الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه المحبة ليست باعتقاد الأعظمية فقط، فإنها كانت حاصلة لعُمر قبل ذلك، وإنما قدم عمر حب نفسه أولًا لأن حب الإِنسان نفسه طبع وحب غيره اختيار بتوسط الأسباب، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام منه حب الاختيار إذ لا سبيل إلى قلب الطباع عما جُبِلَتْ عليه، فجواب عُمر أولًا كان بحسب الطبع، ثم لما تأمل عرف بالاستدلال أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من الهَلَكات في الدنيا والآخرة، فأخبر بما اقتضاه الاختيار، فلذلك حصل الجواب بقوله:"الآن يا عُمر" أي: الآن عرفت، فنطقت بما يَجِبُ، ومن علامة الحب المذكور أن يعرض على المرء أن لو خُيِّرَ بين فقد غرض من أغراضه، وفقد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لو كانت ممكنة يكون فقدها أشد عليه من فقد شيءٍ من أغراضه، فمن كان بهذه الصفة كان متصفًا بالأحَبِّيّة المذكورة، ومن لا فلا، ومن علامتها أيضًا نصرة سنته، والذب عن شريعته، وقمع مخالفيها، ويدخل فيه باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الحديث إيماء إلى فضيلة التفكر، فإن الأحَبّيَّة المذكورة تعرف به.
رجاله خمسة:
الأول: أبو اليَمان الحكم بن نافع.
والثاني: شُعيب بن أبي حَمْزة، وقد مرّا في الحديث السابع من بدء الوحي.
الثالث: عبد الله بن ذَكْوان القُرَشِيّ أبو عبد الرحمن المَدَني المعروف بأبي الزِّناد، مولى رملة، وقيل: عائشة بنت شَيْبة بن ربيعة، وقيل: عائشة بنت عثمان، وقيل: مولى آل عثمان، وقيل: إن أباه كان أخا أبي لُؤلؤة، قاتِل عمر.
وقال ابن عُيَيْنة: كان يغضب من أبي الزِّناد. وقال ابن المَدِيني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم منه ومن ابن شِهاب، ويحيى بن
سعيد، وبُكَير بن الأشجّ. وقال أحمد: ثقة، وكان سفيان يُسَمِّيه أمير المؤمنين في الحديث. قال: وهو فوق العلاء بن عبد الرحمن، وسُهَيل بن أبي صالح، ومحمد بن عَمرو، وقال أحمد أيضًا: أبو الزناد أعلم من ربيعة. وقال ابن مَعين: ثقة حجة. وقال العِجْلِيّ: مدني تابعي ثقة، سمع من أنس. وقال أبو حاتم: ثقة فقيه، صالح الحديث، صاحب سنة، وهو ممن تقوم به الحجة إذا روى عن الثقات. وقال البخاري: أصح أسانيد أبي هُريرة أبو الزِّناد عن الأَعْرج عن أبي هُريرة. وقال عبد رَبّه بن سعيد: رأيت أبا الزناد دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه من الأَتْباع مثل ما مع السلطان.
وقال أبو حَنيفة: دخلت المدينة، فأتيت أبا الزِّناد، ورأيت ربيعة، فهذا الناس على ربيعة، وأبو الزِّناد أفقه الرجلين، فقلت له: أنت أفقه والعمل على ربيعة، فقال: ويحك كفٌّ من حُظوة خيرٌ من جراب من علم. وقال ابن سَعْد: كان ثقة كثير الحديث فصيحًا بصيرًا بالعربية عالمًا عاقلًا. وقال ابن حِبّان في "الثقات" كان فقيهًا، صاحب كتاب. وقال ابن عَديّ: أحاديثه مستقيمة كلها. وقال النَّسائي والسَّاجيُّ والطَّبريّ: كان ثقة. وقال اللَّيْث: رأيت أبا الزِّناد وخلفه ثلاث مئة تابع من طالب علم وفقه وشِعر وصنوف كثيرة، ثم لم يَلبَث أن بقي وحده وأقبلوا على ربيعة.
روى عن أنس، وعائشة بنت سعد، وأبي أُمامة بن سَهْل بن حُنيف، وقال أبو حاتم: روى عن أنس مرسلًا، وعن ابن عمر، ولم يره، وروى عن سعيد بن المُسَيِّب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبان بن عُثمان بن عفان، وعُروة بن الزُّبير، والأعْرج وهو راويته، وعُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، وغيرهم.
وروي عنه: ابناه عبد الرحمن وأبو القاسم، وصالح بن كيسان، وابن أبي مُلَيْكَة، وهما أكبر منه، والأعمش، وهشام بن عروة، وشعيب بن أبي حمزة، ومالك والسفيانان، وغيرهم.
مات في رمضان فجأة في مغتسله سنة ثلاثين ومئة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين، وقيل: اثنتين وهو ابن ست وستين سنة.
الرابع: عبد الرحمن بن هُرْمُز أبو داود، وقيل: أبو حازِم، وقيل: أبو أحمد المَدَني مولى ربيعة بن الحارث بن عبد المُطَّلب.
وقال ابن سَعْد: كان ثقة كثير الحديث، وقال المُقَدَّميّ: سُئل ابن المديني عن أعلى أصحاب أبي هريرة فبدأ بابن المسيِّب، وذكر جماعةً.
قيل له: فالأعرج؟ قال: دون هؤلاء، وهو ثقة. وقال العِجْليّ: مدني تابعي ثقة. وقال أبو زُرعة وابن خِراش: ثقة. وقال أبو إسحاق: قال أبو صالح والأعْرج: ليس أحد يُحدِّث عن أبي هُريرة إلا علِمنا أصَادقٌ هُو أم كاذب.
وقال أبو النَّضْر: كان الأعْرج عالمًا بالأنساب والعربية. وقال الدّاني: روى عنه نافع بن أبي نُعيم القراءة عرضًا.
روى عن: أبي هُريرة، وأبي سعيد، وابن عباس، ومحمد بن مَسْلمة الأنصاري، ومعاوية بن أبي سفيان، ومُعاوية بن عبد الله بن جَعفر، وعبد الله بن كَعب بن مالك، وعُمير مولى ابن عباس، وغيرهم.
وروى عنه: زيد بن أسلم، وصالح بن كَيْسان، والزُّهْريّ، وأبو الزُّبير، ويحيى بن سعيد، وأبو الزِّناد، وربيعة، وموسى بن عُقبة، وجعفر بن ربيعة، وسعد بن إبراهيم، ومحمد بن إسحاق، وابن لَهِيعة، وغيرهم.
مات بالإِسكندرية سنة سبع عشرة ومئة.
وليس في الرواة عبد الرحمن بن هُرمز سواه، وفيهم عبد الله بن يزيد ابن هُرمز روى عنه مالك، وأخذ عنه الفقه، وهو عالم من علماء المدينة، قليل الرواية، وحيث يَذْكر مالكٌ ابن هُرمز راويًا عنه فإنما يريد هذا الفقيه لا عبد الرحمن بن هُرمز، فإن مالكًا لم يرو عنه إلا بواسطة، توفي الفقيه هذا سنة ثمان وأربعين ومئة.
الخامس: أبو هُريرة، وقد مرّ في الثاني من هذا الكتاب.
لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والعَنعنة، وفي بعض النسخ: