المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

41 - (1) ‌ ‌الشهاب العزازي أحمد بن عبد الملك العزازي التاجر بقيسارية - فوات الوفيات - جـ ١

[ابن شاكر الكتبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌مؤلف الكتاب:

- ‌مؤلفات الكتبي:

- ‌كتاب فوات الوفيات:

- ‌تحقيق كتاب الفوات:

- ‌رب يسر واختم بخير

- ‌حرف الهمزة

- ‌إبراهيم بن أدهم

- ‌إبراهيم الحربي

- ‌المتقي لله

- ‌جمال الدين بن النجار

- ‌ابن سهل الإسلامي

- ‌الشيخ إبراهيم الأرموي

- ‌الشيخ برهان الدين الفزاري

- ‌الشيخ العماد

- ‌ابن هرمة

- ‌الجعبري

- ‌الرقيق الكاتب

- ‌ابن كيغلغ

- ‌فخر الدين ابن لقمان

- ‌ابن المدبر

- ‌ابن لنكك

- ‌عز الدين السويدي الطبيب

- ‌ابن معضاد

- ‌المعمار

- ‌ظهير الدين البارزي

- ‌الفاروثي

- ‌عماد الدين الواسطي

- ‌شرف الدين المقدسي

- ‌القادر بالله

- ‌أبو جلنك الشاعر

- ‌ابن الدبيثي

- ‌المعتمد على الله

- ‌الناصر لدين الله

- ‌الحاكم بأمر الله العباسي

- ‌المسيلي

- ‌ابن أبي فنن

- ‌السنبلي

- ‌المعتضد بالله العباسي

- ‌ابن عبد الدايم

- ‌الشارمساحي

- ‌ابن نفادة

- ‌الحنبلي معبر المنامات

- ‌المستظهر بالله

- ‌الاعيمى الاندلسي

- ‌الشهاب العزازي

- ‌علاء الدين ابن بنت الأعز

- ‌الماهر الحلبي

- ‌ابن الخل

- ‌الزين كتاكت

- ‌ابن الشريشي

- ‌الصنوبري الشاعر

- ‌قاضي القضاة ابن صصرى

- ‌شهاب الدين ابن غانم

- ‌ابن المدبر

- ‌سيف الدين السامري

- ‌المستعين

- ‌ابن الحلاوي الشاعر

- ‌ابن المنير

- ‌المتيم الأفريقي

- ‌ابن البققي

- ‌موفق الدين ابن أبي الحديد

- ‌البلاذري

- ‌شهاب الدين ابن فضل الله

- ‌إدريس ابن اليمان

- ‌اسبهدوست

- ‌ابن الطبيب الشاعر

- ‌مجد الدين النشابي

- ‌أسماء بن خارجة

- ‌شرف الدولة ابن منقذ

- ‌ابن عز القضاة

- ‌العين زربي

- ‌الملك المؤيد صاحب حماة

- ‌السيد الحميري

- ‌ابن مكنسة الشاعر

- ‌أشجع السلمي

- ‌أشعب الطمع

- ‌حرف الباء

- ‌الصابوني

- ‌ابن قوام

- ‌الملك الأمجد

- ‌الفرنسيس الإفرنجي

- ‌الحبيس الراهب

- ‌ الملك الظاهر

- ‌حرف التاء

- ‌الأمير تنكز نائب الشام

- ‌الأملاك التي بمدينة حمص:

- ‌الأملاك ببيروت:

- ‌القرى بالبقاع:

- ‌توبة ابن الحمير

- ‌تقي الدين التكريتي

- ‌توران شاه

- ‌توفيق الطرابلسي

- ‌حرف الثاء

- ‌ثابت قطنة

- ‌أبو البقاء التفليسي

- ‌حرف الجيم

- ‌جابر بن حيان

- ‌الحطيئة الشاعر

- ‌شعر الزنج

- ‌المقتدر بالله

- ‌جعفر العلوي

- ‌أبو الفضل الدمشقي

- ‌جعفر بن قدامة

- ‌المتوكل العباسي

- ‌ابن حنزابة

- ‌ابن ورقاء الشيباني

- ‌جعيفران الموسوس

- ‌جلدك والي دمياط

- ‌جنكزخان

- ‌جوبان القواس

- ‌حرف الحاء

- ‌عرقلة الدمشقي

- ‌أبو علي القرمطي

- ‌ابن جكينا البغدادي

- ‌أبو نصر الفارقي

- ‌ناصر الدين ابن النقيب

- ‌ابن أبي حصينة

- ‌شيخ الأكراد

- ‌الهمام العبدي

- ‌المهذب ابن الزبير

- ‌أبو البدر الإسكافي

- ‌الحسن الساسكوتي

- ‌بدر الدين ابن هود

- ‌بدر الدين ابن المحدث

- ‌أبو الجوائز الواسطي

- ‌أبو العالية الشامي

- ‌ابن الخل الشاعر

- ‌الوزير المهلبي

- ‌ابن كسرى المالقي

- ‌أبو الفضائل الصاغاني

- ‌أبو علي السهواجي

- ‌العز الإربلي الضرير

- ‌الحسن بن وهب

- ‌المستضيء بالله أمير المؤمنين

- ‌ابن الجصاص

- ‌ابن رواحة الحموي

- ‌سعد الدين الطيبي

- ‌أبو عبد الله ابن ممويه

- ‌الحسين ابن مطير

- ‌ابن عبدل الشاعر

- ‌الحكم الربضي

- ‌حمدة الوادياشية

- ‌حمزة بن بيض

- ‌حرف الخاء

- ‌خالد الكاتب

- ‌الزين خالد

- ‌سبط ابن الحمامية

- ‌الشيخ خضر العدوي

- ‌الأشرف خليل

- ‌حرف الدال

- ‌الملك الناصر داود

- ‌رجع الكلام

- ‌الملك المؤيد هزبر الدين

الفصل: 41 - (1) ‌ ‌الشهاب العزازي أحمد بن عبد الملك العزازي التاجر بقيسارية

41 -

(1)

‌الشهاب العزازي

أحمد بن عبد الملك العزازي التاجر بقيسارية جركس (2) ، الشاعر المشهور؛ كان كيساً ظريفاً، جيد النظم في الشعر والموشحات، فمن شعره يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:

دمي بأطلال ذات الخال مطلول

وجيش صبري مهزوم ومفلول

ومن يلاق (3) العيون الفاتكات بلا

صبر يدافع عنه فهو مخذول

لم يدر من سلب العشاق أنفسهم

بأنّه عن دم العشّاق مسئول

وبي أغنّ غضيض الطرف معتدل

القوام لدن مهزّ العطف مجدول

كأنّه في تثنّيه وخطرته

غصن من البان مطلول ومشمول

سلافة منه تسبيني وسالفة

وعاسل منه يصبيني ومعسول

وكلّما مرضت أجفان مقلته

يصحّ إلاّ غرامي فهو منحول

يا برق كيف الثنايا الغرّ من إضمٍ

يا برق أم كيف لي منهنّ تقبيل

ويا نسيم الصّبا كرر على أذني

حديثهنّ فما التكرار مملول

ويا حداة المطايا دون ذي سلم

عوجوا وشرقيّ بانات اللّوى قيلوا منها:

منازل لأكف الغيث توشيةٌ

بها وللنّور توشيع وتكليل

(1) الزركشي: 320 والوافي 7: 148 وأعيان العصر 1: 89 والدرر الكامنة 1: 191 والمنهل الصافي 1: 340 والنجوم الزاهرة 9: 214 والشذرات 6: 21.

(2)

الوافي: جهاركس.

(3)

ص: يلاقي.

ص: 95

كأنّما طيب ريّاها ونفحتها

بطيب ترب رسول الله مجبول

أوفى النبيّين برهاناً ومعجزةً

وخير من جاءه بالوحي جبريل

له يد وله باع يزينهما

في السلم طولٌ وفي يوم الوغى طول

سلّ الإله به سيفاً لملّته

وذلك السيف حتى الحشر مسلول

وشاد ركناً أثيلاً من نبوّته

والكفر واهٍ وعرش الشرك مثلول

ويلٌ لمن جحدوا برهانه وثنى

عنان رشدهم غيٌّ وتضليل

أولئك الخاسرون الخاسئون ومن

لهم من الله تعذيبٌ وتنكيل

نمته من هاشم أسدٌ ضراغمة

لها السيوف بيوتٌ والقنا غيل

إذا تفاخر أرباب العلى فهم ال؟

غرّ المغاوير والصّيد البهاليل

لهم على العرب العرباء قاطبةً

به افتخارٌ وترجيح وتفضيل

قومٌ عمائمهم ذلّت لعزّتها ال؟

قعساء تيجان كسرى والأكاليل وله أيضاً رحمه الله:

منذ عشقت الشارعيّ الذي

بالحسن يختال ويغتال

لم يبق في ظهري ولا راحتي

تالله لا ماء ولا مال وله أيضاً (1) :

ما عذر مثلك والركاب تساق

ألا تفيض بدمعك الآماق

فأذل مصونات الدموع فإنّما

هي سنةٌ قد سنّها العشّاق

ولربّ دمعٍ خان بعد وفائه

مذ حان من ذاك الفريق فراق

ووراء ذيّاك العذيب منيزلٌ

لعبت بقلبك نحوه الأشراق

خذ أيمن الوادي فكم من عاشقٍ

فتكت به من أهله (2) الأحداق

(1) هذه القطعة لم ترد في المطبوعة.

(2)

الوافي: سربه.

ص: 96

واحفظ (1) فؤادك إن هفا برق الحمى

أو هبّ منه نسيمه الخفّاق وقال أيضاً:

تعشّقته ساحر المقلتين

كبدر يلوح وغصن يميل

إذا احمرّ من وجنتيه الأسيل

واحورّ من مقلتيه الكحيل

فقل للشقائق ماذا ترين

وللنّرجس الغضّ ماذا تقول

وقالوا: ذبول بأعطافه

فقلت: يزين القناة الذبول

وعابوا تمرض أجفانه

فقلت: أصحّ النّسيم العليل وكتب شهاب الدين العزازي إلى ناصر الدين ابن النقيب ملغزا في شبابة وأحسن:

وما صفراء شاحبة ولكن

يزيّنها النّضارة والشباب

مكتّبةٌ وليس لها بنان

منقبةٌ وليس لها نقاب

تصيخ لها إذا قبّلت فاها

أحاديثاً تلذّ وتستطاب

ويحلو المدح والتشبيب فيها

وما هي لا سعاد ولا الرّباب فأجابه ناصر الدين ابن النقيب:

أتت عجمية أعربت عنها

لسلمانٍ يكون لها انتساب

ويفهم ما تقول ولا سؤال

إذا حققت ذاك ولا جواب

يكاد لها الجماد يهزّ عطفاً

ويرقص في زجاجته الحباب وقال الشهاب العزازي ملغزاً في القوس والنشاب:

ما عجوزٌ كبيرةٌ بلغت عم؟

راً طويلاً وتتّقيها الرجال

قد علا جسمها صفارٌ ولم تش؟

ك سقاماً ولا عراها هزال

ولها في البنين سهمٌ وقسم

وبنوها كبار قدرٍ نبال

وبنوها لم يشبهوها ففي الأ

مّ اعوجاجٌ وفي البنين اعتدال

(1) ص: واخفض.

ص: 97

وقال أيضاً:

قال لي من أحبه عند لثمي

وجنات تحدّث الورد عنها

خلّ عني أما شبعت فنادي

ت رأيت الحياة يشبع منها؟ ووقفت على ديوان الاعزازي، وهو في مجلدين: شعر وموشح، فمن موشحاته:

يا ليلة الوصل وكاس العقار

دون استتار علّمتماني كيف خلع العذار اغتنم اللذات قبل الذهاب

وجرّ أذيال الصّبا والشباب

واشرب فقد طابت كؤوس الشراب

على خدودٍ تنبت الجلّنار

ذات احمرار طرّزها الحسن بآس العذار الراح لا شك حياة النفوس

فحلّ منها عاطلات الكؤوس

واستجلها بين الندامى عروس

تجلى على خطّابها في إزار

من النّضار حبابها قسام مقام النثار أما ترى وجه الهنا قد بدا

وطائر الأشجار قد غرّدا

والروض قد وشّاه قطر النّدى

فكمّل اللهو بكأس تدار

على افترار مباسم النّوّار غبّ القطار اجن من الوصل ثمار المنى

وواصل الكأس بما أمكنا

مع طيّب الريقة حلو الجنى

ص: 98

بمقلة أفتك من ذي (1) الفقار

ذات احورار منصورة الأجفان بالانكسار زار وقد حلّ عقود الجفا

وافترّ عن ثغر الرضى والوفا

فقلت والوقت لنا قد صفا

يا ليلةً أنعم فيها وزار

شمس النهار حيّيت من دون (2) الليالي القصار وقال أيضاً:

ما سلّت الأعين الفواتر

من غمد أجفانها الصفاح

إلاّ أسالت دم المحاجر

من غير حرب ولا كفاح

تالله ما حرّك السّواكن

غير الظباء الجآذر

لما استجابت بكل طاعن

من القدود النّواضر

وفوّقت أسهم الكنائن

من كلّ جفنٍ وناظر

عربٌ إذا صحن يال عامر

بين سرايا من الملاح

طلّت علينا من المحاجر

طلائعٌ تحمل السلاح

أحبب بما تطلع الجنوب

منها وما تبرز (3) الكلل

من أقمرٍ ما لها مغيب

وأغصنٍ زانها الميل

هيهات أن تعدل القلوب

عنها ولو جارت المقل

لمّا توشّحن بالغدائر

سفرن عن أوجهٍ صباح

فانهزم اللّيل وهو عاثر

بذيله واختفى الصّباح

(1) ص: ذو.

(2)

الوافي: من بين.

(3)

ص: تبدي، وأثبت ما في الوافي.

ص: 99

وأهيفٍ ناعم الشّمائل

تهزه نسمة الشّمال

فينثني كالقضيب مائل

كما انثنى شاربٌ ومال

له عذار كالند سائل

لله كم من دم أسال

شقّت على نبته المرائر

من داخل الأنفس الصحاح

تكلّ في وصفه الخواطر

وتخرس الألسن الفصاح

ظبيٌ إلى الإنس لا يميل

الشمس والبدر من حلاه

والحسن قالوا ولم يقولوا

مبداه منه ومنتهاه

وطرفه الناعس الكحيل

هيهات من صنعه النجاه

أذلّ بالسّحر كلّ ساحر

فهو له خافض الجناح

يجول في باطن الضّمائر

كما يجول القضا المتاح

أما ترى الصبح قد تطلع

مذ غمّضت أعين الغسق

والبدر نحو الغروب أسرع

كهاربٍ ناله فرق

والبرق بين السّحاب يلمع

كصارم حين يمتشق

وتحسب الأنجم الزواهر

أسنةً ألقت الرّماح

فانهزم النّهر وهو سائر

فدرّعته يد الرّياح وقال أيضاً:

كأس رويّه

جلا علينا النّديم أم سنا مصباح

أم شمس حسن

قد توجتها النجوم في سما الأفراح

هات الكؤوسا

ممزوجة بالرضاب من ثناياكا

واخطب عروسا

تروق تحت الحباب كسجاياكا

وادع الجليسا

لمجلسٍ وشراب مثل ريّاكا

ص: 100

واشرب سبيّه

بها النفوس تهيم ولها ترتاح

من بنت دنِّ

أليس نحن الجسوم وهي الأرواح

خذها مداما

وجرّ ذيل المجون أيّما جرّ

وافضض فداما

لها من الزرجون طيب النّشر

حيّا النّدامى

بها سقيم الجفون ناحل الخصر

حرّ السّجيّه

حلو الدلال رخيم خنثٌ مزّاح

لدن التّثنّي

له قوامٌ قويم للقنا فضّاح

مدّ الربيع

للورد أيّ بساط حفّ بالآس

قم يا خليع

إلى الصّبوح بشاطي نهر باناس

فما الهجوع

وقد دعاك معاطي جذوة الكاس

في سندسيّه

أجرت عليها الغيوم مدمعاً سحاح

من ماء مزن

وصال منها النّسيم أرجا نفاح

لنا خليل

نراه منذ ليالي غائب عنّا

وما الشّمول

لذيذة وهو سالي أليس منّا

قل يا رسول

بأنّنا في ظلال روضة غنّا

زبرجديه

وثمّ شادٍ وريم وبقايا راح

ويوم دجن

وقد دعاك النديم أجب يا صاح

سقياً لدهر

مضى بعلّ ونهل وبغزلان

وطيب عمر

قضى بليلة وصل ما لها ثاني

خلعت عذري

فيها وقلت لخلي ولندماني

ص: 101

في البابليّة

لا تسمعن من يلوم واهجر النصاح

واشرب وغنّي

يا ليلةً لو تدوم دامت الأفراح وقال موشح ذوبيتي:

أقسمت عليك بالأسيل القاني

أن تنظر في حال الكئيب العاني

أو تقصر عن إطالة الهجران

يا من سلب المنام من أجفاني ما أليق هذا الحسن بالإحسان

والله لقد ضاعفت عندي الكمدا

مذ جزت من الهجر الطويل الأمدا

أدرك رمقي أوهب فؤادي جلدا

يا من أخذ الرّوح وأبقى الجسدا ما أصنع بعد الروح بالجثمان؟

بالله إذا قضيت وجداً وغرام

فابسط عذري يوم عتابٍ وملام

قد كنت خلياً من عذار وقوام

لا أعطي لصبوةٍ قياداً وزمام حتى علقت بي أعين الغزلان

من لي بسقيم الجفن واهي الخصر

يرنو بعيون كحّلت بالسحر

كم أوضح لي عذاره من عذر

ما مال به الدلال ميل السكر إلاّ سجدت معاطف الغزلان

في مرشفه مواردٌ للقبل

تحمى بفتور لحظه والكحل

كم قلت لمن كثّر فيه عذلي

ما دام سواد طرفه لم يحل لا تطمع يا عذول في سلواني

بدريّ محيا غصنيّ القدّ

يسبيك بجلنارة في الخدّ

ذو مبتسم عذب وخد وردي

مذ عاينت العين نظام العقد منه نثرت قلائد العقيان

ص: 102

سالم لحظات طرفه الرشاق

واستكف سهاماً ما لها من واق

أو خذ لك موثقاً من الأحداق

واستخبر عن مصارع العشّاق تنبيك وعن مقاتل الفرسان

وقال أيضاً:

وقفت مذ سارت المحامل

واقتربت ساعة الفراق

أكفكف الدمع بالأنامل

والدمع يأبى إلاّ اندفاق

أم هل لطيف الكرى مزار

هيهات والصبر مستحيل

والقلب لا يملك القرار

إن أوحشت منهم الطلول

فطالما آنسوا الدّيار

ساروا وقد زمّت المحامل

بهم وأظعانهم تساق

وخلّفوا أضلعاً نواحل

ترقّ مع أدمعٍ تراق

قف باللّوى نندب الرّبوعا

على فراق الحبايب

واسفح بأطلالها الدموعا

إن كنت خلّي وصاحبي

ملاعب تنبت الولوعا

سقياً لها من ملاعب

ما بال أقمارها أوافل

وقد محا نورها المحاق

وما لباناتها ذوابل

وكنّ مهزوزةً رشاق

بكيت من لوعتي ووجدي

حتى فني كنز أدمعي

وكان يوم الفراق ودّي

تبكي عيون الحيا معي

إن لم أف (1) بعدهم بعهدي

فكنت في الحبّ مدّعي

(1) ص: ألم أفي.

ص: 103

فإن جفا النوم وهو واصل

فكلّ شملٍ له افتراق

أو غاض دمعي وكان سائل

فالنيل يعتاده احتراق

من لفتىً ساهر المآقي

قد ذلّ في طاعة الهوى

يشكو إلى الله ما يلاقي

من التّباريح والجوى

قد بلغت روحه التراقي

مذ بعدت شقّة النوى

صبٌّ لثقل الغرام حامل

وحمل ذيّاك لا يطاق

راح لكأس الفراق ناهل

وكاسه مرة المذاق وقال أيضاً:

زمان شبابي كنت خير زمان

فلا زلت مشكوراً بكلّ لسان

فلله كم جرّرت ذيل بطالتي

وأطلقت للّذّات فيك عناني

وقد كنت سباقاً إلى غاية الصّبا

مجيباً إذا داعي المجون دعاني

أقبل ثغر الكأس أبيض واضحاً

وألثم خدّ الراح أحمر قاني

ألا خلياني والتصابي فإنني

أرى في التّصابي غير ما تريان

سأملأ من طيب العذار مفارقي

وأخضب من صرف الكؤوس بناني وقال أيضاً:

أرامة للآرام كنت مراتعا

فمالك للعشاق صرت مصارعا

فأين غصونٌ كنّ فيك موائساً

وأين بدور كنّ فيك طوالعا

وقفنا لتوديع الحمول عشيةً

نبث صباباتٍ ونذري مدامعا

وعدنا وما بلّ الوداع غليلنا

ولا بردت منّا الدموع الأضالعا

سألتكما ما ضرّ حادي ركابهم

لو احتبس الأظعان أو كرّ راجعا

وماذا على المستودعين قلوبنا

بحبلي زرود لو رددن الودائعا

تعرضن لي يوم الكثيب كأنما

تعرض لي سربٌ من الرمل راتعا

ص: 104

وما كنت أدري أن بين ستورهم

شموس الضحى حتى رفعن البراقعا وقال أيضاً:

أدرك بقية نفسٍ فات أكثرها

أصبحت بالهجر تطويها وتنشرها

يا من إذا نظرت عيني محاسنه

ألومها في هواه ثمّ أعذرها

حسبي علاقة حب قد برت جسدي

حتّام أكتمها والدمع يظهرها

ومهجة يتحاماها تجلّدها

إذا هجرت ويغشاها تذكرها

يا للرجال أما في الحبّ من حكمٍ

ينهى العيون إذا جارت ويزجرها

ويا ولاة الهوى قوموا بنصر فتىً

حقوقه بيّناتٌ وهي تنكرها

لا تطلبنّ من الأعطاف عاطفة

فإن أعدلها في الحبّ أجورها وقال أيضاً:

يا راشق القلب منّي

أصبت فاكفف سهامك

ويا كثير التجنّي

منعت عنّي سلامك

وخنت ذمّة صبٍّ

ما خان قط ذمامك

فاردد عليّ منامي

فلا عدمت منامك

فمن رأى سوء حالي

بكى عليّ ولامك

فلو أردت حياتي

لما هززت قوامك

بمن أحلّك قلبي

ارفع قليلاً لثامك

وابسم لعلّي أحيا

إذا رأيت ابتسامك

يا خدّه ما أحبلى

للعاشقين التثامك

بكيت دالاً وميماً

لمّا تأمّلت لامك

ص: 105