الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحيّاه كالهلال إذا أق
…
مر في تمه ولا كالهلال وقال أيضاً:
قلت لها لا تقتلي مدنفاً
…
هواك قد هيّج بلباله
ما زال يرجو منك وصلاً إلى
…
أن قطع الهجران أوصاله
فابتسمت تيهاً وقالت وكم
…
قد قتلت عيناي أمثاله 127 (1)
الوزير المهلبي
الحسن بن محمد بن عبد الله بن هارون، أبو محمد الوزير المهلبي، من ولد المهلب ابن أبي صفرة؛ كان كاتب معز الدولة ابن بويه، ولما مات الصيرمي قلده معز الدولة الوزارة مكانه سنة تسع وثلاثين وثلثمائة، وقربه وأدناه واختص به وعظم جاهه عنده، وكان يدبر أمر الوزارة للمطيع من غير تسمية الوزارة، ثم جددت له الخلع من دار الخلافة بالسواد والسيف والمنطقة، ولقبه المطيع بالوزارة، ودبر الدولتين.
وكان ظريفاً نظيفاً (2) ، قد أخذ من الأدب بحظ وافر، وله همة كبيرة وصدر واسع، وكان جماعاً لخلال الرياسة صبوراً على الشدائد.
وكان أبو الفرج الأصبهاني وسخاً في ثوبه ونفسه وفعله، فواكل الوزير المهلبي على مائدة، وقدمت سكباجة وافقت من أبي الفرج سعلة، فندرت من
(1) ترجم له ابن خلكان في وفيات الأعيان 2: 124 وانظر المنتظم 7: 9 واليتيمة 2: 224 ومعجم الأدباء 9: 118 والشذرات 3: 9؛ وهذه الترجمة ليست من المستدرك على ابن خلكان.
(2)
ص: نضيفاً.
فمه قطعة بلغم وقعت في وسط الصحن، فقال المهلبي: ارفعوا هذا وهاتوا من هذا اللون في غير هذا الصحن، ولم يبن في وجهه استكراه، ولا دال أبا الفرج حياء ولا انقباض.
وكان من ظرف (1) الوزير المهلبي إذا أراد أكل شيء من أرز بلبن وهرايس وحلوى دقيق وقف إلى جانبه الأيمن غلام معه نحو من ثلاثين ملعقة زجاجاً مجروداً، فيأخذ الملعقة من الغلام الذي على يمينه ويأكل بها لقمة واحدة ثم يدفعها إلى الغلام الذي على يساره لئلا يعيد الملعقة إلى فيه مرة ثانية.
ولما كثر على الوزير استمرار ما يجري من أبي الفرج جعل له مائدتين إحداهما كبيرة عامة، والأخرى لطيفة خاصة يواكله عليها من يدعوه إليها. وعلى صنعه بأبي الفرج ما كان يصنعه ما خلا من هجوه، فإن أبا (2) الفرج قال:
أبعين مفتقر إليك نظرتني
…
فأهنتني وقذفتني من حالق
لست الملوم أنا الملوك لأنّني
…
أنزلت آمالي بغير الخالق ويروى هذان البيتان (3) للمتنبي، رواهما (4) له تاج الدين الكندي، والله أعلم لمن هما.
وكان قبل وزارته قد سافر مرة ولقي في سفره مشقة شديدة، واشتهى اللحم فلم يقدر عليه، وكان معه رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي، فقال المهلبي ارتجالاً:
ألا موتٌ يباع فأشتريه
…
فهذا العيش ما لا خير فيه
(1) ص: طرف.
(2)
ص: أبو.
(3)
ص: هذين البيتين.
(4)
ص: رواها.
إذا أبصرت قبراً من بعيدٍ
…
وددت لو انّني ممّا يليه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي
…
يخلّصني من الموت الكريه
إلاّ رحم المهيمن نفس حرٍّ
…
تصدق بالوفاة على أخيه فلما سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحما (1) وطبخه وأطعمه، وتفارقا، وتنقلت الأحوال بالمهلبي وولي الوزارة، وضاقت الأحوال برفيقه الصوفي، فقصده وكتب إليه:
ألا قل للوزير فدته نفسي
…
مقال مذكّر ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضيق عيشٍ
…
ألا موت يباع فأشتريه فلما قرأ الأبيات تذكره، وأمر له في الحال بسبعمائة درهم، ووقع له في رقعته " مَثَلُ الّذينَ يُنفِقُونَ أموالهمْ في سبيل الله كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبّة " البقرة ثم دعا به وخلع عليه وقلده عملاً يليق به.
ولما ترقت به الحال قال:
رقّ الزمان لفاقتي
…
رثى لطول تقلقي
فأنالني ما أرتجي
…
هـ وحاد عمّا أتقي
فلأصفحن عمّا جناه
…
من الذّنوب السّبّق
حتى جنايته بما
…
فعل المشيب بمفرقي ومن شعره:
قال لي من أُحبّ والبين قد ج
…
دّ وفي مهجتي لهيب الحريق
ما الذي في الطريق تصنع بعدي؟
…
قلت أبكي عليك طول الطريق
(1) ص: لحم.
قال أبو إسحاق الصابي: كنت يوماً عند الوزير المهلبي، فأخذ ورقة وكتب فيها، فقلت بديهاً:
له يدٌ أبدعت (1) جوداً بنائلها
…
ومنطقٌ دره في الطّرس ينتثر
فحاتم كامنٌ في بطن راحته
…
وفي أناملها سحبان يستتر ومن شعره:
الجود طبعي ولكن ليس لي مال
…
وكيف يصنع من بالقرض يحتال
فهاك خطي فخذه معك تذكرةً
…
إلى اتّساعٍ فلي في الغيب آمال (2) ومنه:
أتاني في قميص اللاذ يسعى
…
عدوٌّ لي يلقّب بالحبيب
فقلت له فديتك كيف هذا
…
بلا واشٍ أتيت ولا رقيب
فقال الشمس أهدت لي قميصاً
…
كلون الشمس في شفق الغروب
فثوبي والمدام ولون خدي
…
قريبٌ من قريبٍ من قريب ومنه:
تطوى بأوتارها الهموم كما
…
يطوى دجى اللّيل بالمصابيح
ثمّ تغنّت فخلتها سمحت
…
بروحها خلعةً على روحي كان أبو النجيب شداد بن إبراهيم الجزري الواعظ الملقّب بالظاهر (3) كثير الملازمة للوزير المهلبي، فاتفق أن غسل ثيابه، فأنفذ الوزير يدعوه فاعتذر، فلم يقبل، وألح في استدعائه، فكتب إليه:
عبدك تحت الحبل عريان
…
كأنه لا كان شيطان
يغسل أثواباً كأن البلى
…
فيها خليط وهي أوطان
(1) ص: ابرعت.
(2)
بهامش ص نصويب: فهاك خطي إلى أيام ميسرتي: ديناً عليّ
…
(3)
سيترجم له المؤلف، انظر رقم:163.