الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البغدادي بجزء جَمَعَ اختلاف طرقه، وهو حديث منصور بن المُعتمر، عن هِلال بن يِساف، عن الربيع بن خُثَيْم، عن عمرو بن ميمون الأَوْدِيّ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدِل ثلث القرآن. قال يعقوب بن شيْبة، وهو أطول إسناد رُوي، قال الخطيب: وقد روي هذا الحديث أيضًا من طريق سبعة من التابعين، ثم ساقه من حديث أبي إسحاق الشَّيْبانيّ، عن عمرو بن مُرة، عن هِلال، عن الرَّبيع، عن عَمْرو، عن عبد الرحمن
…
الخ فذكره.
أنواع الرواية:
ومنها أن فيه أنواع الرواية، فأتى بحدثنا الحُمَيْدِيّ، ثم بعن في قوله عن يحيى، ثم بلفظ أخبرني محمَّد، ثم سمعت عمر رضي الله عنه يقول، فكأنه يقول: هذه الألفاظ كلها تُفيد السماع والاتصال، كما سيأتي عنه في باب العلم عن الحُميدي، عن ابن عُيَيْنة، أنه قال: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت واحد؛ والجمهور قالوا: أعلى الدرجات لهذه الثلاثة؛ سمعت ثم حدثنا، ثم أخبرنا.
واعلم أنه إنما وقع عن سُفيان في رواية أبي ذَرّ، وفي رواية غيره، حدثنا يحيى. وقد اعترض على البخاري في قوله: عن سفيان، عن يحيى، بأن جماعة قالوا: الإسناد المعنعن يُصَيِّرُ الحديثَ مرسلًا، ولا سيما إذا كان من مدلس، وسفيان مدلس.
وأجيب بأن ما وقع في "الصحيحين" محمول على السماع من وجه آخر، والجمهور على أن المعنعن من غير المدلس محمول على الاتصال بشرط اللقي عند البخاري.
وحكى الحاكم الإِجماع على ذلك، ولم يشترط مسلم في الحكم باتصاله اللقاء، بل اكتفى بالمعاصرة، وادعى أن شرط الاجتماع قول مختَرع لم يُسبق إليه قائله. وفيما قاله نظر، لأنهم كثيرًا ما يرسلون عمن
عاصروه، ولم يَلْقَوْه، فاشترط لقيهما لحمل العنعنة على السماع، قاله ابن الصلاح. وقال السمعاني: يشترط طول الصحبة بينهما، واشترط أبو عمرو الداني معرفة الراوي المعنعن بالأخذ عمن عنعن عنه. وهذا الشرط موجود في حديث البخاري هذا، لأن سفيان مشهور بصحبة يحيى بن سعيد، والأخذ عنه كما مر في تعريفه.
وقيل: إن السند المعنعن منقطع مطلقًا، وإن لم يكن راويه مدلسًا حتى يظهر الوصل بمجيئه من طريق آخر مصرحًا فيها بالسماع، قال: لأن "عن" لا تشعر بشيء من أنواع التحمل، وقال النَّوَوِيّ:
إن هذا القول مردود بإجماع السلف، وقد أشار العراقي في "ألفيته" إلى هذا بقوله:
وصَحّحُوا وَصْلَ مُعَنْعَنٍ سَلِمْ
…
مِنْ دَلْسَةٍ رَاويهِ وَالِّلقا عُلِمْ
وبَعْضُهُم حَكَى بِذا إجْماعا
…
وَمُسْلِمٌ لمْ يَشْرُطِ اجْتماعا
لكِنْ تَعَاصُرًا وقِيْلَ يُشْتَرَطْ
…
طُولُ صَحَابةٍ وبَعْضُهُم شَرَطْ
مَعْرِفَةَ الرّاوِي بالآخذِ عَنْهُ
…
وَقِيْلَ كُلُّ ما أَتانا مِنْهُ
مُنْقَطِعٌ حَتى يَبِيْنَ الوَصْلُ
حكم "أنَّ" حُكم "عن":
واعلم أن حكم "أنَّ" بالفتح والتشديد نحو أنَّ فلانًا قال: كذا، حكم "عن" على الصحيح، فيحمل على الاتصال بشرطه المتقدم، كما نقله ابن عبد البَر في "تمهيده" قائلا: لا اعتبار بالحروف والألفاظ، بل باللقاء والمجالسة والسماع مع السلامة من التدليس. وذهب أبو بكر البَرْدِيجي -بفتح الباء أكثر من كسرها- إلى أنه منقطع، وكذلك يعقوب بن شَيْبة، فإنه حكم على رواية أبي الزبير، عن محمَّد بن الحنفية، عن عمار، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد علي السلام بالاتصال، وحكم على رواية قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح، عن محمَّد بن الحنفية أن عمارًا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، بالإرسال، لكونه
قال: إن عمارًا، ولم يقل: عن عمار، واعتراض ابن الصلاح التفرقة بينهما من مجرد اللفظ، قائلا: إن الحكم على الرواية الثانية بالإِرسال ليس من جهة تعبير ابن الحنفية بـ "أن"، بل من جهة أنه لم يسند الحكاية فيها إلى عمار بل إلى نفسه، مع أنه لم يدرك مروره بخلافه في الأولى، فإنه أسنده فيها إليه، فكانت متصلة. وقال العراقي: الصواب أن من أدرك ما رواه من قصة، وإن لم يعلم أنه شاهدها، يُحكم له بالوصل، بشرط السلامة من التدليس، سواء قال في روايته: قال، أو عن، أو أن، صحابيًا كان راويه أو تابعيًا، وإن لم يدرك ذلك، فهو مرسل صحابي، أو تابعي، أو منقطع، إن لم يسنده إلى من رواه عنه، وإلا فمتصل، وما حكي عن الإِمام أحمد بن حنبل من أن قول عُروة إن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله! وقوله: عن عائشة كذا ليسا سواء يحمل على هذا، فيقال: إن عروة في اللفظ الأول لم يسند ذلك إلى عائشة، ولا أدرك القصة فكانت مرسلة. وفي الثاني أسنده إليها بالعنعنة؛ فكانت متصلة، ومرجِلُّ قول يَعْقوب ابن شَيْبة عليه. وإلى هذا أشار العراقي بقوله متصلًا بقوله المار:
مُنْقَطِعٌ حَتّى يَبيْنَ الوَصْلُ
…
وَحُكْم "أنّ" حُكمُ "عَنْ" فالجُلُّ
سَوَّوْا وَلِلقَطعِ نَحا البَرْديجي
…
حَتّى يَبينَ الوَصْلُ في التَّخْريجِ
قالَ: ومثلُهُ رأى ابنُ شَيْ
…
كَذا لهُ ولَمْ يُصَوِّبْ صَوْبَهْ
قُلتُ الصَّوابُ أنَّ مَنْ أَدرَكَ ما
…
رَوَاه بِالشَّرطِ الّذي تَقَدّما
يُحْكَمْ له بالوَصْلِ كَيْفَما رَوَى
…
بِقَال ياو عَنْ أو بِأَنَّ فَسَوا
ومَا حُكِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنبل
…
وَقَوْلَ يعقوب على ذا نَزِّل
استعمال "عن" في الإِجازة:
قال ابن الصلاح: وقد كثر في زمنه بعد الخمس مئة بين المحدثين استعمال "عن" فيما روي بالإِجازة فإذا قال الراوي: قرأت على فلان، عن فلان، حُمل على أنه رواه بالإِجازة، ومع ذلك فيه نوع من الاتصال،