الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول من عمل سنان الحديد، وكان أسِنَّتهم صياصي البقر، ويزن أصله وادٍ حماه الملك، فلذلك قيل له: ذو يزن، كما قالوا: ذو رعين وذو وجدن وهما قصران باليمن.
الخامس: عبد الله بن عَمرو بن العاص، ومر قريبًا في الثالث من كتاب الإِيمان هذا.
لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والعنعنة ليس إلا، ورواته كلهم مِصريون، وهذا من الغرائب، لأنه في غاية القِلَّة، ورواته كلهم أئمة أجلاء.
أخرجه البخاري هنا، وأخرجه بعد هذا بأبواب عن قُتيبة بن سعيد، وفي الاستئذان أيضًا عن أبي يوسف، ومسلم في الإِيمان عن قُتيبة بن سعيد، والنَّسائي في الإِيمان، وأبو داود في الادب، وجميعًا عن قُتيبة، وابن ماجة في الأطعمة عن محمَّد بن رمح.
7 - باب من الإِيمان أن يُحبَّ لأخيه ما يُحبَّ لنفسهِ
باب بالتنوين، أي هذا باب، أو بالوقف، وقدم في هذه الترجمة لفظ الإِيمان بخلاف أخواتها، حيث قال: إطعام الطعام من الإِيمان، إما للاهتمام بذكره، أو للحصر، كأنه قال: المحبة المذكورة ليست إلا من الإِيمان، وهو توجيه حسن إلا أنه يَرِدُ عليه أن الذي بعده أليق بالاهتمام والحصر معًا، وهو قوله: باب حب الرسول من الإِيمان، فالظاهر أنه أراد التنويع في العبارة أو يقال: بأنه اهتم بحب الرسول، فقدمه، والترجمة من لفظ الحديث يأتي الكلام عليها.
الحديث السادس
13 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» .
أورد هذا الحديث بطريقين، عاطفًا إحداهما على الأخرى، وهي: وعن حسين المعلم، فإنه معطوف على شعبة، والتقدير عن شعبة وحسين، كلاهما، عن قتادة، وإنما لم يجمعهما لأن شيخه أفردهما، فأورده المصنف معطوفًا اختصارًا، ولأن شعبة قال: عن قتادة، وقال حسين: حدثنا قتادة، وغلط من زعم أن رواية حسين معلقة، فإن أبا نُعَيم في "المستخرج" وصلها عن مُسَدَّد، وصرح أحمد والنَّسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس، فانتَفَت تهمة تدليسه.
وقوله: "لا يُؤْمِنُ أحدُكُم" وللأصِيْلِيّ "أحدٌ" ولابن عَساكر "عبدٌ" وكذا لمسلم، والمنفي كمال الإِيمان، ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم، كقولهم: فلان ليس بإنسان، ولا يلزم على هذا أنَّ من اتصف بهذه الخصلة يكون مؤمنًا كاملًا، وإن لم يأت ببقية الأركان، لأن هذا ورد مورد المبالغة، أو يستفاد من قوله: لأخيه المسلم ملاحظة بقية صفات المسلم، وقد صرح ابن حِبّان عن حُسين المعلم بالمراد، ولفظه:"لَا يَبْلُغُ عبدٌ حقيقةَ الإِيمان" ومعنى الحقيقة هُنا الكمال ضرورة أنَّ لم يَتَّصِف بهذه الصفة لا يكون كافرًا، وبهذا يَتِمُّ الاستدلال للمصنف على أنه يتفاوت، وأن هذه الخصلة من شُعَبِ الإِيمان، وهي داخلة في التواضع على ما نقرره قريبًا.
وقوله: "حتى يُحبَّ" بالنصب، لأن حتى جارّة، وأَنْ بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفة، فلا يصحُّ المعنى، لأن عدم الإِيمان ليس سببًا في المحبة.
وقوله: "ما يُحبُّ لنفسه" جملة محلها النصب مفعول به، أي: من الخير، وهو مصَّرحٌ، به في رواية الإِسماعيلي الآتية، وغيره، والخير كلمة جامعة تَعمُّ الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها، والمحبة إرادة ما يعتقده خيرًا.
قال النَّوويّ: المحبة: الميل إلى ما يُوافق المحب، وقد تكون
بحواسه كحسن الصورة، أو بفعله، إما لذاته كالفضل والكمال، وإما لإِحسانه كجلب نفع ودفع ضُرٍّ، والمراد بالميل هُنا الاختياري دون الطّبيعيّ والقَسْريّ، والمُراد أيضًا أن يُحِبّ أن يَحْصُل لأخيه نظير ما يحصُلُ له، سواء كان في الأمور المحسوسة أو المعنوية، وليس المراد أن يَحْصُلَ لأخيه ما حصل له، لا مع سلبه عنه، ولا مع بقائه بعينه له، إذ قيام الجوهر أو العَرَض بمحلين مُحال.
وقال أبو الزِّناد بن السَّرّاج: ظاهر هذا الحديث طلب المساواة، وحقيقته تستلزم التفضيل، لأن كل أحد يُحِبُّ أن يكون أفضل من غيره، فإذا أحب لأخيه مثله، فقد دخل في جملة المفضولين.
وقال في "الفتح": في هذا نظر، لأن المراد الزَّجر عن هذه الإِرادة، إذ المقصود الحث على التواضع، فلا يُحِبُّ أن يكون أفضل من غيره، فهو مستلزم للمساواة، ويستفاد ذلك من قوله تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} [القصص: 83] ولا يَتِمُّ ذلك إلا بترك الحسد والغِلِّ والَغِشِّ والحقد، وكلها خِصال مذمومة، ومن الإِيمان أيضًا أن يُبْغِض لأخيه ما يُبْغِض لنفسه من الشر، ولم يذكره لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاء، ويحتمل أن يكون قوله:"أخيه" شاملًا للذِّمِّي أيضًا، بأن يحب له الإِسلام مثلًا، ويؤيده حديث أبي هُريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "مَنْ يأخُذُ عني هؤلاء الكلماتِ فَيَعملَ بِهِنَّ، أو يُعَلِّمَ من يعملُ بهن" فقال أبو هريرة، قلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي، فعد خمسًا، قال:"اتَّقِ المحارِمَ تكن أعبدَ النّاس، وارضَ بما قَسَمَ الله لك تَكُن أغنى الناس، وأحْسِنْ إلى جارِك تكن مؤمنًا، وأحِبَّ للناس ما تُحِبُّ لنفسك تكن مسلمًا" الحديث. رواه التِّرمذي وغيره من رواية الحسن، عن أبي هُريرة، لكن الحسن قال عن الترمذيِّ: إنه لم يَسْمعَ من أبي هُريرة، ورواه البَزّار والبَيْهَقيُّ بنحوه في الزُّهد عن مَكْحول