الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمذاكرة بها تبركًا بذكره في أوائل الكتاب، والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب. ولما أنهيت هذه النُّبذة اليسيرة من الشمائل النبوية، أردت أن آتِيَ بشيء من
تعريف البخاري
، لأنّ الكتاب في تعريف رجال "صحيحه"، وأول ما يبدأ به تعريف صاحب الكتاب فأقول:
تعريف البُخاري
البُخَارِيُّ: هو أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة ابن بَرْدِزْبَهْ -بفتح الباء وسكون الراء وكسر الدال وسكون الزاي وفتح الباء ثم هاء ساكنة- الجُعْفِيُّ ومعناه بالفارسية الزراع، كان بَرْدِزْبَه فارسيًّا على دين قومه، ثم أسلم ولده المغيرة على يد اليمان الجُعْفِي، وأتى بخارى، فنسب إليه نسبة ولاء، عملًا بمذهب من يرى أن من أسلم على يده شخص كان ولاؤه له، وإنما قالوا له: الجعفي لذلك. وأما ولده إبراهيم فلم أقف على شيء من أخباره.
ولد البُخاري يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومئة ببُخارى، ومات أبوه وهو صغير، ونشأ في حِجْر أمه، ثم حجَّ مع أمه وأخيه أحمد، وكان أسن منه، سنة عشر ومئتين، فأقام هو بمكة مجاورًا يطلب العلم، ورجع أخوه أحمد إلى بخارى ومات بها.
وروى غُنجار في "تاريخ بُخارى" واللَّالكائيُّ في "شرح السنة" في كرامات الأولياء، أن محمَّد بن إسماعيل ذهبت عيناه في صغره، فرأت والدته الخليل إبراهيم عليه السلام في المنام، فقال لها: يا هذه قد رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك، فأصبح وقد رد الله عليه بصره.
وقال محمَّد بن أبي حاتِم، وَرّاق البخاري: سمعت البخاري يقول: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب، قلت: وكم أتى عليك إذ ذاك؟
قال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب فجعلت اختلف إلى الدَّاخِلِيّ، فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزُّبير، عن إبراهيم، فقلت: إن أبا الزُّبير لم يرو عن إبراهيم فانْتَهَرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدَخَلَ، فنظر فيه فَرَجَعَ، فقال: كيف هو يا غلام؟ فقلت: هو الزُّبَيْر، وهو ابن عَدِيّ عن إبراهيم، فأخذ القلم، وأصلح كتابه وقال لي: صدقت، فقال له إنسان: ابن كم كنت حين رَدَدْتَ عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة سنة، قال: ولما طَعنْت في ثاني عشرة صنفت كتاب "قضايا الصحابة والتابعين"، ثم صنفت "التاريخ" في المدينة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وكنت أكتبه في الليالي المقمرة، قال: وقَلَّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني لا أريد أن أُطَوِّل الكتاب.
وقال محمَّد بن أبي حاتم الورّاق عن البُخاري: كنت في مجلس الفريابي، فقال: حدثنا سفيان، عن أبي عُروة، عن أبي الخَطّاب، عن أبي حَمْزة، فلم يعرف أحد في المجلس مَنْ فوق سفيان، فقلت لهم: أبو عروة هو مَعْمر بن راشد، وأبو خطاب: هو قَتادة بن دعامة، وأبو حمزة: هو أنس بن مالك، قال: وكان الثَّوْريُّ فعولًا لذلك، يعني المشهورين.
وقال حاشِد بن إسماعيل: كان البُخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة، وهو غلامٌ، فلا يكتُبُ حتى أتى على ذلك أيام، فلُمناه بعد ستة عشر يومًا، فقال: قد أكثرتم عليّ فاعرضوا علي ما كَتَبْتُم، فأخرجناه، فزاد على خمسةَ عشر ألف حديث، فقرأها كلَّها عن ظهرِ قلبٍ حتى جَعَلْنَا نُحْكِمُ كتبنا من حفظه.
وقال محمَّد بن الأزهر السِّجِسْتاني: كنت في مجلس سُليمان بن حرب، والبخاري معنا، يسمع ولا يكتُب، فقيل لبعضهم: ماله لا يكتب؟ فقال: يرجِع إلى بخارى ويكتب من حفظه.