الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: "ومَن لَم تَعْرِف" أي: لا تخص به أحدًا تكبُّرًا أو تَصنُّعًا كما يفعله الجبابرة، لأن المؤمنين كلهم إخوة متساوون في مراعاة الأُخوَّة، والعموم مخصوص بالمسلمين، فلا يُسَلَّم ابتداءً على كافر، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تَبْدؤُوا اليَهود ولا النّصارى بالسلام، فإذَا لَقِيتم أحَدَهُم في الطّريق فاضْطَّروه إلى أضْيَقِهِ" أخرجه مسلم والبخاري في "الأدب المفرد".
وكذلك خُصَّ منه الفاسق بدليل آخر، وأما من يُشَكُّ فيه، فالأصل فيه البناء على العموم، حتى يثبت الخصوص، ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في كتاب الاستئذان، وقد استوفيت الكلام عليه غاية الاستيفاء في كتاب "متشابه الصفات".
وفي قوله: "عرفت" ومن لم تعرف حذف العائد للعلم به، أي عرفته، ومن لم تعرفه، وفي هاتين الخصلتين الجمع بين نوعي المكارم المالية والبدنية، إطعام الطعام، وإفشاء السلام.
رجاله خمسة:
الأول: عمرو بن خالد بن فرُّوخ بن سعيد بن عبد الرحمن بن واقد بن ليث بن واقد بن عبد الله التَّميميّ الحَنْظليّ، ويقال: الخزاعي أبو الحسن الحَرّاني الجَزَريّ نزيل مصر.
قال أبو حاتم: صدوق. وقال العِجليّ: مِصري ثبت ثقة. وقال الدَّارَقُطني: ثقة حجة. وقال مَسْلمة: ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وفي "الزهرة".
روى عنه: البخاري ثلاثة وعشرين حديثًا.
روى عن: زهير بن مُعاوية، واللَّيث، وابن لَهيعة، وحمّاد بن سَلَمة، ومحمد بن سَلَمة الحَرّانيّ، وعبيد الله بن عُمر، وموسى بن أعْيَن، ويعقُوب بن عبد الرحمن وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، وروى ابن ماجة عن الذُّهليّ عنه، وابناه أبو علاثة: محمَّد، وأبو خيثمة علي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، ويونُس بن عبد الأعْلى، وأبو حاتم، وأبو زُرعة، وأبو الأحْوص، وأبو الزّنباع رَوْح بن الفرج، وغيرهم.
مات بمصر سنة تسع وعشرين ومئتين.
ومر الكلام على التَّميميّ والحَنْظليّ في عبد الله بن المُبارك، وعلي الجزريّ في عدي بن عَدِيّ.
والحَرّانيّ في نسبه نسبة إلى حرّان كَشدّاد مدينة عظيمة من ديار مصر، واليوم خراب، وقيل: من ديار بكر، وقيل: من ديار الشام، وقيل: سميت بهاران أبي لُوط وأخي إبراهيم عليهما السلام، والنسبة إليها على الأفصح حَرْنانيّ على غير قياس، كما قالوا: مناني بالنسبة إلى ماني والقياس مَانوي، ولا تقل: حرّاني، وإن كان قياسًا على ما عليه العامة.
والخُزاعيّ في نسبه نسبةً إلى خُزاعة بلا لام، حي من الأزْد ولد حارثة ابن عَمرو مُزَيْقِيا ابن عامر وهم ماء السماء ربيعة وهو لحي وأقصى وعديا وكعبًا وهم خُزاعة، وأمُّهم بنت أُدّ بن طابِخة بن الياس بن مُضَر، فولد ربيعة عَمْرًا وهو الذي بَحَر البَحيرة، وسَيَّب السائبة، ووَصل الوصيلة، وحمى الحامي، ودعا العرب إلى عبادة الأوثان، وهو خُزاعة، وأمه فُهَيْرة بنت عامر بن الحارث بن مصاص الجُرْهُميّ ومنه تفرقت خُزاعة، وإنما صارت الحِجابة إلى عمرو بن ربيعة من قبل فُهَيْرة الجُرْهُميّة، وكان أبوها آخر من حَجب من جُرْهُم، وقد حَجَب عمر، وسموا خزاعة لأنهم لما ساروا مع قومهم من مأرِب فانتهوا إلى مكة، تخَزّعوا عن قومهم، وأقاموا بمكة، وسار الآخرون إلى الشام، وقيل: إن الأزد لما خرجت من مكة لتتفرق في البلاد تخلفت عنهم خُزاعة وأقامت بها، وفي ذلك يقول حسان:
فلَمّا هَبَطنَا بَطْنَ مُرٍّ تَخَزّعت
…
خُزَاعةُ عَنّا في حُلُولِ كَراكِرِ
وقيل: إنه لعدن بن أيوب الأنصاري.
الثاني: الليث بن سعد، وقد مر في الثالث من بدء الوحي.
الثالث: يزيد بن أبي حبيب، واسمه سُويد الأزديّ مولاهم، أبو رجاء المِصري، وقيل غير ذلك في ولائه.
قال ابن سعد: كان مُفتي أهل مصر في زمانه، وكان حليمًا عاقلًا، وكان أول من أظهر العلم بمصر، والكلام في الحلال والحرام، وكانوا قبل ذلك يتحدثون بالملاحم والفتن، وكان أحد الثلاثة الذين جعل فيهم عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه الفتيا بمصر، وقال: كان يزيد من أهل دُنْقُلة فابتاعه شريك بن الطُّفَيُل العامِرِيّ، فأعتقه. وقال ابن سعد أيضًا: كان ثقة، كثير الحديث. وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال يونُس: روى عنه الأكابر من مصر. وقال يحيى بن بُكَير: اسمه خليفة، وسُئِل موسى الجُهَنيّ: أيُّهُما أحبُّ إليك؟ فقال يزيد قال: وسئل أبو زُرعة عن يزيد، فقال مصري ثقة، وقال العجليّ: مصري تابعي ثقة، وقال اللّيث: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن جعفر، وهما جَوْهَريّا البلد، وقال ابن وَهْب لو جُعلا في ميزان ما رَجَح أحدهما على الآخر.
روى عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزُّبَيديّ، وأبي الطُّفَيل، وأسلم ابن يزيد أبي عِمْران، وإبراهيم بن عبد الله بن حُنَين، وخَيْر بن نُعَيم بن الحَضْرَميّ، وعطاء بن أبي رَباح، وخلق كثير.
وروى عنه: سليمان التَّيْميّ، ومحمد بن إسحاق، وزيد بن أبي أُنَيْسة، وعمرو بن الحارث، والليث بن سعد، وحياة بن شُرَيْح، وآخرون.
مات سنة ثمان وعشرين ومئة، وبَلَغَ زيادة على خمس وسبعين سنة.
ومرّ الكلام على الأزْديّ في السادس من بَدْء الوحي.
وليس في الستة يزيد بن أبي حَبيب سواه، وأما يزيد فكثير جدًّا.
الرابع: مَرْثَد بن عبد الله اليَزَنيّ أبو الخير المِصْري الفقيه.
قال بان يُونس: كان مفتي أهل مصر في زمانه، وكان عبد العزيز بن مَرْوان يُحضِرُه فيُجلِسُهُ في مجلسه للفتيا، وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال العِجْليّ: مصري تابعي ثقة. وقال ابْن سعد: كان ثقة وله فضلٌ وعبادة. وقال ابن شاهين في "الثقات": قال ابن معين: كان عند أهل مصر مثل عَلْقمة عند أهل الكوفة، وكان رجل صدق، ووثَّقه يعقوب بن سُفيان.
روى عن: عُقبة بن عامر الجُهنِيّ، وكان لا يفارقه، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي بَصْرة الغفاري، وزيد بن ثابت، وغيرهم.
وروى عنه يزيد بن أبي حبيب، وجَعْفر بن ربيعة، وكعب بن عَلْقمة، وعبد الرحمن بن شِماسَة، وعبيد الله بن أبي جَعْفر، وغيرهم.
مات سنة تسعين.
ومَرْثَد في الستة غيره أربعة: مرثَد بن عبد الله الزِّمّاني -بكسر الزاي وتشديد الميم- روى عن أبي ذَرٍّ، وعنه ابنه مالك. ومَرْثَد بن أبي مَرثد الغَنَويّ -بفتح المعجمة والنون- شهد بدرًا، وأحدًا، وقتل يوم الرَّجيع، روى حديثه عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده. ومَرْثَد بن وَداعة الحِمصِيّ أبو قُتيلة -بضم القاف- روى عن عبد الله بن حَوالة، وعنه خالد ابن مَعْدان. قال البُخاريّ: له صحبة، وقال أبو حاتم: لا صحبة له، وذكره ابن حِبّان في ثقات التابعين. ومَرْثد بن عبد الله المَرْوَزِيّ.
واليَزَنيّ: بفتح الياء آخر الحروف، بعدها زاي معجمة، بعدها نون في نسبه نسبة إلى ذي يَزَن، وهو عامر بن أسلم بن غَوْث بن سَعد بن عَوْف ابن عَدِيّ بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة بن سبأ الأصْغر، وابنه شَرَاحيل، ويلقب سيفًا لشجاعته، مشهور ومن ولده زُرعة بن عامر بن سَيْف بن النُّعمان بن عُفير الأوسط بن زُرعة بن عُفَير الأكبر بن الحارث بن النُّعمان بن قيس بن عبد بن سيف بن ذي يَزَن، كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابنُه عُفَير من مهاجرة الشام، وإلى ذي يَزَن تنسب الأسِنَّة اليَزَنيّة، وهو