دروا
…
أن الهوى سبب السعاده
إن كان وصلاً فالمنى
…
أو كان هجراً فالشهاده ومنه:
إن كان يحلو لديك قتلي
…
فزد من الهجر في عذابي
عسى يطيل الوقوف بيني
…
وبينك الله في الحساب 137 (1)
سعد الدين الطيبي
الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن بكر بن شبيب الطبي أبو عبد الله الكاتب، سعد الدين؛ كان من الأعيان الفضلاء المشهورين بالأدب وكمال الظرف، اختص بالإمام المستنجد بالله ومنادمته؛ ولي الإشراف بالمخزن أيام المستضيء بالله، ولما عزل ابن العطار عن نظر المخزن تولى سعد الدين مكانه أيام الإمام الناصر سنة خمس وسبعين، ثم عزل في سنته (2) .
دخل يوماً على المستنجد فقال له: ابن شبيب؟ فقال له: عندك يا أمير
(1) الوافي والزركشي: 107 ومعجم الأدباء 10: 126 وفيه ((النصيبي)) بدل ((الطيبي)) .
(2)
ولي الأشراف.. سنته: لم في المطبوعة.
المؤمنين، فأعجبه هذا التصحيف منه.
وذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال: ابن شبيب، حلو التشبيب، رقيق نسيم النسيب. ومن شعره في المستنجد بالله:
أنت الإمام الذي يحكي بسيرته
…
من ناب بعد رسول أو خلفا
أصبحت لبّ بني العباس كلّهم
…
إن عدّدت بحروف الجمّل الخلفا المستنجد هو الثاني والثلاثون من الخلفاء، ولب جمل حروفها اثنان وثلاثون.
ولد ابن شبيب سنة خمسمائة وتوفي سنة ثمانين وخمسمائة، ودفن بمقبرة معروف الكرخي، رحمه الله تعالى وإيانا. ومن شعره:
وأغيد لم تسمح لنا بوصاله
…
يد الدهر حتى دبّ في عاجه النمل
تمنّيت لمّا اختطّ فقدان ناظري
…
ولم أر إنساناً تمنّى العمى قبل
ليبقى على مرّ الزمان خياله
…
حيالي، وفي عيني لمنظره شكل وله:
سرى والدجى تصبي غدائره الجون
…
نسيمٌ على سرّ الأحبّة مأمون
فراحت قدود البان من سكر راحه
…
نشاوى فقد كادت تميد الميادين
وشقّ له ورد الشقائق جيبه
…
من الوجد وارتاحت إليه الرياحين
وغنّت له الورقاء بين مورّق
…
تجاوبها من جانبيه الوراشين
فبلّغ من سرّ التحايا لطائماً
…
فهاج غرامٌ بالأضالع مكنون
تهادى به طيف البخيلة واهتدى
…
ومن دوننا البين المشتّ أو البين
عليه من الظّلماء ريطٌ ممسّكٌ
…
وفي جيده من لؤلؤ الطلّ موضون
وما استيقظ الواشون إلاّ بنشره
…
فقالوا، وما قالوه حدسٌ وتخمين
وعرّج عنّا يجعل الليل مركباً
…
له، وقمير الفجر في الشرق عرجون
صباً أذكرت عهد الصبا وصبابتي
…
بأسماء إذ دار الأحبّة دارين
سرى حيث لا تسري الشمول ودونه
…
هوى وافرٌ بين الجوانح مدفون
وبحر الهوى حامي الغوارب مزبد
…
مخوفٌ وفلكي بالصبابة مشحون
مشارع للعشّاق فيها مناسكٌ
…
لدين التصابي والنّفوس قرابين
صحا القلب إلاّ عن هواها فانني
…
بها بعد هجران الغواية مفتون
إذا جنّ ليلي جنّ قلبي صبابة
…
بهم وليالي العاشقين بحارين
وقد ظنّ خالٍ من جوى الحب أنما
…
يخصّ به الماضون قيس وميمون
لعمرك كم للعامريات من به
…
جنونٌ وكم للدارميات مسكين
وكم لأمير المؤمنين صنائعٌ
…
هي الرمل ما ضمت زرود ويبرين وله أيضاً:
إذا حلّ تشرين فاحلل أوانا (1)
…
فإن لكلّ سرورٍ أوانا
فهذا الربيع صفا ظلّه
…
ورقّ النّسيم سحيراً ولانا منها:
وقد سكنت نزوات العقار
…
وبان الوقار عليها وآنا
وصهباء لم تبتذلها اليهود
…
ولا دوّستها النصارى امتهانا
تأنق في عصرها المسلمون
…
بأيمانهم يملأون الدنانا
فمازج نشوتها عزّة
…
فصالت على العقل حتى استكانا
فقد حرّموها لأنّ الوضيع
…
من جهله بالشريف استهانا
وندبٍ ندبنا لتحصيلها
…
فما حسر الصبح حتى أتانا
فجاء بها عطراً نشرها
…
فأهدت على السفح رنداً وبانا
وقمنا نقبّل تيجانها
…
ونشكر من باعها واشترانا
أهنّا الكرائم في مهرها
…
ولن يكرم المرء حتى يهانا
وطاف بها وبضرّاتها
…
غزالٌ إذا صدق الوعد مانا
(1) أوان: من نواحي دجيل بغداد (ياقوت) .
فما درّة شدخت بالضيا
…
نهاراً وما جبت عنها الصوانا
تراءت فكفّر غواصها
…
لديها وأسجدت المرزبانا
بأحسن ممّن أدار المدام
…
فورّست الكاس منه البنانا قوله: فمازج نشوتها عزة
…
البيتين، يشبه قول الحيص بيص:
لا تضع من عظيم قدر وإن كن
…
ت مشاراً إليه بالتعظيم
فالشريف الرفيع يسقط قدراً
…
بالتجري على الشريف العظيم
ولع الخمر بالعقول رمى الخم
…
ر بتنجيسها وبالتحريم (1) وكان ابن شبيب مقداماً على حل الألغاز، ولا يكاد يتوقف عما يسأل عنه، فتفاوض أبو غالب ابن الحصين هو وأبو منصور محمد بن سليمان بن قتلمش في أمر ابن شبيب هذا وما هو عليه من حل اللغز، فقال أبو منصور: تعال حتى نعمل لغزاً محالاً ونسأل عنه، فنظم أبو منصور:
وما شيء له في الرأس رجلٌ
…
وموضع وجهه منه قفاه
إذا غمضت عينك أبصرته
…
وإن فتّحت عينك لا تراه ونظم أيضاً:
وجارٍ وهو تيار
…
ضعيف العقل خوار
بلا لحمٍ ولا ريشٍ
…
ولكن هو طيّار
بطبعٍ باردٍ جدّاً
…
ولكن كلّه نار وأنفذا اللغزين إليه، فكتب على الأول: هو طيف الخيال، وكتب على الثاني: هو الزئبق، فجاءا إليه وقالا: هب اللغز الأول هو طيف الخيال، والبيت الثاني يساعدك عليه، فكيف تعمل في البيت الأول؟ فقال: لأن المنامات تفسر بالعكس؛ لأن من بكى يفسر له بالضحك، ومن مات فسر له بطول العمر.
(1) ابتداء من القصيدة النونية حتى هذا الموضع لم يرد في المطبوعة.