الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العزيز
وأما العزيز فهو ما لا يرويه أقل من اثنين، سمي بهذا الاسم إما لقلة وجوده من عَزَّ يَعِزُّ بكسر العين في المضارع، عَزًّا وعَزازة بفتحها إذا قَلَّ بحيث لا يكاد يوجد، وإما لكونه عز أي قوي بمجيئه من طريق أخرى من عَزَّ يعِزُّ بفتح العين في المضارع إذا اشتد وقوي، ومنه:{فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} أي: قوينا، وجمع العزيز عِزاز ككريم وكرام.
بِيْضُ الوُجُوهِ أَلِبَّةٌ وَمَعاقِلُ
…
في كُلِّ نائِبَةٍ عِزَازُ الأَنْفُسِ
وظاهر كلام ابن حَجَر يقتضي أنه لا بد أن يكون في كل طبقاته اثنان عن اثنين، وظاهر كلام العراقي في "ألفيته" كما يأتي، وكما قاله السخاوي الاكتفاء بوجود ذلك في طبقة واحدة، بحيث لا يمتنع أن يكون في غيرها من طبقاته غريبًا، بأن ينفرد به راو آخر عن شيخه، بل ولا أن يكون مشهورًا كاجتماع ثلاثة فأكثر على روايته في بعض طباقه، والأوجه كما صار إليه السخاوي إنما كانت العزة فيه بالنسبة إلى راو انفرد راويان عنه، يقال فيه: عزيز من حديث فلان، وأما عند الاطلاق فينصرف لما أكثر طباقه كذلك، لأن وجود سند على وتيرة واحدة برواية اثنين عن اثنين، ادعى ابن حِبّان أنها لا توجد أصلًا، وقال ابن حَجَر: إن أراد رواية اثنين عن اثنين فقط فَمُسَلَّمٌ؛ وأما صورة العزيز التي جوزوها بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين فموجودة.
المشهور
وأما المشهور فهو ما رواه أكثر من اثنين مما لم يبلغ حد التواتر سمي بذلك لشهرته، ووضوح أمره، ويسمى المستفيض لانتشاره وشيوعه في الناس، وبعضهم غاير بينهما بأن المستفيض يكون من ابتدائه إلى انتهائه سواء، والمشهور أعم من ذلك حيث يشمل ما أوله منقول عن الواحد.
وقد يكون الحديث مشهورًا عزيزًا كحديث: "نَحْنُ الآخِرونَ السّابِقُونَ
يومَ القيامةِ" فهو عزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عنه حذيفة وأبو هريرة. ومشهور عن أبي هريرة رواه عنه سبعة، أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو حازم، وطاووس، والأَعْرَج، وهُمام، وأبو صالح، وعبد الرحمن مولى أم برثن، وكلٌّ من الثلاثة لا ينافي الصحيح والضعيف، فيحصُلُ فيها الصحيح والضعيف، ولكن الضعيف في الغريب أكثر، ولهذا كره جمع من الأئمة تَتَبُّعَ الغريب.
والغريب يكون غريبًا متنًا وإسنادًا كحديثٍ انفرد بروايته راوٍ واحد، وإسنادًا فقط كأن يكون متنه معروفًا برواية جماعة من الصحابة، فينفرد به راوٍ من حديث صحابي آخر، فهو من جهته غريب مع أن متنه غير غريب، قال ابن الصلاح: وهذا الذي يقول فيه الترمِذِيّ: غريب من هذا الوجه، قال: ولا أدري هذا النوع، أعني غريب الإِسناد ينعكس إلا إذا اشتهر الحديث المفرد عمن انفرد به، فرواه عنه عدد كثير، فإنه يصير غريبًا مشهورًا، وغريبًا متنًا لا إسنادًا، لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإِسناد، فإن إسناده غريب في طرفه الأول، مشهور في طرفه الأخير كحديث:"إنّما الأَعْمالُ بِالنِّيّات" لأن الشهرة إنما طرأت له من عند يحيى بن سعيد، وما ذكره من أن غريب الإِسناد لا ينعكس هو بالنظر إلى الوجود، وإلا فالقسمة العقلية تقتضي العكس، ومن ثم قال أبو الفتح اليَعْمُرِيّ فيما شرحه من الترمذي: الغريب أقسام: غريبٌ سندًا ومتنًا، أو متنًا لا سندًا، أو سندًا لا متنًا، أو غريب بعض السند، أو بعض المتن، ولم يمثل للثاني لعدم وجوده.
والمشهور أيضًا منقسم إلى مشهور شهرةً مطلقةً بين المحدثين وغيرهم كحديث: "المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسلمونَ من لسانه ويدهِ" وإلى مشهور مقصور على المحدثين كحديث أنس: "من أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ بعد الرُّكوعِ شهرًا يَدعو على رِعْل وَذَكْوان" فقد رواه عن أنس جمع، ثم عن التابعين جمع منهم سليمان التَّيْمِيّ، عن أبي مجلز، ثم عن التَّيْمِيّ جمع بحيث اشتهر بين المحدثين. أما غيرهم فقد يستغربونه لكونه الغالب على رواية التيمي عن