الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب إطعام الطعام من الإسلام
باب منون، وفيه ما في الذي قبله، وترجم هنا بقوله: إطعام الطعام، ولم يَقُل: أيُّ الإِسلام خير كما في الذي قبله إشعارًا باختلاف المقامين، وتعدد السؤالين كما سنقرره، والمؤلف لما استدل على زيادة الإِيمان ونقصانه بحديث الشُّعَب تتبع ما ورد في القرآن والسنن الصحيحة من بيانها فأورده في هذه الأبواب تصريحًا وتلويحًا.
الحديث الخامس
12 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» .
[الحديث 12 - طرفاه في: 28، 6236].
وقوله: "أن رجلًا" قال في "الفتح": لم أعرف اسمه، قال: وفي "ابن حبان" أن هانىء بن مَرْثَد والد شُريح سأل عن معنى ذلك فأُجيب بنحو ذلك.
وقوله: "أيُّ الإِسلام خَير؟ " فيه ما في الذي قبله من السؤال والتقدير، ويقدر هنا: أي خِصال الإِسلام لموافقة الجواب الذي هو تطعم الطعام لهذا المقدر، ولأن تنويع التقدير يتضمن جواب من سأل، فقال: السؤالان بمعنى واحد، والجواب مختلف، فيقال له: إذا لاحظت هذين التقديرين بان لك الفرق، ويمكن التوفيق بأنهما متلازِمان، إذ الإِطعام مستلزم لسلامة اليد، والسلام لسلامة اللسان في الغالب، ويحتمل أن يكون الجواب اختلف لاختلاف السؤال عن الأفضلية إن لوحظ بين لفظ أفضل ولفظ خير فرق فإنَّ الفضل بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة، والخير بمعنى النفع في مقابلة الشَّر، فالأول من الكمية، والثاني من
الكيفية، فافترقا، وعلى تقدير اتِّحاد السؤالين، فالجواب هو العمل على اختلاف حال السائلين أو السامعين، فيمكن أن يُراد في الجواب الأول تحذير من خُشِيَ منه الإِيذاء بيدٍ أو لسان، فأُرْشِد إلى الكفِّ، وفي الثاني ترغيب من رُجِي منه النفع العام بالفعل والقول، فأرشد إلى ذلك، وخَصَّ هاتين الخصلتين بالذكر لمسيس الحاجة لهما في ذلك الوقت لما كانوا فيه من الجَهْد، ولمصلحة التألف، ويدُلُّ على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام حَثَّ عليهما أول ما دخل المدينة، كما رواه التِّرمِذيّ وغيره مصححًا عن عبد الله بن سَلام، قال: أول ما دَخَل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انْجَفَل الناس إليه، فكنت ممن جاءه، فلما تأملت وجهه واشتبهته علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال:"أيُّها الناس، أفشوا السَّلام، وأطْعموا الطّعام، وصلُّوا بالليل والناس نِيام، تدخُلوا الجنّة بسلام".
وقوله: "تطعم الطعام" في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف بتقدير أنْ، أي: هو أن تُطعم الطعام، فأن مصدرية، والتقدير هو إطعام الطعام على حد: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وإنما قال: تطعم، ولم يقل: تُؤْكِل ونحوه لأن لفظ الإِطعام يتناول الأكل والشُّرب والذَّوق، قال الشاعر:
وإنْ شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّساء سِواكُمُ
…
وإنْ شِئتِ لَم أطْعم نُقَاخًا ولَا بَرْدا
والنُقاخ بضم النون وبالخاء المعجمة الماء العذب، والبَرْد: النَّوم، وقال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} أي: لم يذُقه، وبعمومه يتناول الضيافة، وسائر الولائم، وإطعام الفقراء، وغيرهم.
وقوله: "وتَقرأ السّلام على مَن عَرَفْت ومَن لم تَعْرِف" تَقرأ بفتح التاء، وضم الهمزة، مضارع قرأ، ولم يقل: وتُسَلِّم ليتناول سلام الباعث بالكتاب المتضمن للسلام، تقول: اقرأ عليه السلام، ولا تقول: أقْرِئْه السلام، فإذا كان مكتوبًا، قلت: أقرئْه السلام، أي: اجعله يقرأه.