الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعارة في بُنِي والقرينة في الإِسلام، شَبَّه ثبات الإِسلام واستقامَتَه على هذه الأركان الخمسة ببناء الخِباء على هذه الأعمدة الخمسة، ثم سَرَت الاستعارة من المصدر إلى الفعل، ويجوز أن تكون استعارة بالكِناية، بأن يكون شَبَّه الإِسلام بمبنى له دعائم، فذكر المُشَبَّه، وطَوَى ذكر المُشَبَّه به، وذكر ما هو من خَواصِّ المشبه به، وهو البناء، ويسمى هذا استعارة تَرْشِيحية.
رجاله أربعة:
الأول: عُبَيد الله بن موسى بن أبي المُختار، واسمه باذَام العَبسيُّ مولاهم الكوفِيُّ أبو محمَّد الحافظ، وباذام -بالباء الموحدة والذال المعجمة- لفظٌ فارسيٌّ، ومعناه اللَّوز.
قال ابن أبي خَيْثَمة عن ابن مَعين: ثقة. وقال مُعاوية بن صالح: سألت ابن مَعين عنه، فقال: اكتب عنه. وقال أبو حَاتم: صدوق ثقة حسن الحديث، وأبو نعيم أتْقن منه، وعُبيد الله أثْبَتَهم في إسرائيل، كان يأتيه فيقرأ عليه القرآن. وقال العِجْلِيُّ: ثقة، وكان عالمًا بالقرآن، رأسًا فيه.
وقال أيضًا: ما رأيته رافعًا رأسه. وما رُئيَ ضاحكًا قطُّ. وقال أبو داود: كان مُحترفًا سَميعا، جاز حِفظه. وقال ابنَ عَدِيّ: ثقة. وقال ابنِ سَعْد: قرأ على عيسى بن عُمر، وعلى عليِّ بن صالح، وكان ثقةً صدوقًا إن شاء الله تعالى، كثير الحديث، حسن الهيئة، وكان يتشيع، ويروي أحاديث منكرة، وضُعِّفَ بذلك عند كثير من الناس، وكان صاحب قرآن، وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال: كان يَتَشَيَّع. وقال ابن شَاهِين في "الثقات" قال عُثمان بن أبي شَيْبة: صدوق ثقة، وكان يضطرب في حديث سُفيان اضطرابًا قبيحًا. وقال عُثمان الدَّارميُّ عن ابن مَعين: ثقة ما أقربه من يَحيى ابن يَمان، ويَحْيى بنُ يَمان أرجو أن يكون صدوقًا، وليس حديثه بالقويّ.
وقال ابن قَانِع: كوفيٌّ صالح يتشيع. وقال السّاجِيُّ: صدوق كان يُفرطُ في التشيع. وقال المَيْمُونيُّ: ذكر عند أحمد، فرأيته كالمنكر له، وقال: كان
صاحب تخليطٍ، وحدَّث بأحاديث سَوْء، قيل له: فابن فُضَيل؟ قال: كان أسْتَرَ منه، وأما هو فأخرج تلك الأحاديث الرديئة. وقال يعقوب بن سُفيان: شيعي، وإن قال قائِل: رافِضيّ لم أُنْكر عليه، وهُو مُنكر الحديث. وقال الجُوزجَانيُّ: وعُبيد الله بن موسى أغلى وأسوأ مذهبًا وأرْوى للعجائب. وقال أبو مُسلم البَغْدادِيُّ: عبيد الله بن موسى من المتروكين، تركه أحمد لتشيعه، وقد عوتب أحمد على روايته عن عبد الرزاق، فذكر أن عبد الرزاق رَجَع. وقال أحمد أيضًا: رَوَى مناكير، وقد رأيته بمكةَ فأعْرَضْت عنه، وقد سمعت منه قديمًا سنة خمس وثمانين، وبعد ذلك عتبوا عليه ترك الجمعة مع إدمانه على الحجِّ.
رَوَى عن: إسماعيل بن أبي خالد، وهشام بن عُروة، والأعمش، والأوزاعي، وابن جُرَيج، وحَنْظَلة بن أبي سُفيان، وهارون بن سُليمان الفَرّاء، وزَكريّا ابن أبي زائدة، وغيرهم.
وروى عنه: البُخاريُّ، وروى هو والباقون له بواسطة أحمد بن أبي سُريْج الرّازي، وروى عنه أبو بكر بن أبي شَيبَة، ومحمد بن يحيى الذُّهْلِيُ، ومحمود بن غَيْلان، وعُبيد، والقاسم بن زَكريّا بن دينار، وعبد الله بن محمَّد المُسْنَدي، وخلق كثير.
وليس في الكتب الستة عُبيد الله بن موسى سواه، وفي الرُّواة عُبيد الله ابن موسى الرُّويانيّ يُكنى أبا تراب، ذكره الخطيب، روى عنه عليُّ بن أحمد بن نَصْر خبرًا واحدًا.
والعَبْسِيُّ في نسبه نسبةً إلى عبْس -بسكون الباء- ابن بغيض بن رَيْث ابن غَطَفان بن سعد بن قيس عَيْلان أبو قبيلة مشهورة وعَقِبُهُ المشهور من قُطَيْعة وَوَرَقَة.
ولما كان عُبيد الله بن موسى شيعيًّا -وهذا أول ذكر للمُبْتدعة- لزم ذكر ما قيل في الرواية عنهم.
قال النَّوَوِيُّ: وقع في "الصحيحين" وغيرهما من كتب أئمة الحديث الاحتجاج بكثير من المبتدعة غير الدعاة إلى بدعتهم، ولم يزل الخَلَفُ والسَّلَفُ على قَبول الرواية عنهم، وما قاله أحد أقوال أربعة، وهو المعتمد، بل نقل ابن حِبّان الاتفاق عليه حيث قال: الداعية إلى البدعة لا يجوز الاحتجاج به عند أئمة الحديث قاطبة، لا أعلم بينهم فيه اختلافًا، لكن استغرب ابن حَجَر حكاية الاتفاق عليه.
وقيل: يُرَدُّ مطلقًا سواء الداعية وغيره، لأنه فاسقٌ ببدعته، وإن كان متأولا فالتحق بالفاسق غير المتأول، كما التحق الكافر المتأول بغير المتأول، وهذا يروى عن مالك وغيره، ونقله الآمِدِيُّ عن الأكثرين، وجزم به ابن الحاجب، وأنكره ابن الصَّلاح، وقال: إنه بعيدٌ مُباعِدٌ للشّائع عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة، كخالد بن مَخلد، وعُبيد الله بن موسى العَبْسي، وعبد الرَّزّاق بن همام، وعمرو بن دينار.
وقيل: يُرد إذا استحل الكذب نصرةً لمذهبه سواء دعا إلى مذهبه أم لا، وهو قول الشّافعيّ، فإنه قال أقبل شهادةَ أهل الأهواء إلا الخَطّابِيّة من الرّافضة، لأنهم يرون الشهادة بالزُّور لموافِقيهم، بخلاف ما إذا لم يَسْتَحِلَّ ذلك لأن اعتقاده حُرمة الكذب يمنعه منه، فيصدق.
والرابع: قول أبي الفَتْح القُشَيْريِّ وهو: إن وافَقَه أحدٌ لم يُلْتَفَت إليه إخمادًا لبدعته، وإطفاءً لنارِه، وإن لم يُوافِقه أحد، ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما وَصَفْنا من صدقهِ، وتحرُّزه عن الكذب، واشتهاره بالدين، وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته، فَيَنْبَغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث، ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته، وإلى الأقوال الثلاثة الأُوَل أشار العراقيُّ بقوله:
والخُلْفُ في مُبْتدعٍ ما كُفِّرا
…
قِيلَ: يُرَدُ مُطلقًا واسْتُنكِرا
وقيلَ: بَلْ إذا استَحَلَّ الكَذِبَا
…
نُصْرَة مَذْهَب لَهُ ونُسِبا
للشَّافِعِيِّ إذ يقُول أقْبَلُ
…
مِنْ غَيْرِ خَطّابِيّةٍ ما نَقَلُوا
والأكْثَرُونَ وأرَاهُ الأعْدَلا
…
رَدُّوا دُعاتَهم فَقَط ونَقَلا
فيه ابنُ حِبّانَ اتّفاقًا وَرَوَوْا
…
عنْ أهْلِ بِدَعٍ في الصَّحِيح ما دَعَوْا
الثاني: حَنْظَلَةُ بن أبي سُفيان بن عبد الرحمن بن صَفْوان بن أُمَيَّة الجُمَحيُّ المَكِّيُّ، قيل: اسم أبي سُفيان الأسود، وهو الذي يروي عنه محمَّد بن فُضَيْل، ويقول: حدثنا حَنْظَل بن الأسود.
قال أحمد: كان وَكِيع إذا أتى على حديثه، قال: حدثنا حَنْظلَة بن أبي سُفيان، وكان ثقةً ثقة. وكذا قال الجُوزْجانيُّ، عن أحمد: إنه ثقةٌ ثقة. وقال ابن أبي مَرْيم، عن ابن مَعين: إنه ثقة حجة. وقال عبد الله بن شُعيب عنه: حَنْظَلَةٌ وأخُوه ثِقَتان. وقال أبو زُرْعة، وأبو داود، والنَّسائيُّ: ثقة. زاد أبو داود: وعثمان بن الأسْود يُقَدَّمُ عليه. وقال ابن المَدينيّ: سألت عنه يَحْيىَ بن سعيد، فقال: كان عنده كتاب، ولم يكن عندي مثلُ سيفٍ، وقال ابن عَدِيّ: عامة ما روى حَنْظَلة مستقيم، وإذا حدّث عنه ثقة فهو مستقيم. وقال يَعْقُوب بنُ شَيْبَة: هو ثقةٌ، وهو دون المتَثَبِّتين. وقال أيضًا: قيل لعلي بن المَديني: كيف رواية حَنْظلة عن سَالِم؟ قال: روايته عن سالم وَاد، ورواية موسى بن عُقبة عن سالم واد آخر، ورواية الزُّهْري عن سالم كأنها أحاديث نافع. فقيل لِعَليّ: هذا يَدُلُّ على أن سالمًا كثير الحديث، قال: أجل. وقال ابن سَعْد كان ثقة، وله أحاديث. وقال ابن المَدِيني: لا بأس به، وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال: اسم أبي سُفيان الأسود .. إلخ. ما مرَّ قريبًا. وذكره ابن عَدِيٍّ في الكامل وأورد له حديثًا استنكره، لعل العلة فيه من غيره.
روى عن سَالم بن عبد الله بن عُمر، وسعيد بن مِيناء، وطاووس، وعِكْرمة بن خالد، والقاسم بن محمَّد، ونافِع مولى ابن عُمر، وعَطاء بن أبي رَباح، ومُجاهد، وأخويه عبد الرحمن وعَمرو، وجماعة.
وروى عنه: الثَّوريُّ، وحمّاد بن عيسى الجُهَنِيُّ، وابن المُبارك،
وابن نُمير، وابن وَهْب، ووكيع، والقطّان، وعُبيد الله بن موسى، ومَكِّي ابن إبراهيم، وجماعة.
مات سنة إحدى وخمسين ومئة.
والجُمَحِيُّ في نسبه نسبةً إلى بني جُمَح من قريش، وهم بنو جُمح ابن عَمرو بن هُصَيْص بن كَعب بن لُؤي، وسَهْم أخو جُمح جد بني سَهمٍ، وزعم الزُّبير بن بكار أن اسم جُمِح تَيْم، واسم سَهْم زَيْد، وأن زيدًا سابَقَ أخاه إلى غابة فَجَمَحَ عنها تَيمٌ، فسُمي جُمَح، ووقف عليها زَيْد، فقيل: قد سَهَمَ زيد فسمي سَهْمًا.
وليس في الرواة حَنظلة بن أبي سُفيان سواه، وحنظلة في الستة غيره عشرة.
الثالث: عِكْرمة بن خالد بن العَاص بن هِشام بن المُغيرة بن عبد الله ابن عَمرو بن مَخزوم القُرَشيُّ المَخْزوميُّ.
قال ابن مَعين، وأبو زُرْعة، والنسائي: ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال ابن سَعْد: كان ثقة، وله أحاديث، ووثقه البُخاري كما قال أبو الحسن بن القطان، وقال آدم: سمعت البخاري يقول: منكر الحديث.
روى عن: أبيه، وأبي هُريرة، وابن عبّاس، وابن عُمر، وأبي الطُّفَيل، ومالِك بن أوْس بن الحَدَثان، وسعيد بن جُبَير، وجَعْفر بن عبد المطَّلب، وغير واحد.
روى عنه: أيوب، وابن جُرَيج، وعبد الله بن طَاوُوس، وحَنْظلة بن أبي سفيان، وقَتَادة، وحمّاد بن سَلَمة، وعَطاء بن عَجْلان، وآخرون.
وقال أحمد بن حَنْبل: لم يسمع من ابن عَبّاس، وقال أيضًا: لم يَسمع من عُمر، وسمع من ابنه.
وليس في الستة عِكْرمة بن خالد سواه، وفي الرُّواة عِكرمة بن خالد قريب الذي قبله، ذكره العُقَيليُّ في كتابه، وعِكرمة في الستة سواه خمسة.
والمَخْزُوميُّ في نسبه نسبةً إلى مَخزوم أبو حيٍّ من قُريش، وهو ابن يقظة بن مُرة بن كَعب بن لُؤي بن غالِب، وفي عَبْس أيضًا مخزوم أبو قبيلة منهم، وهو ابن مالِك بن غالِب بن قَطيعة بن عَبْس، منهم خالد بن سِنان ابن غيث بن مريطة بن مخزوم، وقيل: إنه نبيٌّ صلى الله تعالى عليه وسلم، وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
الرابع: عبد الله بن عُمر، مر قريبًا في الأثر الرابع من كتاب الإِيمان.
لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والعَنْعنة والإِخبار، ورواته كلهم مكِّيون إلا عُبيد الله فإنه كوفي، وكله على شرط الستة إلا عِكرمة بن خالد فإن ابن ماجة لم يُخرج له، وهو من رُباعيات البُخاري، ومن خُماسيات مسلم، فَعَلا البخاريُّ برجلٍ.
أخرجه البخاريُّ هُنا، وفي التفسير، ومسلم في الإِيمان عن محمَّد ابن عبد الله بن نمير وغيره.
ثم قال المؤلف: