المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فيه اجتلى الدنيا الخليفة والتقت … للملك فيه سلامةٌ وسلام - فوات الوفيات - جـ ١

[ابن شاكر الكتبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌مؤلف الكتاب:

- ‌مؤلفات الكتبي:

- ‌كتاب فوات الوفيات:

- ‌تحقيق كتاب الفوات:

- ‌رب يسر واختم بخير

- ‌حرف الهمزة

- ‌إبراهيم بن أدهم

- ‌إبراهيم الحربي

- ‌المتقي لله

- ‌جمال الدين بن النجار

- ‌ابن سهل الإسلامي

- ‌الشيخ إبراهيم الأرموي

- ‌الشيخ برهان الدين الفزاري

- ‌الشيخ العماد

- ‌ابن هرمة

- ‌الجعبري

- ‌الرقيق الكاتب

- ‌ابن كيغلغ

- ‌فخر الدين ابن لقمان

- ‌ابن المدبر

- ‌ابن لنكك

- ‌عز الدين السويدي الطبيب

- ‌ابن معضاد

- ‌المعمار

- ‌ظهير الدين البارزي

- ‌الفاروثي

- ‌عماد الدين الواسطي

- ‌شرف الدين المقدسي

- ‌القادر بالله

- ‌أبو جلنك الشاعر

- ‌ابن الدبيثي

- ‌المعتمد على الله

- ‌الناصر لدين الله

- ‌الحاكم بأمر الله العباسي

- ‌المسيلي

- ‌ابن أبي فنن

- ‌السنبلي

- ‌المعتضد بالله العباسي

- ‌ابن عبد الدايم

- ‌الشارمساحي

- ‌ابن نفادة

- ‌الحنبلي معبر المنامات

- ‌المستظهر بالله

- ‌الاعيمى الاندلسي

- ‌الشهاب العزازي

- ‌علاء الدين ابن بنت الأعز

- ‌الماهر الحلبي

- ‌ابن الخل

- ‌الزين كتاكت

- ‌ابن الشريشي

- ‌الصنوبري الشاعر

- ‌قاضي القضاة ابن صصرى

- ‌شهاب الدين ابن غانم

- ‌ابن المدبر

- ‌سيف الدين السامري

- ‌المستعين

- ‌ابن الحلاوي الشاعر

- ‌ابن المنير

- ‌المتيم الأفريقي

- ‌ابن البققي

- ‌موفق الدين ابن أبي الحديد

- ‌البلاذري

- ‌شهاب الدين ابن فضل الله

- ‌إدريس ابن اليمان

- ‌اسبهدوست

- ‌ابن الطبيب الشاعر

- ‌مجد الدين النشابي

- ‌أسماء بن خارجة

- ‌شرف الدولة ابن منقذ

- ‌ابن عز القضاة

- ‌العين زربي

- ‌الملك المؤيد صاحب حماة

- ‌السيد الحميري

- ‌ابن مكنسة الشاعر

- ‌أشجع السلمي

- ‌أشعب الطمع

- ‌حرف الباء

- ‌الصابوني

- ‌ابن قوام

- ‌الملك الأمجد

- ‌الفرنسيس الإفرنجي

- ‌الحبيس الراهب

- ‌ الملك الظاهر

- ‌حرف التاء

- ‌الأمير تنكز نائب الشام

- ‌الأملاك التي بمدينة حمص:

- ‌الأملاك ببيروت:

- ‌القرى بالبقاع:

- ‌توبة ابن الحمير

- ‌تقي الدين التكريتي

- ‌توران شاه

- ‌توفيق الطرابلسي

- ‌حرف الثاء

- ‌ثابت قطنة

- ‌أبو البقاء التفليسي

- ‌حرف الجيم

- ‌جابر بن حيان

- ‌الحطيئة الشاعر

- ‌شعر الزنج

- ‌المقتدر بالله

- ‌جعفر العلوي

- ‌أبو الفضل الدمشقي

- ‌جعفر بن قدامة

- ‌المتوكل العباسي

- ‌ابن حنزابة

- ‌ابن ورقاء الشيباني

- ‌جعيفران الموسوس

- ‌جلدك والي دمياط

- ‌جنكزخان

- ‌جوبان القواس

- ‌حرف الحاء

- ‌عرقلة الدمشقي

- ‌أبو علي القرمطي

- ‌ابن جكينا البغدادي

- ‌أبو نصر الفارقي

- ‌ناصر الدين ابن النقيب

- ‌ابن أبي حصينة

- ‌شيخ الأكراد

- ‌الهمام العبدي

- ‌المهذب ابن الزبير

- ‌أبو البدر الإسكافي

- ‌الحسن الساسكوتي

- ‌بدر الدين ابن هود

- ‌بدر الدين ابن المحدث

- ‌أبو الجوائز الواسطي

- ‌أبو العالية الشامي

- ‌ابن الخل الشاعر

- ‌الوزير المهلبي

- ‌ابن كسرى المالقي

- ‌أبو الفضائل الصاغاني

- ‌أبو علي السهواجي

- ‌العز الإربلي الضرير

- ‌الحسن بن وهب

- ‌المستضيء بالله أمير المؤمنين

- ‌ابن الجصاص

- ‌ابن رواحة الحموي

- ‌سعد الدين الطيبي

- ‌أبو عبد الله ابن ممويه

- ‌الحسين ابن مطير

- ‌ابن عبدل الشاعر

- ‌الحكم الربضي

- ‌حمدة الوادياشية

- ‌حمزة بن بيض

- ‌حرف الخاء

- ‌خالد الكاتب

- ‌الزين خالد

- ‌سبط ابن الحمامية

- ‌الشيخ خضر العدوي

- ‌الأشرف خليل

- ‌حرف الدال

- ‌الملك الناصر داود

- ‌رجع الكلام

- ‌الملك المؤيد هزبر الدين

الفصل: فيه اجتلى الدنيا الخليفة والتقت … للملك فيه سلامةٌ وسلام

فيه اجتلى الدنيا الخليفة والتقت

للملك فيه سلامةٌ وسلام (1)

قصرٌ سقوف المزن دون سقوفه

فيه لأعلام الهدى أعلام

نشرت عليه الأرض كسوتها التي

نسج الربيع وزخرف الأرهام

أدنتك من ظلّ النبيّ وصيّةٌ (2)

وقرابةٌ وشجت بها الأرحام

برقت سماؤك في العدوّ فأمطرت

هاماً لها ظلّ السيوف غمام

وإذا سيوفك صافحت هام العدا

طارت لهنّ على الرءوس الهام

تثني على أيّامك الأيّام

الشّاهدان الحلّ والإحرام

وعلى عدوّك يا ابن عمّ محمد

رصدان ضوء الصبح والإظلام

فإذا تنبّه رعته وإذا غفا

سلّت عليه سيوفك الأحلام قال: فاستحسنها الرشيد، وأمر له بعشرين ألف درهم. وكان جعفر بن يحيى البرمكي يجري عليه في كل جمعة مائة دينار. وتوفي أشجع في حدود المائتين تقريباً. وأخباره في كتاب الأغاني كثيرة، رحمه الله تعالى وإيانا.

75 -

(3)

‌أشعب الطمع

أشعب بن جبير المدني، الذي يضرب به المثل في الطمع.

روى عن عكرمة وأبا بن عثمان وسالم بن عبد الله، وله النوادر المشهورة.

(1) ابن المعتز: ودوام.

(2)

ابن المعتز: وسيلة.

(3)

الوافي 9 رقم: 5092 وابن خلكان 2: 471 (شعيب) وهو من مزيدات طبعة بيروت (1968 - 1972) وتهذيب ابن عساكر 3: 75 وميزان الاعتدال 1: 258 وتاريخ بغداد 7: 37 والمحاسن والمساوئ: 597 والأغاني 19: 69 وأخبار الظراف: 31 وثمار القلوب: 150.

ص: 197

قال: حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال: إن الله على العبد نعمتين (1)، وسكت فقيل له: اذكرهما، فقال: الواحدة نسيها عكرمة، والأخرى نسيتها أنا.

وهو خال الأصمعي.

وقال يوماً: ابغوني امرأة أتشجأ في وجهها فتشبع، وتأكل فخذ جرادة فتنتخم.

وأسلمته أمه في البزازين، فقال لها يوماً: تعلمت نصف الشغل، قالت: وما هو؟ قال: تعلمت النشر وبقي الطي. وقيل له ما بلغ من طمعك؟ قال: ما زفت امرأة في المدينة إلا كنست بيتي رجاء أن تهدي لي. ومر برجل يعمل طبقاً، فقال له: وسعه فربما يشتري أحد ويهدي لنا فيه شيئاً (2) . ومن عجائب أمره أنه لم يمت شريف (3) بالمدينة إلا استعدى على وصيه أو على وارثه، وقال له: احلف أنه لم يوص لي بشيء قبل موته.

كان زياد بن عبد الله الحارثي على شرطة المدينة، وكان مبخلاً، فدعا أشعب في شهر رمضان ليفطر عنده، فقدمت له أول ليلة مضيرة (4) معقودة، وكانت تعجبه، فأمعن فيها أشعب وزياد يلمحه، فلما فرغوا من الأكل قال زياد: ما أظن لأهل (5) السجن إماماً يصلي بهم في هذا الشهر، فليصل بهم أشعب، فقال أشعب: أو غير ذلك أصلحك الله، قال: وما هو؟ قال: أحلف بالطلاق أن لا أذوق مضيرة أبداً. فخجل زياد وتغافل عنه.

وقال أشعب: جائتني جارية بدينار وقالت: هذا وديعة عندك، فجعلته بين ثني الفراش، فجاءت بعد أيام فوجدت الدينار، فقلت: ارفعي الفراش

(1) ص: نعمتان.

(2)

ص: شيء.

(3)

ص: شريفاً.

(4)

الوافي: مصلية.

(5)

ص: لأجل.

ص: 198

وخذي ولده، وكنت تركت إلى جانبه درهماً، فتركت الدينار وأخذت الدرهم وعادت بعد أيام فوجدت معه درهماً (1) آخر، فأخذته، وعادت في الثالثة كذلك، فلما جاءت الرابعة تباكيت، فقالت: ما يبكيك؟ فقلت: مات الدينار في النفاس، فقالت: وكيف يكون للدينار نفاس؟ فقلت: يا فاسقة تصدقين بالولادة ولا تصدقين بالنفاس؟

وسأل سالم بن عبد الله بن عمر عن طمعه، قال: اجتمعوا علي الصبيان يوماً، فقلت لهم: هذا أبان بن عثمان قد طبخ هريسة وهو يفرقها، فاذهبوا إليه، فلما ذهبوا ظننت أن الأمر كما قلت، فعدوت خلفهم.

وقيل له: ما بلغ من طمعك؟ قال: أرى دخان جاري فأثرد. وقيل له أيضاً، قال: ما رأيت اثنين (2) يتساران إلا ظننت أنهما يأمران لي بشيء.

وجلس يوماً في الشتاء إلى إنسان من ولد عقبة بن أبي معيط، فمر به حسن ابن حسن، فقال: ما يقعدك إلى جانب هذا؟ قال: أصطلي بناره.

ولما مات ابن عائشة المغني جعل أشعب يبكي ويقول: قلت لكم زوجوا ابن عائشة من الشماسية حتى يخرج بينهما مزامير داود، فلم تفعلوا، ولكن لا يغني حذر من قدر.

ولما أخرجت جنازة الصريمية المغنية كان أشعب جالساً مع نفر من قريش، فبكى أشعب وقال: اليوم ذهب الغناء كله، وترحم عليها، ثم مسح عينه والتفت إليهم وقال: وعلى ذلك فقد كانت الزانية شر خلق الله، فضحكوا، وقالوا: يا أشعب ليس بين بكائك عليها وبين لعنك لها فرق، قال: نعم كنا نجيها الفاجرة بكبش إذا أردنا أن نزورها، فتطبخ لنا في دارها ثم لا تعشينا إلا بسلق.

وجاز به يوماً سبط لابن سريج (3) ، فوثب إليه وحمله على كتفه، وجعل يرقصه ويقول: فديت من ولد على عود، واستهل بغناء، وحنك بملوى،

(1) ص: درهم.

(2)

ص: اثنان.

(3)

ص: سيرين، والتصويب عن الوافي.

ص: 199

وقطعت سرته بزير، وختن بمضراب.

وقيل له: رأيت أطمع منك؟ قال: نعم، كلب أم حومل، تبعني فرسخين وأنا أمضغ لباناً (1) .

وخفف الصلاة مرة، فقال له بعض أهل المسجد: خففت الصلة جداً، قال: إنها صلاة لم يخالطها رياء. وقال له رجل: كان أبوك عظيم اللحية، وأنت كوسج، فلمن أشبهت؟ قال: أشبهت أمي. وقيل له: هل رأيت أطمع منك؟ قال: نعم، خرجت إلى الشام مع رفيق لي، فنزلنا على باب بعض الديارات فتلاحينا، فقلت: أير الراهب في است الكاذب، فلم نشعر إلا بالراهب قد اطلع علينا وقد أنعظ وهو يقول: من هو الكاذب فيكم؟

وكان أشعب لا يغيب عن طعام سالم بن عبد الله بن عمر، فاشتهى سالم يوماً أن يأكل مع بناته، فخرج إلى بستان له، وأُعلم أشعب بالقصة، فاكترى جملاً بدرهم، فلما حاذى حائط البستان وثب من على الجمل فصار على الحائط، فغطى سالم بناته بثوبه وقال: بناتي (2) فقال أشعب: إنك لتعلم ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد (3) .

وقال رجل يوماً لأشعب: ما بلغ من طمعك؟ فقال: ما سألتني عن هذا الأمر إلا وقد خبأت لي شيئاً تريد تعطيني إياه.

وقيل هو من موالي عثمان بن عفان، وتوفي سنة أربع وخمسين ومائة، وولد سنة تسع للهجرة، فعمر عمراً طويلاً. وامرأته بنت وردان الذي بنى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وكان أشعب قد قرأ القرآن وتنسك، وكان حسن الصوت في القراءة، وربما صلى بهم في المسجد.

قال المدائني، قال أشعب: تعلقت بأستار الكعبة، وقلت: اللهم أذهب

(1) ص: لبان.

(2)

سقط من ص، وزدته من الوافي.

(3)

انظر سورة هود: 79.

ص: 200

الحرص عني، فمررت بالقرشيين وغيرهم فلم يعطني أحد شيئاً (1)، فجئت إلى أمي فحكيت لها ذلك فقال: والله لا تدخل بيتي حتى تذهب فتستقيل الله تعالى، فرجعت فقلت: يا رب قد سألتك أن تخرج الحرص من قلبي، فأقلني، ثم رجعت فلم أمر بمجلس من مجالس قريش وغيرهم إلا سألتهم وأعطوني، ووهبوا لي غلاماً (2) ، فجئت إلى أمي بحمار موقور (3) من كل شيء، فقالت: ما هذا؟ فخفت إن أعلمتها أن تموت، فقلت: وهبوا لي غين، قالت: وما غين؟ قلت: لام، قالت: ويلك وما لام؟ قلت: ألف، قالت وأي شيء ألف؟ قلت ميم، قالت: وأي شيء ميم؟ قلت: غلام، فسقطت مغشياً عليها، ولو سميته أول سؤالها لماتت.

ورأى على عبد الله بن عمر كساء، فقال: سألتك بوجه الله إلا أعطيتني هذا الكساء، فرماه له. وكان يقول: حدثني عبد الله بن عمر وكان يبغضني في الله.

وكان أشعب يجيد الغناء، وذكره إبراهيم الرقيق في كتابه (4) ، وذكر له جملة أخبار، رحمه الله تعالى.

76 -

(5)

أبو عطاء السندي

أفلح بن يسار، هو أبو عطاء السندي مولى بني أسد، ومنشؤه بالكوفة، وكان من مخضرمي الدولتين، وكان أبوه سندياً أعجيماً لا يفصح، وكان في

(1) ص: شيء.

(2)

ص: غلام.

(3)

الوافي: موقر.

(4)

الوافي: في كتاب الأغاني له.

(5)

الشعر والشعراء: 652 والأغاني 17: 245 والوافي 9 رقم: 6031 والخزانة 4: 176 والعيني 1: 560 والسمط: 602 ومعجم المرزباني: 456 وابن خلكان 5: 281 واسمه عنده ((مرزوق)) .

ص: 201

لسان أبي عطاء عجمة ولثغة، وكان إذا تكلم لا يفهم كلامه، ولذلك قال لسليم ابن سليم الكلبي:

أعوزتني الرواة يا ابن سليم

وأبى أن يقيم شعري لساني

وغلا بالذي أجمجم صدري

وجفاني لعجمتي سلطاني

وازدرتني العيون إذ كان لوني

حالكاً مجتوىً من الألوان

فضربت الأمور ظهراً لبطنٍ

كيف أحتال حيلةً لبياني

وتمنيت أنّني كنت بالشّع

ر فصيحاً وكان بعض بياني

ثم أصبحت قد أنخت ركابي (1)

عند رحب الفناء والأعطان

فاعطني ما تضيق عنه رواتي

بفصيحٍ من صالح الغلمان

يفهم الناس ما أقول من الشع

ر فإنّ البيان قد أعياني

واعتمدني بالشّكر يا ابن سليم

في بلادي وسائر البلدان

سترى فيهم قصائد غرّا

فيك سباقةً (2) بكلّ لسان فأمر له بوصيف، فسماه عطاء، وتبنى به ورواه شعره، فكان إذا أراد إنشاد مديح لمن يجتديه أو إنشاد شعر أمره فأنشد.

قيل إنه قال له يوماً: والأ منذ لدن دأوتأ وألت لبيأ ما أنت تصنأ، يعني: والكم منذ لدن دعوتك وقلت لبيك ما كنت تصنع.

وشهد أبو عطاء حرب بني أمية وبني العباس، وأبلى مع بني أمية، وقتل غلامه عطاءٌ مع ابن هبيرة وانهزم هو.

وحكى المدائني أن أبا عطاء كان يقاتل المسودة وقدامه رجل من بني مرة يكنى أبا يزيد قد عقر فرسه، فقال لأبي عطاء: أعطني فرسك أقاتل عني وعنك، وقد كانا أيقنا بالهلاك، فأعطه أبو عطاء فرسه، فركبه المري ومضى على

(1) ص والوافي: ردائي.

(2)

ص: غر

سيافه.

ص: 202

وجهه ناجياً، فقال أبو عطاء:

لعمرك إنّني وأبا يزيد

لكالسّاعي إلى لمع السّراب

رأيت مخيلة فطمعت فيها

وفي الطّمع المذلّة (1) للرقاب

فما أغناك عن طلب ورزق

وما أغناك عن سرق الدواب

وأشهد أن مرّة حيّ صدقٍ

ولكن لست فيهم في النصاب وعن المدائني أن يحيى بن زياد الحارثي وحماد الراوية كان بينهما وبين مسلم ابن هبيرة ما يكون بين الشعراء من النفاسة، وكان مسلم يحب أن يطرح حماداً (2) في لسان من يهجوه، قال حماد: فقال لي يوماً بحضرة يحيى بن زياد: أتقول لأبي عطاء السندي أن يقول زج وجرادة ومسجد بني شيطان؟ قلت: نعم، فما تجعل لي على ذلك؟ قال: بغلتي برسجها ولجامها، فأخذت عليه بالوفاء موثقاً، وجاء أبو عطاء فجلس إلينا فقال: مرهبا بكم، هياكم الله؛ فرحبنا به وعرضنا عليه العشاء فأبى وقال: هل عندكم نبيذ؟ فأتيناه بنبيذ كان عندنا فشرب حتى احمرت عيناه، فقلنا له: يا أبا عطاء، كيف علمك باللغز؟ فقال: جيد، فقلت:

أبن لي إن سألت أبا عطاء

يقيناً كيف علمك بالمعاني؟ فقال:

خبيراً عالماً (3) فاسأل تجدني

بها طبّاً وآيات المثاني فقلت:

فما اسم حديدة في رأس رمح

دوين الكعب ليست بالسنان

(1) ص: المذكر.

(2)

ص: حماد.

(3)

الوافي: خبير عالم.

ص: 203

فقال:

هو الزّزّ الذي لو بات ضيفاً

لصدرك لم تزل لك لوعتان (1) فقلت:

فما صفراء تدعى أمّ عوفٍ

كأنّ رجيلتيها منجلان فقال:

أردت زرادةً وأقول حقاً (2)

بأنك ما عدوت (3) سوى لساني فقلت:

أتعرف مسجداً (4) لبني تميم

فويق الميل دون بني أبان؟ فقال:

بنو سيتان دون بني أبان

كقرب أبيك من عبد المدان قال حماد: فرأيت عينيه قد ازدادت حمرة، ورأيت الغضب في وجهه وتخوفته، فقلت: يا أبا عطاء، هذا مقام المستجير بك، ولك نصف ما أخذته، قال: فاصدقني، قال: فأخبرته فقال: أولى لك، قد سلمت سلم لك جعلك، خذه بورك لك فيه فلا حاجة لي إليه، وانفلت يهجو مسلم بن هبيرة.

ووفد أبو عطاء السندي على نصر بن سيار، فأنشده:

قالت بريكة بنتي وهي (5) عاتبةٌ

إن المقام على الإفلاس تعذيب

ما بال همٍّ دخيلٍ بات محتضراً

رأس الفؤاد فنوم العين ترجيب

(1) الأغاني: عولتان.

(2)

الأغاني: وازن زنا (وأظن ظناً) .

(3)

ص: عددت.

(4)

ص: مسجد.

(5)

ص: وهو.

ص: 204

إني دعاني إليك الخير من بلدي

والخير عند ذوي الأحساب مطلوب فأمر له بأربعين ألف درهم.

وتوفي بعد الثمانين والمائة، رحمه الله تعالى.

77 -

(1)

علاء الدين الجاولي

ألطنبغا، علاء الدين الجاولي، مملوك ابن باخل؛ كان عند الأمير علم الدين سنجر الجاولي دوادار لما كان بغزة. وكان حسن الصورة تام القامة، وكان الجاولي يحسن إليه ويبالغ في الإنعام عليه؛ وكان إقطاعه يعمل عنده عشرين ألف درهم، فلما شنع على الجاولي أن إقطاعات مماليكه تعمل من العشرين إلى الثلاثين راك الأجناد، وأعطى لعلاء الدين المذكور إقطاع دون الذي كان بيده، فتركه ومضى إلى مصر بغير علم الأمير علم الدين، فراعى الناس خاطر مخدومه ولم يستخدمه أحد، فأقام يأكل من حاصله بمصر زماناً، ثم حضر إلى صفد فأكرم نزله الأمير سيف الدين أرقطاي النائب بها، وكتب له مربعه بإقطاع، وتوجه إلى مصر، فخرج عنه فأتى إلى دمشق، فأكرمه الأمير سيف الدين تنكز، وأعطاه إقطاع بحلقة دمشق، ووقع بينه وبين الأمير علم الدين بسببه، وبقي بدمشق إلى أن أمسك الجاولي وحبس، فلما فرج عنه فتوجه (2) إليه وخدمه مدة، ثم سيره إلى دمشق شاداً على أوقاف المنصور الذي يختص بالبيمارستان المنصوري (3) .

(1) الوافي والزركشي: 75 والدرر الكامنة 1: 435، واحتفظت بكثير من الألفاظ غير معربة في هذه الترجمة.

(2)

كذا في ص، والأنسب: توجه.

(3)

وكان إقطاعه

المنصوري: سقط من المطبوعة.

ص: 205

وكان نادر في أبناء جنسه: في الشكل المليح ولعب الرمح، والفروسية والذكاء ولعب الشطرنج والنرد، ونظم الشعر الجيد، لا سيما في المقطعات فإنه يجيدها، وله القصائد المطولة، ويعرف فقه على مذهب الشافعي، ويعف أصولاً، ويبحث جيداً، ولكنه سال ذهنه لما اجتمع بالشيخ تقي الدين ابن تيمية، ومال إلى رأيه، ثم تراجع عن ذلك إلا بقايا، وكان حسن العشرة لطيف الأخلاقي فيه سماحة.

ومن شعره:

سبّح فقد لاح برق الثغر بالبرد

واستسق كأس الطلا من كفّ ذي ميد

مستعرب اللّفظ للأتراك نسبته

له على كلّ صبٍّ صولة الأسد

يا عاذلي خلّني فالحسن قلّده

عقداً من الدر لا حبلاً من المسد

ويلٌ لمن لامني فيه ومقلته

نفاثة النّبل لا نفاثة العقد وله أيضاً:

خودٌ زها فوق المراشف خالها

لئن فتنت به فلست ألام

فكأنّ مبسمها وأسود خالها

مسكٌ على كأس الرحيق ختام وله أيضاً:

وبارد الثغر حلو

بمرشف فيه حوّه

وخصره في انتحالٍ

يبدي من الضعف قوه وله أيضاً:

ردفه زاد في الثّقالة حتى

أقعد الخصر والقوام السويّا

نهض الخصر والقوام وقاما

وضعيفان يغلبان قويّا وله أيضاً:

تخاطبني خود فأبدى تصامماً

فتكثر تكرار الخطاب وتجهر

ص: 206

فأصغي لها أذناً وأظهر عجمةً

لكيما أرى دراً من الدر ينثر وله أيضاً:

وصالك والثريّا في قران

وهجرك والجفا فرسا رهان

فديتك ما حفظت لشؤم بختي

من القرآن إلاّ لن تراني وله أيضاً:

سل وميض البروق عن خفقاني

وعليل النّسيم عن جثماني

ولهيب الهجير عن نار قلبي

وخفيّ الخيال عن أجفاني وله أيضاً:

إن عاد لمع البرق يخبر عنكم

وأتى القبول مبشراً بقبولي

فلأقدحنّ البرق من نار الحشا

ولأخلعنّ على النّجوم نحولي وله أيضاً:

انهلّ أدمعها درّاً وفي فمها

درٌّ وبينهما فرقٌ وتمثال

لأن ذا جامدٌ في الثّغر منتظم

وذاك منتثرٌ في الخدّ سيّال وله أيضاً:

جاءني الورد في بديع زمان

فقطعناه في منىً وأمان

ونهبنا فيه لذيذ وصالٍ

وهتكنا فيه عروس الدنان

وغلطنا فيه ببعض ليال

شطر فخلطنا شعبان في رمضان وتوفي (1) بدمشق في ثامن ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعمائة بعلة الاستسقاء، رحمه الله تعالى.

(1) جاء في ص بعدها: ((رجمه الله تعالى)) وكررت أيضاً في ختام العبارة.

ص: 207

78 -

(1)

أيدمر المحيوي

أيدمر المحيوي، فخر الترك عتيق محيي الدين محمد بن محمد بن سعيد بن ندى. قال ابن سعيد المغربي في كتاب المشرق في ترجمة هذا: بأي لفظ أصفه، ولو حشدت جيوش البلاغة لفضله لم أكن أنصفه؟ نشأ في الدوحة السعيدية فنمت أزاهره، وطلع بالسماء الندوية (2) فتمت زواهره، جمعت لإقرائه (3) أعلام الفنون، حتى خرج آية في كل فن، وبرع في المنثور والموزون، مع الطبع الفاضل الذي عضده، وبلغه من رياسة هذا الشأن ما قصده، لا سيما حين سمعت قوله الذي أتى فيه بالإغراب، وترك مهيار معلقاً منه بالأهداب:

بالله إن جزت الغوير فلا تغر

باللين منك معاطف الأغصان

واستر شقائق وجنتيك هناك لا

ينشقّ قلب شقائق النعمان وأورد له أيضاً (4) :

الروض مقتبل الشبيبة مونق

خضلٌ يكاد غضارةً يتدفق

نثر النّدى فيه لآلىء عقده

فالزهر منه متوّج وممنطق

وارتاع من مرّ النّسيم به ضحىً

فغدت كمائم نوره تتفتّق

وسرى شعاع الشمس فيه فالتقى

منها ومنه سنا شموس تشرق

والغصن ميّاس القوام كأنّه

نشوان يصبح بالنّسيم ويغبق

(1) الوافي والزركشي: 76 وخطط المقريزي 1: 342 وقد طبع ديوانه بدار الكتب 1931 وهو مختار من شعره، ولذلك لم أجد فيه أكثر المقطعات التي أوردها المؤلف.

(2)

ص: النداية.

(3)

ص: لاقرانه.

(4)

ديوانه: 1.

ص: 208

والطير ينطق معرباً عن شجوه

فيكاد يفهم عنه ذاك المنطق

غرداً يغني للغصون فتنثني

طرباً جيوب الظل (1) منه تشقق

والنهر لمّا راح وهو مسلسلٌ

لا يستطيع الرقص ظلّ يصفق

وسلافة باكرتها في فتيةٍ

من مثلها خلق لهم وتخلّق

شربت كثافتها الدهور فما ترى

في الكأس إلاّ جذوةً تتألّق

يسعى بها ساق يهيج إلى (2) الهوى

ويري سبيل العشق من لا يعشق

تتنادم الألحاظ منه على سنا

خدٍّ تكاد العين فيه تغرق

راق العيون غضاضةً ونضارةً

فهو الجديد ورقّ فهو معتق

ورنا كما لمع الحسام المنتضى

ومشى كما اهتز القضيب المورق

وأظلّنا (3) من فرعه وجبينه

ليلٌ تألق فيه صبحٌ مشرق

وكأنّ مقلته تردّد لفظة

لتقولها لكنّها لا تنطق

فإذا العيون تجمعت في وجهه

فاعلم بأنّ قلوبها تتفرق وله أيضاً (4) :

وافاك شهر الصوم يخبر أنه

جارٍ بأيمن طائرٍ ميمون

ما زال يمحق بدره شوقاً إلى

لقياك حتى عاد كالعرجون وله أيضاً:

حللنا مقاماً كلنا عبد ربّه

فلا غرو أن نهدي له درر العقد (5) وله أيضاً:

(1) ص: الطسل.

(2)

ص: به.

(3)

الديوان: وأظله.

(4)

ديوانه: 34.

(5)

لم يرد في المطبوعة.

ص: 209

رعى الله ليلاّ ما تبدّى عشاؤه

لأعيننا حتى تطلّع صبحه

كأنّ تغشّيه لنا وانفراجه

لقربهما إطباق جفنٍ وفتحه وله أيضاً (1) :

وأغرّ مصقول الأديم تخاله

زرت عليه جلابب من عسجد

ذي منخرٍ كفم المزادة زانه

خدٌّ قليل اللحم غير مخدّد

وكأنه نال المجرة وثبه

فرمته وسط جبينه بالفرقد

صناه عن رسم الحديد فوسمه

بالشكر من نعم الوزير محمد وله أيضاً:

حبّذا الفسطاط من والدة

جنبت أولادها درّ الجفا

يرد النيل إليها كدراً

فإذا مازج (2) أهليها صفا وله أيضاً:

كأنّما الهالة حول بدرها

كمامةٌ تفتقت عن زهرها وله أيضاً:

كم لدينا همانياً

قد حوت محكم العمل

فارغاتٌ من الدّنا

نير ملأى من الأمل وقال يرثي سهماً انكسر:

يا سهم هاج رداك لي بلبالاً

وأطار نومي والهموم أطالا

لولاك ما راع الحمام حمامةً

يوماً ولا علق المنون غزالا

ولطالما شوشت من سرب المها

ألفاً ومن سطر (3) الكراكي دالا

(1) المقطعات السبع الآتية لم ترد في المطبوعة.

(2)

ص: مازح.

(3)

ص: شطر.

ص: 210

قد كنت أعجب للقسيّ سقيمةً

صفرا تئنّ كأنهنّ ثكالى

فإذا بها علماً بيومك في الردى

كانت عليك تكابد الأهوالا

عجباً من الآجال كيف تقسمت

فيه وكان يقسّم الآجالا وله أيضاً:

وكأن نرجسها المضاعف خائضٌ

في الماء لفّ ثيابه في راسه وقال أيضاً:

ذو قصرٍ بين طوي

لين قد اجتاز بنا

كأنّه بينهما

دمامةً نون لنا وقال أيضاً، وقد ركب مولاه في البحر فانكسر المركب:

غضب البحر من حجابٍ منيع

حائلٍ بينه وبين أخيه

نزّقته حمية الشّوق حتى

خرق الحجب علّه يلتقيه وقال موشحة (1) :

بات وسماره النجوم

ساهر فمن ترى علمك السهد يا جفون

صب (2) إلى مذهب التصابي

صابي لا يعدل

فجنبه خافق الجناب

نابي مبلبل

والطرف من دائم انسكاب

كابي مخبل

لسانه للهوى كتوم

ساتر لما جرى والشأن أن تكتم (3) الشؤون

سباه مستملح المعاني

عاني به البصر

(1) الديوان: 34.

(2)

ص: صبا.

(3)

الديوان: تستر.

ص: 211

يذكره عن شدا الأغاني

غاني إذا اذّكر

يقول ما ناظر رآني

راني إلاّ القمر

يرنو إلى وجهه (1) الحليم

حائر لما يرى مرأى به تفتن العيون

من أين للبدر في الكمال

ما لي فيوصف

والغصن هل عطفه بحالي

حالي مزخرف

وعارض النّقص للهلال

لالي والكلف

ولا فم الشمس منه ميم

ظاهر لمن قرا ولا من الحاجبين نون

ما كنت لولا درى بشاني

شاني أخشى افتضاح

أفدي الذي راح للمثاني

ثاني عطف المراح

أنا لئن (2) صدّ أو جفاني

فاني فلا جناح

لما لوى الجيد قلت (3) ريم

نافر ثم انبرى يمشي كما تنثني الغصون

أيا نداماي إن بالي

بالي فغردوا

صوتاً أنا عنه لانتقالي

قالي فرددوا

في رتب المجد والمعالي

عالي محمّد

دام له العز والنعيم

قاهر مقتدرا يعزّ من شاء أو يهين وقد عارض هذا الموشح السراج المحار الحلبي بقوله:

ما ناحت الورق في الغصون

إلا هاجت على تغريدها لوعة الحزين

هل ما مضى لي مع الحبايب

آيب بعد الصدود

أم هل لأيّامنا الذواهب

واهب بأن تعود

(1) ص والديوان: وجهي.

(2)

سقط من ص.

(3)

ص: قلتو.

ص: 212

مع كل مصقولة الترائب

كاعب هيفاء رود

تفترّ عن جوهر ثمين

جلاّ أن يجتلى يحمى بقضب من الجفون

وأهيفٍ ناعم الشّمايل

مايل في برده

في أنفس العاشقين عامل

عامل من قده

يرنو بطرف إلى المقاتل

قاتل في غمده

أسطى من الأسد في العرين

فعلا وأقتلا لعاشقيه من المنون

قاسوه بالبدر وهو أحلى

شكلا من القمر

فراش هدب الجفون نبلا

أبلى بها البشر

وقال لي وهو قد تجلّى

جلا باري الصور

ينتصف البدر من جبيني

أصلا فقلت لا قال: ولا السحر من عيوني

علّقته كامل المعاني

عاني قلبه به

مبلبل البال مذ جفاني

فاني في حبّه

كم بتّ من حيث لا يراني

راني لقربه

وبات من صدغه يريني

نملا يسعى إلى رضابه العاطر المصون

بتنا وما نال ما تمنّى

منا طيب الوسن

نفض من خمره لدنّا

دنا يشفي الحزن

وكلّما مال أو تثنّى

غنى صوتاً (1) حسن

لا تستمع في هوى المجون

عذلا وانهض إلى راح تقي سورة الشجون وكانت وفاة أيدمر المحيوي في شهور سنة...... (2)

(1) ص: صوت.

(2)

بياض في ص.

ص: 213

79 -

(1)

أيدمر النسائي

هو عز الدين أيدمر بن عبد الله، كان جندياً وله معرفة بتعبير الرؤيا والأدب، وكانت وفاته في ربيع الآخر سنة سبع وسبعمائة (2) ؛ فمن شعره:

تخذ النسيم إلى الحبيب رسولا

دنفٌ حكاه رقّةً ونحولا فتسيل في أثر الفريق سيولا

ويقول من حسدٍ له يا ليتني

كنت اتخذت مع الرسول سبيلا وله أيضاً:

سفر فخلت الصبح حين تبلجا

في جنح فودٍ كالظلام إذا سجا

فتانة فتاكةٌ من طرفها

كم حاول القلب النجاة فما نجا

نحت نضير الغصن قامة قدها

وحبت مهاة الجزع طرفاً أدعجا

تفترّ عن بردٍ نقيٍّ برده (3)

بالرشف حرّ حشاشتي قد أثلجا

ما إن دخلت رياض جنة خدها

فرأت عنها الدهر يوماً مخرجا

ولما رشفت رحيق فيها ظامياً

فازددت إلاّ حرقةً وتوهجا

تعطو برخصٍ طرّفته بعندمٍ

وتريك ثغراً كالأقاح مفلجا

أنّى نظرت إلى رياض جمالها

عاينت ثمّ مفوفاً ومدبّجا

زارت وعمر الليل في غلوائه

فغدا من الشمس المنيرة أبهجا

وسرى نسيم الروض ينكر إثرها

فتعرفت آثاره وتأرّجا

(1) الوافي والزركشي: 78؛ ولم ترد هذه الترجمة في المطبوعة.

(2)

بياض في ص، وقد اعتمدت في هذا التاريخ على الزركشي.

(3)

الزركشي: ثغره.

ص: 214

ومن شعره أيضاً:

ورد الورد فأوردنا المداما

وأرح بالراح أرواحاً هيامى

واجلها بكراً على خطّابها

بنت كرم قد أبت إلاّ الكراما

ذات ثغر جوهريٍّ وصفه

في رحيق رشفه يشفي الأواما

برقعت باللؤلؤ الرطب على

وجنةٍ كالنار لا تألو اضطراما

أقبلت تسعى بها شمس الضحى

تخجل البدر إذا يبدو تماما

بجفونٍ بابلي سحرها

سقمها أهدى إلى جسمي السّقاما

ونضير الورد في وجنتها

نبته أنبت في قلبي الغراما

ودّت الأغصان لما خطرت

لو حكت منها التثني والقواما

قال لي خالٌ على وجنتها

حين ناديت أما تخشى الضراما

منذ ألقيت بنفسي في لظى

خدها ألفيت برداً وسلاما

ص: 215

فراغ

ص: 216