الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالثة: من شهد الخندق وما بعدها، الرابعة: مسلمة الفتح فما بعدها، الخامسة: الصبيان والأطفال ممن لم يغْزُ.
ما قيل في عدَّة الصحابة رضي الله تعالى عنهم
وأما عدة أصحابه عليه الصلاة والسلام فمن رَامَ حصر ذلك رام أمرًا بعيدًا، ولا يعلم حقيقة ذلك إلا الله تعالى، لكثرة من أسلم من أول البعث إلى أن مات. عليه الصلاة والسلام، وتفرقهم في البلدان والبوادي، وقد روى البخاري في حديث كعب بن مالك في تخلفه عن غزوة تَبُوك:"وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ، يعني الديوان" لكن قد جاء ضبطهم في بعض مشاهده كتبوك وقد روي أنه سار عام الفتح في عشرة آلاف من المقاتلة، وإلى حنين في اثني عشر ألفًا، وإلى حجة الوداع في تسعين ألفًا، وإلى تبوك في سبعين ألفًا، وقد روي أنه قُبِضَ عن مئة ألف وأربعة وعشرين ألفًا من رجل وامرأة.
وجاء عن أبي زُرْعَةَ الرَّازي أنه قيل له: أليس يقال: إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ فقال ومن قال هذا قلقل الله أنيابه؟ هذا قول الزنادقة، قبض صلى الله عليه وسلم عن مئة وأربعة عشر ألفًا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه، وفي رواية ممن رآه وسمع منه، فقيل له: هؤلاء أين كانوا؟ وأين سمعوا منه؟ فقال أهل المدينة، وأهل مكة، ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع، كل رآه وسمع منه بعرفة. قال محمَّد بن فَتْحون في "ذيل الاستيعاب": أجاب أبو زرعة سؤال من سأله عن الرواة خاصة فكيف بغيرهم؟
وثبت عن الثَّوْرِيِّ فيما أخرجه الخطيب بسنده الصحيح إليه، قال: من قدّم عليًّا على عثمان فقد أزرى باثني عشر ألفًا، مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. قال النَّوَوِيُّ: وذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم باثني عشر عامًا بعد أن مات، في خلافة أبي بكر في الردة والفتوح، الكثير ممن لم تضبط أسماؤهم، ثم مات في خلافة عمر في الفتوح، وفي الطاعون العام، وفي
عَمَواس، وغير ذلك من لا يحصى كثرةً. يعني الثوريُّ بالاثني عشر ألفًا الذين اتفقوا على بيعة عثمان دون علي.
وعن الشافعي: قُبِضَ صلى الله عليه وسلم عن ستين ألفًا ثلاثون بالمدينة، وثلاثون في قبائل العرب وغيرها.
وعن أحمد: قُبِضَ وقد صلى خلفه ثلاثون ألف رجل. وكأنه عني بالمدينة فلا يخالف ما فوقه.
وفي "المواهب": روي عن مالك؛ أنه قال: مات بالمدينة من الصحابة عشرة آلاف.
قال الحافظ: لم يحصل لجميع من جمع أسماء الصحابة العُشر من أساميهم بالنسبة إلى قول أبي زُرْعة السابق؛ فإن جميع ما في "الاستيعاب" ثلاثة آلاف وخمس مئة، وزاد عليه ابن فتحون قريبًا من ذلك.
قال الذَّهَبِيُّ: لعل الجميع ثمانية آلاف إن لم يزيدوا لم ينقصوا.
وقال أيضًا: إن جميع من في "أُسْد الغابة" سبعة آلاف وخمس مئة وأربعة وخمسون نفسًا، وسبب خفاء أسمائهم أن أكثرهم أعراب، وأكثرهم حضروا حجة الوداع.
قلت: التعرض لضبطهم على القول الصحيح أن كل من رآه مؤمنًا صحابي، صبيًّا كان أو امرأة، أو أَمَة، أو عبدًا غير ممكن، بل غير معقول، فإن النفوس في زمانه صلى الله عليه وسلم غير محصورة ولا مُدَوَّنة، وأول من جعل الديوان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فمن في المدينة وحدها من النساء والإِماء والصبيان ممن رأوه لا يمكن حصرهم، فضلًا عمن رآه من غيرها ممن لم يعلم أنه رآه، فضلًا عن أن يعلم اسمه، فالتعرض لضبطهم، رضي الله تعالى عنهم أجمعين، محال.
واعلم أنه قد أجمع جمهور العلماء من السَّلَف والخَلَف على أنهم