الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
41 -
(1)
الشهاب العزازي
أحمد بن عبد الملك العزازي التاجر بقيسارية جركس (2) ، الشاعر المشهور؛ كان كيساً ظريفاً، جيد النظم في الشعر والموشحات، فمن شعره يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
دمي بأطلال ذات الخال مطلول
…
وجيش صبري مهزوم ومفلول
ومن يلاق (3) العيون الفاتكات بلا
…
صبر يدافع عنه فهو مخذول
لم يدر من سلب العشاق أنفسهم
…
بأنّه عن دم العشّاق مسئول
وبي أغنّ غضيض الطرف معتدل
…
القوام لدن مهزّ العطف مجدول
كأنّه في تثنّيه وخطرته
…
غصن من البان مطلول ومشمول
سلافة منه تسبيني وسالفة
…
وعاسل منه يصبيني ومعسول
وكلّما مرضت أجفان مقلته
…
يصحّ إلاّ غرامي فهو منحول
يا برق كيف الثنايا الغرّ من إضمٍ
…
يا برق أم كيف لي منهنّ تقبيل
ويا نسيم الصّبا كرر على أذني
…
حديثهنّ فما التكرار مملول
ويا حداة المطايا دون ذي سلم
…
عوجوا وشرقيّ بانات اللّوى قيلوا منها:
منازل لأكف الغيث توشيةٌ
…
بها وللنّور توشيع وتكليل
(1) الزركشي: 320 والوافي 7: 148 وأعيان العصر 1: 89 والدرر الكامنة 1: 191 والمنهل الصافي 1: 340 والنجوم الزاهرة 9: 214 والشذرات 6: 21.
(2)
الوافي: جهاركس.
(3)
ص: يلاقي.
كأنّما طيب ريّاها ونفحتها
…
بطيب ترب رسول الله مجبول
أوفى النبيّين برهاناً ومعجزةً
…
وخير من جاءه بالوحي جبريل
له يد وله باع يزينهما
…
في السلم طولٌ وفي يوم الوغى طول
سلّ الإله به سيفاً لملّته
…
وذلك السيف حتى الحشر مسلول
وشاد ركناً أثيلاً من نبوّته
…
والكفر واهٍ وعرش الشرك مثلول
ويلٌ لمن جحدوا برهانه وثنى
…
عنان رشدهم غيٌّ وتضليل
أولئك الخاسرون الخاسئون ومن
…
لهم من الله تعذيبٌ وتنكيل
نمته من هاشم أسدٌ ضراغمة
…
لها السيوف بيوتٌ والقنا غيل
إذا تفاخر أرباب العلى فهم ال؟
…
غرّ المغاوير والصّيد البهاليل
لهم على العرب العرباء قاطبةً
…
به افتخارٌ وترجيح وتفضيل
قومٌ عمائمهم ذلّت لعزّتها ال؟
…
قعساء تيجان كسرى والأكاليل وله أيضاً رحمه الله:
منذ عشقت الشارعيّ الذي
…
بالحسن يختال ويغتال
لم يبق في ظهري ولا راحتي
…
تالله لا ماء ولا مال وله أيضاً (1) :
ما عذر مثلك والركاب تساق
…
ألا تفيض بدمعك الآماق
فأذل مصونات الدموع فإنّما
…
هي سنةٌ قد سنّها العشّاق
ولربّ دمعٍ خان بعد وفائه
…
مذ حان من ذاك الفريق فراق
ووراء ذيّاك العذيب منيزلٌ
…
لعبت بقلبك نحوه الأشراق
خذ أيمن الوادي فكم من عاشقٍ
…
فتكت به من أهله (2) الأحداق
(1) هذه القطعة لم ترد في المطبوعة.
(2)
الوافي: سربه.
واحفظ (1) فؤادك إن هفا برق الحمى
…
أو هبّ منه نسيمه الخفّاق وقال أيضاً:
تعشّقته ساحر المقلتين
…
كبدر يلوح وغصن يميل
إذا احمرّ من وجنتيه الأسيل
…
واحورّ من مقلتيه الكحيل
فقل للشقائق ماذا ترين
…
وللنّرجس الغضّ ماذا تقول
وقالوا: ذبول بأعطافه
…
فقلت: يزين القناة الذبول
وعابوا تمرض أجفانه
…
فقلت: أصحّ النّسيم العليل وكتب شهاب الدين العزازي إلى ناصر الدين ابن النقيب ملغزا في شبابة وأحسن:
وما صفراء شاحبة ولكن
…
يزيّنها النّضارة والشباب
مكتّبةٌ وليس لها بنان
…
منقبةٌ وليس لها نقاب
تصيخ لها إذا قبّلت فاها
…
أحاديثاً تلذّ وتستطاب
ويحلو المدح والتشبيب فيها
…
وما هي لا سعاد ولا الرّباب فأجابه ناصر الدين ابن النقيب:
أتت عجمية أعربت عنها
…
لسلمانٍ يكون لها انتساب
ويفهم ما تقول ولا سؤال
…
إذا حققت ذاك ولا جواب
يكاد لها الجماد يهزّ عطفاً
…
ويرقص في زجاجته الحباب وقال الشهاب العزازي ملغزاً في القوس والنشاب:
ما عجوزٌ كبيرةٌ بلغت عم؟
…
راً طويلاً وتتّقيها الرجال
قد علا جسمها صفارٌ ولم تش؟
…
ك سقاماً ولا عراها هزال
ولها في البنين سهمٌ وقسم
…
وبنوها كبار قدرٍ نبال
وبنوها لم يشبهوها ففي الأ
…
مّ اعوجاجٌ وفي البنين اعتدال
(1) ص: واخفض.
وقال أيضاً:
قال لي من أحبه عند لثمي
…
وجنات تحدّث الورد عنها
خلّ عني أما شبعت فنادي
…
ت رأيت الحياة يشبع منها؟ ووقفت على ديوان الاعزازي، وهو في مجلدين: شعر وموشح، فمن موشحاته:
يا ليلة الوصل وكاس العقار
…
دون استتار علّمتماني كيف خلع العذار اغتنم اللذات قبل الذهاب
…
وجرّ أذيال الصّبا والشباب
…
واشرب فقد طابت كؤوس الشراب
…
على خدودٍ تنبت الجلّنار
…
ذات احمرار طرّزها الحسن بآس العذار الراح لا شك حياة النفوس
…
فحلّ منها عاطلات الكؤوس
…
واستجلها بين الندامى عروس
…
تجلى على خطّابها في إزار
…
من النّضار حبابها قسام مقام النثار أما ترى وجه الهنا قد بدا
…
وطائر الأشجار قد غرّدا
…
والروض قد وشّاه قطر النّدى
…
فكمّل اللهو بكأس تدار
…
على افترار مباسم النّوّار غبّ القطار اجن من الوصل ثمار المنى
…
وواصل الكأس بما أمكنا
…
مع طيّب الريقة حلو الجنى
…
بمقلة أفتك من ذي (1) الفقار
…
ذات احورار منصورة الأجفان بالانكسار زار وقد حلّ عقود الجفا
…
وافترّ عن ثغر الرضى والوفا
…
فقلت والوقت لنا قد صفا
…
يا ليلةً أنعم فيها وزار
…
شمس النهار حيّيت من دون (2) الليالي القصار وقال أيضاً:
ما سلّت الأعين الفواتر
…
من غمد أجفانها الصفاح
إلاّ أسالت دم المحاجر
…
من غير حرب ولا كفاح
تالله ما حرّك السّواكن
…
غير الظباء الجآذر
لما استجابت بكل طاعن
…
من القدود النّواضر
وفوّقت أسهم الكنائن
…
من كلّ جفنٍ وناظر
عربٌ إذا صحن يال عامر
…
بين سرايا من الملاح
طلّت علينا من المحاجر
…
طلائعٌ تحمل السلاح
أحبب بما تطلع الجنوب
…
منها وما تبرز (3) الكلل
من أقمرٍ ما لها مغيب
…
وأغصنٍ زانها الميل
هيهات أن تعدل القلوب
…
عنها ولو جارت المقل
لمّا توشّحن بالغدائر
…
سفرن عن أوجهٍ صباح
فانهزم اللّيل وهو عاثر
…
بذيله واختفى الصّباح
(1) ص: ذو.
(2)
الوافي: من بين.
(3)
ص: تبدي، وأثبت ما في الوافي.
وأهيفٍ ناعم الشّمائل
…
تهزه نسمة الشّمال
فينثني كالقضيب مائل
…
كما انثنى شاربٌ ومال
له عذار كالند سائل
…
لله كم من دم أسال
شقّت على نبته المرائر
…
من داخل الأنفس الصحاح
تكلّ في وصفه الخواطر
…
وتخرس الألسن الفصاح
ظبيٌ إلى الإنس لا يميل
…
الشمس والبدر من حلاه
والحسن قالوا ولم يقولوا
…
مبداه منه ومنتهاه
وطرفه الناعس الكحيل
…
هيهات من صنعه النجاه
أذلّ بالسّحر كلّ ساحر
…
فهو له خافض الجناح
يجول في باطن الضّمائر
…
كما يجول القضا المتاح
أما ترى الصبح قد تطلع
…
مذ غمّضت أعين الغسق
والبدر نحو الغروب أسرع
…
كهاربٍ ناله فرق
والبرق بين السّحاب يلمع
…
كصارم حين يمتشق
وتحسب الأنجم الزواهر
…
أسنةً ألقت الرّماح
فانهزم النّهر وهو سائر
…
فدرّعته يد الرّياح وقال أيضاً:
كأس رويّه
…
جلا علينا النّديم أم سنا مصباح
أم شمس حسن
…
قد توجتها النجوم في سما الأفراح
هات الكؤوسا
…
ممزوجة بالرضاب من ثناياكا
واخطب عروسا
…
تروق تحت الحباب كسجاياكا
وادع الجليسا
…
لمجلسٍ وشراب مثل ريّاكا
واشرب سبيّه
…
بها النفوس تهيم ولها ترتاح
من بنت دنِّ
…
أليس نحن الجسوم وهي الأرواح
خذها مداما
…
وجرّ ذيل المجون أيّما جرّ
وافضض فداما
…
لها من الزرجون طيب النّشر
حيّا النّدامى
…
بها سقيم الجفون ناحل الخصر
حرّ السّجيّه
…
حلو الدلال رخيم خنثٌ مزّاح
لدن التّثنّي
…
له قوامٌ قويم للقنا فضّاح
مدّ الربيع
…
للورد أيّ بساط حفّ بالآس
قم يا خليع
…
إلى الصّبوح بشاطي نهر باناس
فما الهجوع
…
وقد دعاك معاطي جذوة الكاس
في سندسيّه
…
أجرت عليها الغيوم مدمعاً سحاح
من ماء مزن
…
وصال منها النّسيم أرجا نفاح
لنا خليل
…
نراه منذ ليالي غائب عنّا
وما الشّمول
…
لذيذة وهو سالي أليس منّا
قل يا رسول
…
بأنّنا في ظلال روضة غنّا
زبرجديه
…
وثمّ شادٍ وريم وبقايا راح
ويوم دجن
…
وقد دعاك النديم أجب يا صاح
سقياً لدهر
…
مضى بعلّ ونهل وبغزلان
وطيب عمر
…
قضى بليلة وصل ما لها ثاني
خلعت عذري
…
فيها وقلت لخلي ولندماني
في البابليّة
…
لا تسمعن من يلوم واهجر النصاح
واشرب وغنّي
…
يا ليلةً لو تدوم دامت الأفراح وقال موشح ذوبيتي:
أقسمت عليك بالأسيل القاني
…
أن تنظر في حال الكئيب العاني
أو تقصر عن إطالة الهجران
…
يا من سلب المنام من أجفاني ما أليق هذا الحسن بالإحسان
…
والله لقد ضاعفت عندي الكمدا
…
مذ جزت من الهجر الطويل الأمدا
أدرك رمقي أوهب فؤادي جلدا
…
يا من أخذ الرّوح وأبقى الجسدا ما أصنع بعد الروح بالجثمان؟
…
بالله إذا قضيت وجداً وغرام
…
فابسط عذري يوم عتابٍ وملام
قد كنت خلياً من عذار وقوام
…
لا أعطي لصبوةٍ قياداً وزمام حتى علقت بي أعين الغزلان
…
من لي بسقيم الجفن واهي الخصر
…
يرنو بعيون كحّلت بالسحر
كم أوضح لي عذاره من عذر
…
ما مال به الدلال ميل السكر إلاّ سجدت معاطف الغزلان
…
في مرشفه مواردٌ للقبل
…
تحمى بفتور لحظه والكحل
كم قلت لمن كثّر فيه عذلي
…
ما دام سواد طرفه لم يحل لا تطمع يا عذول في سلواني
…
بدريّ محيا غصنيّ القدّ
…
يسبيك بجلنارة في الخدّ
ذو مبتسم عذب وخد وردي
…
مذ عاينت العين نظام العقد منه نثرت قلائد العقيان
…
سالم لحظات طرفه الرشاق
…
واستكف سهاماً ما لها من واق
أو خذ لك موثقاً من الأحداق
…
واستخبر عن مصارع العشّاق تنبيك وعن مقاتل الفرسان
…
وقال أيضاً:
وقفت مذ سارت المحامل
…
واقتربت ساعة الفراق
أكفكف الدمع بالأنامل
…
والدمع يأبى إلاّ اندفاق
أم هل لطيف الكرى مزار
هيهات والصبر مستحيل
…
والقلب لا يملك القرار
إن أوحشت منهم الطلول
…
فطالما آنسوا الدّيار
ساروا وقد زمّت المحامل
…
بهم وأظعانهم تساق
وخلّفوا أضلعاً نواحل
…
ترقّ مع أدمعٍ تراق
قف باللّوى نندب الرّبوعا
…
على فراق الحبايب
واسفح بأطلالها الدموعا
…
إن كنت خلّي وصاحبي
ملاعب تنبت الولوعا
…
سقياً لها من ملاعب
ما بال أقمارها أوافل
…
وقد محا نورها المحاق
وما لباناتها ذوابل
…
وكنّ مهزوزةً رشاق
بكيت من لوعتي ووجدي
…
حتى فني كنز أدمعي
وكان يوم الفراق ودّي
…
تبكي عيون الحيا معي
إن لم أف (1) بعدهم بعهدي
…
فكنت في الحبّ مدّعي
(1) ص: ألم أفي.
فإن جفا النوم وهو واصل
…
فكلّ شملٍ له افتراق
أو غاض دمعي وكان سائل
…
فالنيل يعتاده احتراق
من لفتىً ساهر المآقي
…
قد ذلّ في طاعة الهوى
يشكو إلى الله ما يلاقي
…
من التّباريح والجوى
قد بلغت روحه التراقي
…
مذ بعدت شقّة النوى
صبٌّ لثقل الغرام حامل
…
وحمل ذيّاك لا يطاق
راح لكأس الفراق ناهل
…
وكاسه مرة المذاق وقال أيضاً:
زمان شبابي كنت خير زمان
…
فلا زلت مشكوراً بكلّ لسان
فلله كم جرّرت ذيل بطالتي
…
وأطلقت للّذّات فيك عناني
وقد كنت سباقاً إلى غاية الصّبا
…
مجيباً إذا داعي المجون دعاني
أقبل ثغر الكأس أبيض واضحاً
…
وألثم خدّ الراح أحمر قاني
ألا خلياني والتصابي فإنني
…
أرى في التّصابي غير ما تريان
سأملأ من طيب العذار مفارقي
…
وأخضب من صرف الكؤوس بناني وقال أيضاً:
أرامة للآرام كنت مراتعا
…
فمالك للعشاق صرت مصارعا
فأين غصونٌ كنّ فيك موائساً
…
وأين بدور كنّ فيك طوالعا
وقفنا لتوديع الحمول عشيةً
…
نبث صباباتٍ ونذري مدامعا
وعدنا وما بلّ الوداع غليلنا
…
ولا بردت منّا الدموع الأضالعا
سألتكما ما ضرّ حادي ركابهم
…
لو احتبس الأظعان أو كرّ راجعا
وماذا على المستودعين قلوبنا
…
بحبلي زرود لو رددن الودائعا
تعرضن لي يوم الكثيب كأنما
…
تعرض لي سربٌ من الرمل راتعا
وما كنت أدري أن بين ستورهم
…
شموس الضحى حتى رفعن البراقعا وقال أيضاً:
أدرك بقية نفسٍ فات أكثرها
…
أصبحت بالهجر تطويها وتنشرها
يا من إذا نظرت عيني محاسنه
…
ألومها في هواه ثمّ أعذرها
حسبي علاقة حب قد برت جسدي
…
حتّام أكتمها والدمع يظهرها
ومهجة يتحاماها تجلّدها
…
إذا هجرت ويغشاها تذكرها
يا للرجال أما في الحبّ من حكمٍ
…
ينهى العيون إذا جارت ويزجرها
ويا ولاة الهوى قوموا بنصر فتىً
…
حقوقه بيّناتٌ وهي تنكرها
لا تطلبنّ من الأعطاف عاطفة
…
فإن أعدلها في الحبّ أجورها وقال أيضاً:
يا راشق القلب منّي
…
أصبت فاكفف سهامك
ويا كثير التجنّي
…
منعت عنّي سلامك
وخنت ذمّة صبٍّ
…
ما خان قط ذمامك
فاردد عليّ منامي
…
فلا عدمت منامك
فمن رأى سوء حالي
…
بكى عليّ ولامك
فلو أردت حياتي
…
لما هززت قوامك
بمن أحلّك قلبي
…
ارفع قليلاً لثامك
وابسم لعلّي أحيا
…
إذا رأيت ابتسامك
يا خدّه ما أحبلى
…
للعاشقين التثامك
بكيت دالاً وميماً
…
لمّا تأمّلت لامك