الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختلافهما راجع إلى ذلك. فالستة الباقون من العشرة المشهود لهم بالجنة، وقد مروا، فيليهم في الفضل أهل بدر، ثم أهل أحد، ثم أهل الحديبية وهم أهل بيعة الرضوان، الذين نزل فيهم:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]. إلخ الآية. وكانوا ألفًا وأربع مئة رجل.
وأما السابقون المشهود لهم بالفضل في القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 100] وبقوله تعالى {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} إلخ، وبقوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد:10] الآية فقد قال الشعبي وغيره: هم الذين شهدوا بيعة الرضوان. وقال محمَّد بن كَعْب القُرَظيُّ وغيره: هم أهل بدر. وقال أبو موسى الأشْعَريّ وغيره: هم أهل القِبلَتَيْن الذين صلَّوْا إليهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى هذا أشار العراقي بعد قوله السابق: "
…
أو تزيد" فقال:
والأفضَلُ الصِّديقُ ثُم عُمَرُ
…
وبَعدَهُ عثْمانُ وهْوَ الأَكثَرُ
أو فَعَلِيٌّ قَبْلهُ خُلْفٌ حُكِي
…
قُلتُ وقَوْلُ الوَقْفِ جَا عَنْ مالِكِ
فالسِّتةُ الباقونَ فالبَدْريَّةُ
…
فأُحُدٌ فالبَيْعةُ المَرضِيَّةُ
قالَ وفَضْلُ السّابقينَ قد ورَدْ
…
فَقِيل هُمْ وقِيْلَ بَدْريٌّ وقَدْ
قيلَ بَلْ أهلُ القِبْلَتَيْنِ ..
…
................
في أول من أسلم من الصحابة
الفرع التاسع: فيمن هو أول الصحابة إسلامًا.
فقال ابن عباس وغيره: أولهم إسلامًا أبو بكر الصديق لقوله، رضي الله تعالى عنه، كما في الترمذي:"كُنْتُ أوَّلَ مَنْ أَسْلَمْ"، ولقوله صلى الله عليه وسلم لِعمرو بن عَبسة لما سأله؛ من معك على هذا الأمر؟ قال:"حُرٌّ وعَبْد". يعني أبا بكر وبلالًا. رواه مسلم.
وقال جابر وغيره: أولهم إسلامًا علي ابن أبي طالب، لما روي مرفوعًا عن سَلْمان الفارسي، أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "أول هذه الأمةِ ورودًا على الحوض أولُهم إسلامًا علي بن أبي طالب". ولقوله، رضي الله تعالى عنه:"صلَّيتُ مَع النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا يُصَلِّي معه غَيري إلا خديجة". وقال على المنبر: "لَقَدْ صَلَّيْتُ قبلَ أن تُصليَ النّاس سبعًا".
قلت: لعل هذا لم يصح عنه، رضي الله تعالى عنه، لأن الصلاة إنما نزلت ليلة الإسراء، ومعلوم أن أبا بكر إذ ذاك مسلم؛ وقد قيل: إنه سمي الصديق لتصديقه بالإسراء؛ فكيف يصدر هذا من علي، رضي الله تعالى عنه؟! وادعى الحاكم الإجماع على أن عليًا هو أول من أسلم، ودعواه مردودة غير مقبولة، قال مَعْمَر عن الزُّهري: أولهم إسلامًا زيد بن حارثِة. وقال قَتادة وأبو إسحاق: أول الناس إسلامًا خديجة، أم المؤمنين.
وادّعى الثَّعْلَبيُّ الاتفاق على ذلك؛ فقال: الخلاف إنما هو فيمن أسلم بعدها. قالَ النووي: هذا القول هو الصواب عند جماعة من المحققين.
وقال ابن إسحاق: أول من آمن خديجة، ثم علي وهو ابن عشر، ثم زيد، ثم أبو بكر فأظهر إسلامه، ودعا إلى الله سبحانه وتعالى؛ فأسلم بدعائه عثمان، والزبير، وعبد الرحمن بن عَوْف، وسعد بن أبي وَقاص، وطَلْحة بن عبيد الله، فكان هؤلاء النفر الثمانية أسبق الناس إسلامًا.
قلت: على هذا القول ذهب الشِّنْقِيْطِيُّ في نظمه حين قال:
أولُ الناسِ بِالنَّبي اقْتِداءً
…
أُمُّ أبنائِهِ الكرامِ الجُدودِ
فعليٌّ ثُمَّ ابنُ حارثةَ الكَلْـ
…
بِيُّ زيدٌ مولى النَّبيِّ المجيدِ
ثُمَّ إذ آمَن الصِّديقُ دَعا الناسَ
…
فَجَاءَت عِصَابَةٌ كالفَريدِ
وهْي عثمانُ والزُّبَيرُ
…
وابنُ عَوْفٍ وطَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ
وقيل: أولهم إسلامًا بلال، لخبر مسلم السابق. قلت: ليس في خبر مسلم دلالة على أسبَقِيَّة بلال في الإِسلام لأبي بكر؛ فإن غاية ما في الحديث أنهما معه، عليه الصلاة والسلام، على الإِسلام، ولم يبين